شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أمنية شاعر
كأني سمعت أو قرأت أن الأستاذ سعد الحميدين، وهو من الطلائع البكر في الشعر الحر، أو الشعر الحديث أو كما يسمى أحياناً (الشعر الغامض).. كأني سمعت أو قرأت أنه قال: (لو لم أكن شاعراً لتمنيت أن أكون لاعب (كورة)، هكذا بمد حركة الواو لتكون واواً كاملة بلحمها وشحمها وكل دسمها.
ما علينا.. فإن من استطاع أن يكون من أوائل أو طلائع مقتحمي مجال الشعر الحر بديوانه الذي لا أدري في أي واد يهيم من أودية مكتبتي اليوم، لا حرج عليه في أن يمد أي حركة من الحركات الثلاث بل وأن يقصر الممدود بأنواعه إذا شاء. بل أذهب إلى أن له الحق أيضاً في أن ((يشقلب)) كيان أي كلمة من قاموس اللغة العربية. وأنا موقن أنه سيجد مئات أو ألوفاً ينهجون نهجه وينطلقون في الطرق والجهة التي يسلكها، ما دام في ذلك ما يحقق للشعر الحر مزيداً من التجربة والانطلاق وقبل كل ذلك مزيداً من (الغموض).
وأذكر، ولعلّ الأستاذ الحميدين يذكر أني كنت أول من احتفل بديوانه، وعلى الأخص بالشكل السيريالي الذي زين الغلاف. وقد أقدمت على ذلك في مواجهة الكثير من عكاكيز وعصي أدباء الشعر العمودي أو التقليدي كما أصبح يسمى اليوم. ويحسن أن أعترف أني قد ركبت هذه الموجة ليس فقط من باعث إعجابي بذلك الشعر، وإنما أيضاً من باعث إيماني بأن الحرية مطلب حتى في أساليب الأداء والتعبير شعراً أو نثراً وقصة قصيرة أو رواية. أو حتى عملاً تشكيلياً. بقيت حكاية أن شاعرنا يتمنى، لو لم يكن شاعراً أن يكون لاعب (كورة). لكن المشكلة أنه لا يدري، كما لا أدري أنا أيضاً إن كان المسؤولون عن نوادي الكرة وأنشطتها الهائلة يمكن أن يتنازلوا ويتكرموا فيقبلوا شاعراً كلاعب حتى من الدرجة العاشرة تحت الصفر.
إن الأستاذ الحميدين يعرف، كما يعرف ألوف القراء، أن لاعب الكرة كاد يكون مخلوقاً خرافياً، تتهافت عليه، ليس عبارات الإعجاب فقط، أو حتى أكبر العطايا والهبات، وإنما صرخات الجمهور (الهستيرية)، يضاعفها ويعطيها خصيصة صاروخية تعليق المعلّق، الذي يُبَح صوته ويكاد يختنق أو تختنق أنفاسه، عندما تصح تلك الركلة التي تدخل الكرةُ بفضلها فيما يسمّى (الجون).
ولذلك، إلى جانب أسباب أخرى، فإن أمنية الأستاذ الحميدين، تبدو مستحيلة التحقيق، وإني لأنصحه - مخلصاً - أن يظل كامناً وراء أعمدة الشعر، أو محتجباً بستار (الغموض).. وليكن الله في عونه، على ما لعلّه سوف يعانيه من التأرجح العنيف بين أمنياته مستحيلة التحقيق، وواقعه السيريالي بألوان حبر المطابع في جريدة الرياض الغرّاء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :656  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 82 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.