شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الغنوشي المغالط!
ـ ما أبخس ((المقابل)) الذي عزف عليه الرئيس العراقي ((صدام حسين)) ألحان فتنته النشاز.. وهو يشير إلى مذبحة القوات الإِسرائيلية في المسجد الأقصى، وحوله!!
إن هذا ((المقابل)) لغزو جنود صدام للكويت.. هو: المذبحة الصهيونية التي فرح بها حاكم العراق لسببين:
ـ السبب الأول: أنها ستسرق الاهتمام الموحّد من هذا التجمع العالمي حول إدانة العمل الإِجرامي الذي ارتكبه ((صدام حسين)) ضد دولة مستقلة آمنة، وشعبها في الكويت!
ـ السبب الآخر: أن الإِعلام العراقي الصدامي.. قد ركّز منذ مذبحة الجيش الإِسرائيلي في المسجد الأقصى، وحتى اليوم على نقطة محورية واحدة في إعلامه، وهي:
ـ أن هذا المجتمع العالمي المتقدم إلى عصر الوفاق والسلام، كما يدّعون، عاد إلى خلافاته الدائمة في مجلس الأمن... كلما طُرحت القضية الفلسطينية... وكلما قام العدو الصهيوني بمذبحة، أو بعدوان!!
ـ وكما قال المفكر الإِسلامي الأستاذ (( خالد محمد خالد )) :
ـ ((إن جريمة إسرائيل قد وقعت بسبب صدام، ولصالحه!!
أما بسببه.. فلأنه الذي شغل العرب، وفتّتهم، وفرّق شملهم، وساقهم إلى التيه والضياع!
وأما لصالحه.. فلأنه المستفيد الوحيد منها.. إذ من شأنها أن تصرف الأبصار المحدقة في جريمته، وتُثبّط العزائم المُجْمَعة على مطاردته))!!
* * *
ومنذ اللحظات الأولى لثورة العالم كله على المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في المسجد الأقصى، وحتى هذه اللحظة... لم نسمع - بعد - صوت أولئك (( المُتَحزّبين الإِسلاميين )) من أمثال: آية الله الترابي، والغنوشي، والنحناح، ومحمد خلفة، وغيرهم... من الذين أقاموا الدنيا، ولم يقعدوها، صارخين بشجب الاستعانة بالقوات الأجنبية.. ومطالبين بانسحاب القوات التي جاءت لمساعدة المملكة، وأقطار الخليج، وردع العدوان المُبيّت من قِبَل المتربص لنا بالشر ((صدام حسين))!
ـ أين اختفت أصوات (أعلام) الفكر الإِسلامي المعاصر، التي بادرت إلى مهاجمة المملكة العربية السعودية، والخليج.. تُكيل أقذع التهم لنا بالعمالة، والذيلية، والاستعانة (بالكفرة)؟!!
ـ لماذا لم ترتفع هذه الأصوات التي تبنت دعوة الفكر الإِسلامي.. لشجب المذبحة الإِسرائيلية؟!!
إن هؤلاء الذين نصبّوا أنفسهم (أعلاماً) للفكر الإِسلامي المعاصر... يُزيِّفون الحقائق، والأسباب الأصيلة التي منحت لإِسرائيل فرصة العربدة في أنحاء فلسطين المحتلة.. حتى لا تنكشف من وراء الحقائق والأسباب: أبعاد الجريمة المماثلة في بشاعتها لجريمة الصهاينة.. وهي: اجتياح، وغزو، وضم الكويت بالقوة، وبالرصاص، وبالسرقة، وبالاغتصاب!
ولعلّ بعض هؤلاء (الأعلام) قد أصدر (البيانات) التي تشجب، وتندد، وتدين المذبحة: إعلامياً!!
وبذلك.. ينضم هذا البعض من (أعلام الفكر الإِسلامي المعاصر) كأصداء، وراء التصريحات التي أطلقها الرئيس العراقي ((صدام حسين)) أو ((عبد الله المؤمن بذاته))!!
لكن.. ماذا تراهم سيفعلون نحو (أرواح) شهداء هذه المذبحة؟!
لقد مضت الأيام ثقيلة.. مجللة بالموت، والبؤس، والحزن، والكمد... منذ تنفيذ المذبحة، وحتى الآن... فماذا فعل (( المتحزّبون الإِسلاميون )) في السودان، وتونس، والجزائر، والأردن؟!!
إن أصواتهم تخبّ على استحياء وراء صوت (مرشدهم) الجديد في بغداد... وكأنهم قد بدأوا في تحويل دفة إعلامهم نحو ما أسموه بتقاعس المجتمع الدولي عن نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. وأن هذا المجتمع الدولي في مجلس الأمن، (تآمر) - بوفاقه واتفاقه - على العراق، فكانت إدانة العراق جماعية... بينما تخاذل عن إدانة إسرائيل بالإِجماع، وبغير ذلك الحماس والسرعة في اتخاذ قرارات إدانة الجريمة الصدامية!!
ومن التزوير للحوار، وللمنطق: أن يتم ربط غزو الكويت بمذبحة القدس... ذلك لأن القضية الفلسطينية قد راوحت طويلاً، بعيداً عن إيجاد الحل العادل لها، بسبب المواقف العربية، القديمة والمتجددة.. المتخاذلة، والمراوغة.. الصادقة، والمزوّرة، سواء كانت تلك المواقف فيما بين بني يعرب أنفسهم، أو كانت بين العرب، ودول العالم والمصالح المشتركة، أو بين (القيادة) الفلسطينية، وأسلوب تعاملها مع دول العالم، أو مع (أشقائها) العرب!
أما قضية اجتياح الكويت... فإن الأمر يختلف كثيراً، ولا يجوز الخلط هنا... لأن المعتدِي عربي، والمعتدَي عليه عربي... ولأن ما حدث كان يُجسد سلوك اللصوص، والعصابات، والجيش الذي أُضيف إلى تجويع معدته، وفكره: تجويع غرائزه أيضاً!!!
* * *
ـ وفي أصداء مذبحة المسجد الأقصى، وما تناثر حول الجريمة، وردود فعلها عالمياً، وإسلامياً، وعربياً...
وفي البحث عن أصوات (أعلام الفكر الإِسلامي المتحزِّب)... يثور سؤال مسدد إلى ((آيات الله الجدد)) في السودان، وعلى رأسهم ((الترابي)) وفي تونس، وعلى رأسهم ((الغنوشي)).. يقول:
في آلام، وقسوة المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في القدس... ألا يبادر هؤلاء ((الآيات)) المتحزِّبون تحت مسميات سرقوها من الإِسلام... فيثيرون الشارع الإِسلامي، والعربي... ويُجَيِّشون أعدادهم، وكوادرهم الهائلة للتطوع، وللانخراط في صفوف المقاومة لتحرير القدس؟!!
ـ أليس من أوجب تلبية نداء النضال، والكفاح.. أن ينضمَّ هذا الشارع العربي الذي أثاروه لتأييد باطل ((صدام حسين))، ولدعم غزوه للكويت.. إلى صفوف المقاومة من أبطال الحجارة هناك في الأرض المحتلة؟!
ـ أليس مكان الأربعين ألف فلسطيني، الذين جَيّشتهم القيادة الفلسطينية في تونس والعراق، وأعدّتهم لقتال القوات المتعددة الجنسيات التي جاءت للدفاع عن أمن الجزيرة العربية والخليج... أن يكون هناك في مواجهة قوات الاحتلال الإِسرائيلي؟!!
هذه الأسئلة (الحزينة).. نطرحها حذو (وعي) أعلام الفكر الإِسلامي المتحزّب، ونُضيف إليها ملاحظة أكثر حزناً، وفجيعة.. تقول:
ـ إن أولى القبلتين، وثالث الحرمين (المسجد الأقصى).. بقي صامداً بإيمان الذين التفّوا حوله هناك في موقعه.. ليصدّوا عنه عبث، وانحلال، واستفزاز الجيش الغاصب!
وأمام بواباته، وفوق ساحته.. سقط مئات من (المؤمنين) المدافعين عنه... الذين كشفوا صدورهم لرصاص المحتل، وبعدوان الإرهابيين المتطرفين من اليهود المزروعين هناك كالحنظل وكالنّبت الشيطاني!
وطوال سنوات الاحتلال، والقهر... ماذا قدمت (أحزاب) هؤلاء السادة، أو ((الآيات)) من أعلام الفكر الإِسلامي المعاصر المتحزِّب، لإِعداد الشارع الإِسلامي والعربي، ولتدريبه، ولتطوّعه من أجل القتال.. لينضم شبابه إلى الآلاف المنتشرين في شوارع الضفة الغربية وغزة، وليس في أيديهم سوى الحجارة، وفي قلوبهم إيمان بالدين، وبالأرض؟!!
لم تفعل هذه (الأحزاب) سوى بذر المزيد من الشقاق والشروخ في الشارع الإِسلامي والعرب، وفي بنية التضامن العربي!
ولم يخرج (أعلام الفكر الإِسلامي المعاصر المتحزِّب) عن: التنظير، والخطب التي يحفظون لها بعض الأحاديث، والكلمات التي تزرع الأحقاد في نفوس العرب والمسلمين بعضهم ضد البعض الآخر!
أما الحكومات التقدمية، والثورية، التي ناصرتها هذه (الأحزاب)، أو أيّدها أعلام الفكر الإسلامي المتحزّب... فماذا قدّمت من أجل تحرير المسجد الأقصى، ومن أجل استعادة الأراضي المغتصبة؟!
المملكة العربية السعودية، وأقطار الخليج... دفعت الكثير من الدعم لحركات النضال، وأبطال مقاومة الحجارة، وللمدارس، وللمستشفيات، وللمؤسسات هناك... ولم تقدم فواتيرها التي اعتبرتها في إطار الواجب الديني، والوطني، والقومي، والمشاركة في النضال بأموال النفط!!!
وهل أقامت تلك الحكومات التقدمية، والثورية: مجالس للشورى، حسب ما نص عليه الإِسلام، وأشركت المسلمين في صنع القرار؟!!
أم أنها حكومات قامت على حكم (الفرد)، وتسلطه على الشورى في القرار، وفي التخطيط للبناء، وفي المصير؟!!
نسأل (أعلام الفكر الإِسلامي المعاصر المتحزِّب) عن مكانة الشورى في أقطارهم التي ينتمون إليها.. وفي أوطانهم التي ينتسبون إليها؟!!
* * *
ـ من أقوال واحد آخر من ((آيات الله))، هو السيد ((راشد الغنوشي)) التي أدلى بها قريباً:
ـ جاء (إحتلال!) بلاد الحرمين الشريفين من طرف القوى الاستعمارية، ومعركة بين الشمال المستكبر بالقوة، وبين الجنوب المستضعف، والمتسلح بالإيمان والعزة!!
إنهم - إذن - يريدون إلغاء التفكير عند المسلمين.. ليتولوا التفكير والاستنتاج نيابة عن المسلمين قاطبة.. وذلك وِفْق أهواء، ومقولات، ودعاوات.. ولدوافع (الفتنة) الصدامية!
فهل يعرف السيد (( الغنوشي )) جغرافية المملكة العربية السعودية، وكم تبعد ((حفر الباطن)) أو ((الخفجي)). أو ((المنطقة الشرقية))، أو المنطقة الشمالية، عن مكة المكرمة، والمدينة المنورة؟!!
هذا يعني تمرير (الوقيعة) بمسمى الواقع، وادعائه!
ـ والسؤال المطروح أخيراً، والموجّه إلى هؤلاء (الأعلام):
ـ ما هو الرابط الفكري الأساسي بين أيديولوجية (البعث) العراقي، أو علمانيته.. وبين عقيدة هؤلاء، ومبادئهم التي يدّعون بها إسلاميتهم، أو (( أصوليتهم )) .. وهل هي ((أصولية))، أم تراها (( وصولية )) ؟!!
ـ وكيف أجاز (فكرهم) الذي نعتوه بالإِسلام.. أن يوآخي، أو يوائم بين ((البعث العلماني))، وبين القيم الإِسلامية العظيمة، والواضحة؟!!
إنهم إذا كانوا يستغلون (الشارع الإسلامي) لإِثارته غوغائياً... فلا بد أنهم بذلك ينفون عن مضمونهم: عمق الفكر الإسلامي الصحيح، والسوي، والحق!!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :746  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 412 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.