شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفاروق عمر بن الخطاب(4)
حدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: لما صدر الناس عن الحج سنة ثماني عشرة أصاب الناس جهد شاق وأجدبت البلاد وهلكت الماشية وجاع الناس وهلكوا حتى كان الناس يرون يشتفون الرمة ويحفرون نفق اليرابيع والجرذان يخرجون ما فيها.
ـ عن عوف بن الحارث عن أبيه قال: سمى ذلك العام عام الرمادة لأن الأرض كلها صارت سوداء فشبهت بالرماد وكانت تسعة أشهر.
ـ عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص عام الرمادة: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي، سلام عليك. أما بعد أفتراني هالكاً ومن قبلي وتعيش أنت ومن قبلك؟ فيا عوناه، فلاناً. قال فكتب إليه عمرو بن العاص. بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد أتاك الغوث فلبت لبت، لأبعثن إليك بعيراً أولها عندك وآخرها عندي. قال فلما قدم أول الطعام كلم عمر بن الخطاب الزبير بن العوام فقال له: تعترض للعير فتمليها إلى أهل البادية فتقسمها بينهم، فوالله لعلّك ألا تكون أصبت بعد صحبتك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، شيئاً أفضل منه. قال وأقبل رجل من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم، فقال عمر: لكن هذا لا يأبى، فكلمه عمر ففعل وخرج فقال له عمر: أما ما لقيت من الطعام فمل به إلى أهل البادية، فأما الظروف فاجعلها لهم يلبسونها وأما الإبل فانحرها لهم يأكلون من لحومها ويحمون من ودكها ولا تنتظر أن يموتوا ننتظر بها الحياة، وأما الدقيق فيصطنعون ويحررون حتى يأتي أمر الله لهم بالفرج. وكان عمر يصنع الطعام وينادي مناديه. من أحب أن يحضر طعاماً فيأكل فليفعل ومن أحب أن يأخذ ما يكفيه وأهله مبات فليأخذه.
ـ حدثني موسى بن طلحة قال: كتب عمر إلى عمرو بن العاص أن أبعث إلينا بالطعام على الإبل وابعث في البحر، فبعث عمرو على الإبل فلقيت الإبل بأقواد الشام فعدل بها رسله يميناً وشمالاً ينحرون الجزر ويطعمون الدقيق ويكسون العباء. وبعث رجلاً إلى الجار إلى الطعام الذي بعث به عمرو من مصرفي البحر فحمل إلى أهل تهامة يطعمونه.
ـ حدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: رأيت رسل عمر ما بين مكة والمدينة يطعمون الطعام من الجار، وبعث إليه يزيد بن أبي سفيان من الشام بطعام، قال ابن سعد: هذا غلط، يزيد أبن أبي سفيان كان قد مات يومئذ، وإنما كتب إلى معاوية، فبعث إليه من يتلقاها بأفواه الشام يصنع به كالذي يصنع رسل عمر ويطعمون الناس الدقيق وينحرون لهم الجزر ويكسونهم العباء وبعث إليه سعد بن أبي وقاص من العراق بمثل ذلك، فأرسل إليه من لقيه بأفواه العراق فجعلوا ينحرون الجزر ويطعمون الدقيق ويكسونهم العباء حتى رفع الله ذلك من المسلمين.
ـ حدثني عبد الله بن عون المالكي عن أبيه عن جده قال: كتب عمر إلى عمرو بن العاص يأمره أن يبعث إليه من الطعام، فبعث عمرو في البر والبحر وكتب إلى معاوية: إذا جاءك كتابي هذا فابعث إلينا من الطعام بما يصلح من قبلنا فإنهم قد هلكوا إلا أن يرحمهم الله، قال ثم بعث إلى سعد يبعث إليه فبعث إليه، قال فكان عمر يطعم الناس الثريد، الخبز يأدمه بالزيت قد أفير من الفور في القدور وينحر بين الأيام الجزور على الثريد، وكان عمر يأكل مع القوم كما يأكلون.
ـ حدثني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: كان عمر يصوم الدهر. قال فكان زمان الرمادة إذا أمسى أتى بخبز قد ثرد بالزيت إلى أن نحروا يوماً من الأيام جزوراً فأطعمها الناس، وعرفوا له طيبها فأتى به فإذا قدر من سنام ومن كبد فقال: أنّى هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين من الجزور التي نحرنا اليوم، قال بخ بخ بئس الوالي إن أنا أكلت طيبها وأطعمت الناس كراديسها، ارفع هذه الجفنة، هات لنا غير هذا الطعام، قال فأتى بخبز وزيت، قال فجعل يكسر بيده ويثرد ذلك الخبز ثم قال: ويحك يا يرفا! احمل هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام، وأحسبهم مقفرين، فضعها بين أيديهم.
ـ حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: كان عمر بن الخطاب أحدث في زمان الرمادة أمراً ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء ثم يخرج حتى يدخل بيته فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب فيطوف عليها وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللَّهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي.
ـ قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: ركب عمر بن الخطاب عام الرمادة دابة فراثت شعيراً فرآها عمر فقال: المسلمون يموتون هولاً وهذه الدابة تأكل الشعير؟ لا والله لا أركبها حتى يحيا الناس.
ـ عن محمد بن يحيى بن حبان قال: أتى عمر بن الخطاب بخبز مقتوت بسمن عام الرمادة فدعا رجلاً بدوياً فجعل يأكل معه، فجعل البدوي يتبع باللقمة الودك في جانب الصحفة، فقال له عمر: كأنك مقفر من الودك، فقال: أجل ما أكلت سمناً ولا زيتاً ولا رأيت أكلاً له منذ كذا وكذا إلى اليوم، فحلف عمر لا يذوق لحماً ولا سمناً حتى يحيا الناس أول ما أحيوا.
ـ عن ابن طاؤوس عن أبيه قال: لم يأكل عمر بن الخطاب سمناً ولا سميناً حتى أحيا الناس.
ـ عن أنس بن مالك قال: تقرقر بطن عمر بن الخطاب وكان يأكل الزيت عام الرمادة، وكان حرم عليه السمن، فنقر بطنه بإصبعه، قال: تقرقر. تقرقرك إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس.
ـ عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لتمرنن أيها البطن على الزيت ما دام السمن يباع بالأواق.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أصاب الناس عام سنة فضلا فيها السمن وكان عمر يأكله فلما قل قال: لا آكله حتى يأكله الناس.. فكان يأكل الزيت، فقال: يا أسلم أكسر عني حره بالنار، فكنت أطبخه له فيأكله فيتقرقر بطنه عنه فيقول تقرقر لا والله لا نأكله حتى يأكله الناس.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب حرم على نفسه اللحم عام الرمادة حتى يأكله الناس، فكان لعبيد الله بن عمر بهمة فجعلت في التنور فخرج على عمر ريحها فقال: ما أظن أحداً من أهلي اجترأ علي، وهو في نفر من أصحابه، فقال: اذهب فانظر فوجدتها في التنور فقال عبيد الله: استرني سترك الله! فقال: قد عرف حين أرسلني أن لن أكذبه، فاستخرجها ثم جاء بها فوضعها بين يديه واعتذر إليه أن تكون كانت بعلمه، وقال عبيد الله: إنما كانت لابنتي اشتريتها فقرمت إلى اللحم.
ـ سمع أبو هريرة يقول: يرحم الله ابن حنتمة، لقد رأيته عام الرمادة، وإنه ليحمل على ظهره جرابين وعكة زيت في يده وإنه ليعتقب هو وأسلم، فلما رآني قال: من أين يا أبا هريرة..؟ قلت؟ قلت: قريباً قال فأخذت أعقبه فحملناه حتى انتهينا إلى إصرار فإذا صرم نحو من عشرين بيتاً من محارب فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد، قال اخرجوا لنا جلد الميتة مشوياً كانوا يأكلونه ورمة العظام مسحوقة كانوا يسفونها فرأيت عمر طرح رداءه ثم اتزر فما زال يطبخ لهم حتى شبعوا، وأرسل أسلم إلى المدينة فجاءه بأبعرة فحملتهم حتى رفع الله ذلك.
ـ حدثني حزام بن هشام عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب عام الرمادة مر على امرأة وهي تعصد عصيدة لها فقال: ليس هكذا تعصدين ثم أخذ المسوط فقال: هكذا، فأراها.
ـ عن هشام بن خالد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ألا تذرين إحداكن الدقيق حتى يسخن الماء ثم تذره قليلاً وتسوطه بمسوطها فإنه أريع له وأحرى ألا يتقرد.
ـ عن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون ولقد كان أبيض، فتقول: مم ذا: فيقول: كان رجلاً عربياً وكان يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمها حتى يحيوا فأكل بالزيت فغير لونه وجاع فأكثر.
ـ حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: كنا نقول: لو لم يرفع الله المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت هماً بأمر المسلمين.
ـ قال: حدثني يزيد بن فراس الديلي عن أبيه قال: كان عمر بن الخطاب ينحر كل يوم على مائدته عشرين جزوراً من جزر بعث بها عمرو بن العاص من مصر.
ـ عن عيسى بن عبد الله بن مالك الدار عن أبيه عن جده قال: كما كتب عمر إلى عمرو بن العاص يبعث الطعام في البر والبحر بعث إليه في البحر بعشرين سفينة تحمل الدقيق والودك. وبعث إليه في البر بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه معاوية بثلاثة آلاف بعير تحمل الدقيق. وبعث إليه عمرو بن العاص بخمسة آلاف كساء. وبعث إليه والي الكوفة بألفي بعير تحمل الدقيق.
ـ عن عيسى بن معمر قال: نظر عمر بن الخطاب عام الرمادة إلى بطيخة في يد بعض ولده فقال: بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين تأكل الفاكهة وأمة محمد هزلى؟ فخرج الصبي هارباً وبكى فأسكت عمر بعدما سأل عن ذلك فقالوا اشتراها بكف من نوى.
ـ قال: عن عجوز من جهينة أدركت عمر بن الخطاب وهي جارية قالت: سمعت أبي وهو يقول: سمعت عن عمر بن الخطاب وهو يطعم الناس زمن الرمادة يقول: نطعم ما وجدنا أن نطعم فإن أعوزنا جعلنا مع اهل كل بيت ممن يجد عدتهم ممن لا يجد إلى أن يأتي الله بالحيا.
ـ عن ابن عمر أن عمر قال: لو لم أجد للناس من المال ما يسعهم إلا أن أدخل على أهل كل بيت عدتهم فيقاسمونهم أنصاف بطونهم حتى يأتي الله بحيا فعلت، فإنهم لن يهلكوا عن أنصاف بطونهم.
ـ عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن أبيها قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول بعدما رفع الله المحل في الرمادة: لو لم يرفعه الله لجعلت مع كل أهل بيت مثلهم.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما كان عام الرمادة تجلبت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة فكان عمر بن الخطاب قد أمر رجالاً يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم فكان يزيد ابن أخت النمر، وكان المسور بن مخرمة، وكان عبد الرحمن بن عبد القاري، وكان عبد الله بن عتيبة بن مسعود، فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا عند عمر فيخبرونه بكل ما كانوا فيه، وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة، وكان الأعراب حلول فيما بين رأس الثنية إلى راتج إلى بني حارثة إلى بني عبد الأشهل إلى البقيع إلى بني قريظة، ومنهم طائفة بناحية بني سلمة محدقون بالمدينة، فسمعت عمر يقول ليلة وقد تعشى الناس عنده أحصوا من تعشى عندنا، فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل. أحصوا العيالات الذين لا يأتون والمرضى والصبيان. فاحصوا فوجدهم أربعين ألفاً. ثم مكثنا ليالي فزاد الناس فأمرهم فأحصوا فوجدوا من تعشى عنده عشرة آلاف والآخرين خمسين ألفاً، فما برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل كل قوم من هؤلاء النفر بناحيتهم يخرجون إلى البادية ويعطونهم قوتاً وحملاناً إلى باديتهم. ولقد رأيت عمر يخرجهم هو بنفسه. قال أسلم: وقد كان وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم وبقي ثلث، وكان قدور عمر يقوم إليها العمال في السحر يعملون الكركور حتى يصيحوا ثم يطعمون المرضى منهم ويعملون العصائد، وكان عمر يأمر بالزيت فيغار في القدور الكبار على النار حتى يذهب حمته وحره ثم يثرد الخبز ثم يؤلم بذلك الزيت، فكانت العرب يحمون من الزيت، وما أكل عمر في بيت أحد من ولده ولا بيت أحد من نسائه ذواقاً زمان الرمادة إلا ما يتعشى مع الناس حتى أحيا الله الناس أول ما أحيوا.
ـ عن بشير بن أوس بن الحدثان قال: لما كان عام الرمادة قدم على عمر قومي مائة بيت فنزلوا بالجبانة فكان عمر يطعم الناس من جاءه ومن لم يأت أرسل إليه بالدقيق والتمر والأدم إلى منزله. فكان يرسل إلى قومي بما يصلحهم شهراً بشهر وكان يتعاهد مرضاهم وأكفان من مات منهم، لقد رأيت الموت وقع فيهم حين أكلوا الثقل. وكان عمر يأتي بنفسه فيصلي عليهم، قد رأيته صلَّى على عشرة جميعاً، فلما أحيوا قال: أخرجوا من القرية إلى ما كنتم اعتدتم في البرية.. فجعل عمر يحمل الضعيف منهم حتى لحقوا ببلادهم.
ـ عن عبد الله بن عمر قال: رأيت عمر بن الخطاب يتحلب فوه فقلت له: ما شأنك: فقال اشتهي جراداً مقلياً.
ـ عن ابن عمر قال: ذكر لعمر جراد بالربذة فقال: لوددت أن عندنا منه قفعة أو قفعتين فنأكل منه.
ـ وعن ابن عمر قال: سمعت عمر يقول على المنبر.. وددت أن عندنا خصفة أو خصفتين من جراد فأصبنا منه.
ـ عن أنس بن مالك قال: رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذٍ أمير المؤمنين يطرح له من صاع من تمر فيأكلها حتى يأكل حشفها.
ـ قال: حدثنا أنس أنه رأى عمر أكل صاعاً من تمر بحشفه، وعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مثل ذلك.
ـ عن عاصم بن عبد الله بن عاصم أن عمر كان يمسح بنعليه ويقول: إن مناديل آل عمر نعالهم.
ـ عن السائب بن يزيد قال: ربما تعشيت عند عمر بن الخطاب فيأكل الخبز واللحم ثم يمسح يده على قدمه ثم يقول: هذا منديل عمر وآل عمر.
ـ عن أنس قال: كان أحب الطعام إلى عمر الثفل وأحب الشراب إليه النبيذ.
ـ عن الحسن قال: ما أدهن عمر بن الخطاب حتى قتل إلا بسمن أو إهالة أو زيت مقتت.
ـ عن الأحوس بن حكيم عن أبيه قال: أتى عمر بلحم فيه سمن فأبى أن يأكلها وقال: كل واحد منهما أدم.
ـ عن أبي حازم قال: دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته فقدمت إليه مرقاً بارداً وخبزاً وصبت في المرق زيتاً فقال: أدمان في إناء واحد لا أذوقه حتى ألقى الله.
ـ عن الحسن أن عمر دخل على رجل فاستسقاه وهو عطشان. فأتاه بعسل فقال: ما هذا؟
ـ قال: عسل، قال: والله لا يكون فيما أحاسب به يوم القيامة.
ـ عن السائب بن يزيد عن أبيه قال: رأيت عمر بن الخطاب يصلي في جوف الليل في مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، زمان الرمادة وهو يقول: اللَّهم لا تهلكنا بالسنين وارفع عنا البلاء، يردد هذه الكلمة.
ـ عن يسار بن نمير قال: ما نخلت لعمر الدقيق قط إلا وأنا له عاص.
ـ عن السائب بن يزيد قال: رأيت على عمر بن الخطاب إزاراً في زمن الرمادة فيه ست عشرة رقعة ورداؤه خمس وشبر، وهو يقول: اللَّهم لا تجعل هلكة أمة محمد على رجلي.
ـ عن عبد الله بن ساعدة قال: رأيت عمر إذا صلَّى المغرب نادى: أيها الناس استغفروا ربكم ثم توبوا إليه وسلوه من فضله واستسقوا سقيا رحمة لا سقيا عذاب. فلم يزل كذلك حتى فرج الله ذلك.
ـ حدث عبد الله بن يزيد من حضر عمر بن الخطاب عام الرمادة وهو يقول: أيها الناس ادعوا الله أن يذهب عنكم المحل، وهو يطوف على رقبته درة.
ـ عن الشعبي أن عمر خرج يستسقي فقام على المنبر فقرأ هذه الآيات: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (نوح: 10)، ويقول: اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ (هود: 3)، ثم نزل فقيل: يا أمير المؤمنين ما منعك أن تستسقي؟ فقال: قد طلبت المطر بمجاديح السماء التي ينزل بها القطر.
ـ عن أبي وجزة السعدي عن أبيه قال: رأيت عمر خرج بنا إلى المصلى يستسقي فكان أكثر دعائه الاستغفار حتى قلت لا يزيد عليه. ثم صلَّى فدعا الله وقال: اللَّهم اسقنا.
ـ عن عبد الله بن نياز الأسلمي عن أبيه قال: لما أجمع عمر على أن يستسقي ويخرج بالناس كتب إلى عماله أن يخرجوا يوم كذا وكذا وأن يتضرعوا إلى ربهم ويطلبوا إليه أن يرفع هذا المحل عنهم. قال وخرج لذلك اليوم عليه برد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، حتى انتهى إلى المصلى فخطب الناس وتضرع، وجعل الناس يلحون فما كان أكثر دعائه إلا الاستغفار حتى إذا قرب أن ينصرف رفع يديه مداً رداءه وجعل اليمين على اليسار ثم اليسار على اليمين. ثم مد يديه وجعل يلح في الدعاء، وبكى عمر بكاءً طويلاً حتى أخضل لحيته.
ـ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه أن عمر صلَّى بالناس عام الرمادة ركعتين قبل الخطبة وكبر فيها خمساً وسبعاً.
ـ قال عمر بن الخطاب للعباس بن عبد المطلب: يا أبا الفضل كم بقي علينا من النجوم؟ قال العواء، قال: كم بقي منها؟ قال: ثمانية أيام قال عمر: عسى الله أن يجعل فيها خيراً، وقال عمر للعباس: اغد غداً إن شاء الله. قال فلما ألح عمر بالدعاء أخذ بيد العباس ثم رفعها وقال: اللَّهم إنَّا نتشفع إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المحل وأن تسقينا الغيث. فلم يبرحوا حتى سقوا وأطبقت السماء عليهم أياماً. فلما مطروا وأحيوا شيئاً أخرج العرب في المدينة وقال: ألحقوا ببلادكم.
ـ عن السائب بن يزيد قال: نظرت إلى عمر بن الخطاب يوماً في الرمادة غدا مبتذلاً متضرعاً عليه برد لا يبلغ ركبتيه، يرفع صوته بالاستغفار.. وعيناه تهراقان على خديه، فدعا يومئذٍ وهو مستقبل القبلة رافعاً يديه إلى السماء وعج إلى ربه فدعا ودعا الناس معه، ثم أخذ بيد العباس فقال: اللَّهم إنا نستشفع بعم رسولك إليك، فما زال العباس قائماً إلى جنبه ملياً والعباس يدعو وعيناه تهملان.
ـ قال: عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: رأيت عمر أخذ بيد العباس فقام به فقال: اللهم إنا نستشفع بعم رسولك إليك.
ـ عن سليمان بن يسار قال: خطب عمر بن الخطاب الناس في زمان الرمادة فقال: أيها الناس اتقوا الله في أنسكم وفيما غاب عن الناس من أمركم، فقد أبليت بكم وابتليتم بي فلندع الله يصلح قلوبنا وأن يرحمنا وأن يرفع عنا المحل. قال فرئي عمر يومئذٍ رافعاً يديه يدعو الله، ودعا الناس وبكى وبكى الناس ملياً، ثم نزل.
ـ عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر يقول: أيها الناس إني أخشى أن تكون سخطة عمتنا جميعاً فاعتبوا ربكم وانزعوا وتوبوا إليه وأحدثوا خيراً.
ـ وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كنا في الرمادة لا نرى سحاباً فلما استسقى عمر بالناس مكثنا أياماً ثم جعلنا نرى قزع السحاب وجعل عمر يظهر التكبير كلما دخل ويكبر الناس حتى نظرنا إلى سحابة سوداء طلعت من البحر ثم تشاءمت فكانت الحياة بإذن الله.
ـ عن أبي وجزة السعدي عن أبيه قال: كانت العرب قد علمت اليوم الذي استسقى فيه عمر وقد بقيت غبرات منهم فخرجوا يستقون كأنهم النسور العجاف تخرج من وكورها يعجون إلى الله.
ـ حدثنا سعيد بن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن جده قال: رأيت عمر بن الخطاب حين وقع المطر عام الرمادة يخرج الأعراب يقول: اخرجوا اخرجوا الحقوا ببلادكم.
ـ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر أخر الصدقة عام الرمادة فلم يبعث السعاة، فلما كان قابل، ورفع الله ذلك الجدب، أمرهم أن يخرجوا فأخذوا عقالين فأمرهم أن يقسموا عقالاً ويقدموا عليه بعقال.
ـ عن حوشب بن بشر الغزاري عن أبيه قال: رأيتنا عام الرمادة وحصت السنة أموالنا فيبقى عند العدد الكثير الشيء الذي لا ذكر له فلم يبعث عمر تلك السنة السعاة. فلما كان قابل بعثهم فأخذوا عقالين فقسموا عقالاً وقدموا عليه بعقال، فما وجد في مبنى فزارة كلها إلا ستين فريضة، فقسم ثلاثون وقدم عليه بثلاثين، وكان عمر يبعث السعاة فيأمرهم أن يأتوا الناس حيث كانوا.
ـ عن كردم أن عمر بعث مصدقاً عام الرمادة فقال: أعط من أبقت له السنة غنماًَ وراعياً ولا تعط من أبقت له السنة غنمين وراعيين.
ـ قال: سمعت يزيد بن شريك الغزاري يقول: أنا في زمن عمر بن الخطاب أرعى البهم، قلت: من كان يبعث عليكم؟ قال: مسلمة بن مخلد، وكان يأخذ الصدقة من أغنيائنا فيردها على فقرائنا.
ـ عن زر بن حبيش قال: رأيت عمر بن الخطاب خرج مخرجاً لأهل المدينة رجل آدم، طويل، أعسر، أيسر، أصلع وملبب برداً له قطرياً، يمشي حافياً مشرفاً على الناس كأنه راكب على دابة، وهو يقول: يا عباد الله، هاجروا ولا تهجروا واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا أو يرسلها بالحجر ثم يقوم بأكلها ولكن ليذك لكم الأسد الرماح والنبل.
ـ سئل عاصم عن قوله هاجروا ولا تهجروا فقال: كونوا مهاجرين حقاً ولا تشبهوا بالمهاجرين ولستم منهم.
ـ قال محمد بن عمر: هذا الحديث لا يعرف عندنا، إن عمر كان آدم إلا أن يكون رآه عام الرمادة فإنه كان تغير لونه حين أكل الزيت.
ـ عن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون ولقد كان أبيض فيقال مم ذا؟ فيقول: كان رجلاً عربياً وكان يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمها فأكل الزيت حتى غير لونه وجاع فأكثر.
ـ عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عمر رجلاً أبيض أمهق، تعلوه حمرة، طوالاً، أصلع.
ـ عن القاسم بن محمد قال: سمعت بن عمر يصف عمر يقول رجل أبيض تعلوه حمرة طوالاً. أصلع أشيب.
ـ عن سالم بن عبد الله قال: سمعت بن عمر يقول: إنما جاءتنا الأدمة من قبل أخوالي وأم عبد الله بن عمر زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن جذافة بن جمح، قال والخال انزع شيء، وجاءني البضع من أخوالي فهاتان الخصلتان لم تكونا في أبي، رحمه الله، كان أبي أبيض لا يتزوج النساء لشهوة ألا يطلب الولد.
ـ أخبرنا حزام بن هشام عن أبيه قال: ما رأيت عمر مع قوم قط إلا رأيت أنه فوقهم.
ـ عن عبيد بن عمير قال: كان عمر يفوق الناس طولاً.
ـ عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال: كان عمر رجلاً أيسر.
ـ سمع أبو التياح يحدث في مجلس الحسن قال: لقي رجل راعياً فقال له أشعرت أن ذاك الأعسر الأيسر أسلم؟ يعني عمر فقال: الذي كان يصارع في سوق عكاظ؟ قال: نعم، قال: أما والله ليوسعنهم خيراً أو ليوسعنهم شراً.
ـ أخبرنا مسلمة بن قحيف، قال رأيت عمر رجلاً ضخماً.
ـ عن هلال قال: رأيت عمر رجلاً جسيماً كأنه من رجال بني سدوس.
ـ عن هلال بن عبد الله قال: كان عمر يسرع ويعني في مشيته وكان رجلاً آدم كأنه من رجال بني سدوس وكان في رجليه روح.
ـ عن نافع بن جبير بن مطعم قال: صلع عمر فاشتد صلعه.
ـ عن أسلم قال: رأيت عمر إذا غضب أخذ بهذا، وأشار إلى سبلته فقال بها إلى فمه ونفخ فيه.
ـ عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن عمر بن الخطاب أتاه رجل من أهل البادية فقال: يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا علينا في الجاهلية وأسلمنا عليها في الإسلام ثم تحمى علينا؟ فجعل عمر ينفخ ويفتل شاربه.
ـ عن عبد الله قال: ركب عمر فرساً فانكشف ثوبه عن فخذه فرأى أهل نجران بفخذه شامة سوداء فقالوا: هذا الذي نجد في كتابنا أنه يخرجنا من أرضنا.
ـ عن أبي مسعود الأنصاري قال: كنا جلوساً في نادينا فأقبل رجل على فرس يركضه يجري حتى كاد يوطئنا قال: فارتعنا لذلك وقمنا قال: فإذا عمر بن الخطاب، قال فقلنا: فمن بعدك يا أمير المؤمنين؟ قال: وما أنكرتم؟ وجدت نشاطاً فأخذت فرساً فركضته.
ـ عن أنس بن مالك قال: خضب عمر بالحناء.
ـ وعن أنس أيضاً قال: كان عمر يرجل بالحناء.
ـ وله أيضاً: كان عمر يخضب بالحناء.
ـ قال أنس بن مالك: رأيت عمر بن الخطاب يرمي من جمرة العقبة وعليه إزار مرقوع بفرو، وهو يومئذٍ وال.
ـ وعن أنس قال: كان بين كتفي عمر بن الخطاب ثلاث رقاع.
ـ عن أنس قال: لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميص له.
ـ وعن أنس بن مالك قال: كنا عند عمر بن الخطاب وعليه قميص في ظهره أربع رقاع فقرأ فاكهة وأباً فقال: ما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف فما عليك أن لا تدري ما الأب.
ـ عن أبي عثمان قال: أخبرني من رأى عمر يرمي الجمرة عليه إزار قطري مرقوع برقعة من أدم.
ـ عن أبي محصن الطائي قال: رمي على عمر بن الخطاب وهو يصلي إزار فيه رقاع بعضها من أدم، وهو أمير المؤمنين.
ـ عن أبي عثمان النهدي قال: رأيت إزار عمر بن الخطاب قد رفعه بقطعة أدم.
ـ عن أنس بن مالك قال: رأيت عمر بن الخطاب يطوف بالبيت عليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة إحداهن بأديم أحمر.
ـ عن عبيد بن عمير قال: رأيت عمر يرمي الجمار عليه إزار مرقع مقعدته.
ـ عن الحسن أن عمر بن الخطاب كان في إزاره اثنتا عشرة رقعة بعضها من أدم. وهو أمير المؤمنين.
ـ عن عمرو بن ميمون قال: رأيت على عمر بن الخطاب يوم أصيب إزاراً أصفر.
ـ عن أبي الأشهب أن النبي صلَّى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصاً فقال: أجديد قميصك أم لبيس؟ فقال لا بل لبيس، فقال: إلبس جديداً وعش حميداً وتوف شهيداً وليعطيك الله قرة عين الدنيا والآخرة.
ـ أخبرنا أبو الأشهب عن رجل من مزينة أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، رأى على عمر ثوباً فقال: أجديد ثوبك هذا أم غسيل؟ قال فقال: يا رسول الله غسيل، فقال: يا عمر البس جديداً وعش حميداً وتوف شهيداً ويعطيك الله قرة عين في الدنيا والآخرة.
ـ عن عمر بن ميمون قال: أمنا عمر بن الخطاب في بت.
ـ وعن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر، لما طعن، عليه ملحفة صفراء قد وضعها على جرحه وهو يقول: كان أمر الله قدراً مقدوراً.
ـ أخبرنا عبد العزيز بن أبي جميلة الأنصاري قال: أبطأ عمر بن الخطاب جمعة بالصلاة فخرج، فلما أن صعد المنبر اعتذر إلى الناس فقال: إنما حبسني قميصي هذا لم يكن لي قميص غيره، كان يخاط له قميص سنبلاني لا يجاوز كمه رسغ كفيه.
ـ عن بديل بن ميسرة قال: خرج عمر بن الخطاب يوماً إلى الجمعة وعليه قميص سنبلاني فجعل يعتذر إلى الناس وهو يقول: حبسني قميصي هذا.. وجعل يمد يده، يعني كميه، فإذا تركه رجع إلى أطراف أصابعه.
ـ قال: حدثني يناق بن سلمان دهقان من دهاقين قرية يقال لها كذا قال: مرّ بي عمر بن الخطاب فألقى قميصه فقال: اغسل هذا بالأشنان، فعمدت إلى قطريتين فقطعت من واحدة منهما قميصاً ثم أتيته فقلت: إلبس هذا فإنه أجمل وألين، قال: أمن مالك؟ قال قلت: من مالي، قال: هل خالطه شيء من الذمة؟ قال قلت: لا إلا خياطه، قال: أعزب، هلم إلي قميصي، قال فلبسه وأنه لأخضر من الأشنان.
ـ حدثنا أسامة بن زيد عن أبيه عن جده قال: رأيت على عمر وهو خليفة إزاراً مرقوعاً في أربعة مواضع فوق بعض، وما علمت له إزاراً غيره.
ـ عن أنس بن مالك قال: رأيت على عمر إزاراً فيه أربع عشرة رقعة أن بعضها لادم، وما عليه قميص ولا رداء، معنم، معه الدرة يطوف في سوق المدينة.
ـ قال: أخبرنا حزام بن هشام عن أبيه قال: رأيت عمر يتزر فوق السرة.
ـ قال: أخبرني عامر بن عبيدة الباهلي قال: سألت أنساً عن الخز فقال: وددت أن الله لم يخلقه. وما أحد من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم، إلا وقد لبسه ما عدا عمر وابن عمر.
أيها السادة..
لقد قتل عمر شهيداً مصداقاً لحديث النبي.. قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، وكان مجوسياً، بعضهم حسبها المؤامرة، وبعضهم الحقد من الغلام المجوسي.
وقتل عمر يعيش فينا بالمثل.. خليفة راشداً شعاره.. اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة.. والسلام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :979  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 799 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.