شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العرب
• وسؤال آخر يشتد الإلحاح به للإفصاح عنه. وقد لا أجد جواباً عنه الآن في وقت زاحم تكاد الزحمة تأكل الرحمة. جهود عدة ومن سنوات بذلها العرب. كل عمل له ليكون نطاقاً حولهم، أو سياجاً يصد عنهم، أو قيمة ترتكز عليها مسيرة ما يسعون إليه كقضية فلسطين مثلاً.
جهود ضاعت، فلقد ذهبت كأنما هي ((قبض الريح)) أو هي ((حصاد الهشيم)).. ويرحم الله المازني.
فمثلاً ميثاق ((باندونج)) أين هو الآن؟
لقد أطريناه. وكأنه لازمة النشيد يذكر في كل بيان ويمجد على كل لسان.. لقد أصدرته دولة كبرى ووقعت عليه. هي الصين حينما أبرزت عضلاتها جنوب الهملايا وضد دولة موقعة عليه هي الهند.
فإذا الجميع يتركونه، ومن بينهم العرب فلم يعد له ذكر عندهم. لأنه لم يعد له قوام يرتكز عليه!.. كسر العكاز فسقط الأعرج المستند عليه. وكل الذين توسموا به نجاحاً لم يلقوا منه أي فائدة تذكر.
إن هذا الميثاق وأمثاله كمواثيق المنظمات ((إياها)) أفريقية وغيرها. أصبحت كالثوب ((الفضفاض)) يدخله أكثر من لابس فلا يضيق على الداخلين ولا يستر لابساً ضاق به ذرعاً من شدة أو كرب طرأ عليه يكاد يمزق الأثواب.. الأثواب تمزقت فعلاً! حتى الذين فرحوا بأفرقة شعوب عربية لم نجدهم الإفريقيين في محنة نالت العرب أسيويين وأفريقيين.
جهود أضاعت الفوز علينا، وأشاعت العداوة لنا ولعلّ بعضها له دخل في تأليب الذين خانوها أول أمرهم ثم عافوا الخوف منها بعداء صريح لنا ولأصحابها، ولئن صرفتنا زحمة النكبة فإنه ينبغي ألا نزحم أنفسنا في ما لا يفيد.
لا فائدة من ذلك، بل هو أخس وأضر.. لا اعتراض على ما مضى، وإنما الأمل فيما يأتي..
ـ الأرزاء التي تراكمت على الأمة العربية كثيرة، ومنهكة، لكن هذه الأمة عاشت رغم ذلك.. غير أنها تركت عقابيلها ورواسبها فأماتت فينا صناعة الموت.. من موت الحماسة.. من سقوط الغيرة. وفقدان الشجاعة. ومن فئام تصدروا فلم يصدروا إلا أن يشربوا اللذة لنتجرع على أيديهم الغصص. لا أعني بهم رعاع الناس. وإنما أعني بهم هؤلاء الحاقدين على الأمة العربية. أو الخوانين لها في كل حين.. حتى إبراهيم الإمام لا أعليه من ذلك، فلأحاسبنه في كلمة على ضالة شأني، عن كلمة قالها لأبي مسلم الخراساني: ((وأيما طفل بلغ شبرين يتكلم العربية فاقتله)) عيب عليه أن يفعل ذلك، ولكنها شهوة الحكم، ونقمة الحقد، ورزايا الانصياع إلى الذين ليسوا من أهلك؟؟.. فالذين انصاعوا أمس، أو ينصاعون اليوم لسبب أو لآخر.. لغير أهلهم.. هم بقايا الرزايا جلابة الرزايا.. هم يعرفون أنفسهم لا تستطيع أن تخوض معركة دونهم، ولا يعطون الفرصة لنخوض المعركة معهم!
لقد فقد العربي حوافز الاندفاع فأفقده ذلك داعية الدفاع.. فانحاز إلى نفسه.. يأكل لحم أخيه ميتاً، ويصنع منه أكلة دسمة للآكلين الآخرين - وهم كثر - والسبب؟!.. ضعف اليقين!!
والسبب.. إضعاف الرجال!!
والسبب.. فقدان الرجال.. الذين يستحيون من الهزيمة لأنهم يخشون العار.
والذين يكسبون النصر لكسب الشرف من وراء الانتصار!
والسبب.. من طغيان عناصر واغلة ومنحلة لم يكبلها داؤها.. بالحقد المذهبي القديم، فأفسدها داؤها الجديد بالحقد المذهبي الجديد.. سواء كانت مستغولة من خارج الحدود، أو غائلة في داخل الحدود!
عناصر شتى.. كل تعلقها بشيء نشأت عليه. أو مكان نشأت فيه أكثر من تعلقها بهذا الشيء الذي يحتويها، وكل عيشة لها، وبها.. كم هي جميلة وجليلة، ونفّاذة كلمة جبران: ويل لأمة كل قبيلة فيها أمة، ويل لأمة تأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر، ويل لأمة تقابل كل غاز بالترحيب والتهريج والتكبير. وتشيع كل منهزم بالفحيح والصفير.. وي! كأن جبران قبل أكثر من خمسين عاماً يشخص هذا الداء الذي نغرسه في نفوس شبابنا بهذه الأمثال: ((إذا طاحت السما على الأرض ما ينوبني إلا قد رأسي. أنا عود من طرف حزمة، أردب مولك لا تعفر كيله تتغبر دقنك وتتعب في شيله!!..)) وهكذا من هذه المخدرات المنومات.. قد يستمتع الواحد فيها بالسلامة لكن الأمة لن تنال بها سلامة.
• عدوان عربي على أرض عربية.. في وقت سبق للعالم العربي أن أجهز على عدوان مثله قتل فيه العربي أخاه في الجبل الأشم.. فأمسك العرب بخبائها المقطع.. فوثقوها ليصان الدم العربي لا يسفك إلا على ضفاف النهر.. أو على شاطئ الخليج أو على الهضاب لتتمكن اليد العربية من السلامة.. سلامة النفس والعرض والأرض من طغيان اليهود ومخططات الصهيونية وتنفيذات إسرائيل ومعونات الآخرين، عدوان عربي سفكت فيه الدماء على الرمال من تراث محمد عليه الصلاة والسلام.. سفك الدم العربي من الجنوب. يشرع السلاح ليحتل أرضاً ليست له كدولة وإنما هي لنا وله وللمقاتلين على الخليج وعلى ضفاف النهر لأنها أرض عربية.
ليس هناك خلاف على حد في هذه الأرض.. وإنما هو الاختلاف لا يجد من يحده من رجال يقولون للعادين: ارفعوا أيديكم عن أرض إخوانكم واملأوا أيديكم بدم أعدائكم.
ضاعت قيم الرجال.. هم أضاعوها.. لأنهم لم ينتصروا على أنفسهم.. كل همهم سواء كانوا الغافلين أو المغرضين أن ينتصر عليهم أعداؤهم.
كيف تتحد الكلمة العربية في مكان يخضع الإمكان وهؤلاء الأغلبية يشغلوننا بحرب جانبية؟!
لا.. بل هو مخطط يريد أن يدمر توحيد الكلمة.. لأنه قد شبع من دمار في نفسه لكلمة التوحيد.
دماء على ضفاف الماء تسيل بسلاح اليهود.. على ضفاف النهر وشاطئ الخليج.. وشعب يقتل في الأرض المباركة بسلاح عدو شرس بغيض مبغض يصب نقمة التاريخ قد رزح تحتها نقمة على أحفاد الذين كانوا نعمة التاريخ على إنسان هذه الأرض. كل الأرض. كل الإنسان.
نعمة ذاق الإنسان فيها الأمن في الأرض المباركة.. وفي غيره حتى اليهودي أمن السبي والقتل بالألوف في هذه الأرض التي يقتل فيها الآن الألوف..
وفي الأندلس والمغرب العربي والأناضول، لكن اليهود أشد الناس عداوة للذين آمنوا.. لا يرقبون في إنسان إلاَّ ولا ذمة.
الأرض حول النهر خضبت بالدماء.. والأرض في سيناء مرت بالدماء.. بينما التلال صامتة تعارك معركتها الكلامية من أجل ما صنعه راسبوتين الجديد.. لم يلبس ثوب القسيس.. وإنما ألبسوه ثوب القسيس.. يتزهد في الصورة.. بينما قد أزهق الروح العربية.. تعطل فيها الجبهة الشرقية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :832  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 569 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج