شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أوراق اللعبة... والأيدي المسترخية
في أعقاب نجاحه الساحق في الانتخاب لفترة الرياسة الثانية (والأخيرة)، ومع الظن السائد بأنه بعد هذا النجاح يستطيع التحرك بعيداً عن الطوق الذي جماعات الضغط الصهيونية حوله، تجمّعت أو تناثرت في الساحة العربية تخرصات تقول إن الرئيس ريجان، لا بد أن يطرح نوعاً من التعديل على مبادرته التي سبق أن أعلنها في الأول من سبتمبر عام 1982، والتي رفضها مناحم بيجين في التو واللحظة، بحيث يتوافر فيها نوع من المرونة التي تفتح لها باب المرور والقبول، حتى لدى الدول العربية المعنية. ومنطق هذه التخرصات، أن الرئيس الأمريكي، لا بد أنه يتطلع إلى أن يخلّد ذكر رياسته في تاريخ أميركا، بإنجاز أو مجموعة من الإنجازات الضخمة في الداخل والخارج... والفرصة متاحة له خلال السنوات الأربع القادمة، لتحقيق كل أو بعض هذه الإنجازات، ومنها إلى جانب القضايا المعلّقة بين أميركا والاتحاد السوفيتي، وقضايا أميركا اللاتينية، قضية الشرق الأوسط، التي يتعذّر تصوّر أن تعفي أميركا نفسها من مسؤولية العمل على حلّها، إذ هي الدولة العظمى، التي تحتضن وتضمن وجود وأمن إسرائيل، وكان من معطيات هذا الضمان، ما ظلّت إسرائيل تمارسه من اعتداء وعدوان، أسفر عن اغتصاب، واستيطان الأرض، وعن كل تجاوزاتها للأعراف والقوانين الدولية.
وحتى اليوم لم يطرح الرئيس رونالد ريجان أي مبادرة للتعديل، بل لم يصدر من البيت الأبيض، ما يفسّر بأنّه شروع في التحرك، في اتجاه قضية الشرق الأوسط، وإذا كان لنا أن نأخذ ببعض المؤشّرات الخفيفة التي تنبض بها تصرفات إجرائية، تقوم بها وزارة الخارجية الأمريكية، فإن تحذير الديبلوماسيين الأمريكيين العاملين في الخارج من أي اتصال مع أي مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية أو مع أي شخص له علاقة بها، يؤكّد أن احتمال أي تعديل للمبادرة الأمريكية، غير وارد، مما يعني بطبيعة الحال، استبعاد، أو رفض ما يمكن أن يتمخّض عنه التقارب الأخير، بين الأردن ومنظمة التحرير من جهة، ثم بين الأردن ومصر من جهة أخرى.
ومن المبادرات المطروحة، ويتلاحق نوع من الترحيب بها، مبادرة مؤتمر دولي تشترك فيه جميع الأطراف المعنية، ومنها منظمة التحرير الفلسطينية، وأميركا والاتحاد السوفيتي ولكن إذا لم ننس، أن أميركا وإسرائيل، قد رفضتاها، فإن لنا أن نقول من المرجح أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تظل تعرقل كل مبادرة تطرح، ما لم تكن هي التي تطرحها أو توافق على التنسيق بينها وبين مبادرة تتفق مع مضمون مبادرتها، وأهم مضمون تحرص عليه هو ما نبضت به اتفاقيات كامب ديفيد التي كان شر ما فيها بالنسبة للشعب الفلسطيني، أنها دارت وداورت حول مفهوم هذا الشعب، بما فهم منه أنها - أي الاتفاقيات - قد استبعدت بشكل أو آخر، جميع الفلسطينيين المشرّدين عن الأرض، مما يعني بدوره استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية، التي تجمع الدول العربية، على أنها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، والتي في نفس الوقت الإذعان للسياسة الأمريكية التي نسج مضمونها هنري كيسينجر حين التزم لإسرائيل منذ عام 1975، بعدم إجراء أي اتصال مع منظمة التحرير ما لم تعترف بحق إسرائيل الوجود.
وفي المبادرة التي طرحها الرئيس رونالد ريجان في الأول من سبتمبر عام 1982، كان واضحاً أنها لم تبتعد عن روح اتفاقات كامب ديفيد، بالنسبة لمفهوم الشعب الفلسطيني الذي لا يتجاوز سكان الأرض المحتلة من الفلسطينيين، ومن هذا المنظور، أخذت التعليقات والتصريحات عن المبادرة تلمح إلى ترشيح الملك حسين للمشاركة في التفاوض مع إسرائيل على الحل الذي طرحته المبادرة لها بالنسبة للضفة الغربية وقطاع غزة.
واليوم، تواجه الولايات المتحدة، ليس فقط رفض مبادرة الرئيس ريجان، وإنما أيضاً، إلى جانب الوفاق والتقارب بين منظمة التحرير، والأردن، ثم بين الأردن ومصر هذا الموقف الصريح الذي أبلغه الملك حسين، إلى واشنطن، برفضه الاشتراك منفرداً في مفاوضات السلام تحت أي ظروف، حتى لو رفض الفلسطينيون مبادرته الأخيرة التي أعلنها في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني في انعقاده الأخير في عمّان. وهذا إضافة إلى إعلانه الإدارة الأمريكية بأن (تمثيل الفلسطينيين في أية مفاوضات مقبلة أمر ضروري لحل القضية الفلسطينية) وأن (منظمة التحرير الفلسطينية - وليست إسرائيل - هي صاحبة الحق في اختيار من يمثلها في المفاوضات).
والموقف في مواجهة هذا المنعطف الحاد، بالنسبة للإدارة الأمريكية، أصبح يستلزم تحرّكاً في أكثر من اتجاه... وتركيزاً على أكثر من محور... وفي مقدمة ما تجد أميركا فيه مجالاً للتحرك، انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني... ليس بالضغط على حليفتها للتعجيل بالانسحاب، كما قد يبدو لأول وهلة... وإنما بحثّها على الاستمرار في التمحّك، وابتكار أساليب التعثّر والاستفادة من الزمن، في إتاحة مبرر بقاء أوراق اللعبة في يد أميركا، مما يعني بدوره ضغطاً غير مباشر على الجانب العربي للتراجع عن فكرة المؤتمر الدولي الذي تشترك فيه جميع الأطراف المعنية، وهو ما رفضته أميركا في أكثر من تصريح.
ولكن، حين تبدأ وسوف تستمر لعبة شد الحبل بين المطروح من المبادرات، وبين الولايات المتحدة الأمريكية، أليس في الموقف ككل، ما يستلزم، أن تشعر أميركا أن للدول العربية موقفاً واضحاً وصريحاً وملتزماً؟؟؟ وأن أي موقف تظهر فيه نسبة من الاجتماع الذي لا يزال مفقوداً حتى اليوم خليق بأن يدخل على المعادلة الصعبة، ما يمكن أن يساعد على فتح ثغرة، في الطريق المسدود.
لقد سبق لنا أن أخذنا على الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أنّه ظل يردد أن 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية... وتصايحنا برفض هذه المقولة إلى حد أن زعم الكثيرون، أن المقولة عمالة لأمريكا... وها نحن بعد انطواء سنين عديدة، وبعد رحيل السادات، لا نزال نرى للأسف، أن أوراق اللعبة، لا تزال في يد أميركا... ولا نزال نبحث عن البديل...
والأعجب بعد ذلك، أن البديل موجود، يمكن أن نرفعه، فتسقط الأوراق من يد الجبار الذي لا يزال يمسك بها... ولكن المشكلة، أن الأيدي التي ترفع لا تزال مسترخية تنتظر الصحوة من الإغفاء الطويل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :616  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 157 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج