شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفيتو الأمريكي.. إلى أين؟
إذا لم يكن للجوء الدول العربية، أو إحداها إلى مجلس الأمن، أي فائدة أو عائد يقام له وزن ويؤثر في مجرى الأحداث، ويغيّر من طبيعة المواقف المنحازة إلى إسرائيل دائماً، وضد العرب دائماً، فإن أهمّ مردود لأي شكوى تتقدم بها دولة عربية، ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن هو (الفيتو) الذي ترفعه الولايات المتحدة في وجه أي قرار لإدانة إسرائيل، مهما تجمّع في القرار من الحقائق الدامغة، بل الحقائق التي تزكم النوف بنتنها وبشاعتها وهمجيتها.
وحكاية إشهار سلاح (الفيتو) الأمريكي، في وجه قرارات الإدانة في مجلس الأمن، حكاية أصبحت من البديهيات التي يجب أن يعرفها من يتقدم بأي شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل ومن هذا المنظور، يصبح الطبيعي والمنطقي، أن توفّر الدولة، أو الدول التي تلجأ إلى مجلس الأمن والدول التي تنهمك في صياغة القرار، ثم تصوّت بالموافقة عليه بالإجماع - أن توّفر هذه الجهود، وأن تلتمس طريقاً آخر، ليس لإدانة إسرائيل بقرار من المجلس، وإنما لهذه الإدانة عالمياً، عبر أجهزة الإعلام، التي تستطيع إذا أحسن التعامل معها، أن تملأ صحف العالم وإذاعاته وتليفزيوناته بهذه الصور، والأخبار التي لا شك أنها تهزّ ضمير القارئ والسامع والمشاهد حتى في الولايات المتحدة، التي ترفع سلاح الفيتو، في وجه كل قرار بالإدانة يصدره أو يصوّت عليه أعضاء مجلس الأمن.
قلت إن أهمّ مردود، لأي شكوى تتقدم بها دولة عربية ضد إسرائيل في مجلس الأمن، هو هذا (الفيتو) الأمريكي.. لأنه يضع الولايات المتحدة، وإداراتها، وسياستها، وضميرها، أمام الرأي العام العالمي، بما فيه الرأي العام الأمريكي نفسه. ولن تكون الصورة التي تخرج بها أمريكا من هذا الموقف، إلاّ صورة الدولة العظمى التي يصل بها انحيازها لإسرائيل، أن يتحجّر ضميرها أو يتفسخ ويهترئ، فلا تشعر، حتى مجرّد شعور بوخزة ألم، أو رعشة تفجّع، أو نبضة مواساة لهذه لمآسي التي يعيشها الجنوب اللبناني نتيجة لجرائم القمع والإرهاب التي ترتكبها إسرائيل ضد أصحاب الأرض.. ثم تجد بعد ذلك، الشجاعة، لترفع سلاح الفيتو في وجه قرار الإدانة الذي تعلم كما يعلم الجميع أنّه لن يقدم ولن يؤخّر ولن يكون له أثر إيجابي من أي نوع، وإنما هو مجرد كسب معنوي، يعبّر عن المشاركة الدولية بالإنصاف والعدل. لا فرق بينها وبين كلمة تعزية في مصاب أليم.
كنا، نعلّل (للفيتو) الذي ظلّت ترفعه كيركباتريك، في وجه كل قرار بالإدانة لإسرائيل في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بأن تطلع الرياسة الأولى، إلى الرياسة الثانية، وتأثير ضغط اللوبي الصهيوني على الانتخابات، هو الذي يحتّم استرضاء إسرائيل، ورضاها هو السبيل إلى النجاح في الانتخابات والوصول إلى سدة الرياسة الثانية.. وقد نجح الرئيس ريجان وهو اليوم في مقعد الرياسة الثانية، وليس هناك ما يتحسّب له إذا وقفت إدارته موقف العدل ليس فقط من قضية انسحاب إسرائيل من لبنان، والجنوب اللبناني، والجرائم الوحشية التي ترتكبها وإنما من قضية الشرق الأوسط برمّتها. ولكن يبدو أن الانحياز الأمريكي لإسرائيل، قد أصبح تقليداً لا بدَّ أن من أتباعه والرضوخ له، حتى ولو أجمع العالم كلّه على استهجانه والتنديد به.
إننا نعلم أن أمريكا، قوة عظمى، وأن هذه القوة تملك أن تتصرف كما تشاء في أي قضية من القضايا المطروحة، بكل ما يتجمّع فيها من تهديد وخطر على السلام والأمن العالميين، وذلك من منطق القوة والجبروت وحدهما.. ولكن نعلم أيضاً أن رصيد الاشمئزاز من تصرفات هذه القوة الغاشمة، في نفسية الشعوب أصحاب هذه القضايا، لا بد أن يصل إلى الحد الذي يحملها على التماس العون لدى من يستطيع تقديمه عند اللزوم، وهو ما نعتقد أن أمريكا لا تستطيع تجاهل وجوده بل واستعداده الدائم، للجلوس إلى طاولة اللعب، وبنفس المنطق.. منطق القوة والجبروت.
وفي ذلك يكمن الخطر الذي لن تستطيع أمريكا تجاهله، ولا تستطيع المنطقة أن تدرأه عندما يبلغ رصيد الاشمئزاز، ضد الانفجار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :572  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 54 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج