شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جدل الغرَام (1)
قالت - تُسِرُّ إليّ البثَّ -: ضائقةٌ
وبين أحداقها حزن تُداريه
ولاح لي بين أجفان الحبيب جَوىً
وحرقة ودموع في مآقيه
وفي ملامحها ما كدت أقرؤه
من الحديث وكادت لا تُخَبّيه
فقلت: يا أخت روحي. بل مشاربها
هل لي إلى بعض ما يؤسي أؤدّيه؟
لكنها حبست عني مدامعها
وإن بدا الدّمع رقراقاً تواريه
واسترجعت زفراتٍ من حشاشتها
أخفت بهن الذي كادت لَتَحْكيه
قالت: فما ثَمَّ ما أشكو إليك به
وليس من سبب أسطيع أبديه
فقلت: بوحي إلى حُرّ يَضِنُّ بما
أسررت. عن نفسه إن شئت يخفيه
بوحي إليّ. إلى صدر سيحملها
عن صدرك الغض. مثلي من يُفَدّيه
لا تُثقليه. فتُذوي من نضارته
في مَيْعَة العمر إن الهمَّ يذُويه
بوحي إليّ. لعلّي إذ أشاركه
في ما يعانيه أُذهِبْ من غواشيه
فإن أقل لك شيئاً في مؤانسة
شورى القلوب لهمِّ القلب تُزجيه
ولا تضني بأن تضفي عليّ يداً
إن كان لا بدّ من حق أوفِّيه
والسرُّ عندي في الحالَيْن مُدَّخَرٌ
في حرز مِثْلَيْه. بل عندي فصونيه
وكل صدر حَرِيٌّ أن يبوح إلى
صدر بآلامه، أو عن أمانيه
عَلّي أواسيك بعضَ الوقت. فآنْفَجَرَتْ:
والوقت مِن بعده ما حيلتي فيه؟! (2)
فقلت يرتاح فينا القلب آونة
فيستعين بها في ما يلاقيه
لولا المرارة لم نعرف لضَرَّتها
معنى ولا ذاق طعم الشّهد شاريه
وفي الدَّمامة ما يُوري مشاعرنا
إلى الجمال اندفاقاً في مجاليه
فاستروحي تستريحي فالوعاء إذا
ما اكتظّ نقذف منه بعضَ ما فيه
قالت ولكنني لا أشتكي سبباً
أحسُّه الآن في نفسي فأرويه
فقلت هذا كلام لست أنكره
في منطق العقل بل إنّي لأَدْريه
يحسُّ واحدُنا في بعض حالته
هَمّاً تَنَزَّل لا تُدري مساريه
أما الحقيقة في علمي وتجربتي
فإنه عَرَضٌ للهمّ نطويه (3)
إنا لنختزن الآلام نحبسها
عن ظاهر الحسّ في عمد وتمويه
إما لنخدع عن عمد مشاعرنا
أو نخدع الناس عن حال نجافيه
فما تَرَسّب في الاحساس مُخْتَزَنٌ..
إلا تسرَّب همّاً في مجاريه
فعالجي الأصل تنفي من عوارضه
ما تشتكين فإن الكبت يذكيه
واستروحي تستريحي فالوعاء إذا
ما اكتظّ نقذف منه بعض ما فيه
وقلت للنفس: حسبي من محاورة
هذا الذي كان أمْسكَ عن تقصّيه
وإن تكن حبست عني شكايتها
عِزَّ الكريم عن الشّكوى تؤذيِّه
فإنها أشعرتني - جِدَّ صادقة -
أني إلى قلبها مما حواشيه
وعدت أسأل في مكر المحب وفي
إشفاقه من ظروف لا تواتيه
يا أخت روحي أخشى أن أكون أنا
بعض العناء لمن بالنفس أفديه
قالت: بل العكس. قلت العكس منبهمٌ
على فؤادي ففضيّه تريحيه
فغمغمت وتهادى في تبسّمها
وبين أحداقها معنى أرجّيه
فقلت للنفس حسبي من مداعبة
حسَّ الغواني حياءٌ لا تُزيحيه
وقلت: أم مقدمي في غير موعده
أثار من شأننا ما لم تحبيه
قالت: بل العكس - إني قد سعدت به
حتى لأَذْهَبَ بعضاً ما أعانيه
فقلت بعضاً! فقالت وهي ضاحكة
لا بل كثيراً. كثيراً من مآسيه
فصار للعكس تفسيراً سعدت به
يغني عن الشرح في شتى نواحيه
ورُبَّ لفظٍ إذا فَسَّرْتَه عَنَتَاً
ضاقت بِمُتَّسَع فيه معانيه
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :626  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 636 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان زكي قنصل

[الاعمال الشعرية الكاملة: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج