شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حكاية عند الفجر
يا صديقي المتباعد:
كأنك توقظني من غفوة.
لا أعرف متى كان إبتداؤها!
كأنني في أصداء ما تركت لي من كلمات وتحريض..
أفقد الدروب وأتشرد،
فذكرتني بالجنة والنار..
بالحب والضنا..
بالتعاسة، ودفء الاحتضان!
فكّر الإنسان - وما زال - في مواجهة الأشواك..
لكن هذا الإنسان فينا ينشغل بتنظيف قدميه،
بينما الأرصفة منثورة بالأشواك.
بينما الصدور مبثورة بالأشواك..
وهو يسرع الخطى..
بينما داخله يحتاج إلى تنظيف!
* * *
حكيت لك مرة:
أن ((سنونو)) صغيراً.
أراد ن يختبئ في حضن حمامة.
أغراه منها بياضها الناصع،
فكان عليه أن يقنعها أنه ((سنونو))،
وإنه يحب حضنها، ويهدأ فيه،
وما زالت نظراتنا تتابعه وهو يقترب من الحمامة..
ثم تركناه بعد ذلك لنتساءل:
ـ هل يستطيع إقناعها..
ـ وهل توجد مشكلة،
ـ أم أن أكثر مشاكلنا أسبابها الخوف،
أو التردد، أو عدم الثقة؟!
(حتى لو كان الخوف من النصاعة)!!
كنا نضحك في ذلك الزمان السهل،
ولم نكن قد فكّرنا بعد..
في قدوم الزمان الصعب!
كانت خطوات الليل تأخذنا.
إلى أوجه عديدة من الفلسفة..
عن الإقناع، والاختباء،
والوفاء، والملل،
والاكتشاف، وهرم العاطفة،
ثم يكون ذلك الضحك الساقط..
في بقايا فنجان القهوة!!
وخرجنا مرات لنعود..
هكذا كل مرة كانت تعبر الذكريات فيها إلى عقولنا،
وتنفذ من صدورنا..
مختبئة في فلسفة التخلي عن كل ما فات،
والجري وراء أكثر ما يلوح..
حتى ولو وجدنا سراباً!
كان الزمان واحداً..
فأصبحنا عدة أزمنة في رغبة واحدة!
ودائماً يتحدث الناس - يا صديقي - في الذكريات،
ولم يكن حديثهم مللاً،
لكنه الهروب إلى الحلم الجميل..
حتى ولو كان اجتراراً..
حينما يتجسد.. يذكّر الإنسان بالمد والجزر!!
* * *
ذكّرتني بتلك العبارة التي رددناها معاً ذات مساء:
ـ ((ما أكثر الذين يرددون أغنية متوحشة،
وأكثرهم روعة في الأداء والانسجام:
درويش متجول ينام على رصيف الحياة..
يرى أن الحياة لا تستحق الإدراك الكامل،
وقليل جداً من الإدراك..
يكفي الإنسان زاداً لاجتياز هذه القنطرة التي أسمها الحياة))!!
إنهم يرددون الآن - يا صديقي - أغنية متوحشة.
وأنت أصبحت مثلهم تردد..
نفس الأغنية المتوحشة!
حقاً - يا صديقي -
لم أنس الزمان الذي ابتكر فيه شاعر ((قصيدة لا تموت)).
فمن الذي وجد زمنه،
ورضي البقاء درويشاً متجولاً على أرصفة الشوارع؟!
حتى الشاعر نفسه المازال يتغرب..
يتمرغ في شجنه، وكأنه قد خرج تماماً من زمانه.
واختفى في أحراش الحياة!
* * *
حقاً - يا صديقي -
إن الحقائق لم تعد تهم،
والحب لم يعد يهم..
المهم الآن هو الموت..
ذلك أن الموت في عصرنا..
أصبح هو الاختيار،
وهو الأغنية المتوحشة..
هو - يا صديقي - أوان الطلوع والاقتحام!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1032  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 187 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج