شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طيبة.. رحلة في الزمان والمكان (5)
أئمة المسجد النبوي.. مواقف وطرائف
والذكريات ليست إلا جغرفة للأرض، أرض المدينة كما أنها مشاهد تاريخية، ليس منها أن تكون مذكرات شخصية، فلن أقحم نفسي متحدثاً عن شخصي وإنما هو الحديث عن المدينة المنورة في عهد الدولة العثمانية، العهد الحميدي، والعهد الرشادي ثم عهد الأشراف ثم العهد لهذا الكيان الكبير المملكة العربية السعودية، فالذكريات تاريخ من التاريخ عن الأحوال والاتصال والانفصال والرجال وكيف ابتليت بمن حولها وكيف طاب لبعض أهلها أن يعيشوا الفصام بلا خصام، ما أشد قربهم لبعض حين لا تكون المادة جراية أو صدقة، وما أقوى فصامه حين تكون المادة أحباباً يتقاربون وبالعنعنات كثيراً ما يتباعدون.. أكتب هذه الذكريات ليس فيها (( الأنا )) وإنما كلها الـ (( نحن )) .
ـ والمسجد النبوي يلزمنا أن نذكركم بالإِمام والمؤذن كما ذكرّناكم بالعلماء، فالأئمة الذين يصلّون بالناس كانوا طبقة لها امتيازها.. فالأئمة والخطباء من الأحناف لا غيرهم وهم (الخاندانة) أي إنهم الطبقة العليا، ولم يكن الإِمام أو الخطيب بما هو مؤهل به كفقيه وإنما هي - أعني الإِمامة - رتب يمتازون بها ومنح يصدر بها فرمان..
فالإِمام الذي يصلي بالناس أول الأمر لا بد أن يكون حنيفاً لأن مذهب السلطان العثماني كمذهب الخديوي في مصر - هو مذهب أبي حنيفة.. فإذا صدر الفرمان بأن يكون الأفندي (فلان) إماما،ً فأبناؤه يرثون الإِمامة، ولا يسألون أن يقوموا بالوظيفة، فالواحد منهم ولو لم يفك الحرف - إمام بالوراثة - حتى إذا وصل إليه الترتيب لأداء الصلاة يتخذ قارئاً ينوب عنه في أداء المهمة.. فهي مراتب افتخار يمتازون بها ويحرصون عليها.. فالصلاة الجامعة يؤديها الإِمام الحنفي وبعده يأتي الإِمام الشافعي يصلي بالذين لم يدركوا الجماعة الأولى وهو أيضاً صاحب رتبة منح الإِمامة بالفرمان..
إن الفرمان هو المرسوم السلطاني مكتوباً بالخط الديواني الجليل رأينا كثيراً من صوره في إدارة الأوقاف.. وإن تخلف بعض المصلين يأتي إمام على مذهب مالك يصلي في محراب المواجهة.. فعجيب أن يكون إمام دار الهجرة ليس له حظ من هذه الحظوة التي منحت للأحناف والشافعية.
أعرف من الأئمة المالكية أستاذنا السيد أحمد صقر ولم يكن بذلك قد منح الإمامة بالتشريف وإنما هو بأداء التكليف ((إمام بلا فرمان أما الإِمام المالكي المشرف بالفرمان فهو من بيت عبد الحفيظ)).
ولعلّك تسأل عن إمام في عهد الأتراك أو عهد الأشراف تابع لمذهب الإِمام أحمد.. ليس هناك أحد.. فالجفوة لمذهب ناصر السنة على هذه الصورة جاءت من تركة السلطان محمود ومحمد علي في حربهم ضد آل سعود وشيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب، مع أنه يوجد من أهل المدينة القدامى بيت النعمان فهم على مذهب أحمد.
ـ ويأتي المؤذنون وجلهم فرمانيون، غير أن حسين بخاري وعبد الستار شرفهم صوتهم فكان فرماناً على الفرمان.. وأحسب أنهم كلفوا بأمر محلي لا بفرمان سلطاني.
ـ وقل مثل ذلك في الكناسين وهم أيضاً أصحاب رتب يشرفهم أنهم يخدمون المسجد وينظفونه.
ـ وظاهرة لا بد أن نذكركم بها، فخلال إقامتي الطويلة لمدة واحد وعشرين عاماً أعني المدة التي أدركتها من عهد الأتراك والمدة التي عشتها في عهد الأشراف لا أعرف من ارتقى المنبر على الدوام غير هؤلاء الأربعة: حمزة أركوبي، جلال إلياس، أبو الفرج إلياس، زين بري، لعلّهم كانوا يؤدون واجبهم وواجب غيرهم بالإِنابة.. إن زين بري - كما ذكرنا من قبل - كان يأتي بخطبة الجمعة إلى أستاذنا السيد محمد صقر يقرأها عليه.. يستمع له.. يتعهده بالصواب نحواً وصرفاً لا فكرة. لكن هناك إمامين ذاع لهما الصيت وأحب المصلون أن يصلُّوا وراءهما لإتقان التجويد ولتجويد الإتقان بالصوت الجميل على النغم الموسيقي هما كامل توفيق (جد غالب توفيق الذي كان مديراً للأمن) وأخوه سعد توفيق (جد صديقنا حاتم توفيق)، فكامل توفيق وأسعد توفيق جمَّلهما الله بالوقار والصوت الحسن فلعلهما - قبل زكريا أحمد وعلي محمود - أتقنا سلم الأنغام، فما أسعد الأذن إذ تسمع كامل توفيق وأسعد توفيق!! وهما من أسرة تركية شركسية لهما حظ في وقف السلطانية ولهما الحظ الأكبر أن كانا من أعيان المدينة وأحسن أئمتها.
لقد كان لهما هذا الموقف في آخر عام 1342هـ يوم أقامت المدرسة الراقية احتفالاً بأول وآخر الخريجين منها وهم الأربعة المحمدون (محمد سالم الحجيلي المروحي السالمي الحربي الذي نشأ يستروح النسيم من وادي سجسج حول الروحاء ومن شعاب الجبل الأشم ورقان ((أو)) الأشعر ومحمد إلياس توفيق ولا قرابة له بالإِمامين السابقين وإنما هو لقب بيت آخر من قدامى الأتراك ومحمد نيازي (القازاني) وكان من روسيا البيضاء وفيها كثرة مسلمة حينذاك، وكاتب هذه السطور أبوه من صعيد مصر ومن أسيوط بالذات وأمه من الفضول من قبائل نجد نشأ في بيت شعر بدوياً آبداً تعلم من الرجال فاحتفل بسير الرجال. هؤلاء الأربعة المحمدون هم أول وآخر من تخرج من الراقية وأقيم الحفل في صالون المدرسة الراقية (الناصرية بعد) ولم يكن هناك زخرف مادي وإنما كان هناك الزخرف المعنوي.. كان كامل توفيق وأخوه أسعد يقرآن فاتحة الحفل بل وكل الحفل. وقد حضر هذا الحفل أمير المدينة حينذاك الشريف علي بن الحسين قبل أن يصبح ملكاً، وطبعت الشهادات لكن الأمير سافر، كما لم يرجع الشيخ عبد القادر شلبي عميد المدرسة إلى وكيل الأمير - وكان هو الشريف أحمد بن منصور ليصدق على الشهادات وبالتالي تأخر التصديق وضقنا ذرعاً فلجأنا إلى أستاذنا محمد صقر - وكان جريئاً على الشلبي فتداولوا الأمر وصدَّق الشهادات عبد المجيد باشا الحاكم العسكري.. صدقها وهو في قلعة سلع والمدينة محاصرة ليكون ضمها خاتمة التكوين لهذا الكيان الكبير.
وعن كامل توفيق وأسعد توفيق وسلم الأنغام نذكر هذه الطرافة كان البناني - أستاذ من تغنى.. العارف بالأنغام - هو الذي يكبر للصلاة.
إذا كان الإِمام هو كامل توفيق أو أسعد توفيق.. فالطريقة هي أن البناني يخرج من نغم إلى نغم وهو يكبر ليتحدى كامل أو أسعد وهما يجهران بالقراءة لا يعجزهما أن يسيرا مع تحدي البناني.. كان ذلك شيئاً مطرباً ولكن أحسبه يخرج بهم عن أدب الصلاة لأن الإِمام والمؤذن مشغولان بتحري النغم.. ولكن هكذا كان..
إن سلم الموسيقى الذي عرفناه منهم يشير إلى ما ذكره الأصفهاني في الأغاني عن عدد الأصوات، صوتان.. ثلاثة أصوات ولا أريد إلا أن أذكر بذلك.. فهناك نغم رصد (إذا جن ليلك فارصدي) هو أساس السلم الفارسي وتأسس عليه السلم التركي.. إن نغم الرصد - كأساس - ليس بالصاد وإنما هو هكذا الرست (بالسين) يعني الأساس.. ثم يأتي بعده نغم ((دوكا)) يعني صوتين (فدو تعني اثنين) ثم يأتي سيكا يعني ثلاثة أصوات.. فالتركيب الفارسي هو ((سي)) يعني ثلاثة ((وكا)) يعني صوتاً.. ويأتي بعده الجاركا هو بالفارسية ((جهاركا)) ((جهار)) يعني أربعة - ويأتي بعده ((البنجكا)) يعني خمسة أصوات لأن الأرقام الفارسية هكذا: يك.. دو، سي، جهار، بنج..
وتفرعت من هذه الأسس أنغام أخرى لا أعرفها وإن كان أكثر من سبعين بالمائة من شباب المدينة كانوا يعرفون هذا السلم حينذاك.
وكان من العارفين أيضاً: عبد الستار، وعلي براده، وصديق البناني عمر عبد السلام الذي كان يطرق الحديد طول نهاره فهو حداد - وفي مجالسه يتعلم الشباب منه الأنغام.. من هنا قلت إن الغناء في المدينة المنورة قد تأثر بالسلم التركي، فما من بيت من هذه البيوت إلا وفيه آلة الطرب العود، الكمان، أما خارج المدينة وفي الوطن وعند البادية فالربابة وعند أولاد الحارة - الشلاوية والمشاكلة، وأهل الوديان حول المدينة - فيتقنون المزمار من البوحي وهو صانع الجذب والهستيريا الراقصة حين يقيمون ((سيدي علي البدري)) و((الزير)) و((الزار)) و ((المزمار)) يعتقدون تصريف الجن بهذه الحفلات بينما هم يمرضون أنفسهم بهذه الأوهام هكذا كان ولكنه زال..
معلومة.. وطرائف.. وحواشٍ..
والمعلومة التي لم تفتني فيما سبق هي الإضافة إلى التعريف (بالمستر إحسان الله) عرفنا من هو في المدينة ومن هو في دمشق، بقي أن نعرف كيف هو في جدة، عرفنا بالمشاهدة والتعامل معه، فيما لو أردنا السفر إلى الهند وما إلى ذلك مما هو تحت سلطان بريطانيا العظمى حينذاك، عرفناه وهو في القنصلية البريطانية في جدة، سواء كان وكيلاً أو أكبر من وكيل، كان يعرف كل شيء عن المطوفين والأدلاء، كأنما هو الرقيب عليهم لتكون الرقابة حيث يصلون.
وصل إلى جدة في عهد الأشراف وبقي إلى أوائل هذا العهد، عهد الكيان الكبير. وفي أواخر جمادى الثانية عام 1352هـ حصلنا على تأشيرة الدخول إلى إمبراطورية الهند، كاتب هذه السطور والأستاذ محمود شويل، وكانت التأشيرة سهلة لأننا كنا ضيفين على المضياف الشيخ محمد حسين عمر نصيف تغمده الله برحمته، وكان إحسان الله يعرف محمود شويل من المدينة، تلميذاً للشيخ فالح الظاهري، الذي له مكانة في الحجاز وليبيا، كما يعرف عن محمود شويل صلته بالخديوي عباس، وانكشف لي ذلك حين رست الباخرة (علوي) في عدن، وإذا بمناد يدعونا، وقفنا على ضابط الجوازات، جلس على مكتب أعدّ له.. نظر في جوازات المسافرين إلى الهند وهم بقية الحاجين ولم يكن ذلك كثيراً، وقفنا أمامه ضابط بوليس.. رُبعه أقرب إلى القصر وإلى السمنة، لم أر شعراً شديد الحمرة كشعره، لعلّه صبغه بالحناء أو أنه موّلد (خلاسي) الأب عدنياً والأم إنجليزية أو غير ذلك، اكفهرّ يستغلظ قال: محمود شويل؟ ((من ساعة ما ركبتوا الباخرة عندنا خبر)). والشيخ محمود سريع البادرة غضوب، أمسكت بيده ألا يجيب وأجبته أنا، قلت له: يسرنا ذلك، لأن رقابتكم نوع من الحراسة لنا أو الحماية علينا، فحيثما نكون نجد هذه الرقابة، ليست هي التهديد وإنما هي حرصكم، وكاد يبتسم ولكنه قال: سنسمع.. سنسمع، وسمع ثم سمعنا حين امتد بنا العمر، زوال الإمبراطورية واستقلال الهند بقسميها الباكستان والهندستان.
وهكذا كان إحسان الله رجلاً حقق وطره وانتشر خطره، ولا يفوتني كمعلومة أن إحسان الله يحيط الذين يحملون الجنسية البريطانية بشيء من الرعاية، ولو كانوا يحملون جنسيات أخرى، ولعلّي أذكركم بأن أول قنصل لفرنسا في جدة في العهد العثماني الأخير كان ذلك الضابط الشاب (كاترو) الذي أصبح الجنرال (كاترو) من عناصر المقاومة لاحتلال النازيين من شيعة الجنرال ديجول، ولقد كان قد احتل الشام في الحرب العالمية الثانية حين هزم النازيون، ولكن الجنرال (سبرز) البريطاني والمستر تشرشل، قد كتبوا عليه الجلاء من سوريا حتى إن ديجول أخذ يشتم سبرز، ورد عليه تشرشل: ((أحب أن يذكر الجنرال ديجول أن سبرز هو الذي حمله من فرنسا إلى حيث نجا من النازية وتزعم المقاومة)).
الطرائف
هي عن بعض أشياخنا الكبار، مع الألفاهاشم ومحمد العلي التركي ومحمد الطيب الأنصاري، كانت عن مشافهة معهم، شرفوني بها، وعن فالح الظاهري وحمدان الونيس، كنت تلميذاً وفي السنة الرابعة راقية وفي الامتحان الخصوصي في شهر شعبان سنة 1342هـ، وكان الشيخ عبد القادر شلبي عميد المدرسة يباهي بالتلاميذ أيام الامتحانات فيدعو بعض كبار العلماء أو الأعيان، كمميزين وليمنحوا العلامات لكل تلميذ ولعلّه كان يمسكهم يجودون على التلاميذ بعلامة إضافية فرحاً بالتلميذ ومجاملة للشيخ يعني ((حج وبيع مسابح)) ولم يكن ذلك اليوم يوم امتحان لنا نحن تلامذة السنة الرابعة الراقية بل كان لتلامذة السنة الثالثة. وكان رئيس الفصل صديقنا إبراهيم عبد الرحمن فقي الصديقي من أسرة المفتي في مكة، سكن أبوه المدينة وكانت أمه من بيت الطيار الكبار.. ومن زملائه السيد يوسف مدني والسيد ماجد مدني وحسن إسماعيل والسيد عبد الهادي برزنجي، وكان الامتحان في مصطلح الحديث وأستاذه السيد محمد صقر والمميزون، تصوروا من هم؟!
الخضر بن مايأبى الجكني، المحدث ومن أعيان شنقيط وهو والد صديقنا محمد الأمين سفير الأردن سابقاً، والشيخ إبراهيم البري والشيخ الحبيب المغربي والشيخ الألفا هاشم المالي الفلاتي، ولعلّ إبراهيم مفتي لم يجب صواباً فنطق الخضر ينتقد، فهو حاد المزاج فإذا الشيخ عبد القادر شلبي يرفع صوته يرد الانتقاد بالجدل فهو ليس على درجة من معرفة المصطلح كما الشيخ الخضر، اتسع الجدل ولم يتدخل الآخرون، فإذا أستاذنا محمد صقر يخرج من الحلبة (فين الزيدان.. فين الزيدان..؟!) (لبيك) قال (ادخل فك العجة).
قلت: ليس هو لنا هو امتحان سنة ثالثة قال: (ادخل يا واد.. هو إنت اللي راح تفك العجة) وهمس في أذني على الجواب الصحيح، ودخلت والشيخان يتجادلان، سلمت بصوت جهير فرد السلام الأشياخ وجلست على الكرسي أرفع صوتي أقول: أنا تلميذ في الامتحان لا ترعبوني الخوف يسقطني، وكأنما أعجب كلامي شيخنا الخضر، وطفق يسألني عن الجواب فأجبت، وهدأت العاصفة بين الشيخين، ولم أدر ماذا جرى عني بعد، ولا يفوتني أن أقول إن الشيخ الخضر فيه دعابة فقد كان يشاهد ارتفاع البناء في بيته في زقاق الطيار فوقف مرة وهو يشاهد ارتفاع البناء، فقال لحاشيته (أنا من علامات الساعة من الحفاة العراة يتطاولون في البنيان).. وقفت على درسه ذات مرة في شهر رمضان أسمع، فقد كان يلهج بغنة شنقيطية وكان الحديث عن سجود السهو قبل السلام بعد السلام فارتفع صوته برنين وكأن عباءته قد ضاقت عليه يقول (لله در مالك علم أن السجود قبل السلام عن نقص وبعد السلام عن زيادة فما حصره قبل السلام دائماً ولا بعد السلام دائماً) ومشيت هكذا المغاربة أهل الحفاظ فما زالوا المحافظين على مذهب أهل المدينة وعلى قراءة أهل المدينة، أعني مذهب مالك وقراءة نافع مولى ابن أبي نعيم، الذي دفن في البقيع وقبره بجانب قبر مالك ويخطئ الأدلاء يحسبونه نافع مولى ابن أبي عمر.
أما ما جرى بعد أن خرجت من الامتحان الصوري فقد علمته بعد، كنت في رواق باب الرحمة قبل صلاة المغرب وساعة الأذان فإذا الشيخ الألفا هاشم يقف على رأسي (زيدان قم) وأخذ بيدي أسير بجانبه إلى الروضة.. (وتعال شوف الناس) يصل الخبر إلى والدي.. الشيخ ألفا هاشم ومعه ولد يصلي في الروضة، أكبروا ذلك وكبّر الأصدقاء، وبعد صلاة المغرب بسط الشيخ المحفظة فأخرج الدواة وقلم البوص وورقة مسطرة، أمسكت بالقلم وأخذ يمليني هكذا.
((يا زيدان يا من بزينة العلم يزدان.. يا زيدانُ إن المفرد العلم زيدانَ له مثنى زيد لقد دانا.. يا زيداني أضفتك إلى نفسي لأنك إلى محبوبي من العلم دان)).
وعرفت السبب فحين خرجت من الامتحان اختلفوا في إعراب اسم الزيدان فحقق الألفا هاشم إعرابه إعراب المفرد لا إعراب المثنى.
والخاتمة في هذه الحلقة عن الألفا هاشم أيضاً وهو يلقي درسه في الضحى في شهر رمضان، وقفت أسمع وأنا ذاهب إلى المدرسة وإذا هو يفسر قوله تعالى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى (الضحى: 4)، ألقى التفسير المجمع عليه الآخرة يوم القيامة.. والأولى الحياة الدنيا، ثم أردف ذلك وبلهجته المالية الإفريقية قال (وقال بعضهم الآخرة ((المدينة)) خير لك من الأولى ((مكة))) وانصرفت ألقيها بلهجته الضاد ظاء حتى قلت: إفريقي مغربي يحافظ على مذهب مالك وهو بعد مديني يحب مدينته.. يرحمه الله.
وللطرائف ملحق..
ملحوظة:
في حلقة سابقة تقدم اسم لطفي السيد لقب دكتور.. علماً بأنه ليس بدكتور.. وإنما هو أبو الدكاترة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1416  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 685 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.