شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سطر...بدفء ضوء!
● مدخل :
● الليل.. فخ للحب!
كل الأيدي تتشابك، وتغيب اللحظة في الحلم...
ويتكئ الضوء على الظل... والرأس على كتف العاشق والمعشوق!
والعشق هو اللحظة في هذا العصر!
والليلة - بعد المنتصف - يطأ العام القادم...
رأس السنة... مع الإنسان بلا رأس!
رقصة عام يأفل... وهمسة عام يدخل في العتمة... بعد ذبول الضوء!
فالليلة - مثل العام الماضي - مازالت: فخاً للحب!
(1)
من خلال الأذرع التي تتعانق..
وفي أصداء الضحكات المختلطة بعطر النساء، ونظرات الرجال الزائغة...
ومن فوق كتف رجل يستريح عليه رأس أنثى.. تخاف على تسريحة شعرها من البعثرة...
تلك اللحظة - قبل حوالي خمسة عشر عاماً - طلع اسمه، وانتشر في ترديد الليل، وظلال الأضواء، وقهقهات السهارى!
ذلك المساء - عند منتصف الليل من رأس السنة - كان صوته يعلو، وأنغامه تتصاعد..
راكضة نحو "ريح الشمال الباردة"!
كان اسمه: "بوريس فيون".
وكانت أغنيته... احتفاء بسنة جديدة قادمة من الغد... لتصبح حاضراً يعيشه الكثير، ويحياه البعض... وتتحول في مثل هذه اللحظة إلى ماض، يهرب منه البعض، ويحن إليه القليل!
وكانت السيقان مظاهرة...
تؤدي رقصة عام 1971م!
ومن بين هذا الزحام... ولد صوت "بوريس فيون"، ليصعد... لينتشر... ليختفي بنفس السرعة!
(2)
كان العالم في شعر "بوريس فيون"... شتلة ضائعة من حقل مسروق!
وكانت "أوروبا" كلها تغني على الألحان الغجرية، والرتم الزنجي المرتطم بالأسئلة دوماً!
في باريس... حملت الصبايا أشعاره في صدورهن!
وحمل الفتيان حزنه في سوالفهم... وغربوه معهم!
هناك.. كانوا يغنون لـ"بوريس فيون" مرددين:
ـ أنا مجرد إنسان مسكين... أعمل وأحب... وأشقى وأموت..وأسير بقدمي إلى الفخ"!
(3)
القصة تبدأ من معاناته: فقيراً كان يبحث عن الثراء!
جرب كل الوسائل، وفشل... ولكنه طرد اليأس، وعاود المحاولة.
فكر أن يبيع المدافع... وباعها لكل من يملك الثمن!
كثيرون كانوا... أولئك الذين يبتاعون المدافع، والسلاح... دفاعاً عن أنفسهم، أو اعتداءً على الآخرين!
تلك هي طبيعة نفسية هذا العصر.
ومن المدافع، وتجارة السلاح: اغتنى!
وتلفت حوله، وهو يمتلئ بالأموال... وهو يودع الفقر، ويرمز للغنى.
واكتشف شيئاً آخر في حصالة ركضه:
ـ لقد أصبح يعيش وحده!
مات العالم كله... وظل وحده يقول: مدفع للبيع!
مات الإنسان - أكثره - وظل هذا الإنسان يرقص للسلاح، وبه!
(4)
أصغى "بوريس فيون" إلى داخله... وصاغ التجربة شعراً!
صمت الزمن في أعماقه... فارتفعت أنغام أغنية، تحولت إلى: رقصة عام 1971!
غناها الشباب في أوروبا حينذاك... لأن الشاعر الحزين "بوريس" مات، وعمره لم يتخط الثانية والثلاثين!
فكيف مات الحزن؟!
هل موت الحزن يتساوى تماماً بموت التفاهة؟!
لقد ظهر بعد "فيون" مغن راقص آخر اسمه "ترافولتا"، وقدم رقصات.. كانت صرعة، أو انفلاتاً من الحزن إلى التفاهة... حتى سقط "ترافولتا" هو الآخر في "الشحم" العاطفي!
وهكذا... كلما احتار الإنسان
بسؤال قائل: ماذا أفعل؟!
كلما فقد أفكاراً حياتية، واتجه إلى طريق... يكتشف أنه فيه قد عاد من بدايته!
ويبدو أن شباب العالم يجري إلى ما يسمى بـ"الظاهرة الجديدة".
ولقد كانت سنة 1971... هي سنة التفكير بالإذن، فالذي يؤثر علينا... هو ما يصل إلينا عبر أسماعنا: كلمة في الشارع... أغنية في "الكاسيت"... "مظاهرات" صحافية بالكلام المغشوش الفاسد... أسطوانة غالية في سعرها فقط... حكاية تقال في سهرة تترمد!
(5)
وجاءت سنة 1980، وكأنها سنة "الصداع"... فالذي كان يفكر فيه الإنسان مخلخل، والذي يقوله مذبذب على عدة موجات صوتية، بعدد إذاعات العالم!
وحتى مستوى "الفن" - موسيقياً أو سياسياً - فقد سقط "ترافولتا" ومات "الفيس بريسلي" ورقي "عبد الوهاب" إلى رتبة لواء، وانفصلت "فيروز" عن "الرحبانيَّيْن"، ومات بعد ذلك "عاصي الرحباني"، وظهرت أصوات تغني بعدد الليمون، ولم ترقص "نجوى فؤاد" لوزير بعد "كيسنجر"!
ورغم ذلك... مازال العشق قضية!
قضية وطن، وقضية عقيدة، وقضية حرية، وقضية مصير.
وبعد "فيون"... بزغ الصوت الآخر من باريس:
أنثى... تنشر صوتاً فضياً، يتحول ألقاً في أصداء الليل.
كان اسمها: "جان مورو"... تلك التي دخلت الأمسيات بصوتها، وصادرت تعب الناس في حنجرتها، وسكبت بدلاً منه: راحة في أسماعهم.
ووقف الناس يصغون لهذا الصوت... حين كان يغني:
ـ في ليلة سفرك... خلعت ذراعي
ـ في ليلة سفرك... خنت نفسي
ـ في ليلة وداعك... قلت: أحبك!
وازداد رصيد "جان مورو" في مشاعر الشباب وأيضاً... في البنك!
واتضح أن سكان عالم الحضارة يجرون وراء لحظة الوداع، وخيانة النفس، وتوتر خفقات الضلوع!
الوقت سريع، سريع... وكل شيء يتم في الطائرة، أو في القطار، أو على الأقل في السيارة! ولا شيء يستقر، ولا شيء يبقى، ولا شيء يطيق كل الوفاء!
وكل انفعالاتنا، وساعاتنا، وانتظاراتنا: "كل" مرهون للحظة، أو بلحظة!
* * *
● موقف:
في ليلة رأس السنة أيضاً - وبالصدفة - ارتفع صوت "ميراي ماثيو" متهدجاً. شجناً... يردد حزيناً:
ـ "يا قلوب العالم.. ترقرقي، فقد حجرتك الأحقاد"!
لكنهم - في هذا العالم - مازالوا
يغنون... كأنهم في بيت جديد خرج كل من فيه، أو لم يدخله أحد بعد، أو لعلهم يرقصون بلا أنغام.
وبقي زهو الوحدة، والتأمل المطرز بنجوم الليل!
العالم - هاهو - يغني لخرافة المساء: الحب!
هاهو - العالم - يرقص لعروس الجن: القلق!
وشاعر حزين... مات منذ خمسة عشر عاماً، فوق صدر حبيبته القاسية.
وما أروع أن تودعك الحبيبة، لأنها أحبتك أكثر... لا لأنها اكتشفت سخافاتك الأكثر!؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :868  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.