شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مصير الانتفاضة على عواتق الدول العربية
صفّقنا طويلاً وكثيراً وعبر ما يقرب من ثلاث سنوات، ونحن نشاهد على شاشات التلفزيون مشاهد الانتفاضة، وما تواجهها به قوات الإرهاب والقمع الإسرائيلي... ولعل بعضنا عجز عن أن يحبس دموعاً تنذرف، وهو يسمع أو يرى أطفالاً يلقون مصارعهم برصاص تلك القوات، التي أتساءل أحياناً كيف لا يخجل الواحد منهم، ويشعر بحقارة آدميته، وهو يصوب رصاص بندقيته إلى صدور أطفال ونساء... لأجيب: إنهم شرائح من آدمية (مصنوعة) كالآلة، نزعوا من تكوينها جميع المشاعر الإنسانية، التي لا يخلو منها حتى القردة ووحوش الغابات.
وتخرج علينا الصحف اليوم (الأحد، الثامن والعشرين من شهر شعبان1410)، بأن مجلس الشيوخ الأمريكي بكل أعضائه - من الديموقراطيين - والمفروض أنهم شخصيات (متكاملة العناصر الآدمية والإنسانية) - قد أجمع أعضاؤه على قرار يعتبر القدس عاصمة لإسرائيل التي لا أشك، ولا يخطر ببال مخلوق في العالم أنهم لم يشاهدوا على شاشات تلفزيوناتهم، مشاهد الانتفاضة وجماهيرها من النساء والأطفال، تصرعهم رصاصات أولئك الذين أسميهم شريحة من (الآدمية الآلية) المجردة تماماً من مشاعر الإنسان... بل من مشاعر وحوش الغاب... ترى هل استطاعت أميركا أن تصل بقدراتها التكنولوجية إلى استلال واستلاب مشاعر الإنسان حتى لدى أعضاء مجلس الشيوخ الذي يصدر قراراً باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل؟؟؟
وفي غمرة هذه المشاعر هذا الصباح، قرأت مقال الأخ الأستاذ تركي عبد الله السديري بعنوان (حتى آخر طفل)، طرح في نهايته سؤالاً يقول: (إلى متى يصمد هؤلاء)؟؟؟ ثم يضيف: - (هل المطلوب الآن أن يموت آخر مقاتل في الانتفاضة الفلسطينية حتى يتحرك العمل العربي وهو ما لن يحدث)؟؟؟
وأحسست أن هذا هو السؤال الذي أصبح كل مواطن عربي مسؤولاً، ليس عن طرحه على ساحة السياسة العربية بامتدادها المترامي المعروف، بل عن المطالبة الملحة، وبعيداً عن التنديد، والاستنكار، والشكاوى لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بأن يحمل الأطفال والنساء، سلاحاً غير حجر الأرض... أن يحملوا السلاح الذي تملكه وتتمخطر به تلك القوات في الشوارع والطرقات، وتركض به خلف أولئك الصبية والنساء.
حرصت الانتفاضة منذ بدأت على أن تتجرد من البندقية... أن تعطي العالم حقيقة إنسانية نادرة المثيل، وهي أن قتل الإسرائيليين ليس الهدف... وأن هذه الحجارة مجرد تعبير إنساني، كان المظنون أن يفهمه العالم، ومنه أعضاء مجلس الشيوخ، وغيرهم من جماهير الأمة الأمريكية... ولقد سقط المئات من النساء والأطفال... وأودع السجون ألوف... واتضح أن بعد هذا النضال (الإنساني المهذّب والحضاري) أن العالم لم يفهم... وأن الذي لا بد أن يفهمه ولا يفهم سواه... هو هذه البندقية... وهو هذا الرصاص... وهو التفاتة مختلفة وحاسمة، وصريحة، وجريئة، تتولاها الدول العربية بكل ثقلها... لتستمر الانتفاضة بمفهوم جديد... وحتى آخر طفل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 69 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.