شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تَلْفِزُوا لنَا الأيام وَالملاحِمْ.. ((2))
وما أريده من التلفزة لأيام العرب وملاحمها هو القصة والمعلقات والأسباب والرجال أريد ذكرهم وما نسب إليهم، ولا أدعو أن يكون ذلك على صورة التمثيل وصور الأبطال يتقمصها ممثل، فمن بعض المحاذير أن نترك ذلك أعني إظهار الأبطال على صور فكل ما أدعو إليه هو أن تكون التلفزة بقراءة القصة ملخصة وذكر اسم البطل يتلفزها لنا صوت رخيم يمسك بالربابة فإن لم يجدها أو يجدها فالكمان يغني متلفز واحد أو من يعينه على الكمان يقرأ ما كتب في القصة كيف نبغت حرب البسوس في وائل التي جمعت ربيعة الفرس فإذا هي في شمال الجزيرة وشرقها ولا أحد معها حالت دون أن يمتد نفوذ اللخميين المناذرة وأن لا يستطيع الفرس أي خطوة في أرض العرب، فوائل بقضها وقضيضها حمت جزيرة العرب بأسلوبين، أسلوب المقاومة للفرس ومن إليهم وأسلوب الصداقة مع الروم حين اعتنقت تغلب ومن إليها وبكر النصرانية، فالحرب بين الفرس والروم امتدت زمناً طويلاً وبرهاننا قوله تعالى: الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون. فِي بِضْعِ سِنِينَ (الروم: 1 - 3).
أدنى الأرض العراق تدانت عن أرض الروم وأراد الروم أن لا يدين العراق للفرس وبلغت وائل شأواً كبيراً وتغلبت تغلب على الشهرة فإذا كليب يعظم في وائل فاغتر بالعظمة حتى قتل البسوس قتل الناقة رآها ترعى في حماه فإذا خال ولده ابن عمه البكري جساس يحمي جارته شنخة العربي فيقتل كليباً ولا يسأل أن تترمل زوج كليب أخت جساس واسمها ليلى فثارت العرب يقود تغلب المهلهل فإذا بكر تعض لكن سيداً عاقلاً ذا حكمة اعتزل الحرب إذ سمع من قال له: لقد قتلتْ تغلب ابنك بجيراً فقال: وكأنه سبق قيس بن عاصم المنقريّ حين تخلق بالحلم، قال الحارث بن عباد. يصبر: نعم القتيل أصلح بين الفريقين، يعني أن ابنه بجيراً كفؤ لأن يكون هو الثأر مقابل كليب، سيد مقابل سيد، لكن صناع الفتنة قالوا له لقد وطأه المهلهل وطأة المتغطرس يقول لبجير وهو قتيل (بؤب شسع نعل كليب) يعني لست كفؤاً إلا لشراك نعل كليب وسمعها الحارث بن عباد فأنشد قصيدته العصماء التي لا أدري كيف لم تكن من المعلقات:
كل شيء مصيره للزوال
غير رب وصالح الأعمال
قرّبا مربط النعامة مني
لقحت حرب وائل عن حيال
لم أكن من جناتها علم اللَّه
وإني بحربها اليوم صالي
قربا مربط النعامة مني
إن قتل الكريم بشسع غالي
يا بجير الخيرات لا صلح حتى
تملأ البيد من رؤوس الرجال
وقربوا فرسه النعامة وركبت الخيل فانتصفت بكر من تغلب ولكن الزمن جعل بكراً تشمل حتى أمصر العراق إلى أرمينيا وجعل تغلب تنحصر في النصرانية لا تدين في الإسلام ولكن وائل لم تعقم فإذا شيبان أهدتنا خمسة كل له مقام هاني بن مسعود صاحب ذي قار انتصر على الفرس فأخبر عنها الرسول صلَّى الله عليه وسلم: اليوم انتصف العرب من العجم وبه نصروا ثم المثنى بن حارثة الذي استغول في تخوم الفرس في جزيرة العرب فإذا هو يعلن الجراءة يحمدها أبو بكر الصديق وإذا الحيرة تفتح ومع المثنى أخوه المعنى ومع المثنى زوجه سلمى التي أصبحت بعد الحليلة لقائد القادسية سعد بن أبي وقاص، والمشجع التي أطلقت سراح أبي محجن الثقفي، أما الخامس فليس هو من الفرسان، فرسان الحرب وإنما هو ناصر السنة قامع البدعة المحارب عن العقيدة الإمام أبو صالح أحمد بن حنبل. أليس كل هذا يصلح للتلفزة ليكتبه أديب، يقرأه شاعر ربابة على التلفاز؟ إن شاعر الربابة في المقهى له تأثير كبير على قومية العرب، فما أكثر الأسماء التي تسمى أيها العرب من أسماء أبطال الملاحم وملحمة عنترة وأبي زيد الهلالي وسيف بن ذي يزن وذات الهمة كلها تشريف للعرب فتلفزوها لنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :795  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 589 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.