شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سخّر اليهود قوة الولايات المتحدة.. لتسْخَر إسرائيل من هيبة الولايات المتحدة!..
من الحقائق الثابتة أن أي كاتب يستطيع أن يوجه حواراً إلى أي سياسي في الولايات المتحدة سواء كان الرئيس كارتر أو الدكتور برزنسكي أو سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة دونالد ماكهنري، فلا يجد غضاضة في هذا الحوار بل ولا يصاب برعدة من مخافة، فالشعب الأمريكي يطيق الحوار، ويسمع للنقد خصوصاً إذا كان هذا الكاتب ينتمي إلى العالم الحر، ويتهم نفسه بالصداقة للولايات المتحدة بل وكثيراً ما يهتم بأن تصان هيبة الولايات المتحدة ، ولعلّي بما تقدمت به من توطئة أو دهلزة أبيح لنفسي أن أطرح هذا السؤال لتتولى الأجوبة عليه، فسؤال واحد قد لا يفسره جواب واحد.
والسؤال هو: هيبة السلطان أجدى على الولايات المتحدة الآن من قوة السلطان؟
إن الإجابة تحتاج إلى استقراء التاريخ، ولعلّ التوسع في ذلك يحرج التاريخ، غير أني أختصر فأسأل الدكتور برزنسكي وهو المستشار للأمن القومي فلعلّه اليوم - وبأسباب التعطيل للقوة واستعمالها - يحرص كل الحرص على إثبات الهيبة لسلطان الولايات المتحدة.
ولا أدري من أين سمعت أو أين قرأت أن الولايات المتحدة الآن وبعد الأزمة مع إيران، وبعد الغزو للأفغان، في حاجة إلى إثبات الهيبة السلطانية أكثر من الثبات بالقوة المعطلة عن الاستعمال، فأين الهيبة الآن؟
إن الولايات المتحدة لا يحرجها أن يمارس الاتحاد السوفياتي إسقاط هذه الهيبة قوة طاغية تواجه قوة مثله. ولكن موضوعنا هذه اللحظة هو عن هذا المثلث الذي استغول على سياسة الولايات المتحدة اليهودية الصهيونية إسرائيل، مثلث الأسماء لمسمى واحد هو إسرائيل الآن. فاليهودية هي الصهيونية، ودعني من الألفاظ الرقيقة تتجنب السياسة العربية أن تذكر كلمة (اليهود) تحاشياً من أن تتهم بالتعصب الديني، مع أن العرب تكال لهم التهم بأنهم متعصبون لأنهم مسلمون إلى آخر ما هنالك. إن إسرائيل اليهودية الصهيونية قد طغت كثيراً على العالم العربي وهي الآن تمارس الطغيان على الولايات المتحدة، فالطغيان قد يكون باستعمال القوة، وأقسى منه طغيان العصيان، فهي الآن تمارس العصيان، تحرج الولايات المتحدة بتدمير إطار كامب ديفيد أكثر من إحراجها لغير الولايات المتحدة، فلقد سخرت إسرائيل قوة الولايات المتحدة، امتصتها حتى الثمالة، فهم قد قالوا حين باشرت الولايات المتحدة إرسال الجسر الجوي أن ترسانة البنتاغون قد أصبحت فارغة ويعني ذلك أن ترسانة إسرائيل أصبحت طافحة بكل القوة وترسانة الولايات المتحدة تحتاج إلى جهد لتعويض ما أفرغه الجسر الجوي.
إن قوة الولايات المتحدة هي التي صنعت إسرائيل، واليوم إسرائيل تسخر من هذه القوة كأنما هي تمارس إسقاط هيبة الولايات المتحدة، وكنت أحد الذين ظنوا أن أزمة إيران تخفف من عصيان إسرائيل للولايات المتحدة، فلا تبني المستعمرات في الضفة الغربية، وتسرع بالجلاء عن سيناء ، كما أنها تسارع إلى الاعتراف بمنظمة التحرير لتعطي الولايات المتحدة فرصة تنتظم بها صداقتها مع العالم العربي، وكنت أظن مرة أخرى أن غزو الاتحاد السوفياتي للأفغان يطوع عصيان إسرائيل فلا تحاول إسقاط هيبة الولايات المتحدة، ولكن عصيان إسرائيل استشرى، فبدلاً أن يكون ممارسة في السر وبأسلوب رقيق أصبح مجاهرة على أساس من المفاخرة؛ فبعد غزو الأفغان خرج على الدنيا كلها كأنه يدق الجرس، له رنين يسمعه الدكتور برزنسكي ومن إليه، خرج وزير الحرب الإسرائيلي وايزمان الذي سماه بعض العرب في لحظة استمراء الجرعات المسكنة بأنه أحد الحمائم المعارض لرئيسه مناحم بيغن.
خرج يقول، والولايات المتحدة في هذا الموقف المحرج مع الاتحاد السوفياتي (إن أي قوة على سطح الأرض لا تستطيع أن تزحزح إسرائيل قيد أنملة عن الضفة الغربية وقطاع غزة )، ويعني ذلك أن أشعل القنبلة في إطار كامب ديفيد، وأرسل طلقة ناعمة تصيب معاهدة الصلح، وتدمر المفاوضات للحكم الذاتي..
وتمرد العصيان مرة أخرى ينال من هيبة الولايات المتحدة حين أصر مناحم بيغن على التوسع في بناء المستعمرات وعلى إسكان اليهود في مدينة الخليل، تمرد هذا العصيان حين رفض أي ملاحظة من الولايات المتحدة، ويعني ذلك أن قوة الولايات المتحدة، في ترسانة إسرائيل أصبحت قوة ضد هيبة الولايات المتحدة، وتمرد العصيان مرة ثالثة حين صرح السفير المعين في الكنانة في مصر النيل، في مصر الأزهر، في مصر الإسلام، فردد كلمة وايزمان وأيد موقف بيغن فقال: إنه ليست هناك قوة تستطيع منع إسرائيل من إقامة المستعمرات، ظاهرة التحدي لمعاهدة الصلح والتعدي على مفاوضات الحكم الذاتي، والتصدي بكل العصيان المتمرد لهيبة الولايات المتحدة فعلى أي أساس كان هذا الإسقاط لهذه الهيبة بهذا العصيان المتمرد؟
أرجو أن أجد العذر لدى برزنسكي يمنحني إياه حين أقول إن إسرائيل لم تعد تخاف سلطان الولايات المتحدة لأنها في ضمان من سلطان الاتحاد السوفياتي. فليس هناك قوة تعين إسرائيل على رفض سلطان القوة الأمريكية ألا وهي الاستناد على قوة عظمى وليست هي إلا قوة الاتحاد السوفياتي، حتى إنها كتمرد لهذا العصيان لم تساعد الولايات المتحدة في رفض الإرسال للرياضيين إلى الألعاب الأولمبية في موسكو.
إن كثيراً من الدول التي تحترم نفسها وتحرص على احترام الولايات المتحدة وإعلاء هيبتها قد استجابت لنداء الرئيس كارتر بالنسبة للألعاب الأولمبية، أما إسرائيل التي تعيش على دولار الولايات المتحدة وتطغى بسلاح الولايات المتحدة وتفرض على العالم العربي بسلطان الولايات المتحدة مارست العصيان ، فهل هذا هو الوفاء وصدق العهد الذي توصف به إسرائيل!
إن إسرائيل تسخر من هذه الصفات، فهي تحترم لنفسها عدم الوفاء وتحترف الكذب على المواعيد. لأن ذلك قوة لا تمارس به أن تكون مع الاتحاد السوفياتي لا مع الولايات المتحدة على الأقل في هذه الأيام التي تحتاج الولايات المتحدة، إلى ارتفاع هيبة سلطانها ما دامت لا تستطيع أن تتعامل مع سلطان القوة، لقد سخرت اليهودية والصهيونية وإسرائيل قوة الولايات المتحدة بطغيان على العالم العربي أكثر وأشد هذه الأيام على صداقة الولايات المتحدة وهيبتها من غزو الاتحاد السوفياتي للأفغان.
إن دعوة الرئيس كارتر إلى الحلف الإسلامي تجد الرفض كل الرفض لأنها لم تحترم من سياسة الولايات المتحدة مع إسرائيل، فحريق القدس واستعمار القدس، واستعمار الأرض المسلمة، كيف يتم معه أن تستجيب جامعة الإسلام إلى نداء كهذا؟ ينبغي أن يكون النداء لإسرائيل تخفف من غلوائها وطغيانها وعصيانها ليكون للمسلم والعربي أن ينسى الماضي إذا ما تحقق السلام للمستقبل.
والقواعد أن تشييدها في أي دولة غرب آسيا، وفي العالم العربي بالذات معناه جعلها هدفاً للعدوان من الاتحاد السوفياتي مثلاً كأنما أي بلد يرضى بإقامة قاعدة يضع نفسه هدفاً للهجوم عليه، ويعني ذلك كما قلنا من قبل أن الولايات المتحدة حريصة على سلامة أوروبا، لتجعل غرب آسيا وشرق إفريقيا وشمالها، بل وكل القارتين الميدان للحرب العالمية الثالثة. تجربة للسلاح. تنظيم للوفاق من جديد. إلى آخر ما هنالك ، وإسرائيل بعصيانها والاتحاد السوفياتي بطغيانه، والعالم الحر بتواكله. كلهم يمهدون إلى هذه الحرب الثالثة في هذا المكان.
أرجو من الدكتور برزنسكي إذا ما ترجم له هذا الكلام أن يطرد أثقال التركة المثقلة التي ورثها عن باروخ سلفه أيام ترومان وعن كيسنجر أيام نيكسون وأمثالهما ليحقق لأمن الولايات المتحدة فرض سلطان الهيبة على إسرائيل قبل الاتحاد السوفياتي.
إلى الأستاذ محمد الوعيل:
شافهتني تلفونياً ثم كتبت هذه المشافهة بعدد الجزيرة يوم الثلاثاء الماضي تسألني عن أي مخطوط بقلم الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب تغمده الله برحمته، وقد أجبتك حين تلفنت إلي بأنك قد استسمنت ذا ورم، فكيف فاتك أن تسأل أستاذنا العليم بكل مخطوط، الحجة البحاثة، عالمنا حمد الجاسر، إني أوجه هذا السؤال إليه نيابة عنك ليتولى الإجابة فهو عذيبها المرحب وفارسها المحقق، وإياك أن تسأل غيره.
صورة:
وركب شاب ترف سيارته يطلق العنان لسرعتها فإذا عجوز على عكاز أمامه كاد يدعسه فنجا بعد أن سقط على الأرض، ليس بينه وبين عجلة السيارة إلا قيد أُصبع، فلما نهض قال: يا ولدي كدت تقتلني.
فقال الشاب ولعلّه من الذين قيل فيهم (شبعة بعد جوعة).
اذهب عن وجهي، يا الله إمشي، وإلا أدعسك الآن ، ووضع يده في جيبه يخرج رزمة من الريالات.. ترى أدعسك وهادي ديتك.
أليس هذا فسوقاً.. بطراً.. سوء تربية. أحسبني أقول إنه سيأتي يوم عليه وهو عجوز يُرد إلى أرذل العمر، يسلبه الله النعمة يحتاج إلى ريال. إلا أن تدركه صدقة من أب أو دعاء من أم أهملا تربيته فإذا هم في حسرة يتصدقون ويجأرون بالدعاء.
وعن الهيبة قالوا.. حين قدمت وفود العرب على كسرى أنوشروان وكان فيهم عامر ابن الطفيل الذي أحرقته النار؛ لأنه نكث العهد لرسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
ذهب الوفد في الجاهلية قبل الإسلام إلى كسرى فقال كسرى يسأل عامر بن الطفيل: لو أتاك آتٍ من جهة عينك العوراء، ماذا تصنع؟
فقال أحد سراة بني عامر، عامر بن الطفيل: ليست هيبتي في قفائي بأقل من هيبتي في وجهي!
كلمة مجنحة فيها التعريف للهيبة
وقرأنا لأناتول فرانس الكاتب الفرنسي في مباذله هذه الكلمة: قال يملي على سكرتيره (سجل ياسيغور، قرأ نابليون قبل أن تطبع الجريدة هذا الخبر: لقد انتصر الإمبراطور في حملته على عدوه بشرذمة من الجنود، فصرخ نابليون يقول لمحرر الجريدة (إن الإمبراطور لا يحتاج إلى مجد، يحتاج إلى أن يهابه عدوه، أكتب هكذا، فقد انتصر الإمبراطور بقوة كبيرة وسلاح قوي، فشتت شمل عدوه.. تعريف قوي للهيبة، فالهيبة هي سلاح القوة وكثيراً ما تكون القوة ليست ذات موضوع في بسط سلطان الهيبة.
هكذا نرد العجز على الصدر.
وتحدث إليَّ صديق فقال: ألا تذكر حين اختطف الفدائيون الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية في ألمانيا الغربية فصرح العالم الحر كله والولايات المتحدة بالذات إن الألعاب الأولمبية رياضية وينبغي ألا تكون لممارسة السياسة.
واليوم أصبحت الألعاب الأولمبية هي القوة في ممارسة السياسة ضد الاتحاد السوفياتي.
* * *
ولم أجد حرجاً في أن أُجري الحوار مع الولايات المتحدة لأني لا أعافه ولا أخافه ولكن أتحاشى النقد للاتحاد السوفياتي لا لأني أعافه ولا لأني أخافه ولكن لا أطيق أن أتحمل غضب الذين يرون غير ذلك الحوار.. إن هؤلاء يعتدون الخوف العاجل ولا يسألون عن الخوف الآجل فهل أنا مغرور أما أني المأسور؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :967  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 964 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج