شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحب
وجاء يحمل نفسه إلى بيتي... هو شاب لا أعرفه، ولم أره من قبل!!.
عرفني بنفسه إسماً وعائلة ثم شرح حاله!! قال: أنا شاب وموظف خطبت ابنة عمي فرضي أبوها فكانت فرحة متعت بها. وتم عقد النكاح وتحدد بعد أجل شهر الزفاف...
كانت أمها بعيدة عن أبيها هي وأبناؤها معه... لأنه تزوج غيرها. واحتفظ بعروس عنده.. وسمعت الأم بما تم من عقد زواجي عليها فأخذت تعارض. لأنها تريد تزويجها من قريب لأمها.
وبينما العروس في ذات صباح تعد نفسها لأمل الفتاة جاء أخوها يدعوها لتزور أمها فذهبت فرحة... فكل بنت وكل ابن يحب أن يرى أمه أكثر مما يرى أباه...
وذهبت وأبقتها الأم أياماً لا يسأل الأب عنها، لأنه لا يريد النكد، ولا يحب أن يحرم أماً من بنتها.
وهناك أخذوا يغرونها بتركي. وطلب الطلاق فرفضت. وأحبت أن تتصل بي فلم تجد فرصة. ولم تجد هذه الفرصة لتعلم أباها. وأرادت الخروج فمنعوها.
وشددوا عليها بكل وسائل الإغراء والذم والضغط حتى ضاقت. تبكي فلم يرحموها.
وأخيراً غافلتهم فأشعلت النار في نفسها بالغاز واحترقت... فنقلوها إلى المستشفى تمرض... وأرسلوا إليَّ لأراها.. وذهبت فلم أجد إلا جسماً محترقاً يئن ويصرخ.. فبكيت وبكيت... ثم بعد يوم ماتت، وتركتني أعيش كميت أياماً. ولعلي أنساها. لأنها كانت حبي وسعادتي. وسكت بعين دامعة.
وقلت له: هكذا الجهل. هكذا الشهوات... الأم قتلت بنتها. بكراهيتها للأب وأقاربه. ولم تحسب حساب العاطفة والرحمة لبنتها... غفرانك يا ربي لهما جميعاً فأنت أرحم الراحمين..
* * *
* قال: ما أنت عليه اليوم؟.
قلت: في ضيم المحبين، وراحة الكارهين!! فالحب يضيم رغم أنه المسعد، فإذا أنت لم تحمله بما يحمله ويكمله أضمته فأضامك.
والكراهية راحة لأنك مهما استرذلت في تصرف وجدت المبرر والحافز. الكراهية تميت لأنها تنحرف به عن إيصال الخير. لأحداث الشر.
قال: ما الفرق بين الحيوان والإنسان في الحب والكراهية؟.
قلت: الحيوان يحب ولا يكره.. حتى عدوانه على فريسته حب لا كراهية فيه.. غريزة تريد الحياة من حب الحياة!!. فالذئب إذا ما هرب من الكلب فإنه هروب من الخوف.. لا هرب الكارهين. وإذا ما أكل الشاة فأكلة المحب!!.
قال: ذئب وشاة لا أريد ذكرهما... إني أكره الذئب. وأحب الشاة.
قلت: إنك لا تكره الذئب فأنت تخافه... ولكنك تحب الشاة لأنها أرضعتك أولاً وتأكلها ثانياً.. فأيكما أشد حبا لها؟ أنت؟ أم الذئب.
أنت تحب الشاة مرضعة تأكلها، وهو يحب الشاة يأكلها. فكل الفرق أنك خاسر الوفاء. أما هو فحافظ البقاء.
قال: والحصان؟.
قلت: هذا هو الحب والفوز والخير والعز والخيلاء كلها صفات الحب.. ليس فيها من خلال الكراهية شيء!.
غير أن الفتى يلاقي المنايا
كالحات ولا يلاقي الهوانا
هذه من عزائم أحمد بن الحسين المتنبي... قالها شعراً، وقتلته فعلاً.. هي صورة لفارس شهم!! لكنها لا تصلح مرآة لحياة اليوم!.
فالهوان قد ألفه إنسان اليوم، حتى انقلب من قهر عليه إلى هواية له!!.
وحتى الذين يسلطون الهوان بقوة يملكونها ما هم إلا محترفون لصناعة الهوان... يتلقونه... بقوة ملقنة تفرض عليهم باسم العون والنصح والسلامة والمهاهدات وتبادل المنفعة، فالولوغ في المضار..
إن المتنبي لم يمدح المذلة حينما تخفي سم الأراقم تحت أنيابها. أو أثوابها!!.
فهو يقول:
والذل يظهر في الذليل مودة
وأود منه لمن يود الأرقم
إنه ينصح المذلين ألا يسترسلوا في إذلال غيرهم، فلا تغرهم مودة ظاهرة، فإن تحتها سماً نافعاً كسم الأرقم.
كان هذا في الزمن الأول... أما هذا الزمان فالمذلة هي فارضة الحب في أعصاب الرجال، كأنها تخدير منوم... أي أن غسل ذلك للأعصاب والدم يفسر الذليل بذلك على الحب فالطاعة والالتصاق... فهي عملية أقدم من غسل الأمخاخ... بل أعتى لأنها جرعة... جرعة.. جرعة لا قسر فيها... أما غسل المخ فقسر مرعب.
إن الاذلال صناعة تصنع طبعاً في الأذلاء... تجعلهم كما قالوا: جوع كلبك يتبعك!.
أما حكاية: سمّن كلبك يأكلك، فقد جربها كافور فهرب منها، فأرهب المتنبي حتى هرب منه!. المهم أن كافوراً ساد، والمتنبي يعيش إلى اليوم.
* * *
* وسرنا إلى الطائف مصعدين إلى كرى فالهدى. نهتدي بنور القمر... حتى لقد كتمنا أنفاس ضوء القمر في مصباح سيارتنا. لا يشغلنا عن البهاء ينسرب في نفس إشعاعاً نتبرد به.
وتنفس الصبح أمشى في غلسه إلى الردف عبر وج. يسوقني حنين لم يستجد منه شيء في الهدى، ويتجدد كل الشيء في الردف من الذكريات على الصخيرات البيض. كأنما هي تلك الصخرة التي شوهتها الفلل في ((عجلان)).
وتكلمت المنفردة بانزوائها أحس كأنما هي تداعب أحمد بن الحسين حيث يقول: أصخرة أنا مالي لا تحركني هذه المدام ولا تلك الأغاريد وسمعتها تكلمني ساخرة من هذا الإنسان يخدعه الحس من نفسه يحسبه المستحيل على من يسميه جماداً. وما يدري الإنسان أن للجماد حنيناً إليهم. إلى لمساتهم وأحاديثهم غاضبة. مدلة. هاربة. راجعة تعود...
راميات بأسهم ريشها الهدف تشق القلوب قبل الجلود بل إن احساس الصخرة ((إياها)) قد يكون الأعمق من تعبير المتنبي لأنه فيها منقوش لا يتغير. بهذه الاستمرارية والثبات والتحمل والتجديد والصمت. فالصمت في الصخرة هو التعبير في الإنسان اللاصخري فهي بالصمت تروي لنا الخبر بالمشاعر أستعيرها منها لأنها باعثة التذكر للذكرى. وأعرف من ذلك بالاستكناه والشم والمناغاة والمناجاة. كأنما هي تمثال لم ينحت صورة، وإنما نقشت عليه المشاعر لا تلمح المثيل، وإنما يحدثك المثل أي الأمثولة... وأنشدتها..
ولما نزلنا منزل طله الندى وروضا أنيقاً من النور حالياً أجد لنا طيب الحديث وحسنه منه فتمنينا فكنت الأمانيا وتتجدد الأمنيات في الفؤاد فؤاد الإنسان المتحرك بالفكر والحب، وتجمد في إنسان يعيش حياة معدة. حياة معدة أصلب من الصخرة خرساء لا تتكلم إلا عن الرغيف والقرش... هات. هات حياة معدة يرهقها علاج من العلاج.
ونزلت الفتاة من سلم المستشفى تذهب إلى بيتها فرأت العجوز يكاد يسقط. قالت لسائق السيارة، خادم البيت الذي رباها على كتفيه حتى رآها عروساً تأمره.
قالت: عكز الشيخ. عاونه. فلعلنا نوصله إلى مكانه ولم يقف رياض، بل أسرع يحرك السيارة... وركبت، تقول له: لماذا لم تساعد الشيخ؟.
قال: أساعده، أساعده! فهل ساعدني أحد...
لقد جئت إلى هنا ولا أملك نقيراً ولا قطميراً! وقفت ظمآن أشرب.. بائع الماء ((المغراف)) فلم أكد أضعه حتى قال: هات قرشين. هات قرشين!.
لم تكن معي.. فما أطلقني حتى كنست له وملأت الأزيار... ومكثت يومين طاوياً دون ما لقمة، الماء بقرشين فالخبز بكم؟.
لو سقيت شربة ماء لم أدفع فيها جهد نهار، بقيمة قرشين لوجدتني أعين العجوز.
لو كنت مكانه لما عكزني أحد إلا بريال.
قالت: سامح. سامح. أسامح. أسامح! هـ. هـ. أهل السماح ماتوا ((ملاح)) كان زمان وجبر.
مغراف ماء بقرشين وتعكيز عجوز بريالين. هذا قانوني تعلمته هنا وأرسلت زفرة وهي تقول: عقدة.. عقدة.. لا تحل إلا بصدقة من رجل يصنع معروفاً مع هذا المتحجر، مصادفة دمرت نفساً. فهل من مصادفة تعمر هذه النفس وعرفتها.. فقالت: ونحن ألم نحسن إليك؟.
قال: ما كان بلاش.. خدمة وعمل.. وأجر وأكل لولا حاجتكم وحاجتي لما تم بيننا تعاقد ولا تفاهم ولا طال لي عندكم أمد... شربة بقرشين.
* * *
* قالوا له: أنت مفرط في حب أهلك وقومك!
قلت: وهل يعاب ذلك على إنسان أحب قومه وأبناء وطنه، وقبيله، وأمة دينه؟.
إن العيب أن تجسد الكراهية في نفسك للأقربين، وتمحض الأبعدين عمق الصلة، ويسر اليد وطلاقة الوجه.
صحيح أن بعض الأقربين لا يُحْتَمل منهم ما يصنعون!.. لكن أين الصبر والتقويم والاستقامة على الحب؟.
إنك حين تعطي الأقرب حقه من الود، فستجد العزة والجماعة الحتمية، يهابك الأبعدون.
قال: لكن الإفراط مضر!.
قلت: لئن أفرط في الحب فأزيد وأزيد، خير من التفريط بحق الأهل والأقربين من قومك... من أبناء دينك، وأهل وطنك.
فأنت يا صديقي تزن الأمور على هواك، تريد أن تأخذ ولا تعطي، أن تحب أنت ولا تحب، أن تُكره ((بضم التاء)).
كل شيء هو لك، وليس لغيرك شيء؟.
هذا ما يبعدني عنك، لأنه يقربك من هؤلاء الذين يصنعون النهش لنا جواز مرور لدى وجدانك العامر بشيء لا أدريه!.
ثم قلت له: أسمع هذا الخبر عن ابن هشام في السيرة:
قال: ولما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن حبيب حامل راية ثقيف بعد ذي الخمار. قد قتل.. قال عليه الصلاة والسلام:
أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشاً.
لقد كان مبعداً لقتله على الكفر، لكن دعاء رسول الله فيه الأبعاد إلى عمق سحيق في النار... كأنه مضاعفة للعذاب له... عذاب على الكفر وعذاب على البغضاء لقومه الذين آمنوا به ونصروه أو هم الذين ولدوه ممن مآلهم إلى جنة.
ومن حق عليه العذاب لا شأن لنا بالبغضاء له.
* * *
* وزيران مثلاً... أو كبيران مثلاً... تتقدم إلى واحد منهما في شأن هو المكلف به، فنجد الإقبال والقبول والعناية بالموضوع، فلا تخرج إلا وأنت تقول: صاحب خلق، ما أكثر ما يلبي، وحتى لو امتنع عليه فمنع جاءك بالمعذرة، الكريمة، تشعر معها بأنك مكرم منه.
وفي الموضوع نفسه تذهب إلى الآخر لأنه صاحب العلاقة به بأكثر من الأول فلا يكاد يستمع لك، حتى تشعر ((بالأف)) والضيق قد اكتسى بهما... فالأف من داخل... والضيق على السرائر.
وتتركه ماضياً في طريقك لتقول: مسكين، إنه ينسى نفسه... نسى أن كان في حاجة إلى معين، فلو لم يجد من يأخذ باليد لما ارتفع فالطموح والمعرفة واللياقة، كلها لا تقدم نفسها إلا بمن يقدمها لك.
أنسيت يا صديقي ما فعلته الكلمة الطيبة عنك من ألسنة رطبة دافعت ونصحت وأعانت.. وجاءني كتاب منه... يعتذر عن ضيق لحظته عليه في حال كان فيها حينما كلمته عن إنسان في حاجة إلى عون.
وأجبته: لقد رجعت إلى أصالة، فما أفرطت في عتب عليك إلا لأحميك شر الغضب فيك، وشر الغضب عليك.
إن الإشفاق كاتعاظ وجداني لا يقدم ولا يؤخر. فكثيراً ما انقلب هذا الإشفاق منك إلى شماتة، أو إلى سخرية، أو هو التبرؤ من الذنب.
إن عقدة الذنب كثيراً ما تأتي بالإشفاق الكاذب. وإن الاعتقاد بأن صنع الجميل والإحسان والرحمة للناس هو الدافع للطموح إلى فوق يجعلك تصنع الجميل، وتكسب الكل، وتعين العاجز..!!.
فرق أن تكون مريضاً بعقدة..
وأن تكون معافاً صحيحاً باعتقاد...
تكسب الكل وتصل الرحم وتعين العاجز.. هذه أخلاق النبوة.. جعلتها أم المؤمنين خديجة حجتها بأن الله لن يخزي محمداً صاحبها صلى الله عليه وسلم، رضي الله عن أم المؤمنين حاضنة الإسلام.
* * *
* وأمسك الشيطان بأنوثة الإنسان، يسير بها، في كل اتجاه عله يجد الغواية في نفوس لا يردعها رادع.
وأمسك الشيخ بالصلاة يذرع بها الخطوات وراء الشيطان يرهبه بعصا التكبير والتحميد والسلام.
وأخذ إبليس يجري بالأنوثة والزينة والمادة والبهرج. يتبعه جمع كبير ينهشون من يده الشيء الذي فيها، وما دروا أنهم ينهشون أنفسهم، ويسقط في الطريق الذين نهشوا أكثر، ويعطش في الطريق الذين لهثوا أكثر.
ويأتي الشيخ يمسح الخطايا عن الواهنين، والحيارى، وتكون المعركة. المعركة بين الظلام والنور. المعركة بين الضلالة والهداية والمعركة بين الشهوة والفكر.. بين الجهالة والعلم.
حتى إذا انتصرت الصلاة... جاء الشيطان إلى المحراب على صورة يخدع الناس بها... أنه أمامهم!!.
ويفتح أناس أبصارهم، وتعمى بصائرهم فيسيرون وراء الزيف في صورة الإمام وحتى إذا استمرأوا الطاعة له. عصى بهم الحق والهدى فأخذهم وراءه مرة أخرى.
لكن الصلاة تحطم المزيفين بها. أنها حقيقة الزيغ بها أو عنها. فلا يمشون وراء الشيطان حتى يلحق بهم ركب من الصفوة عرفوا أين الشيخ. فأخذوه يقودهم لحرب الشيطان وإنقاذ الإنسان.
وكان سلاحه صلاة صادقة حقيقية مستمرة فيها دعاء إلى الله أن يصرف عنهم كيد الأبالسة. وبهزة من ومضة يحترق الشيطان. ويسوخ في القاع إلى درك من أسفل السافلين.
فالإنسان بالإنخداع والشهوة. هو شيطان نفسه.
* * *
* وتمزق الأب حسرة على ابن له، سار في طريق الغواية!. وسأل نفسه: من فعل به ذلك؟ أهو إهمال في التربية؟ أم هو قسوة فيها؟.
وأجابه استقراء الحال الذي سار به معه... كان يرافقه ليل نهار، كل لحظة يعظه. كفه عن التفكير والحركة والانطلاق.. لا تفعل هذا... أنظر إليّ كيف وصلت إلى النجاح!.
أراد أن يجعل منه صورة له. يتحرك فيه، ولا يحترك بشيء لنفسه. لما عجزه عن مقاومة الإغراء. صنع منه الذيل، فما استطاع أن يكون غير ذلك.
فالقسوة في العظة والتربية صنعت الطفل الخائف الرجل الضعيف يخضع لكل المغريات. وأراد الأب أن يغضب من قوة الحسرة والندامة فأمسك به صديق... قال له: أغمض أذنيك وعينيك. واحبس لسانك فلعل ما هو فيه تجربة تصنع شيئاً من الإحساس بالذات.. ولعل صدمة من المغريات، أو من المغرين، ترجه رجاً، تهديه إلى الصواب.
وصبر الأب، وأرهقه الانتظار.. وبينما هو جالس يترقب أخبار ابنه، إذا هو يأتيه! أيها الولد: أذقتني بالتدليل حلاوة التمرد. وأذقتني بالقسوة مرارة التردد، ولكني سرت بالتمرد وبلا تردد إلى طريق ضال. تعرفت منه وفيه كيف أذوق التدليل رحمة لا إباحة. وكيف أصنع من التردد طاعة ورفضاً للشر.. إني أعود إليك تربية الزمان. من رداء الخلان!
أمسك بالشيطان من قرنيه.. يجره إلى فوق لا يسفل به إلى تحت فطبيعة الإنسانية أن يكون صاحبها فوق، أما الشيطانية لو رفرفت بجناحين فعلمها تحت...!.
الشيطان في أسفل السافلين يدير الناس كيدا، ويوزع عليهم النزعات ليضحك أحياناً... لينتقم لقد كان القابض على قرنيه - أعني قرني الشيطان - رجلاً في الصالحين... أمسك بالشيطان وسأله وقد كان في قبضته الفوقية من تلك العلوية في الإنسان... تخرج الشيطان من التحتية.. سأله:
ممن تخاف... مم تخاف؟
قال: أخاف منك إنساناً علوياً ارتفعت بالطفولة فيك... فأنا أخاف الطفل سواء كان طفلاً قد صهرته في رجل مثلك أو كان الطفل تنصهر به الرحمة في نفوس رجال يجعلهم بها أطفالاً مثله ولو في لحظة... أنا أخاف لأنه العصي علي... بماذا أغريه.. باللعب واللعب؟. هذه ليست جرائم... أنا أريد الفساد لأدمر الناس... والطفولة تستعصي على ذلك... حينما كنت طفلاً ملائكياً.. أنعم في بحبوحة النعيم... أخرجتني من الرحمة ففازت نفس كأنما هو من طبيعة الشيطانية في... جعلتني أشعر بالتفوق... واركب التعالي.
* * *
* صور... بدون تعليق، وبلا تلفيق. فيها من البلاغ تشقيق، بعضه رقيق دقيق، وبعضه يخربش ولا يخدش.
قال: لقد أصبحت متسامحاً أكثر من اللازم! لعل شعورك بالشيخوخة فعل ذلك بك؟!.
قلت: إني لا أعرف إن التسامح في كثير من الحالات اسمه في تجربتي ((الصبر البليد)).
عجز في المقاومة، واسترخاء للمساومة وتفويت للنكد العلن بالخصومة، إلى النكد المبطن بالندامة.
هذا من ناحية ما يظهر لك!!.
أما ما هو في سري فشيء آخر. هو أن الخصام والفصام حرمان للإنسان من الصداقات والود... حتى يحرم المخاصم من صداقته لنفسه.
في الكندرة قنفذ. صاده صبي، أخذه يلعب به، ولكن القنفذ يلعب بالصبي.
حبسه في المخزن، فلما أصبح وجده قد ذهب وأخذ يفتش عنه فوجده يمشي القنقذية في الطريق كأنه استراح إلى الرمل في بقايا الوادي ينحدر في الحرم.
فرده مرة ثانية. وفر له ثانية. فقال له أبوه:
هل ترضى أن تُحبس في مخزن؟.
قال الطفل: لا، لا،.
وسار الطفل إلى بعيد إذا رأى القنفذ يمشي التقنفذ تركه. لأنه تذكر كلمة أبيه.
حتى القنفذ حريص على الانطلاق من القيد أو ذكر الأب عصفور الزمخشري، ورجله المكسورة ورجل الزمخشري.. فجرى إلى ابنه يشكره إن لم يحبس القنفذ!!.
أحب لابنه النجاة..!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :676  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 748 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.