بين الشباب إلى الأخرى مسابقة |
أم أنه قدر يختار أخيارا |
بالأمس شيعت في من شيعوا رجلا |
واليوم نتبعه من مثله جارا |
تمشي الجموع وفي الأرواح حشرجة |
والدمع ينساب للأذقان مدرارا |
وكلهم ذاكر بالخير صحبته |
لم ينكروا منه أخلاقاً وأطوارا |
أحبَّ أشياخُنا فيه تواضُعَه |
وما يفيض به، وُدًّا، وإكبارا |
وأكبر النشء فيه رائداً دَربِاً |
سمح العريكة معطاء ومعطارا |
أما أولئك من ذاقوا مودَّتَه |
فلا تسلهم عن الذكرى وما صارا |
عاشوا و (حامد) منهم ملتقى مهج |
بنى لها الحب فيما بينهم دارا |
عفُّ اليدين عفيف النفس، ما سمعت |
أذن على شفتيه النكرَ أوزارا |
العلم مطلبُه، والعلم مذهبُه |
يمضي على هديه أيَّان ما سارا |
والعلم مُنْطَلَقُ الأخلاق أوله |
منها، وأسماه أسماهن معيارا |
تعطيه بذرته من خصب تربتها |
فيجعل التربة الخضراء أثمارا
(1)
|
وبين هذين أرواح ذهبن لها |
عمر الزهور وما أصبحن نُوّارا |
يغتالها قدر يفضي إلى قدر |
حتى تكون لنا في الغيب أذخارا |
هو الشباب (غذاء الشعب) تضحية |
قُرْبى إلى الدهر إن واتى وإن جارا |
يا راحلين أَغَذُّوا السَيْرَ بل عَجِلوا |
على الأوان ولا أغتاب أقدارا |
إن المقادير تجري في مسالكها |
ولا تَبُثُّ لما تجريه أعذارا |
فهل نسائلكم ما لا خيار لكم |
فيه على فلتات الحس أَشْعَارا |
مللتمو الأرض؟ - لا كلَّت سواعدكم - |
أم اسْتَطَبْتُم لغير الأرض أسفارا |
هي الحياة فلا خلد لذي شرف |
فيها ولا لخسيس يقبل العارا |
كلّ ابن أنثى سيقضيها إلى أجل |
أعاشها جَنَّة أم عاشها نارا |
وكلُّ ثروته منها صحائفه |
وحظّ أمته ما أودع الدارا |
والجَنَّة الحق في الأعماق لا نشب |
يفني ولا نعمة تنتاب أدوارا |
والجَنَّةُ الحق رضوان تعيش به |
حلو المحيا قرير النفس كُبَّارا
(2)
|
والجَنَّةُ الحق ذكرى لا نفاد لها |
تبقى على الدهر تاريخاً وأَسفارا |
والنار - لا ذقت نار العيش - مخمصة |
لا تعرف الشَبْعَ لو ألقمتها النارا
(3)
|
تكابد الجوع خوف الفقر من نَهَمٍ |
والفقر أكرم أحوالاً وأقدارا |
يا راحلين حللتم في بصائرنا |
ليس التراب لغير الجسم أغوارا |
لقد حملتم إلى الأخرى صحائفكم |
بيضاء ناصعة ترجون غَفَّارا |
فأنصتوا تسمعوا من حولكم بلدا |
تضيف بالذكر للأعمار أعمارا |
هذا هو الأجل الباقي، تطيب به |
منا النفوس وترضى عنه آثارا |
يا صاحب القدر المخبوء معذرة |
إنا لنَرْجُوكَ إمداداً وإنْظارا |
هبنا الودائع تقضي من حوائجنا |
ما يعجب الغيب ثم استقض إعذارا |
* * * |