الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > موت ألوف الجياع

موت ألوف الجياع

مواسم ضربات الجفاف وموت عشرات أو مئات الألوف جوعاً في أثيوبيا، تكاد تكون مواسم وحالات مألوفة... بدأت في عام 1972 وأخذت تتكرر بحيث لم يعد في الوسع إحصاء عدد الألوف الذين حصدهم الموت حتى اليوم. وآخر أخبار المجاعة كما تعرضها أحياناً شاشات التلفزيون رهيبة بشعة، حين يرى المشاهد تلك الهياكل العظمية تفغر أفواهها لتبتلع قطرات من اللبن أو (سفّة) من الدقيق، هي كل ما تستطيع أن تبعثه هيئات ومنظمات الإغاثة الدولية منها والخاصة في هذا البلد أو ذاك من بلدان العالم.

ولا يجهل أحد أن أثيوبيا اليوم من الدول التي تدور في فلك الاتحاد السوفيتي منذ تم توقيع اتفاقية التعاون بينهما في عام 1977... والمفروض أن التعاون أو العون الذي يقدمه الاتحاد السوفيتي لأثيوبيا لا يقتصر على إمدادها بالأسلحة والذخائر تواجه وتخمد بها ثورة الأريتيريين، وقبائل الصومال في أوجادين، إذ الأهم في تقدير المشاعر الإنسانية البحتة إغاثة الجياع الذين يتساقطون في الصحراء والشوارع والطرقات في المناطق التي ضربها الجفاف. ولكن ذلك يكاد يكون من المشاكل الثانوية وقليلة الأهمية حتى بالنسبة للنظام الحاكم فضلاً عن الاتحاد السوفيتي الذي تعج العاصمة (أديس أبابا) بعشرين ألفاً من خبرائه. وإذا صح ما يشاع عن أن أغلبية سكان مناطق الجفاف والجياع من المسلمين، فإن ظاهرة أعضاء النظام أو تهاونه في العمل على الإسراع في الإغاثة، إلى جانب تجاهل الاتحاد السوفيتي للمشكلة برمّتها مسألة يصعب تجاوزها دون كثير من التساؤل والدهشة ومن الأسئلة التي لا بد أن تطرح، سؤال عن الصمت المطبق الذي تلتزمه الدول الإسلامية تجاه هذا الواقع البشع الرهيب.

ومن أعجب وأغرب المتناقضات في هذا الواقع، أن الأخبار تقول إن الاتحاد السوفيتي قد زوّد أثيوبيا بما قيمته 100 مليون دولار من السلع الروسية في شهر سبتمبر الماضي وذلك لمساعدة النظام الحاكم على إقامة احتفالات الذكرى العاشرة للثورة التي انتفضت وقضت على الإمبراطور هيلا سيلاسي، ومن أخبار نشرت في إحدى الصحف في لندن، أن الحكومة الأثيوبية قد تعاقدت على استيراد نصف مليون زجاجة من الويسكي لهذه الاحتفالات.

تجوع الملايين ويموت الألوف... وتشرب الثورة أنخاب الموتى والجياع...