شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مع ربيع الحرف... وحال اللغة العربية
وربيع الحرف، هو العنوان الذي تلتزمه الأستاذة نورة خالد السعد، فيما تتحف به قراءها يوم الخميس من كل أسبوع في جريدة الرياض. وتختلف المواضيع التي تعالجها، باختلاف التطورات الطارئة في المجتمع، أو في الآفاق التي تحيط بهذا المجتمع.
وكان ربيع الحرف في الأسبوع الماضي - إذا لم تخنّي الذاكرة - عن اللغة العربية تتساءل عنها: (إلى أين؟؟)... والكلمة تعالج ظاهرة، انتشار التعامل في المتاجر ومحال البيع على اختلافها، باللغة الإنجليزية، أو بالحروف والأرقام تكتب باللغة أو الأرقام غير العربية.
وهي ظاهرة، أود أن أقول للأستاذة نورة خالد السعد، لا نعانيها نحن في المملكة فقط، بل هي منتشرة، في كل بلد عربي تقريباً... ولعلّها أشد انتشاراً ووضوحاً في بلدان المغرب العربي، حيث استطاعت اللغة الفرنسية أن ترسّخ لنفسها جذوراً عميقة في ثقافة إنسان تلك المنطقة... أما في مصر، فإن انتشارها رغم وجود الأزهر منذ أكثر من ألف عام ومعه (دار العلوم) المتخصصة في اللغة العربية، فإن إخواننا المصريين مغرمون ليس بكتابة الفواتير - مثلاً - باللغة الإنجليزية، وربما كان هذا قليلاً أو نادراً، وإنما هم مغرمون بتسمية بعض الأشياء بأسمائها الإنجليزية، أو الفرنسية... وتجد هذا في الإعلانات المبوّبة، ربما لإظهار أن السلعة المعلن عنها (مستوردة)، وغرامنا (كلنا) بالمستورد، ظاهرة ليس في المقال متسع لمعالجتها.
ولا تعليل للظاهرة... وحتى تعليل أثر الاستعمار يمكن أن يكون مشكوكاً فيه، لأن اللغة العربية، غلبت عليها العامية أو (الدارجة) منذ نهاية المئة الثالثة للهجرة والسبب الجوهري - عندي - يكمن في قواعد اللغة العربية وأعني بالتحديد (النحو والصرف) وهما معاً العلم الذي به يتحدد لفظ الكلمة العربية من جهة، وحركة آخرها من جهة أخرى، فبالنسبة للّفظ، لنأخذ مثلاً كلمة (مثل) فبدون شكلها للقارىء غير المتمرس بقراءة اللغة العربية أن يقرأها (مُثُل) بضم الميم والثاء، وله أن يقرأها (مِثْل) بكسر الميم وتسكين الثاء، وله أيضاً أن يقرأها (مَثُلَ) بفتح الميم وضم الثاء... ولكل قراءة معنى للكلمة يختلف كلِّياً عن قراءة الأخرى. أما بالنسبة لحركة أو آخر الكلمة فالنحو هو الذي يعني بهذه الحركة، ويضع القواعد لها وهي كما نعلم قواعد تملأ مئات الكتب، وألوف الصفحات من هذه الكتب، وهذا إلى جانب اختلاف علماء النحو، ومثلهم علماء الصرف. ذلك الاختلاف الذي يتعذّر أن تستوعبه الدراسة المتعجّلة، أو في الحدود المقررة في مناهج تعليم اللغة العربية في المدارس من المرحلة الابتدائية وحتى نهاية الثانوية العامة.
وتحضرني ملاحظة على جانب كبير جداً من الأهمية، وهي حفظ القرآن الكريم... إننا نعلم عن يقين، أن الذي يحفظ، سُوراً من القرآن الكريم، يحفظ اللفظ كما هو في الآية، ويحفظ حركة أواخر الكلمة دون خطأ، إلاّ في النادر القليل جداً... فما هو السر يا ترى؟ ويمكن أن يوضَع السؤالُ في صيغة أخرى، وهي لماذا لا يخطىء حافظ آيات القرآن الكريم في بناء اللفظة، وفي حركة أواخر الكلمات؟؟؟ الأرجح عندي هو أن الخطأ (مُؤثم) أي إن المدرّس الذي يعلم الطالب حفظ آيات القرآن الكريم يعلم أنه يرتكب إثماً إذا أخطأ هو، وإثْماً أعظَم إذا غضّ النظر عن خطأِ الطالب... لأنه القرآن الكريم الذي يجب أن يُحفَظ وأن يُقرأَ كما نزل به الوحي على رسول الله صلوات الله عليه...
وهذه الملاحظة قد ترشدنا إلى الطريقة التي يجب أن تدرَّس بها اللغة العربية في جميع مراحل التعليم. وتبدأ بأن تكتب جميع كتب التعليم، (حتى العلوم والرياضيات) (بالحرف المشكول)... ويقوم بالتشكيل، علماء متخصصون... ومدرّس المادة مكلّف بأن يسمع الطالب يقرأ، قراءة صحيحة بحسب (التشكيل) أو (الشكل)... وأن يعاقِب الطالب على الخطأ في القراءة، وتضاعفُ العقوبةُ على المدرِّس الذي يتسامح في سماع قراءة خاطئة.
والحرف المشكول، كان منذ سنوات مشكلةً في المطابع، ولكنه اليوم لم يعد مشكلة على الإطلاق، إذ تستطيع طرق الجمع والتصوير الجديدة المتبعة في جميع المطابع عندنا، أن تكتب الكلمة والجملة، بل السطور والصفحات المشكولة، إذا كتبت أصلاً مشكولة ومصححة نحوياً ولغوياً، بمعرفة متخصص... وقد يستغرق تنفيذ هذا المشروع ثلاث أو أربع سنوات، إذا قررت الجهات المسؤولة عن التعليم أن تسحب من أيدي الطلاب والمدرّسين جميع الكتب المتداولة الآن، لتحل محلّها الكتب بالحرف المشكول.
بين يدي كتب صغيرة، أعتقد أنها تطبع في إنجلترا، أدهشني أن جميع كلماتها مشكولة شكلاً أو تشكيلاً صحيحاً متقناً... وهذا يثبت أن العملية ليست مستحيلة إذا صممنا على تنفيذها. أما عن انتشار ظاهرة التعامل في المتاجر باللغة الإنجليزية، فالسر يكمن في العمالة ((المستوردة))... وهي تستورد من بلدان تجهل العربية، وتلم بالإنجليزية... فإذا استبعدنا عامل الأجر الوحيد الذي يدفع لهذا العامل، وقررت الدولة أن لا يعمل في المتاجر إلا العرب (المتعلمون) ولو بأجرٍ مضاعف عن أجر المستورد من الهند أو سيريلانكا مثلاً، فإن هذه الظاهرة ستختفي دون شك...
وللدكتور بكري شيخ أمين مقال طويل إجابة لسؤال وجّهه إليه أحد محرري ملحق الأربعاء يقول فيه الدكتور: (لندْعُ إلى تجديد الفكر العربي... لا إلى تجديد اللغة). والموضوع والفكرة يستحقان وقفة، قد تتاح في مقال آخر... إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :531  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 131 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.