شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الدمعة الأخيرة!
ـ قال: أرى في عينيك دمعة حائرة.. لا تستقر، ولا تنزلق. إنها تجول كحبة زئبق.. ناصعة البياض، ولا تقدر أن تمسكها!
ـ أجابه: إنها الدمعة الأخيرة. هذه الدمعة كانت إبتسامة، كانت ضحكة أمل. كانت مفتاح وجد لو استمرت فإنها تفتح باباً إلى هناء صادق وغامر السعادة.
ـ قال: الدمعة الأخيرة.. في عينين تحدقان في الفراغ!!
ـ أجابه: الفراغ الذي أمامي أشعر به ولا أراه.. هو الجفاف. هو الفقد القاسي. هو نهاية نظرة لن تلد بعد الآن!
ـ قال: وما بعد الدمعة الأخيرة.. من الممكن أن تولد الابتسامة الأولى.. الضحكة الجديدة!
ـ أجابه: ممكن جداً.. عندما تكون الدمعة الأخيرة قراراً نهائياً.. يحول التجربة إلى موقف فقط. أو تكون الدمعة الأخيرة إكتشافاً يهز أعماقك.. فترى اللؤلؤة حفنة رمل، وتقترب من وميض الذي حسبته ماء فوجدته سراباً، وتتعرى النفس التي غنت لك العاطفة برومانسية جاذبة فتجدها فقيرة من الروح.. عديمة المعاني، مزدحمة بالماديات والذات!!
ـ قال: تستطيع - إذن - أن تضحك بعد لحظات، فينسحب الزمن كله على الذي تحول ماضٍ، فترى أمامك يوماً جديداً.. بنظرة جديدة.. تعطيك فكرة، وعاطفة، ومعاني لا تخذل نقاءك؟!
ـ أجابه: أيضاً.. ممكن جداً أن يحدث هذا التصور.. عندما لا يكون الشعور بالفقد طعنة في جرح يواصل النزف والتخثر!!
ـ قال: ممكن أن لا يلتئم جرح الوجدان.. إذا كان ما فقدته نظيفاً.. نقياً.. صادقاً.. لم يخدعك ويقتل نفسه. إن عمر الجراح بمقدار عمق الصدق في نطق الشعور!!
ـ أجابه: لم تعد الدمعة الأخيرة في شعوري وعمري قضية بقاء، وتذكر، وإحتياج حياة. لكنها ستبقى وقفة حزن.. إذا تلفت القلب نهرته. إذا خفقت الضلوع صفعتها. إذا تجدد البحث عن ألف روح.. تجدد الخوف بها من الفجيعة، إنك لا تقدر أن تفرغ وجدانك من الأصداء العميقة والأصداء العابرة التافهة. فلا بد أن تشكل الذكرى من وفاء وخداع. من صدق وكذب. من معنى ومادة. من مشوار ورحلة!!
ـ قال: إن العواطف الهشة، والعواطف المؤقتة.. لا تستحق الحزن. إنها تساوي أكثر من إنتباهة.. ربما فقدنا في أثنائها دمعة، ولكنها دمعة إفاقة. ربما فقدنا خلالها أمنية، ولكنها أمنية تتلاشى باكتشاف سطحيتها. إن أعظم ما نحافظ عليه ونرعاه هو الصدق في إنسانيتنا، ومسكين من يفقد صدقه وهو يهدر نقاءه وإنسانيته!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :789  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 303 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.