شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أمريكا ومنظمة اليونيسكو
والواقع أنها ليست أمريكا وحدها، التي قررت الانسحاب من منظمة اليونيسكو، وإنما هناك أكثر من دولة من الدول الصناعية، كانت منذ أكثر من عامين، تروّج لفكرة الانسحاب من هذه المنظمة، وتنتظر أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة، ثم تتلاحق حبات العقد الغربي واحدة بعد الأخرى..
وقد لا تحتاج أن تقدم للقارئ معلومات عن هذه المنظمة، لأنها الأكثر شهرة وعلاقة بحركة العلوم والفنون - أو فلنسمها حركة الفكر - في العالم، بين المنظمات التي انبثقت من منظمة الأمم المتحدة. ولكن نحتاج أن نكتشف أهم الأسباب التي تذرّعت بها الولايات المتحدة الأمريكية، للانسحاب منها، مع ملاحظة أن انسحابها، علاوة على أنه سيفتح الباب لانسحاب دول ضالعة معها، فإنّه سيحرم المنظمة من المبلغ الذي تدفعه أمريكا مساهمة في دعم وتسيير أعمال المنظمة. وقد قيل إنها تدفع أضعاف ما تدفعه أي دولة أخرى مما يعني بطبيعة الحال، شرخاً كبيراً في قدرة المنظمة على مباشرة مسؤولياتها الكبيرة على مستوى العالم..
والذريعة الكبرى والأهم التي لم تخفها الولايات المتحدة الأميركية لهذا الانسحاب باختصار شديد هي تصرفات مديرها العام الأستاذ (أمادو مختار امبو)، التي تقول أمريكا ومعها أجهزة الإعلام الغربية، إنها تؤكّد انحيازه المكشوف إلى الكتلة الشرقية.. وبعبارة أخرى إلى الدول الدائرة في فلك الاتحاد السوفياتي.
وربّما كان أول تقرير مفصّل عن الموضوع، هو الذي ظهر في جريدة (السانداي تايمس) في 8 يناير عام 1984، وقد كان بعنوان فيه الإثارة من جهة، والنقد الموجّه إلى الرجل من جهة أخرى.. كان العنوان يقول - وبمانشيت كبير - (داخل بلاط الديكتاتور أمبو) والديكتاتور هنا، هو هذا الرجل الذي تحدث التقرير، ليس فقط عن انحيازه المكشوف للدول الدائرة في فلك الاتحاد السوفياتي، أو حتى المتعاطفة مع الدول الشرقية، وإنما أيضاً عن البذخ والترف اللذين يعيشهما المدير العام على حساب ميزانية اليونيسكو.
وتضيق مساحة هذا العمود، عن إيراد التفصيلات الكثيرة التي تضمنها تقرير السانداي تايمس، ولكن يمكن أن نقول إن أهمها، أن (أمادو مختار أمبو) كان أول إفريقي ينتخب لإدارة منصب رئيسي في الأمم المتحدة، وهو (مدير عام منظمة اليونيسكو) وذلك في عام 1974 وقد رحّبت به أوساط المنظمة العالمية في هذا المنصب الخطير، لأنّه يتميّز بالذكاء والشجاعة. فما الذي جدّ، من تصرفاته، لتواجه الأمم المتحدة، واحدة من أعمق أزماتها، وعنصر الأزمة الرئيسي، هو مديرها العام.
ومع أن الأزمة أو المشكلة مع المدير العام قد بدأت منذ أكثر من عامين، وكان واضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي تزعّمت حركة الانسحاب، فيما يشبه احتجاجاً على تصرفات السيد أمبو، ورغبة في التخلص منه، فإن ما ظهر أو صدر عن السيد أمبو، دفاعاً عنه أو مناقشة لعناصر النقد الموجّهة إليه، كان - على حد علمي - قليلاً أو نادراً.. مما يعني نوعاً من التغافل عن خطر المشكلة، ليس بالنسبة للمدير العام فقط، وإنما بالنسبة للمنظمة ككل إذا ما انفرط العقد بعد أمريكا وأخذت تنسحب من المنظمة دول صناعية أخرى.
أهم ما ظهر حتى اليوم، هو ما نشر في باريس بتوقيع ثلاثين مفكراً إفريقياً، لا يناقشون موقف أمريكا، وإنما يلتمسون عدم عزل أو سحب الثقة من المدير العام.
من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، قالت ما فيه الكفاية، بتنفيذ انسحابها الذي حددت له موعداً أقصاه نهاية العام الماضي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يمنع أن يعرض الموضوع برمّته للمناقشة في الأمم المتحدة، ومن قبل أجهزة الأعلام في العالم الثالث، لنرى وجهة النظر التي جعلت أمريكا، تقرر الانسحاب. وسوف تقرره بعدها دول أخرى، مما يعني انهيار منظمة اليونيسكو، التي أعتقد أنها أعظم من أن يتسبّب في انهيارها شخص هو المدير العام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :669  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج