في بلاد الأنفاق، والإنفاق |
تتلاقى الأعناقُ بالأعناقِ |
تلك من فطرة الطبيعة في الإسـ |
لام يعيش الأخوان كالعُشاق |
فاعذروني؛ إذا هويت بلادي |
أنا أهوى طهارة الأحداقِ |
* * * |
وأنا اليومَ - والأميرُ يُوافي، |
لا أداري السرور في أعماقي |
نشوة الحبِّ حين يشمله الحبُّ |
بفيض من المعاني الرِّقاق |
لستُ أنسى ما قد حييتُ وأر |
ويها، لتحيا من بَعْدُ - في الآفاق |
حينما قلتَ: وابتسامَةُ وُدٍّ |
تتهادى في وجهك الدَّفاق |
(على خَشْمي)، وليس في لغة |
الضادِ أحلى منها على الإطلاق |
عزّة للكريم تخفض جَنْبَيْها |
استجابت للحبّ بالإشراق |
أدبْ فائق، وذوق لطيف |
واحتفاء بالعلم حلو المذاق |
كيف لا تملأ القلوب حوَاليك |
احتراماً يَلْتَفُّ بالأشواق |
لست أنسى ما قد حييت، وأر |
ويها، لتحيا - من بعد في الآفاق |
حينما قلتَ: والخشوع بعينيك، |
ونَبْضُ الإيمان في الأعراق |
هذه (مكة الحرام) عَرَتْني |
عندها هزّةٌ من الإشفاق |
واحتواني البكاء من رهف الحس |
حياء من ربّها الخلاّق |
حينما اختارني المليكُ إليها |
وتلوتُ الكتابَ في إغراق |
والمليك العزيز يمنحني العبء |
فأعطى عهدي على الميثاق |
خدمة (البيت) والوفود وأهليه |
حياتي وذمّتِي ووثاقي |
* * * |
صَدَقَتْنا فيك النُّبوءةُ - إذ سمّا |
ك فأسمى - من ماجدٍ عملاق |
هو من وَحَّد (الجزيرةَ) (بالتـ |
ـوحيد) وأعلى منارها بالوِفاق |
عبقريٌّ في حلمه والمعاني |
عبقَريّ العطاءِ والأخْلاق |
لستُ أنسى ما قد حييتُ وأرويها، |
لتحيا - من بعد - في الآفاق |
حينما قال: - والرِّجالُ شهودُ |
- لأبي - بعد جفوة وانْغلاق |
يُشْهِدُ (الربْعَ) أنه قد عداه |
نحوه الرأيُ من جُناةِ النفاق |
(أنا أرجو منك السماحَ وفي |
الله)، عظيمٌ على عظيم المراقي |
وبهذا ضَمَّ القلوبَ إليه |
وطوى الأرضَ - تحته - في اتساق |
* * * |
هو (عبد العزيز) من وَرَّثَ المجدَ |
وأزجى (لخالدٍ) بالباقي |
وهو منه - في نفسه وهداه |
بَضَعة من جَنانِه الخفّاق |
قائدُ الركبِ والمسيرة في الخير |
زكيُّ الفؤاد، والإنفاق |
لستُ أنسى - ما قد حييت - |
وأرويها، لتحيا من بعد - في الآفاق |
قطراتٍ من الدُّموع تَدَفَّقْنَ |
ضياءً على كريم المآقي |
في كثيرٍ من المواقف عَزَّتْ |
فوقَ كلّ الكلام والإغْداق |
وَحْدَها كانت المُعَبِّرَ صِدْقاً |
عن فؤاد الكبير عند التلاقي |
* * * |
وأخوه (الفهد) الذي احتضن |
العلمَ ورَوّى حِياضه بالسواقي |
ورعاها منارةً بعد أخرى |
تتسامى كالكوكب البرّاق |
وهو - اليوم يكرم العلم والآداب |
بهذا اللقاءِ بعد انبثاق |
إنّ هذا (النَدىّ) في مشرق النـ |
ـور انفتاحٌ من وَعْيه التَّواق |
مَجْمَع للقلوب، يَأْتَلِفُ الأفكارَ |
جديداً خيراً بخير العِتاق |
وَزَها مثلُه على كل صِقُع |
من بلادٍ مَوصولة كالعِناق |
لَمْ نَزَلْ راغبين فيه مزيداً |
فعطاءُ الرِّجال دون فَواق |
لست أنسى ما قد حييت، |
وأَرْويها لتحيا - من بعد في الآفاق |
كلماتٍ هُنّ السخاءُ إذَا يُذْكَر |
إسمي من رَحْبه في سياق |
هي عندي أبقى الثراء، فما |
أطلب شيئاً من بعدها غيرَ باقي |
* * * |
أُعْذُروني، فإنني أَزِنُ الأشياءَ |
بنُبْلِ المعنى وطيبِ المذاق |
ذاك ما يملأ الشعوبَ وفاءً |
بوفاءٍ، ودَفْعَةً في السِّباق |
* * * |
نحن أحرى به، فما هو إلا |
من تُراث الأسلاف والأعلاق |
نحن أحرى به، لنُدرِكَ ما فا |
ت لطول المَدَى وبُعْد اللِّحاق |
فالمعاني إلى العروق غِذاءُ |
وغذاءُ الأجساد في الأعراق |
هكذا كان شأننا يوم كنا |
كيف كنا من عزة وانطلاق |
هكذا حين يأَتَلِفُ الحبُّ |
وحُكْمُ النُّهى مع الإيمانَ أَنْجَعُ التِّرياق |
هكذا نَرْقُب الغداةَ ليمضي |
رَكْبُنا مسرعاً بعزم دِهاق |
بارك الله كُلَّ سَعْي حميدٍ |
ورعاه بفضله المِغْداق |
وتولَّى الوُلاةَ بالرُشْد والتوفيق |
رُواقاً من عند خير واقي |
وشعوبَ الإسلام في موكب العِزِّ |
صفوفاً من الهُدى والرَّفاق |
أمةً تَصْنَعُ العلاءَ، وتحيَا |
تتهادى مكارمَ الأخلاق |
* * * |