الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > مصير كتب التعليم

مصير كتب التعليم

ظاهرة الإسراف والتبذير إلى الحد الذي يؤكد أن شرائح كبيرة من مجتمعنا مصابة بما يمكن ألا يوصف إلاّ بالجنون، يمكن أن نتسامح وأن نغض النظر عنها لأنها حالة مرضية نرجو الله سبحانه أن يشفي المصابين بها وأن يلهمهم الصواب فيما يمارسونه من تصرفات أصبحت تضحك الثكلى. ودون أن نضرب الأمثال لهذه التصرفات التي لا يستفيد منها إلا التجار والمستوردون وقد شحنوا معارضهم بما لا يقنعون بربح فيه أقل من مئة في المئة أو مئتين في المئة لسلع نجدها في بلدان أخرى بأسعار يذهلنا انخفاضها العجيب.

ولكن الذي لا يستطيع عاقل أن يتسامح فيه هو ما لا يمكن أن يسمى أو يوصف إلا بأنه إسراف وتبذير أيضاً وعلى مستوى عال حين يقع فيه مسؤولون في بعض أجهزة الدولة.

لا يجهل أحد أن الدولة تنفق مئات الملايين على طباعة كتب مراحل التعليم المختلفة وفي هذه الأيام تفتح دوائر التعليم مستودعاتها الطافحة بهذه الكتب الجديدة وتوزعها على التلاميذ والطلاب دون أي مقابل. والذي يحدث في نهاية العام أن يرى المارة في الشوارع وعلى الأرصفة هذه الكتب ملقاة وكأنها نقابات يقوم عمال البلدية بكنسها عن الأرصفة.

في كثير من دول العالم وحتى الغنية منها كالولايات المتحدة يطالب التلاميذ بإعادة الكتب التي يستلمونها وبشرط أن تعاد نظيفة خالية من العبث مع فرض غرامات معينة على كل كتاب لا يعاد بحالة جيدة.

أتساءل ما الذي يمنع أن تستعيد أجهزة التعليم هذه الكتب ليس لتوفير تكاليف الطبعة الجديدة منها وإنما فقط للحيلولة دون الخلاص منها بإلقائها على الأرصفة وتحت مكانس عمال البلدية.

زعموا أن الفكرة درست وقررت ولكن تم العدول عنها لأن الكتب تحمل جراثيم أمراض يخشى أن تنتقل إلى التلاميذ الأصحاء في السنة الجديدة.

رائع أن نعني بصحة أبنائنا إلى هذا الحد ولكن كيف ننسى أن تلاميذ السنة الماضية كانوا أصحاء أيضاً وأن جراثيم مرض يمكن أن يكون بعضهم قد أصيب به لا يعيش ويحتفظ بقدرته على إحداث العدوى بعد أن يظل مهمل طوال فترة الإجازة وهي لا تقل عن أربعة شهور.

إننا مجتمع الوفرة والثراء وهذا يبرز الكثير من التصرفات ومنها الإسراف والتبذير ولكن ليس إلى هذا الحد الذي يرفضه العقلاء في العالم.