شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
عريف الحفل: والآن أيها الأخوة الأكارم نبدأ الأسئلة الموجهة إلى الضيف الكريم الدكتور حلمي محمد القاعود، السؤال الأول يقول:
موضوعاتكم الحيوية النابضة في مجلة الاعتصام، هل بالإمكان جمعها في مؤلف خاص، حتى يتسنى لنا معايشتها من جديد؟ وأين هي كتاباتكم الحالية أيها العزيز، السؤال من علي أحمد النجار؟
الدكتور حلمي القاعود: الحقيقة مقالات الاعتصام جمعت بعضها في كتب وكثير منها ما زال طي المجلدات، ومشكلة النشر في هذه الأيام مشكلة صعبة لدرجة أننا الآن نلجأ إلى "النت"، يعني الصحف الإلكترونية هي التي نتعامل معها الآن، لأنها أسرع في الوصول وأوسع قاعدة في الجمهور، والحقيقة أنا أتمنى إن شاء الله تعالى أن أجمع كل ما يُنشر من هذه المقالات في مجموعات أرجو أن ترى النور بعد أن أستقر هذا العام في مصر بإذن الله تعالى.
عريف الحفل: وسؤال من عبد الحميد الدرهلي يقول:
تعتمد المجتمعات على المؤسسات التربوية لتربية النشء على حُبّ الوطن ومن أجل إنشاء مواطن صالح، والسؤال هنا: هل من المفضل ترك مهمة زرع القيم وحب الوطن دون تخطيط وبحسب الأهواء؟ وكيف يتطور الحس الوطني عند الفرد في المجتمع؟
الدكتور حلمي القاعود: قضية الحس الوطني، الحس الوطني أعتقد أنه أقرب إلى الفطرية في أبنائنا وبناتنا، يعني هو موجود، ولكن المشكل أن بعض المناهج التربوية في بعض البلاد العربية أخذت تتنكر للغة العربية وللتربية القومية وللتاريخ، وأظنكم سمعتم عن معارك صحفية عنيفة على مدى السنوات الماضية لأن اللغات الأجنبية كان يخصص لها درجات أعلى من درجات اللغة العربية والتاريخ، مع أن اللغات الأجنبية تُدرَس في المرحلة الأساسية في ساعات أقل إلا أنها تحظى بدرجة تفوق اللغة العربية والتاريخ، وأيضاً بعض الوزارات وزارات التربية والتعليم في بعض الدول العربية حاولت أن تجعل التاريخ مادة اختيارية، يعني الطالب يختار مادة التاريخ أو لا يختارها وخصوصاً في المرحلة الثانوية التي هي مرحلة النضج، نضج الشباب.. فكان هذا أيضاً مثاراً من مثارات الجدل الصحفي واضطر بعض الوزراء إلى إعادة التاريخ في القسم الأدبي مادة أساسية، ولكن في كل الأحوال فكما تعلمون الواقع العربي الآن يتعرض لضغوط عنيفة من بعض الجهات الأجنبية لتفصيل اللغة العربية والتاريخ والتربية الوطنية أو التربية القومية على مقاسات الأجندات الأجنبية، والحقيقة كثير من الدول العربية تقاوم وتعارض هذا الأمر، ولكن المحزن أن التربية الدينية التي تصنع الحس الوطني والقومي بالدرجة الأولى في بعض الدول العربية مادة غير أساسية يعني لا تضاف للمجموع، يُمتحن فيها الطالب فتكون مادة نجاح ورسوب فقط وليست مادة أساسية تضاف إلى المجموع وتجعل الطالب يعلم أنه مطالب بالحصول على الدرجات النهائية فيها ليحسن مجموعه، وهذه طبعاً من الكوارث التي نعيشها ولكن النضال مستمر إن شاء الله لكي تعود مادة أساسية ونرجو الله أن يتحقق هذا.
عريف الحفل: كانت كتاباتكم الرائدة والمتميزة بمجلة "الاعتصام" في سبعينات القرن الماضي إحدى الروافد المهمة لتغذية الصحوة الإسلامية، والآن وبعد مضي هذا الزمن وما طرأ من تغيرات، ما تقييمكم لهذه الصحوة؟ وما الذي تقدمونه لها من نصائح؟ وجزاكم الله خيراً، أشرف السيد سالم.
الدكتور حلمي القاعود: الحقيقة الصحوة الإسلامية المباركة ما زالت موجودة وأذكر أننا في مقالات "الاعتصام" وغيرها كان الإلحاح على ترشيد هذه الصحوة، بحيث تأخذ منحىً إيجابياً ووسطياً وبعيداً عن العنف، لأن الصحوة الإسلامية تعني الوعي بالإسلام في طريقة الحياة والسلوك والتعامل مع الآخرين، وطبعاً تمتد إلى جوانب النشاط الإنساني كافة الإنتاج والتجارة والزراعة وغيرها، وطبعاً هذا كان واضحاً في كل المقالات التي كُتبت وأذكر أن بعض المؤلفات ظهرت أيضاً لترشيد الصحوة الإسلامية وهذا واجب كل قلم واعٍ ويدرك قيمة وأبعاد الفهم الصحيح الناضج للإسلام وليس الوعي الجامد الذي يتوقف عند بعض الأمور ويفهمها فهماً خاصاً.
عريف الحفل: سؤال من مصطفى محمد مجلة المنهل:
هناك تميز في المفهوم الإسلامي للأمة في النشء والتاريخ الحضاري نأمل التكرم بإلقاء الضوء على ذلك ليكون استنارة نستمد بها طاقتنا..
الدكتور حلمي القاعود: قضية الأمة أو مفهوم الأمة مفهوم قرآني، وهناك مفهوم لعلم الاجتماع، مفهوم علم الاجتماع مستمد من المفهوم الغربي الذي يركز على قضية اللغة والأرض والمصالح المشتركة، لكن المفهوم القرآني يجعل المسلمين جميعاً أمة واحدة، إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً (الأنبياء: 92) وأعتقد أن المفهوم الإسلامي مفهوم أشمل وأنضج وتعبِّر عنه الأحداث والوقائع التي جرت منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، الحقيقة في تصوري الشخصي أن الأمة الإسلامية تعاملت مع هذا التعريف تعاملاً واقعياً وتعاملاً جميلاً جداً من خلال أن الدولة الإسلامية كانت على اتساعها وعلى تباعد شعوبها من الناحية الجغرافية كانت تعتمد على الشعور الديني الواحد، وتتمتع في الوقت ذاته باستقلال حركي يقوم على التماثل في العرق أو في اللغة أو في غيرها، بمعنى أنها أمة أقرب إلى الفيدرالية ـ إذا صح التعبير ـ وهذا ما لا يريد البعض أن يعترف به، فإذا أنت تعاملت مع الباكستانيين الذين يتحدثون "الأوردو" والعرب الذين يتحدثون العربية، والأتراك الذين يتحدثون التركية، هم يتحركون كل في مجال العرق أو في مجال الجماعة العرقية التي ينتمي إليها، وهذا التحرك يشبه الحكم المحلي أو الحكم الذاتي الذي يعبِّرِ فيه كل شعب من شعوب الأمة عن ذاته وعن مصالحه التي تدور في إطار المصلحة العامة، فهذا يقودنا إلى قضية الأمة الواحدة وليست أمة واحدة نحن أمة واحدة بحكم المفهوم القرآني، وهذا المفهوم لا يعني أبداً أن نكون دولة واحدة مثلاً من ماليزيا لغاية المغرب، لكننا أمة واحدة بالتأكيد نحن أمة واحدة وكل شعب من هذه الشعوب يدبر أموره وإن كان يجب أن نستفيد من تجارب الآخرين في مسألة الوحدة الاقتصادية والوحدة الثقافية والوحدة العسكرية إذا أمكن إلى آخره، وشكراً لكم.
عريف الحفل: عُرف المتنبي بشاعر الحكمة ولو لم يشتهر السيّاب إلا ببيت:
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان غاب عنهما القمر
ويقول السائل عبد الرزاق الغامدي:
معظم الشعراء نظّامون، هل أنتم تحثّون الدارسين على اختراع المعاني في الشعر أمثال هذين الشاعرين المبدعين؟ نرجو ذلك.
الدكتور حلمي القاعود: بالتأكيد نحن نريد الجديد، الذي يضيف وليس الجديد الذي يخصم، فالجديد الذي يضيف نحن نرحب به ونتبناه ونسعد به بكل تأكيد، أما الجديد الذي لا يضيف ويخصم من التراث الثقافي والتراث الأدبي فلا أهمية له ولا ضرورة له.
عريف الحفل: سعادة الدكتور حلمي القاعود أتابع مقالاتك ودراساتك الأدبية والنقدية وفي الشأن العام منذ عشرين عاماً، منذ كتاباتك في مجلة "الاعتصام" وحالياً بجريدة "المصريين الإلكترونية"، وصحيفة "آفاق عربية" التي عملت أنا كمحرر فيها لعدة سنوات، وأشعر بتطابق فكري بينك وبين د. جابر قُميحة أستاذ الأدب العربي، وسؤالي هو:
من واقع دراساتك الموسومة بـ "الرواية التاريخية في أدبنا الحديث" عن خلاصة ما توصلت إليه من خلال دراساتك التطبيقية لنماذج عن الروايات التاريخية، مع رجاء التركيز على روايات جورجي زيدان، ونجيب الكيلاني، من حيث الهدف والمضمون، والسؤال مقدم من خالد الأصور.
الدكتور حلمي القاعود: الأستاذ خالد يريد منا محاضرة طويلة في هذا الموضوع ولكن هو باختصار شديد، الرواية التاريخية من خلال المجلد الضخم الذي أصدرته عنها في دراسة تطبيقية وليست دراسة تاريخية فقط هو محاولة لفرز أنواع هذه الروايات وأسباب ازدهار هذا اللون من الأدب في النصف الأول من القرن العشرين، الحقيقة جورجي زيدان كتب الروايات لتكون كنوع من التسالي في مجلة "الهلال" عندما أصدرها في أواخر القرن التاسع عشر، وكان يهدف إلى تقديم التاريخ من خلال وسيلة محببة إلى القراء فكان يمزج التاريخ بقصص الحب والغرام التي يمزجها بأحداث التاريخ، ولذلك البعض يرى أن رواياته مليئة بالأخطاء التاريخية وأنها روايات للتسلية ليس أكثر، ولكني أرى أن الرجل سواء كان غرضه تعليم التاريخ أو تسلية القراء الرجل نبَّه الأدباء في تلك المرحلة وما بعدها إلى أهمية كتابة الرواية التاريخية لتعبِّر عن واقع في غالب الأحيان لا يستطيع الكاتب أن يواجهه صراحة بمعنى أن الكاتب محكوم مثلاً بقانون مثل قانون المطبوعات، الذي صدر في بداية القرن العشرين هذا القانون كان يجرّم أي كتابة تدعو إلى النضال ضد الاستعمار أو انتقاد الحكومة الموالية له في مصر، في السنوات العشر الأولى من القرن العشرين، ولذلك لجأ الأدباء سواء كانوا روائيين أو شعراء إلى التاريخ، والظاهرة موجودة في الشعر نجد أن مثلاً حافظ إبراهيم في قصيدة "العمرية" التي هي قصيدة عمر بن الخطاب، و "العمرية" قصيدة طويلة جداً يتكلم فيها عن العدل وعن الحرية وعن المساواة وعن علاقة الحاكم بالمحكوم وغير ذلك، لو أراد هو أن يتكلم عن الوضع المباشر الذي كان يعيش فيه في ذلك الوقت، الذي هو وضع العلاقة بين الشعب المصري والاستعمار الإنجليزي والحكومة الموالية له ما كان يستطيع أن يجهر لأن قانون "المطبوعات" يُطبّق عليه وطُبّق على كثيرين منهم الشيخ علي الغاياتي، ومنهم الزعيم محمد فريد، والشيخ عبد العزيز البشري، لما كتبوا مقدمتهم لديوان "وطنيتي" للشاعر علي الغاياتي، وبعضهم دخل السجن والغاياتي هرب ذهب إلى تركيا، على كل حال التاريخ هنا يكون قناعاً.. يكون يشبه القناع أو الستارة التي يتكلم من ورائها الروائي أو الشاعر.
تطورت الرواية من جورجي زيدان وآخرين من مرحلة التعليم إلى مرحلة الرواية الفنية التي لها أصول وتمضي على النسق الأوروبي الرواية الأوروبية الفنية وطبعاً هذا نجده عند جيل البناة مثل سعيد العريان وعبد الحميد السحار، ومحمد فريد أبو حديد، وعلي أحمد باكثير، محمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم، بعد ذلك تتطور المسألة لتأخذ شكلاً أكثر فنية الذي هو استلهام التاريخ، يعني لا يذكر التاريخ لا يتحدث عن التاريخ بقدر ما يأتي برمز أو بطل من التاريخ يتكلم من خلاله عن قضية معاصرة، مثل نجيب محفوظ مثلاً عمل محاكمة أمام العرش، عمل محاكمة لجميع حكّام مصر من أول رمسيس إلى أنور السادات وهذه المحاكمة يقف فيها كل حاكم ويتكلم عن سلبياته وإيجابياته.
عمل مثلاً رحلة "ابن فطومة" على نسق رحلة "ابن بطوطة" ورحلة "ابن فطومة" رجل رحالة اسمه محمد العنابي يطلع من حي الأزهر يطلع يمر في إمارة الغروب وإمارة الشروق وكل إمارة منهم من خلال الرمز الذي أنت تفهمه من السياق يرمز إلى معسكر من معسكرات العالم المعاصر، مثلاً نجيب الكيلاني عمل "عمر يظهر في القدس" ورواية من الروايات الجميلة التي كتبت في هذا الأمر ويتخيل فيها من خلال الحلم أن عمر ظهر في القدس وبدأ يتحرك ويقود الفلسطينيين من أجل أن يواجهوا العدو النازي اليهودي في فلسطين ويحرروا فلسطين، هذا ملخص شديد التركيز وملخص مخل جداً بما يمكن أن نتكلم فيه عن الرواية التاريخية.
الدكتور جميل مغربي: بقي من الوقت خمس وعشرون دقيقة وهناك جملة من الأسئلة يتطلع أصحابها إلى الرد عليها لذلك أتمنى على سعادة الضيف أن يوجز لكي يحظى الجميع بالإجابة عن أسئلتهم شكراً جزيلاً.
عريف الحفل: السؤال مقدم من الأستاذ علي أحمد.
بمناسبة القصة الإسلامية هل هناك تأثر بالقاص الإسلامي د. نجيب الكيلاني؟ وماذا عن رأيكم فيه كناقد أدبي؟
الدكتور حلمي القاعود: الحقيقة الدكتور نجيب الكيلاني يشهد له نجيب محفوظ، ولست أنا الذي أشهد له، نجيب الكيلاني قدّم الرؤية الإسلامية في رواياته من خلال الواقع، والحقيقة أنه حقق معادلة جيدة جداً، هذه المعادلة تتمثل في الأسلوب الذي نسميه السهل الممتنع مع سلامة التصور وفنية الأداء، ونجيب الكيلاني له أكثر من كتاب في مجال التنظير لكتابة القصة مما يدل على أنه كان واعياً لمفهوم القصة من الناحية الفنية، ولذلك لم ينزلق إلى الخطابة أو إلى الوعظ أو إلى التوجيهات المباشرة وإنما كان يقدم صورة فنية تمتعك وفي الوقت نفسه تشبعك روحياً وفكرياً، وقد كتبت عنه أكثر من دراسة وبالإضافة إلى كتاب الواقعية الإسلامية في روايات نجيب الكيلاني، وتناولت فيها بعض رواياته التي كتبها قبل وفاته وهي روايات واقعية تنطلق من أرض الواقع الذي يعيشه الناس الواقع اليومي من خلال التفاصيل الصغيرة ولأنه موهوب بكل تأكيد فقد استطاع أن يوظف هذا الواقع بتفاصيله الصغيرة ليقدم روايات ممتعة فناً ومضموناً.
عريف الحفل: السؤال من الأستاذ عبد الله فراج الشريف.
قضية الأدب الإسلامي لا تزال حتى اليوم مثار جدل بين المنشغلين بالأدب، أود أن تحدثنا بشيء من الصراحة ما الذي قدمته رابطته للساحة الأدبية والنقدية من مناهج ورؤى وإبداع ونقد؟
الدكتور حلمي القاعود: أنا مع أني من المؤسسين للرابطة لكني لا أؤثر في الرابطة من الناحية الإدارية والناحية التنظيمية، الرابطة كيان أنا شخصياً تمنيت أن يكون أكثر ديناميكية أو حركية من وضعه هذا ولكن المشكل هنا هو الإمكانات والظروف التي تتحرك فيها الرابطة وأنتم تعلمون أن كلمة إسلامي كلمة صارت مزعجة في بعض الأماكن وفي بعض الجهات ولذلك القوم لا يتناسون أن أدبنا العربي منذ نشأته هو أدب إسلامي لأنه يقوم على التصور الإسلامي وهو يختلف عن بقية التصورات الفكرية والثقافية، رابطة الأدب الإسلامي تقدم الآن مجلة وإن كنت أنا أرى أن هذه المجلة يجب أن تكون أكثر فعالية وتصدر كل شهر وتتحرك وتنشر موضوعات أقوى من الموضوعات التي تنشرها، وأيضاً أرى أن الرابطة لأنها تشمل العالم الإسلامي من الهند وبنجلاديش إلى المغرب فتبدو حركتها صعبة ولكن هذا حل يرتبط بتفعيل القائمين على الرابطة التي توجد فيها تجمعات لأصحاب التوجه الإسلامي في الأدب وفي الثقافة.
عريف الحفل: هنا سؤال مقدم إلى الشيخ عبد المقصود خوجه، ويقول:
السؤال أنه حضر الاثنينية للمرة الثانية وشرف بالاستماع لضيوفنا الكرام، ويقول: أرجو أن يكون أحد ضيوف الاثنينية أحد علماء العرب في مجال العلوم لمعرفة موقفنا مما يدور حولنا في العالم ومدى استعدادنا للمستقبل. هاني العطار.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يعفيني السائل من الإجابة لأن الأمسية ليست لي فإذا كانت هناك أي أسئلة بيني وبين الحضور الأخوان الكرام نتباحث ونتفاهم عليها، الأمسية للأستاذ الدكتور القاعود.
عريف الحفل: السؤال هنا من صالح متعب الغامدي يقول:
ونحن على ذكر الأديب نجيب محفوظ هل ترى أن في عالمنا العربي من يستحق جائزة "نوبل للآداب"؟
الدكتور حلمي القاعود: العالم العربي فيه قمم كثيرة والحقيقة جائزة نوبل ليست بالضرورة مقياساً لهذه القمم، نحن لدينا روائيون، ولدينا شعراء، ولدينا كتّاب، ولكن أعتقد أن جائزة الملك فيصل تقوم بدورها الكبير في هذا السياق لدرجة أنها تمنح جوائزها وخصوصاً في مجالات العلوم التجريبية لأجانب ليسوا عرباً وليسوا مسلمين وذلك تقديراً منهم لما يقدمونه من خدمة في المجال الإنساني بصفة عامة من خلال أبحاثهم وكشوفاتهم.
عريف الحفل: السؤال مقدم من خالد المحيميد.
قلت سعادتك أن الأدب ظل طوال ثلاثة عشر قرناً أدباً إسلامياً، هل يعني ذلك أن الجاحظ وأبا نواس هم أدباء إسلاميون؟
الدكتور حلمي القاعود: أنا قلت إن هناك استثناءات في هذا السياق وأظن أن أبا نواس في أواخر حياته كتب أشياء تفيض إسلامية: إلهي ليس لي إلاكَ عوناً فكن عوني في هذا.... يعني له أكثر من قصيدة يتكلم فيها، ثم أبو نواس وهو يتغزل بالغلمان ويتغزل لا أدري ماذا ويقول كذا وكذا، يدرك أنه ابن حضارة إسلامية ترفض هذا الذي يقوله لأنه مخالف لها، إذاً السياق العام كان سياقاً إسلامياً شاء أبو نواس أم أبى، هذه ليست مشكلة، هذا استثناء، لكن المشكل بحق عندما بدأ تكوين النخب المتغربة النخب التي تؤمن بالثقافة الغربية وتخجل من ثقافتها الإسلامية ومن تراثها، ثقافتنا الإسلامية جرت عليها دورات صعود وهبوط، البعض من هؤلاء المتغربين لم ينظر إلا إلى دورات الهبوط واعتقد أو ظن أنها هي هذه فقط الثقافة الإسلامية، الثقافة الإسلامية مرت بدورات صعود وتألق وظهر مثقفون إسلاميون في مختلف المجالات والتخصصات أضافوا إلى التراث الإنساني وليس إلى الثقافة الإسلامية وحدها.
عريف الحفل: سؤال من هيثم الأشقر.
هل تعتقد أن الحداثيين العرب على إطلاع كافٍ بمرامي الحداثة وكيف تنظر إلى دور عقلاء مثقفو الأمة لمحاورتهم وترشيدهم؟
الدكتور حلمي القاعود: الأستاذ هيثم لعله يذكر أني تكلمت في سياق الحديث الأول أن المشكلة في المصطلح، هناك أناس لديهم مشاعر طيبة ورغبة حميمة في إنهاض أمتنا وإنهاض بلادنا وإنهاض ثقافتنا فيفهمون الحداثة على أنها تجديد ولكني أقول إن الحداثة بمفهومها الأصلي مغايرة لثقافتنا، ومغايرة لمفاهيمنا هذا يجب، ولحسن الحظ أن الذين يتبنون هذا المفهوم الأصلي هم قِلة، ولكن الأغلبية التي تتكلم عن الحداثة تتكلم عنها بمفهوم التجديد ومفهوم التحديث وحبذا لو استخدمنا جميعاً مصطلح التحديث بدلاً من مصطلح الحداثة تُحل المشكلة تماماً، لأن مصطلح التحديث سيعفينا من عملية الانقطاع التي يتكلم عنها المصطلح الأصلي.
عريف الحفل: والسؤال الآتي مقدم من الأستاذ أيمن محمد رضوان يقول:
الصفحة الأدبية في جريدة "آفاق عربية" التي يشرف عليها المهندس وحيد الدهشان لماذا لا نرى لك تعليقاً شهرياً على الأقل عليها بمعنى أن تصنفها نقدياً إما إلى موضوعاتها أو بحسب صدورها في ذلك الشهر، لأن هذه الأعمال الإبداعية الشابة تحتاج إلى من ينقدها ويقدمها للقارئ؟
الدكتور حلمي القاعود: هذا الأمر لا أعتقد أني أصلح له الآن، هي مجلة تتعامل مع الشباب وتتعامل مع إنتاجهم وتحتاج إلى حركة ونشاط، وأنا الآن صرت مثقلاً بكثير من الأعباء والالتزامات وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في أيمن وأن يكون هو الجيل الجديد الذي يقوّم ويكتب ويناقش.. نحن يجب أن نترك الساحة للشباب الأقدر وهو يملك الأداة ويملك المعرفة والقدرة وإن شاء الله تعالى نرجو أن يبدأ هو بالمشاركة في هذا الأمر.
عريف الحفل: سؤال من مصطفى سعيد ضاهر.
إلى أين وصل الصراع بين الحداثة من جهة وبين القديم من التراث وخصوصاً الشعر وهل استطاعت قصيدة التفعيلة وقصيدة القافية بلا وزن والقصيدة الحرة أن تحل محل القصيدة الخليلية وهل تفاعل النقد مع القصيدة الحديثة؟
الدكتور حلمي القاعود: الله سبحانه وتعالى يقول: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (الرحمن: 33) الله سبحانه وتعالى يخاطب الأنس والجن، بأن يفعلوا ما يبدو لهم حتى لو أرادوا أن يخترقوا ما هو سائد، نحن مع كل تجديد ومع كل تجريب ومع كل شيء يحاول أن يضيف، لكن المشكلة هي في تلك المحاولات البائسة التي يقوم بها أفراد غير مدربين وغير موهوبين ولا يملكون الأدوات ولا يكتفون بأن ما يقدمونه هو تجريب ولكنهم يريدون فرضه عليك فرضاً، فيقولون لك هذه قصيدة نثر، عليك أن تتقبلها وعليك أن تؤمن بها أنها الطور الطبيعي للشعر التفعيلي وأنها كذا وأنها كذا، وإن لم تؤمن بهذا الكلام فأنت سلفي وأنت رجعي وأنت أصولي وأنت متجمد وأنت كذا.. وأنت.. وأنت.. هذه ليست لغة تجدد كما يريدون ولكن الواقع الثقافي هو الذي يبقي على الصالح وينفي الطالح، وكل فن من الفنون لا بد له من أصول ولا بد له من مرجعية، وأنت حين تقدم لي شيئاً بلا مرجعية فأنا في حل من أن أرفضه، عندما ظهرت قضية الشعر الحر أو شعر التفعيلة وضعت نازك الملائكة كتاباً اسمه "قضايا الشعر المعاصر" قننت فيه ونظمت وقعدت للشعر الحر أو شعر التفعيلة وكانت قواعدها وتنظيراتها وآراؤها وتصوراتها للشعر الحر أكثر صعوبة وأشد قسوة من أوزان الخليل والقافية التي عهدناها والتي ورثناها.
عريف الحفل: سؤال من عمر صفوان.
كتبتم ـ بحسب ما جاء في التقديم ـ عن قصائد نبوية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم في العصر الحديث، هل تناولتم في كتابكم هذا دراسات نقدية لهذه القصائد أم مجرد ذكر لها؟
الدكتور حلمي القاعود: هو في دراسة نقدية كاملة مطولة في كتابين، الكتاب الأول: كان اسمه "القصائد الإسلامية الطوال في العصر الحديث" والكتاب الثاني: "محمد صلى الله عليه وسلم في الشعر العربي الحديث".
عريف الحفل: سؤال من عبد المجيد الزهراء.
كتب جورجي زيدان قديماً روايات تاريخ الإسلام ـ على ما كان فيها ـ هل يوجد اليوم برأيكم روايات مشابهة لها من جهة التشويق، والصنعة الأدبية، على أن تكون بدون تشويه؟
الدكتور حلمي القاعود: بالتأكيد هناك روايات جديدة ولكن الوضع يختلف الآن ما يكتب الآن، فيما وصل إلى يدي من إنتاج هو نوع من الاستلهام التاريخي وليس كتابة التاريخ أو الرواية التاريخية بالمعنى التقليدي.
عريف الحفل: سؤال من حسين السمراني.
كيف نرتقي بالأمن القومي العربي على جميع الصعد؟
الدكتور حلمي القاعود: يعني أنا لست وزيراً للداخلية، كي نرتقي بالأمن القومي كل مواطن يحرص على أخيه العربي وأسرته العربية وبلده العربي، ونسأل الله أن يعم الأمن جميع ربوع بلاد العرب والمسلمين.
عريف الحفل: سؤال من هاني عبد الحميد.
الواقع العربي أليم سياسياً واقتصادياً وثقافياً ماذا عن دور الأدب العربي في معالجة هذا الواقع؟ أم نكتفي بروايات المسلسلات والأفلام الهابطة فقط؟
الدكتور حلمي القاعود: الأدب يقوم بدور مساعد في هذا السياق، الأدب العربي فيه رواية وفيه قصة وفيه شعر وفيه مسرحية وهذه الفنون الأدبية أو الأجناس الأدبية تؤثر على المدى الطويل توقظ الوعي تنمي الإحساس والشعور وإن كان الواقع العربي يحتاج من كتّاب المقالات والتحليلات السياسية والاجتماعية إلى جهود وهم يبذلون بالفعل جهوداً في هذا السياق لأنه يصب في خانة التنفيذ، أما الأدب فهو مجال للمساعدة على تكوين التصورات وتكوين الرؤى والتأثير على المدى الطويل.
عريف الحفل: سؤال من عبد الخالق علي السعيد.
هذا سؤال ولكن ليس عن الأمن العربي يقول: ما هو آخر ما صدر لكم وكيف نجمع مؤلفاتكم؟
الدكتور حلمي القاعود: ما صدر لي في الأسابيع الماضية كتاب عن "النقد الأدبي الحديث بداياته وتطوراته" هذا الكتاب يبدأ من نشأة النقد العربي في القرن التاسع عشر حتى الآن حتى أحدث النظريات والاتجاهات النقدية مثل البنيوية والتفكيكية والأسلوبية وغيرها، وقبله بشهور صدر كتاب "تحرير الإسلام" وقبله أيضاً بشهور كتاب "الإسلام في مواجهة الاستئصال" وفي المطبعة كتب أخرى نسأل الله أن يعيننا على إصدارها، أما كتبي فتطبع في دور نشر خاصة لأن المؤسسة الثقافية الرسمية لا تطبع إلا لآخرين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :812  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 98 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج