شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من هو... نزار؟!
[ • "... وحجزتُ تذكرتي وودَّعْت السنابل، والجداول، والشجرْ
وأخذت ُ إمضاء القمرْ
وأخذتُ وجه حبيبتي... وأخذتُ رائحة المطرْ
قلبي عليك وأنت يا صوتي... تنام على حجرْ"!!
[ • نزار قباني: هو "الشاعر" الذي أتقن تعريف الشعر، وفسّره، وتداخل فيه ومعه، وحلم به وحوّله إلى طائر أسطوري.. طار على ظهره ومعه كل الكرة الأرضية.
[ وهو "الشاعر" الجواهرجي.. الذي حوّل الكلمة إلى ألماس، وحبات من اللؤلؤ، وعقود من الأحجار الكريمة.. فتوجَّه القارئ العربي: سلطاناً على مملكة الشعر!
[ • فمن هو "نزار قباني"؟!
[ - أجاب هو بأسلوبه: "شاعر محكوم عليه غيابياً من كل المحاكم العربية بتهمة، إصدار ثلاثين كتاباً في الحب، اعتبرتها النيابة العام ضد الدولة، لأن الدول العربية تخاف أن يداهمها الحب..."!!
[ فهل هو أصدق الشعراء الرومانسيين؟!
[ أم هو شاعر"تشكيلي" يبدع القصيدة بخطوط السير الزمني حيناً، وبالتكعيبية حيناً آخر، وبتكامل الرفض في العلاقة الشاسعة بين الإنسان وواقعه؟!
[ أم هو شاعر من ذلك الجيل الذي وصفه الناقد القديم "محيي الدين إسماعيل" فقال عنه:
[ - إنه جيل ثار على الوتيرة الزمنية الموروثة، وصفَّى جميع الإضافات الخارجية، وخلق في القصيدة العربية الحديثة: حركة داخلية لم يكن يعرفها الشعر من قبل"، مثل: السياب، ونازك الملائكة، وعبد الصبور، وخليل حاوي؟!
[• نزار قباني: بذرة ميلاد شعر يحمل توقيعه الخاص به.. له لغته، ومفرداته، وقماشته.
[ إنه شاهد عصر مزدحم بشعراء: (تصادميين، وهستيريين، واقتحاميين.. يتجاوزون إشارات المرور الحمراء)... وقد انطلق"نزار قباني" منذ اقتحامه لمملكة الشعر، وتتويجه سلطاناً، يفتش - كما قال - عن الحرف التاسع والعشرين في الأبجدية العربية بكل ما فيه من روح تصادمية وثورية وقومية، حيث تعلو الرومانسية وتفيض على حفافي قصائده/ نفسيته، ثم تغيب لتظهر: قضيته، ورؤيته، وتصوير أوجاع أمته.. مثل"بابلو نيرودا" الذي كان يستمد إلهامه فوق قمم البراكين!
[ ويصعب على القارئ الغربي لشعر نزار حتى العشق: أن يؤطره أو يحبسه في إطار محدد في كل دواوينه... ذلك لأن "نزار": يبني قصيدته من (مونة) عصر تدافعت عليه المتناقضات، والمثلات، والبشاعة والجمال، والهزيمة والنضال، وسواد الليل وبياض النهار!
[ • وفي تأملنا لتنويعات نزار على مقام العشق - أي لمجوهراته - نجده هو نفسه ذلك الشاعر الذي: "لا يجلس بانتظار أحد.. ومازال يكتب الشعر لأنه لم يجد طريقة أفضل للإنتحار.. ويكتب بالحتمية ذاتها التي ترتفع فيها السنبلة، ويفيض البحر، ويكتظ الثدي بالحليب"!
[ ويبقى الحب - عند نزار - معادلاً للغيبوبة القومية، في صخب "قرقعة الطبل في أخبار عاد وثمود"!
[ • هذه - إذن - هي إيقاعات الحزن التي كانت حداء الشاعر منذ عام 1944، حين "فتح الدنيا بقاموس لم يتجاوز الألف كلمة، ليبدع بالشعر لغة الديمقراطية".. ولم تفارقه هذه الإيقاعات حتى غناها بمقام العشق.. مزج فيها معاناة الشاعر في الحياة، وأحلام الإنسان عبر تجارب ذات أبعاد فجرت في ذاته الحقائق، وسكبت هتون الشعر من بين جوانحه.
إن "التحوُّل" في مشوار الشاعر "نزار قباني": ليس معادلة ولا معادلاً لشيء، بل هو التشكيل في رؤى ورؤية الشاعر الذي يرسم من خلاله: أبعاد العشق والحرية معاً.. ليُعبِّر ببنية القصيدة عن عالم: "يحترف التزوير، والتبخير، والتمجيد"، وهو في نفس الوقت كان يشرنق برؤاه: عالماً لا يحاكم العصافير، ولا يتجسس على الياسمين، ولا يضطره لشرح قصائده حتى لا تفسَّر بهوى الحاقدين!!
• • •
[ • شعره: دهشة.. وتقاسيمه على مقام العشق/ صور شعرية: دهشة!
[ حتى مرضه.. كان: دهشة محزنة جداً لقلوبنا التي فكَّت حرف الحب في "كتَّاب" شعره، وتثقفت خفقاتها في أكاديمية شعره.. وغنَّت البوح بتنويعات قصائده.
[ هذا هو "نزار قباني" الذي ولد في حضن ياسمينة دمشقية، وشاهد القمر العربي من خصاص نوافذ التاريخ العربي المزدحم بحكايات النضال ضد الاستعمار والظلم حتى النضال ضد الفرقة والشتات للتضامن العربي... فكان لا بد لكل قارئ عربي أن يقرأ شعر "نزار قباني"، وأن ينصب خيمة عشق في كل مساحات الخفق العربي!
[ فماذا يكفي تاريخ "نزار" وإبداعاته وتميُّزه من كلمات تنصفه وتموسقه: سيمفونية عشق،
وتطلقه شاهد انتماء عربي وياسمين غزل؟!
[ وربما كان نزار قباني شديد المبالغة في نقده الذاتي لأمته العربية إلى درجة التقريع.. بل - كما قال لي مثقف عربي - إلى درجة: الركل، والرفس، و... (الرُّكب في البطن)!!
ولكن... لم يكن لدى نزار تلك الرؤية الوسط.. فهو قد وقف في أقصى نهاية خط اللغة التي لاتتفاهم ولكنها تصرخ، ولا تحاور ولكنها تتسلط كبعض الأنظمة العربية(!!) ولا تتحدث ولكنها تفرض صورة، أو حكماً اتخذه "مواطن" عربي، رأى في نفسه قدرته الخطيرة على توجيه سؤال نازف مجروح: "متى يعلنون وفاة العرب"؟!
لن يعلن أحد عن وفاة العرب، ولا حتى أعداء العرب... فالإعلان: اعتراف.. والإعتراف مرفوض... والرفض: من منهجية الأيديولوجيين والثوريين العرب.. وهي المنهجية التي أدخلت العرب غرفة العناية المركزة، في غيبوبة طويلة
[­ ونطرح إثر ذلك هذا السؤال: هل نعتبر نزار قباني محشوراً في زمرة الشعراء الثوريين؟!
ولكن... مَن هم الشعراء الثوريون أولاً؟!
­ إنهم أولئك الذين غرَّبتهم أنظمة حكمهم عن أوطانهم.
­ إنهم أولئك الذين تحدثوا عن أمجاد قومهم في مرحلة انكسارات قومهم.
­ إنهم أولئك الذين أرادوا - بالقصيدة - تطوير التاريخ من: مجرد ذكريات وأصداء غابرة.. إلى: بلاغة لغوية، وانبهار بالصور الشعرية.
[ أولئك الذين وثقوا في قدوم الحرية الشاملة.. فسجنهم الظلم في الغربة، والتشرد عن الوطن إلى درجة التشرذم... حتى تحوّلوا إلى "ظاهرة صوتية"، وكان أول من أعلن عن "وفاة الوطن" هم هؤلاء الشعراء، وهؤلاء المثقفون الذين تكلَّسوا في (الطفولات الذاتية) التي صارت في عداد المعوقين.. مثل كثير من أطفال العرب!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :663  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 492 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج