يا ليل، ما بالي وبالك نلتقي |
فأرى لديك مباهجي ورضائي! |
أرهبت غيري بالظلام وكنت لي |
خير الأنيس وأصدق الخلصاء |
ولئن صمتَّ فلي بصمتك نجوة |
حفلت بدنيا السر والإيحاء |
ولئن سكنت فلي بجنحك موئل |
رفت جوانحه بكل هناء |
أخلو إليك فلا أرى لسريرتي |
حرجاً، ولا أخشى لظى الأهواء |
ظلموك إذ لهجوا بأنك راهب |
صبغ الحياة بفاحم الأزياء |
لا. لا. فأنت لمصطفيك مسرة |
يهب الكليم أطايب الآلاء |
هذي النجوم لوامع تزهو بما |
ضمنته من حسن ومن أضواء |
تزجي إلى النفس الشجية رَوْحَها |
فتبثها شكوى المحب النائي |
وتشيع في أطوائها حُلم الهوى |
بين المنى وطوارق البرحاء |
والبدر يرسل من سناه مفاتناً |
تغري الخلي بوحيها اللآلاء |
يغزو الفضا مترنحاً في غرة |
ترنو إليه فواتن الخضراء |
نشوان من خمر الجمال وسحره |
يجلو كؤوس هواه للندماء |
والزهر فواح العبير منمنم |
شتى الرؤى كغلائل الحسناء |
وسنان يغمره الضياء مشعشعاً |
وتجوده النسمات بالأنداء |
صور تبش لها النفوس صوادياً |
فتعود ريَّا بهجة وصفاء |
* * * |
يا ليل! يا ظرف الغرام وسربه |
يلهون فيك بصبوة ولقاء |
تحنو عليهم والهوى متلهب |
بين الضلوع يعيث في الأحشاء |
تتراقص الآمال في جنباتهم |
كتراقص الأنسام في الأمساء |