شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الكيان الكبير
ـ من هذه الأرض المقدسة الطاهرة/تاج هذا الوطن وعزَّته.. صدع معلم الأمة/النبي الخاتم، صلَّى الله عليه وآله وسلم بدعوة التوحيد والإِيمان، وأعلن (الجهاد) على الأصنام والكفر، لتحرير الأمة من الهوان والظلم.. فانطلق إِلى كل الأرض: ناشراً صوت الحق والعدل، مبدداً من نفسية الإنسان: اضطرابها، هادياً إِلى الأمان والسلام والخير.. فإِذا هذا الإنسان المسلم قد تبلور في صياغة جديدة ترتكز مميزاتها على العلم والكرامة، وعلى الحرية وإِرادة قدرة الحق المؤكدة للعدل فوق الأرض.
من هنا.. انبلجت نقطة الضوء التي سطعت وعمّت المساحات، واجتازت المسافات لنصرة حق الإنسان في الحياة الكريمة، وفي العيش الرغيد، وفي تضامن المسلمين الذي يجعل الأرض واحدة، والكلمة واحدة، والهدف واحداً.
كانت نقطة الضوء هي: الإرهاص والنور، وهي بناء قوة الإنسان المؤمن أمام كل الذين أرادوا أن يستضعفوه ويذلّوه.. كانت هي: التحديد المرغوب في عالم الرغبة اللامحدودة، وهي: الصوت الواحد في زمن الأصوات المتعددة، وهي السلام الذي زرع الأمان في النفس، وبددّ العتمة في الفكر، وارتفع بقيمة الإنسان من الجهالة والتفسخ إلى الهداية والإِدراك والقيم.
ومن هنا.. انبثقت تعاليم الخير والمحبة، والتضامن والكفاح حتى الاستشهاد ذوداً عن الدين، ودفاعاً عن مكتسبات العقيدة، وترسيخاً لمعطياتها.. فكان هذا الضوء هو تاريخنا الحقيقي وتراثنا الباهر، وقيمنا ومبادئنا، وإرادتنا في اكتساب المستقبل المتميز بالعدل وبالحق، وبالحرية وبالسلام!
* * *
ـ وما زال هذا الوطن على طريق رسالة الخير: سائراً.. يمنح من نقطة الضوء هذه ويمنح القدوة والإلتزام بمبادئ الإسلام وتشريعاته.
وما زالت نقطة الضوء هذه هي: ضمير هذا الوطن وأفعاله، وعلاقاته وخلائقه.
إِنه هذا الوطن الذي يستلهم تاريخه الحافل والعظيم، مرتكزاً على بطاقة انتمائه، وعلى رايته المرفوعة بعلم التوحيد والجهاد في سبيل الله، والداعية دوماً إِلى التمسك بالعقيدة الإسلامية.
إِنه هذا الوطن الذي يواصل مسيرته الرائدة، وقد استلهم من تشريع الدين العظيم: أن يرتفع دوماً إِلى مستوى القيم والأهداف التي تعمل لخير الأمة وحريتها.
وهو هذا الوطن الذي احتفل من أقصاه إِلى أقصاه بمرور مائة عام على: قيام دولة عظيمة شاسعة، وميلاد تاريخ مميز.. إِنحسر عنه الجهل والشتات، والفقر والمرض.. وخرجت الجزيرة العربية إِلى الحضارة والتقدم والعلم.. فكان تأسيس هذا الكيان الكبير: صرحاً شامخاً.. ببنيانه العزة، وحجارته الوحدة، وأساسه المتجذر في الأرض: أرومة، ومحتداً.
مئة عام.. منذ (1319هـ)، وحتى اليوم: مسيرة بطولة، وبناء، وتنمية، والخروج بإنسان هذا الوطن من الخوف والقوقعة إِلى الشجاعة والانطلاق، وإِلى العمل والإِنتاج.
مئة عام.. افتتحها المؤسس/عبد العزيز آل سعود بفتوحاته التي جندل فيها بسيفه: الفُرقة والتمزق، واستطاع أن يركز العلم الأول (للوحدة) العربية فوق ثرى الجزيرة العربية، ويقضي على الدسائس، وهو يواجه مصاعب لا يتصدى لها سوى الفارس الواثق من نفسه، والمؤمن برسالته ودوره التاريخي.
* * *
ـ وبكل هذه الركائز التي شهدها الوطن: قيام دولة، وبناء أمة، وعزة وطن.. إِستطاع هذا الكيان الكبير بقيادة هذا البطل التاريخي، ومن بعده (أبناؤه) أن يرتفع بالاهتمامات الإنسانية، وبالخطط التقدمية الإنمائية، وبالعلاقات الدولية لخدمة السلام والعدل.. ولم يستطع مستعمر، ولا حاقد، ولا طامع، ولا مضلل أن يجرّ هذا الوطن إِلى: الانفعال، والتشنج.. لا إِلى قطيعة الأرض، ولا إِلى قطيعة الدم، ولا إِلى قطيعة الجوار، ولا إِلى قطيعة الحكمة والعقل.
وهذه الركائز العظيمة.. كانت أيضاً هي سلوك هذا الشعب ليؤكد بها ويحقق الصفة التي كرمنا بها القرآن الكريم في قول الله عزّ وجلّ: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران: 110).
وبهذا الخلق أيضاً: استطاع هذا الوطن وشعبه أن يضيفا إلى المستقبل إِضاءة من نقطة الضوء الأساسية.. فكان سعي (ولاة الأمر) في هذا الوطن، يتركز على إنجازين هامين صنعا لنا معايشة الأمن والأمان، والقدرة على دعم مطالب الحق والعدل والحرية:
ـ الإنجاز الأول: تعزيز الدعوة إِلى التمسك بالعقيدة الإسلامية، ودعم قدرات المسلمين، والوقوف معهم في محنهم ونضالهم ضد أعداء الدين والأرض.
ـ الإنجاز الآخر: الإصرار والعمل على تكريس الأمن والاستقرار داخل الوطن، وتطوير خطط التنمية لتحقيق الرخاء والرفاهية.
وبهذين الإنجازين.. إِستطاع الوطن أن يقدم للإنسان في كل مكان ترتفع فيه دعوة الحق ونصرة الإنسان، ونداء السلام ورغبة التضامن: كل دعم ومحبة وخير.
* * *
ـ وتَواصَل هذا البناء والتعمير.. فكان كل مواطن: يشرئب إِلى اجتلاء وجه الأمل في صناعة المستقبل للوطن.. فكانت هذه النقلة الحضارية في عهد ((خادم الحرمين الشريفين)) الملك فهد بن عبد العزيز.. وهي النقلة التطويرية لأنظمة الحكم بتركيز شدد على التمسك بالتشريع الإسلامي: هداية و صُوىً.
وباستقرار الأبعاد التي ركَّز عليها ((ولي الأمر/ الملك فهد)).. نجده في خطابه الذي توَّج صدور الأنظمة الثلاثة: (الحكم، الشورى، المناطق) يقول بروح القاعدة الأساسية لهذه الانطلاقة الحضارية:
ـ إِن هذه الأنظمة الثلاثة.. تأتي توثيقاً لأسس قامت عليها هذه الدولة وصياغة الأمر واقع معمول به.
وقد أجمع المتحدثون عن هذه النظم الثلاثة على: أن هذا ((الكيان الكبير)) كان وما زال يسير على الشورى، منذ أرسى المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - دعائم دولته الحديثة.
إِن الجديد الذي يستخلص من هذه النظم الثلاثة.. يتحدد في: التنظيم، وتوزيع المسؤولية ما بين ولي الأمر، والمسؤول المكلّف بالتنفيذ والتطبيق، والمواطن الذي يتلقى الخدمات، ويشارك في تطبيقها، وحسن الممارسة لها.. وقد التزم هذا (الكيان الكبير) - المملكة العربية السعودية - منذ توحده بهدى الإسلام: نبراساً، وتشريعاً وديناً، وتنظيم حياة.. فهو التنظيم اليقيني الذي يتبلور في ضمير الأمة إِلى: مصير، وإِلى: قيمة للحياة!
ـ وفي ((رؤية)) حضارية، متشبعة بالهَدي الإسلامي.. تحدث الأمير ((طلال بن عبد العزيز)) فقال:
ـ إِنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح خارج عن الشريعة الإسلامية.. وأي إِصلاح خارج عن التشريع الإسلامي غير وارد، ولا يمكن قبوله على الإطلاق.. وفي وطن يتشرف باحتضان وخدمة الحرمين الشريفين: المكي، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهكذا.. فقد وضعت المملكة العربية السعودية أحد المبادئ الإسلامية - وهو مبدأ الشورى - في صورة نص قانوني!
ويعنينا في هذه الانطلاقة الجديدة: أن لا نتظاهر بأسلوب الضجيج، ولا نركض خلف ظواهر تستهدف الاستهلاك المحلي.. وإِنما نحن نستدعي من تجربة التاريخ التراث، والمعاصر، والممارس: حصيلة من عطاء هذا الاستقرار الذي لا تدعيه المملكة العربية السعودية، كصوت إعلامي، تزاحم به اختلاط الأصوات.. ولكنه (العطاء) الذي يتجسد في الممارسة، وفي التعامل بين الشعب وولاة الأمر.. لتنبثق من هذا التجسيد رؤية شاملة وصادقة لحقيقة الإصرار على سيادة نظام فريد، يرتكز نجاحه على: تأكيد معنى، ومضمون، وفعل التقيُّد بالتشريع الإسلامي.. النبراس، والعقيدة، والإِيمان، والعمل، وفلسفة الحكم.
* * *
ـ وإِذا كان المحللون السياسيون قد أجمعوا على اضطلاع هذه الأنظمة الثلاثة بالتطور في مجالات عديدة.. فإِن التطور المقصود، يجيء في صياغة كل نظام، وتطبيقه والتعامل به، وتحريك جهود وخبرة وعلم: الكفاءات العلمية في بلادنا.. وهو ما يسميه المحللون: (الإصلاح السياسي)!!
ولقد ركز ((ولي الأمر/ الملك فهد)) على دور ((المواطن)) كأهمية لا يستهان بها.. فتحدث عن: الحرية الشخصية، وحقوق المواطن وفق ما شرعه الدين الحنيف.
إِن المواطن - في التنظيمات الجديدة - قد وجد تنظيماً لحرية الرأي، وهو يتطلع إِلى إفساح المجال لحرية ((الرأي الآخر)).. فهو مواطن يتمتع بحريته الكاملة، وفق هدي دينه، وتشريعه.. دون أن يعتدي على حقوق الآخر، أو يسرقها، أو يظلم لمصالحه الخاصة.. فالدولة من قبل إصدارها هذه النظم، وهي تتعامل مع المواطن بالشرع، والقضاء لا سلطة عليه من أحد.
والدعوة الملحّة اليوم: تتركز على اختصار المراحل الزمنية للتطور، والنمو.. مع التركيز الهام على ترسية قاعدة الأمن الوطني.. وهي القاعدة التي تمكننا داخل وطننا العظيم من الارتفاع بقدراتنا في العمل والإِنتاج!!
* * *
ـ إِن أحد خبراء التخطيط والاقتصاد في العالم.. قال ما معناه:
ـ إِن العالم في مرحلته المعاصرة.. يجتاز اختباراً دقيقاً، فهذا العالم الذي أحرز حتى الآن: قسطاً من القوة، والثراء، والسيطرة على الطبيعة.. بات من المحتم عليه أن يختار بين أمرين:
ـ إِما أن يدع هذا القسط الوافر من القوة، والثراء، والسيطرة على الطبيعة: يفسد تقاليده، ونظمه، وسبل حياته.
ـ وإِما أن يفلح في جعل الإنجازات المادية: أداة من أدوات تطوير النظم، والتعامل، والجهد!!
ـ وهذا الاختبار الدقيق.. لا بد أن يتعرض له البلد الذي يطمح إِلى تنفيذ برامج الإِنماء، والتصنيع.. مع مواطن يطالب بمزيد من التحسين للخدمات، ومن التطوير للتنمية.. وذلك بأداء دوره كعضو عامل، يشارك مع الأجهزة التنفيذية، أو في داخلها وكمواطن يحرص على تنفيذ الأنظمة، واتّباعها!!
ـ وفي هذا الواقع: تتمثل احتفالية الشعب السعودي في إعلان الحدث المهم.. لتكون احتفالية الشعب دائماً من منجزاته، وكما وصفه الملك فهد قائلاً:
ـ إِن الهدف هو: ترسيخ (القيمة) الفعلية للإنسان السعودي في وطنه، ومنحه المزيد من حرية الرأي المتلاحمة مع دور المواطن في عمق المسؤولية حاضراً ومستقبلاً، ومسؤولية الدولة نحو تطبيق الأنظمة، ومتابعة خطط التنمية وإنجازاتها.. بهذا التمسك الأساسي بنصوص الشريعة الإسلامية التي لن يرضى الإنسان عنها بديلاً!!
وهذا هو ((الكيان الكبير)) الذي أرسى دعائمه وأقامه: المؤسس له/الملك عبد العزيز آل سعود.. ليبقى كياناً متيناً قادراً دائماً على تلقي المتغيرات والتطور، وثابتاً دائماً في وجه الأعاصير التي تستهدف استقراره وأمانه، وشامخاً دائماً بمبادئه ورواسخه الثابتة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :903  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 529 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.