شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
توبة نصوح
إليك أتوب يا ربي متابا
وعندك أرتجي الحسنى مآبا
إليك أتوب من شتى الخطايا
وما كذب الفؤاد وما أصابا
إليك أتوب من خطرات نفس
إذا حَكَّمْتُها كانت مَعابا
إليك أتوب من دنس خبئ
بنفس تَدَّعي التقوى كِذابا
فوَفقني اتباعَ الحق سُبْلا
ورَشِّدني المحجةَ والغِلابا
ونَوِّر بالهدى بصري وقلبي
وألهمني الدُّعاءَ المستجابا
ومن خلصت مودته احتساباً
لذات الله أخلق أن يُجابا
وتعلم أنني أبداً مقيم
ببابك ما التمست سواه بابا
ومن ألقى الرجاء بكل باب
- خلاك - أضلّه وعدا الصوابا
ومن جهل الطريق فليس بدعا
إذا حمل المتاعب والعذابا
إليك أتوب من خطئي وعمدي
وبعضُ العمد أهونُها حسابا
وكم كسب الخطيئةَ غيرَ عمد
سفيه القوم فاستشرت مُصابا
على النيات ترتكز القضايا
وتستملي المثوبة والعقابا
وما يُجزي من النيات شيء
فتى ضل المسالك والشِّعابا
إليك أتوب من ماض حفيل
بحسن الظن، حين الظن خابا
ومن حسنت طَوِيّتُه حَرِيٌّ
بطيب الظن إن حَسّ ارتيابا
وما بعد التجارب من دليل
لمن طلب الحقيقة واللُّبابا
وتعلم أنني ما كنت يوماً
بذي وجهين يستوحي الرِّغابا
يقابلني بوجه ذي خِضاب
فإن أدبرتُ أبدله خضابا
يُزَوِّق غيرَ ما اشتملت حشاه
ويلبس كُلَّ آونة ثيابا
تراه كأنه سقّاء قوم
أعدّ لكل واردة شَرابا
ومن فسدت سريرته فأهون
إذا استغشى الخديعة والنقابا
ولا عُذري لمن غَطَّى الخبايا
- لدى عَلاّمِها - وكسا حجابا
إليك أتوب من قلم حييّ
إذا رَشَّدْتَه هجر القِرابا
ولست أقول قد نسج الخزايا
ومَهَّد للخنا، لأقول.. ثابا
معاذَ اللهِ لم يَنْبِسْ بشر
ولا حابى الرذيلةَ والذِّئابا
ولكني أقول غفا طويلاً
وإذ هَزَّتْه منك يدٌ أجابا
ومن أغفى عن الحق المُفَدّى
فقد نسي الرسالة والكتابا
ومَنْ يَرْضَ الدَنْيَّةَ وهو كفء
لكَبْح جماحها خسئ اكتسابا
وما عَتَبي على الأيام أني
أغالب من حوادثها انتيابا (1)
فمن عرف الحياة كما أراها
يهون عليه أن يلقى الصعابا
فلا تجزع لعادية الليالي
ولا تبد الملامة والعتابا
رأيت الحق في الدنيا غريباً
يَشُقُّ مفاوزاً ويجوب غابا
على أني وفير الحظّ منها
ويكذب من يقول قضى طِلابا
ولكني أساورها شجونا
صميم القلب جَرّاهُن ذابا
على خضراء أنبتت المعالي
وأنجبت الرجال غدت يَبابا
وأُمَّةِ عِزّةٍ كانت منارا
لأهل الأرض أصبحت الذُّنابى
وأشبعنا الدخيلُ أذىً، وذُلاًّ
فأحنينا لخشيته الرِّقابا
وكُلُّ مُظَفَّرٍ يوماً - وليٌّ
بأن يطغى، وأخلق أن يُهابا
وكُلُّ مُقَدَّرٍ لا بد يمضي
إلى غاياته - قَدَراً مجابا
ولكنَّ المساعيَ وهي شتّى
تُوَفّي أجرَها عدلاً نِصابا
ويا وطني فداك دمي وروحي
هما مَحْضي وليتهما أثابا
أصافيك الولاء هوى رشيداً
وأبذل في محبتك الشبابا
وأقتحم المتالف لا أبالي
- لأجلك -، بل وألتذُّ العذابا
وما هَمّي من الدنيا صَغارٌ
ولا أملٌ أطارده سَرابا
فما يبقى على الأيام شيء
سوى الأعمال نبذلها احتسابا
ومن أبدى المكارم يبتغيها
رجاء مثوبة أكدى وخابا
وكُلُّ مناي أن ترتد يوماً
إلى الماضي، وأنت أَحَدُّ نابا
تُشِعُّ النورَ وهّاجاً سخيًّا
فينتظم البراري والقِصابا (2)
وينبعث الرجال بك انبعاثاً
كسالف عهدهم أُسْداً غِضابا
فينتفضون وثبة أريحيّ
خِفافاً نحو غايتهم صِلابا
وينتشرون في الدنيا هداة
يَبُثّون المعارفَ والحُبابا (3)
يُوَلِّي الناسُ شَطْرَك كُلَّ حين
وجوههمو وأفئدةً طِرابا
وأنت أعزُّ (بالقرآن) دنيا
وأكرم في مرافقها جَنابا
فليس الدين أهأهة وزمرا
ولا شبحاً تَبَلَّد أو تغابى
أحس الدين أخلاقاً وعلماً
ونفساً تعشق الخير انتدابا (4)
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :607  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 823 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.