شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما تزال اللوحة.. في مكانها!
ما برحتها الحدقات..
ما تلملم عنها الطرف..
ما خبا بريق السحر منها..
إنه يعكس أصالة ما عبرّت..
وعمق ما أعطى الإحساس بمعانيها..
شاخص إليها بنظراته..
يدسّها في الظلال والزوايا..
يعبّ الأبعاد وهي تعطي انعكاساً لتوقع الرحيل، والانتظار بعد ذلك..
أملاً في التمازج من جديد..
* * *
رسام هو..
لم يكن يحترف إبداع اللامح، أو الزوايا، أو مزج الألوان!
لم يكن يحترف أيضاً رسم اللوحة بريشة يغمسها في
الألوان ويرتقب جفاف
اللوحة..
كان - فقط - فنان لحظة..
فنان حس.
فنان نهدة تتبلور في الوجدان حساً دافئاً.
صارخاً.. فعالاً!!
الفنان حينما يمرض شعوره بالصمم.. يفقد قيمة أن يحيا.
وأن يعبر!
وهو.. كان يشعر بعافية وجدانية في أعماقه..
رغم التوقف عند لحظة رحيل مؤقت.
كانت نظراته تحتضن ألوان اللوحة، وميضها، وما
يمكن أن ينعكس على
زواياها..
كان ينتظر!!
لحظة الصدق ينتظرها..
وهي لوحة ثمينة تبقى أكبر من كل المزادات..
ويتعذر شراؤها من جديد..
قيمتها أغلى من التصور..
واللوحة هذه كانت تعبيراً عن اللحظة تلك..
مليئة بالظلال الراقصة.
ومع ذلك كان الفنان في أعماقه يتساءل:
ـ هل تبقى اللوحة في مكانها زمناً طويلاً.. طويلاً؟!
* * *
نظراته ضائعة في اللوحة.. ممتزجة بألوانها..
إنه لا يريد أن يحول اللوحة إلى شيء مرصود!
يتمنى لو تحركت ظلالها الآن..
يتمنى لو تماوجت ألوانها..
لو تداخلت زواياها، ليشعر بالحياة مع حياتها!
لم يكن شاعراً خيالياً مغرقاً في الرومانتيكية..
كان فناناً بالحياة..
فما قيمته إذا تصور أن الحياة فنية به هو؟!
ـ (البحر الهادئ الصامت، وهو يصغي إلى خطوات
مرتاحة منطلقة..
الأضواء البعيدة التي تبدو فتحة نافذة في ظلال الليل..
والتواري عنها إلى الظلال المكثفة!
الإخفاق في الكلام..
والإصرار على الشرود لاحتواء كل شيء وتبديده بعد ذلك)!
* * *
كان هذا هو وجه اللوحة، أو هذه خطوطها..
وعند تأمله لها بعد رسمها..
كان يتذكر الموت..
ينتابه خاطر بالتلباثية الحزينة بأنه سيموت وهو شاخص إليها..
وهو يفكر فيها.
وهو مصلوب على الانتظار..
يدق نظراته في منتصف الطريق ليلقاها..
ليقول لكل الحياة فيها: أهلاً!
لم يعطه الحزن إلا بسمة ((محبّرة)) على شفتين مزمومتين..
تقول لطفل ساذج حلو: قبّلني!
لم تعطه البسمة إلا مزيداً من الشرود..
ليلتصق ((بفنية)) الحياة!!
لم يعطه الشرود إلا كلمة فجائية تتردد دائماً..
وتقول: ها؟!
وتقف هذه الكلمة متعاطفة مع النظرة... تنتظر!
وتمتد إليه الأصابع مشيرة.. تتساءل:
ـ هذا الفنان.. ما باله متجمداً أمام لوحته.. مصلوباً؟!
أتخاله قد مات؟‍
ولكنه لم يمت..
إنه ما زال يحيا.. على بقايا ابتسامة‍
ومن أجل ذلك أيضاً...
ما تزال اللوحة في مكانها‍‍!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1222  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 198 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج