شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المطوّفون يستوضِحون؟! (1)
على أثر الخطاب الذي ألقاه معالي وزير الحج في اجتماع المطوفين بمنى والذي كان له صداه في نفوس المطوفين بخاصة، انطلقت من أفواه الحضور تساؤلات كثيرة كان بودِّهم أن يوجهوها لمعالي وزير الحج الذي دفعته الغيرة الإسلامية على أن يقول ما قاله بحق المطوفين.. وهم يعلمون أن قصد معاليه نبيل الغرض منه رفع مستوى هذه المهنة إلى ما يرجوه لها كل مسلم غيور، لما في ذلك من حفاظ على سمعة البلاد. ولكن للأسف كان يحز في نفوسهم لعدم تمكنهم من إجراء حوار مفتوح مع معاليه يبثونه شكاواهم ويوضحون له ما خفي من أوضاعهم ليشاركهم آلامهم ويحقق لهم آمالهم.. ويزول من نفسه ما علق بها عن هذه الطائفة.
إن معالي وزير الحج ببادرته الطيبة هذه شجع الكثير من المطوفين على الحرص على حضور هذه الجلسة أملاً في أن يفتح معاليه صدره ليستمع إلى شروحات وافية تكشف واقع المطوفين وليلمس معاليه حقيقة وضعهم عن كثب بعيداً عن الغلو في توجيه التهم إليهم من جهات خارج المملكة لا تعرف شيئاً عن المطوف إلا أنه الخادم المنفذ لرغباتهم.. ولو علم هؤلاء أن أساس مهنة التطويف هو ما ذكره معالي وزير الحج في أول خطابه هي مهنة شرف وديانة ويجب أن تكون كذلك. ولو قدروا أن مبلغ الخمسين ريالاً الذي يأخذه المطوف عن كل حاج لا يساوي شيئاً أمام التزامات وأعباء يحملها المطوفون إن لم تكن في مكة للتطويف والإسكان ومراجعة النقابة والترحيل إلى جدة بعد الحج وحجز تذاكر الطائرات وحمل مسؤولية الترحيل. فإنه يكفي أن الجهد والعرق الذي يبذله المطوف في مشاعر الحج لتوفير راحة الحاج - الخيام والمياه وأراضي منى وأتوبيسات الشركات، فضلاً عن مسؤوليات تتطلبها تعليمات الجوازات والصحة وبيت المال للوفيات - وأنه لولا توفيق من الله لخدمة عباده الحجاج وبذل كل هذه الجهود لما انتظم الحج، ولو قدر هؤلاء كل ذلك لجعلوا للمطوف العذر إن كان مقصراً.. بينما الواقع الذي يحتمه وضع هذه المهنة يجعل المطوف الجندي المجهول الذي على أكتافه تلقى مسؤولية استقبال الحاج وتنفيذ تعليمات كل مرفق من مرافق الدولة في الحج تصدر بشأن تنقلاته والحفاظ عليه حتى يغادر البلدة وهذا هو شأن الوكلاء بجدة والأدلاء في المدينة حيث تتوزع المسؤوليات بينهم. والملك عبد العزيز رحمه الله هو أول من قدر جهود المطوفين وما يقدمونه من خدمات وخصص لهم مبلغاً رمزياً كان عبارة عن جنيه ذهبي قبل أربعين عاماً تقريباً وهو ما يوازي الخمسين ريالاً. وطيلة الأربعين عاماً تطور كل شيء من رواتب موظفي الدولة إلى أجور الخدم إلى أجور الذين يعملون تحت أيدي المطوفين بما يعادل العشرة أضعاف ما عدا رسم المطوف الذي بقي كما هو منذ أربعين عاماً. وهذا هو السبب الذي جعل أكثرهم يلجأ إلى تضخيم أعداد الحجاج ليجلب الكثير ويأخذ الأقل تحت ستار السمسرة.
ويطول الحديث.. ومعاليه هو ابن البلاد البار بها وبإخوانه المطوفين لا بد من أن يعطي الأمر من صدره الرحب بما يحقق حسن ظن هذه الفئة في معاليه. وليسمح لي معاليه أن أنقل بأمانة الأسئلة الحائرة التي كانت تدور على الألسنة بعد إلقاء خطاب معاليه وكلها تنتظر الجواب.. ومعاليه هو الشخص الوحيد الذي يستطيع بدبلوماسيته ولباقته المعروفة أن يضع النقاط على الحروف ويطمئن هذه الفئة على البرامج التي يخطط لها معاليه لصلاح هذه الطائفة وكلهم يدعو له بالتوفيق. والأسئلة هي:
أولاً: كان بعضهم يسأل عن الغرض من الاجتماع.. هل هو لتخطيط مستقبل المهنة وإذا كان كذلك.. فهل ألغيت كل القرارات والاقتراحات التي رفعت وعرضت على الجهات العليا.. وبعضها لا يتفق مع رغبات الكثيرين الذين يستطيعون أن يوضحوا وجهة نظرهم بأدلة وقرائن. علماً بأن القرارات والاقتراحات تعرضت للسمسرة والصبيان وكان بودِّ الجميع أن يوضح لهم ما إذا كانت دراسة اللجنة التي طلب معاليه انتخابها سرياً، لها علاقة بما سبق.. وأن الدراسة لشيء جديد يهدف إلى المصلحة أم ماذا؟؟ وذلك لأنهم يؤيدون الدولة في طلب الإصلاح وينشدون إنصافهم، ويشكرون غيرة الفيصل الذي ساير أوضاعهم وخبرها من عهد والده حتى الآن.
ثانياً: حضر الاجتماع الأدلاء الذين قطعوا مئات الكيلومترات ثم عادوا بعد ذلك فور انتهاء الاجتماع وكلهم يتساءل عن الغرض الذي حضروا من أجله لمنى هل هو للاشتراك في دراسة أوضاع المطوفين فقط الذين اقتصر خطاب معاليه عليهم، أم أنه مطلوب منهم تقديم مطالبهم أو دراسة أوضاعهم التي تتغاير مع أوضاع المطوفين تغايراً تاماً؟ وقد رجعوا قبل أن يجدوا الجواب.
ثالثاً: كذلك الحال بالنسبة إلى نقابة السيارات ورؤساء الشركات الذين حضروا ولم يتعرض جدول الأعمال أو خطاب معاليه لهم بشيء.. شأنهم أيضاً شأن الزمازمة. وجميع هذه الطوائف تنتظر التوجيه بما تفعله وما هو مطلوب من منتخبيها عمله.
رابعاً: إن التفسير الإجماعي الذي خرج به الجميع هو أن الغرض من هذا الاجتماع هو التخطيط وتنسيق الأعمال بين الطوائف المذكورة لتقوم بواجبها للموسم القادم، لكن عدم ذكر شيء يتعلق بهم جعلهم يفكرون في أنه ربما كان الغرض من حضورهم الإحاطة فقط بما تضمَّنه خطاب معاليه بشأن المطوفين، ولاشتراك مندوبيهم في دراسة أحوال المطوفين والسماسرة والصبيان.
خامساً: وفي الوزارة هيئة عليا وهيئات ابتدائية لها شرعيتها انتخاباً من جميع المطوفين. وترشيحاً من ولاة الأمور. وهي بذلك تمثل جميع أفراد الطوائف فهل ستعرض على هاتين الهيئتين نتائج الدراسات الأخيرة لما ستقوم به اللجنة المنتخبة سرياً. لأن الكل يسأل ماذا عملت هذه الهيئات للإصلاح في حين أنها بعيدة عن كل هذه الدراسات.
كل هذه الأسئلة تنتظر التوضيح وكان عرض الأكثرية ما ذكرته سابقاً أنه لو طال الوقت للأخذ والرد مع معاليه لانتهى الاجتماع بفائدة. ولعل معاليه يتفضل بتخصيص جلسة أخرى لهذا الغرض أو أن يوضح ما خفي وما تضمنت بعض الأسئلة الواردة أعلاه. وفقه الله وسدد خطاه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :881  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 270 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.