شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جزيرة الدهشة
إني أفكر في شيء متعب.. مشروخ الراحة!
إني أخاطبك، وسمائي صحو.. لكنها تفتقد النجوم، ومناخي صيفي مبلل بالرطوبة، ولياليَّ يتوسدُّها إرهاق البعد الرابع، وسقوط ((الجدار الرابع)) وضحكات الذين يعيشون في الوحدة!
الآن.. حزني يقف كساقَي الفرجار.. المسافة التي بينهما من الصعب ملؤها بخط مستقيم، وأردد في ركضك: ((حلو الليالي توارى مثل الأحلام.. محظور عني. عجاج الوقت يخفيها))!
الآن.. أقف والدنيا أمامي وحولي: شارع واحد له خلفية وبدون واجهة. صار من الضروري أن أذرعه جيئة وذهاباً!
* * *
الدنيا.. شارع واحد.
الدنيا.. ورقة واحدة لا تخلو من زحام الكلمات، ولا تزيد!
الدنيا.. كلمة واحدة، وغلطة واحدة، وهمسة حب واحدة!
والشارع طويل، طويل.. وكل الأشياء متلاحمة. مزدحمة. مغيبة.
إنني آتي إلى عاصمة حناني - وجهك - ووجدي جزيرة الدهشة.. ذلك لأن الأيام - في غيابك - ((تدور على أعقاب زجاجية، والعالم يسرع ورأسه مقلوب))!
* * *
يقتلعني تيار مسائي جارف.. من شاطئ الإغفاءات المتقطعة، ويحملني إلى أمواج البشر!
أخذت من التيار ملامح الدنيا، وأضاع مني ملامح عمر.. حلمت أن يتجدد!
وطفقت أركض وراء صدى العمر.. أفكر في شيء متعب، مشروخ الراحة.. وتذكرت هذه المقولة:
ـ ((من يهزم نفسه مرة.. يكسب راحة البال مرات))!
وهذه قاعدة إحباط وألم. ترى.. ألا أبصر هذا؟!
* * *
شارع واحد فقط. كلمة واحدة فقط. ورقة واحدة فقط. وجه واحد فقط. هذه الـ ((فقط)).. هي التحديد الذي نرهق به أبعادنا في الداخل، ونؤطر به ركضنا إلى الخارج.. فنبقى نركض بطريقة: مكانك سر!
إنني ما زلت - ياحبيبتي - أرى، وأحس هذا العمل ببصيرتي، وحتى بسمعي.
لكن ظلال الرؤية وزواياها.. هي أوعية الدراما التي تشكل حياة الإنسان!
وما هي الدراما في حياة الناس؟!
أن نفقد من نحب. أن نلقى الجحود من الآخرين. أن لا نجد التقدير لعمل نحسنه. أن يقف الذين يدعون الحب لنا حجر عثرة في انطلاقة الطموح والتفوق النفسي. أن تبتل نفوس بعض من حسبناهم أصدقاء؟!
من الصعب أن نواصل الكلام عن الحب والمودة والصفاء بحنجرة مثقوبة، وقلب مشروخ.
* * *
إنه من الغباء أن تشير إلى هدف ما، وأجفانك مبللة بدمع الرجال!
لقد قيل: ((آه لزمن دون غضب)).. ذلك أن التعامل بالابتسامات الملونة هو لا أكثر من مهدئ. أرفض هذا التسكين.. وأحزاني تقف على كتف المساء!
إن خفقي يحملني إلى عواصفي. ينبغي أن أكون مجروحاً وجارحاً.. منطلقاً وإيقاعياً!
ويبقى المساء - بوحي إليك.. الشارع الواحد الخالي، له خلفية وبدون واجهة.
لقد كتبت في ظلال المساء: آه لأناس لا يهمهم الزمن!
* * *
أتعبني الوقوف على شواطئ السفر!
تبقين - أنت وحدك - إيقاع الأناشيد الذي أيقظ شفافية الليل، وحرك خطواتي في ليلة النداء!
أنت كل اللغات في كلمة واحدة.. تأتي متدفقة من نهر الصدق.
صرت أشتاق طلوعك في أمسياتي.. تعالي، واتبعيني إلى جزر الأشياء المذهولة بالفرح، والأخيلة، والوفاء.
خذي رياحي كلها.. فهي حناني الباقي!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :876  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 250 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.