الدولة الكريمة أنفقت الكثير على فتح طريق الهدى بين مكة والطائف، وكان مفخرة لهذا العهد الزاهر، ولئن أطلق عليه اسم "طريق الفيصل" فإنما كان ذلك اعترافاً بإرشادات المليك وإصراره على فتح هذا الطريق لتعم الفائدة منه، ثم ظهرت وجاهة هذه الإرشادات بعد فتح الطريق حيث لمس الكل الفائدة العظيمة والفكرة النيِّرة التي صيرت الصعب سهلاً. والمعلم (محمد بن لادن) رحمه الله ترك على سفوح وقمم جبل الهدى أثراً خالداً يذكر به كلما ذكر الطريق، ويقدر المجهود الضخم الذي بذله رحمه الله على مر الأجيال. بالإضافة إلى عمارة المساجد الثلاثة. المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.
لئن كانت فرق الصيانة وتعهد الطريق تعمل جادة ليلاً ونهاراً سواء في الجبل أو صيانة الإسفلت. إلا أن الصخور الخطيرة على بعض الجوانب تهدد المارة من ركاب السيارات. وإن كانت لم تحدث حتى الآن ولله الحمد حوادث من جراء سقوط الأحجار والصخور بين فينة وأخرى وخصوصاً عند هطول الأمطار. إلا أن أجزاء ومواقع كثيرة في جهات متعددة وهي ظاهرة للعيان يخشى منها وخصوصاً الصخور الكبيرة الحجم الموجودة على هاويات الجبل ولا مرد لها إلا قدرة الله. ثم وجود بعض المساييل الطبيعية في أماكن متعددة من الجبل وهي تجمع بين رمالها وأتربتها صخوراً وأحجاراً مرهون أمر سقوطها على الخد بنزول السيول التي تتدفق طبيعياً من هذه المساييل.
وهناك المنطقة الواقعة قبل الكوبري من جهة الطائف وبعده من ناحية مكة حتى المعسل. وهذه أخطارها ظاهرة من تشقق الجبل من جراء استعمال الديناميت فبقيت أحجار معلَّقة وهي غير متماسكة وتنذر بالخطر وقد أصبح الناس لا غنى لهم عن ارتياد هذا الطريق ليلاً ونهاراً ووزارة المواصلات ومصلحة الطرق لا ننكر جهود رجالها وإخلاصهم وعلى رأسهم معالي الوزير الدؤوب الأستاذ محمد عمر توفيق - وهم جميعاً بلا شك لا بد من أنهم قد أخذوا للأمر عدته، وحصروا المناطق الخطيرة - وخصوصاً المنطقة الواقعة بين الكوبري والمعسّل - ثم ما بعد الكوبري من جهة الهدا وكذلك بين الكيلو (59) حتى الكيلو (61) حيث توجد مساييل طبيعية عالية - تنذر بسقوط الأتربة والأحجار الضخمة والصخور، كما توجد بقايا آثار التكسير بالديناميت، وبعض الصخور خطرها ماثل للعيان - وكذلك عند مركز الشرطة الذي يقع مباشرة بعد الكيلو (57) للصاعد حيث توجد صخرة كبيرة على ربوة من الجبل مائلة للسقوط كما توجد على جانبي الجبل صخور أخرى تنذر بالسقوط.
إنني أطمع أن تشكل الوزارة لجنة من الفنيين لحصر جميع الأعمال والمسارعة في إزالة ما هو خطر منها، خشية من الحوادث، والدولة الكريمة التي أنفقت الملايين لفتح هذا الطريق لا تضن بصرف مبالغ إضافية للأعمال الفنية التي تتطلب معدات خاصة وسلالم ورافعات لإزالة هذا الخطر خصوصاً وأن الشتاء ومواسم الأمطار ستحل قريباً - والله الموفق (2).
لقد كنت شديد الإحساس وأنا أكتب عن (جلاميد الصخر في طريق الهدا) أن الدولة رعاها الله قد بذلت للطريق والطائف فوق ما نتوقعه وهي أيضاً أكثر حرصاً وأقوى إحساساً مني وأنا أكتب.. وكم كنت سعيداً عندما أبلغني معالي وزير المواصلات الأستاذ حسين منصوري عن اهتمام جلالة المغفور له الملك فيصل بما كتبته عن جلاميد الصخر ـ وأمر جلالته الفعلي أخذاً بكامل فكرتي التي نشرت تحت عنوان (الطريق القديم المنشورة في هذه الزوايا ص 102).