شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إِلى سياج من الورد (1)
بقلم محمد طاهر الكرى الخطاط
لقد كان لنعي وزارة الصحة العامة رسمياً للفقيد عمر عرب رحمه الله تعالى في جريدة البلاد السعودية أحسن الأثر، كما كان لكلمة السيد إبراهيم السليمان رئيس ديوان مجلس الوزراء عن وفاته أطيب التقدير والعرفان لأنه كان رئيسه المباشر سابقاً.
إن الراحل منا إلى الدار الأبدية مهما تأسف عليه أصدقاؤه ومهما كتبوا عنه لا يكون بمثابة الكلمة التقديرية الرسمية من رؤسائه وموظفي إدارته، فهذه لها صفة معنوية خاصة لدى الجميع. إِن تقدير الرجال يثبت دعائم البناء ويقوي روابط المحبة والإِخاء وينتج أحسن الأعمال. ولم نسمع عن ملك كان يقدِّر الرجال ويكرمهم ويقرّبهم مثل جلالة مليكنا الراحل الملك عبد العزيز أحسن الله إليه وتغمّده بعفوه ورحمته.
إِننا نلمس أن كثيراً من كبار الموظفين إِذا انتقلوا من دائرة إلى أخرى انقطعت الصلة بينهم وبين دائرتهم الأولى التي خدموها أجل خدمة، بل لو ذهبوا إليها لمصالحهم الشخصية لقابلوهم مقابلة الرجل العادي من غير مجاملة لشخصيتهم ولا عرفان لأعمالهم السابقة لديهم.
وهذا الحال مما يؤدي أو أدى إلى التنافر والبغضاء، وانحلال الروابط الوطنية المصلحية.
وشبيه بهذا ما نراه من عدم تقدير بعض الرؤساء للرجال البارزين الذين يشتغلون في معيتهم، من عدم الالتفات التام إليهم، وعدم تقدير أعمالهم، بل وعدم تشجيعهم حتى في مخاطبتهم الرسمية، فنجد المذكرات التي توجه إليهم شخصياً في بعض الأحيان مذكرات عادية لا تنم عن شيء من التقدير والميزة، وكم من رجال ذوي كفاءات وأعمال انتقلوا من دائرة إلى أخرى، ولم يتلقوا من رؤسائهم السابقين خطاب تقدير وعرفان وكلمة إِطراء وثناء، تكون بمثابة تسجيل وشهادة رسمية يحتفظون بها مدى الحياة، ويشجعهم على مواصلة العمل بإخلاص وأمانة بينما نرى المراكز الأجنبية تقدر موظفيها حق التقدير قولاً وعملاً. بل ويعطون الشهادات الحسنة للخدم الذين كانوا عندهم ثم انتقلوا إلى مكان آخر.
ولقد كان أحد الرؤساء رحمه الله تعالى وغفر لنا وله يناقشني في موضوع تقدير الرجال ويقول لي: ما معنى تقدير الرجال؟ وهل عندنا موازين خاصة لتقدير أعمالهم؟ فقلت له: إِن معنى تقدير الرجال عدم تضييع حقوقهم الرسمية والأدبية، والنظر بعين اعجاب والفخار لأعمالهم الباهرة وبعين التشجيع والإكرام لشخصياتهم البارزة. وقلت له أيضاً: انظر لقول الله سبحانه وتعالى فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (الزلزلة: 7 - 8) ولقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ . جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (البينة: 7 - 8).
ولقوله عز وجل شأنه إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (الكهف: 30) إلى غير ذلك، كل هذا دليل على تقدير العاملين.
* * *
فالدين يأمر بعرفان الخير والجميل والثقافة العلمية تحتم علينا مراعاة الشعور والإحساس. والآداب الاجتماعية توجب علينا حسن المعاملة وتقدير العاملين.
فعسى أن يتنبه بعض أولي الرأي والتفكير لهذه النقط الحساسة ولهذه المسألة الاجتماعية التي لها قيمتها المعنوية، ولها مفعولها الأكيد إيجاباً أو سلباً، ونسأل الله الكبير المتعال الذي لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى إِصلاح الحال والتوفيق لكل بر وخير آمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :563  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 37
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.