شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرسالة الثانية
بعث بهذه الرسالة أستاذ الملوك والأمراء والوزراء وشيخ الأدباء وأديب الشيوخ الأستاذ عثمان الصالح وهي في حد ذاتها قطعة نقدية أدبية اخترتها من بين عشرات الرسائل التي ضمتها الأضابير لأضع بين يدي القارئ ضروباً شتى من الرسائل الأدبية التي كان يتبادلها عبد العزيز الرفاعي مع غيره من الأدباء داخل المملكة ثم نتناول عدداً آخر من الرسائل التي تمت بينه وبين الأدباء المنتسبين لدول عربية أخرى.
نص الرسالة:
عزيزي معالي الأستاذ الأديب عبد العزيز الرفاعي المحترم.
بعد التحية والتقدير
عزيزي لا أدري لِمَ أنا منشدٌ إلى الشعر؟ ولا أدري لماذا أحتفظ بالقصيدة عندما تكون جيدة السبك جميلة المعنى. وما كنت أظنك شاعراً، لهذا احتفظت بصحيفتين من الندوة على وجه إحداهما قصيدتان عن هوى مكة المكرمة. بينكم وبين الشاعر فقيه:
في قصيدتكم جودة فما كنت أظنك شاعراً، لطيف قولكم .
وسراجنا العطار مـا زالت لـه
تلك المروءة والوفـاء الأخضـر
فالخضرة تسر الناظرين واستشعرتها للنفس والفكر. وهذه أبيات أخرى رشيقة.
أما الجمـال فكالـورود نقيـة
أردانه بل كالورود معطر
عشق الكتابة والقريض يصوغـه
فتراه ينظم تارة أو ينثر
قد كنت أرجو أن أكون كمثلهم
لكنني واني الخطا أتعثر
ما زلتُ يا [مفتيَّنا] رغم المـدى
لشريط أيام الصبا أتذكر
أيـام كنتَ تضيفنـا في مقعـد
قد ضاق لكن بالأحبـة يكـبر
هذه أبيات رقيقة ومثلها في الرقة.
وظللتَ والخـراز بـل وجمالنـا
جيران بيت الله لم تتغيروا
حفت بكم بركات مكة فانعمـوا
وتفيأوا ظـل الحطيـم وكـبروا
وإذا الأصيل دنا وجئتم ساحـة
حول المطاف فذكروا وتفكـروا
قلبي يطـوف فلا يـزال مولهـا
إنَّ الهوى بهواء مكة ياسر
والحقيقة لم يكن اختياري هذه الأبيات إلا لأسأل أديبنا هل اختياري لها صحيح أنها أجود مما تركت ولعل البيتين التاليين فيما يبدو لي وهما الختام جيدا السبك من حيث المعنى والذكرى.
قف يا زمان فقص من أخبارنا
أم قد تعبت فلا تقص وتخـبر
سِرْ يا زمانُ فإنَّ دأبك أن تسـيرَ كما نسـيرُ وأنْ يُطيـعَ مُسَيَّـر
والواقع أن عاطفتك لمدارج الصبا وذكراك للبيئة الأولى شيء لا تلام عليه فإنني قد غادرت مسقط رأسي المجمعة وعمري اثنا عشر عاماً، وأقمت في عنيزة مقر الدراسة تسعة أعوام وما زالا على بالي ولا تمر سنة بالنسبة لعنيزة إلا وأزورها.. ولا يمر شهر إلا وأزور المجمعة لأنهما انغرسا في فكري ورسبا في نفسي: مرابعهما، رياضهما، منتزهاتهما على قلتها، حدائقهما، نخيلهما صحراؤهما، رمالهما وإن لم أكن ساكناً فيهما، وإن لم تهف نفسي إلى البقاء فيهما مع أنني غادرتهما مقيماً في الرياض حوالي خمسين عاماً.
أما جواب الفقيه فلتسمح لي ولو لم أكن شاعراً فإنك شاعر وهو أشعر، وأنت جيد وهو أجود فإنك تلمس في شاعريته الجودة ونصاعة المعنى وقوة السبك ويكفي المطلع هذا للدلالة على ذلك:
كيف الرجوع لأرض مكة بعدما
شبَّت حمائم في الريـاض وأنسـر
وكذا ختامها.
قد كرموا فيك الطريف وما دروا
أن التليد مـن الجواهـر أكثـر
ولا شك أن فكاهاته وطرائفه فيها بلاغة أبلغ من البيان. أرجو السماح إذا كنت أخطأت فما هي إلا نظرة خاصة، وما هي نظرة أدبية لها وزنها في عالم الأدب والنقد، لكنني أحب أن تعلم أنني أحب ما تكتب وما تسبك شعراً أو نثراً وما كنت ظاناً أنك شاعر إلا من هذه القصيدة. ولكم تحياتي.
أخـوك
عثمان الصالح
وفي هذه الرسالة تجد الصراحة واضحة كل الوضوح ولا سيما في المقطع الأخير من الرسالة حيث نقرأ فيها هذه الجمل: ولتسمح لي ولو لم أكن شاعراً فإنك شاعر وهو أشعر "والضمير هنا يعود على الشاعر محمد عبد القادر فقيه" وأنت جيد وهو أجود تلمس في شاعريته الجودة ونصاعة المعنى وقوة السبك. وفي ختام الرسالة نقرأ هذه الجملة "وما كنت ظاناً أنك شاعر إلا من هذه القصيدة".
كما يلاحظ انسياب كلمات الرسالة في نسق جميل لا حشو فيها ولا غموض، متماسكة جملها بعضها ببعض كعقد من اللآلئ منتظم لو أردت أن تستخرج منه القلادة لاضطررت إلى نثر حبات العقد. وفيها نرى البساطة والسلاسة بارزتين تكشفان عن سريرة الكاتب ونفسيته وقت كتابة الرسالة أو طبيعته التي جبل عليها ولذلك نجده يطرب من كلمة "الوفاء الأخضر" التي وردت في هذا البيت:
وسراجنا العطار مـا زالت لـه
تلك المروءة والوفـاء الأخضـر
ومع أنه يدرك أن الوفاء لا يتلون فليس هناك وفاء أخضر وليس هناك وفاء أحمر أو أصفر أو غير ذلك من الألوان ولكن شفافية نفس معلم الملوك والأمراء هي التي رسمت كلمة الأخضر في عينيه لوحة إبداعية جميلة فأعجب بها ولا يستغرب منه ذلك وقد بين في نهاية رسالته أنه ليس ناقداً ولكن محتوى تلك الرسالة ليس إلا نظرة خاصة منه وليست نظرة أدبية لها وزنها في عالم الأدب والنقد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :608  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج