شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشباب والقضية.. أو الهدف
في مقاله بالعنوان المثير: (التفحيط ظاهرة صحية) في مجلة اقرأ الغرّاء، استوقفني الدكتور محمد عبده يماني، بهذا العنوان المثير أولاً، ثم بقوله: (إن الواجب علينا نحن أن نربط شبابنا بهدف أو قضية ينشغل بها، وينفس عن طاقاته في العمل من أجلها.. ولا بد أن نعرف هنا أن الشباب لا يكون صاحب قضية إلا إذا تفاعل مع الأحداث، وانفعل بها، ولا يدعها تمر دون أن يشارك فيها..).. ثم يقول الدكتور في فقرة أخرى: (المادة المجرّدة لا تربي أطفالاً..)..
وفي اللحظات التي كنت أدير في ذهني الكثير مما تعنيه مقولة الدكتور الفيلسوف، بالنسبة للشباب، وهم أبناؤنا الذين يساورنا القلق على مستقبلهم، ومستقبل مسيرتهم في عالم أصبح تلاحق المتغيّرات فيه أسرع كثيراً مما نستطيع أن نسيطر على معطياتها وإفرازاتها.. في هذه اللحظات قرأت في مجلة اليمامة الغراء، في صفحة (الكلام الأخير) كلمات للأستاذ عبد الله الناصر، وجدت أنها لا تختلف في مضمونها عن دعوة الدكتور محمد عبده يماني، إلى ربط الشباب بهدف أو قضية ينشغل بها، وإن كانت بهذا الأسلوب الشاعري الذي يزدحم بالهمس والرمز، ففيها مع ذلك التحليق الواسع في آفاق المعاناة التي يعيشها ليس الشباب فقط، وإنما إنسان هذه الأرض.
يقول الأستاذ عبد الله الناصر: (ما أبشع أن تمتهن القبيلة فارسها لتجرده من سلاحه وتجعل منه (زبالاً) يكنس الأسطبل ويعلف البغال..) ثم يقول: (وقبيح بالقبيلة أيضاً أن لا تمنح فارسها موقعاً بقدر السرج يثبت في ركابه قدميه حين يريد أن يهز سيفه..) ثم يقول في خطابه لابنه: (ألم أقل لك يا بني إني مصاب بداء اسمه الذبحة القلبية).. (آه يا بني.. لقد أجهدتني القبيلة.. ذبحتني خشونة القبيلة.. ثرثرة القبيلة كحوافر خيل المغول تحرث صدري.. تنزرع في زوايا القلب.. تنبت شجرة من الرماح في سواد العيون. ويختتم الكاتب كلمته إلى ابنه بقوله: (أي بني.. قبل أن أغمض عينيّ أبعث إليك بكل تركتي.. نقطة دم)).. وأطلب إليك بحق الأبوه أن تحافظ عليها من الضياع والانقسام).
قال الكاتب، الكثير عن جوع الشباب إلى الارتباط بهدف أو قضية ينشغل بها.. إذ إن القبيلة التي تجرده من سلاحه وتجعل منه (زبالاً) يكنس الإسطبل ويعلف البغال هي المجتمع الذي جرّده من قدرته على ممارسة حياة أكثر حيوية وانفعالاً وتفاعلاً من مجرد الاسترخاء على أريكة ناعمة، والاستمتاع بالوفرة في مطالب الرغد والرفاه، تحاصره من كل جانب، وفي كل دقيقة من يومه وليله.. فيصبح التفحيط هذه الظاهرة الصحية التي تحدث عنها الدكتور محمد عبده يماني.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1125  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.