شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الروية والصبر
ـ في أوائل الستينات الهجرية كنا مجموعة من الموظفين كلفنا بعمل في المستودع العام للأرزاق وغيرها في جرول. وكان معنا رجل الأعمال صالح عيسى بوقري يرحمه الله. وفي الاستراحة من العمل يجري الحديث يتفرع كل يأخذ فرصة أن يتحدث. وأخذ صالح بوقري فرصته ولم يكن في ذلك غير متوائم مع ما كنا نتحدث فيه.
كان الحديث عن مواجهة المشاكل بعضنا يفضل طردها. وإسقاطها من تفكيره. وبعضنا يحبذ المواجهة للمشكلة، فتهيأت الفرصة لصالح بوقري فقال: - كان من عادتنا نحن ((البوقرية)) أن نزور المدينة المنورة في كل عام فالصلاة في المسجد والسلام على رسول الله والفسحة في البساتين، واللقاء للأصحاب وبعد انتهاء الرحلة رجع والدي إلى مكة ومعه كل العائلة.
وذهب ليفتح الدكان فوجد الأقمشة قد ساحت ألوانها على بعضها، لأن المطر قد نزل بكم وافر فتساقط على الأقمشة فإذا كل البضاعة قد تلوّنت بألوان شتى، أبيض على أسود وأحمر على أصفر. فدهش وجزع لأن الخسارة كانت كبيرة، ولكنه تروى ولم ينطق بكلمة، بل أغلق الدكان واشترى ((مكينة)) في البيت وتصرف ببعض المصاغ، فسحب الأقمشة الملونة إلى البيت دون أن يعلم أحد. وملأ الدكان بأقمشة جديدة.
ولكي يثبت أنه لايزال في سعة من المال وبقية المصاغ، أحدث تغييرات في البيت وشرع في بناء إضافات على البيت ليعلم من حوله من الجيران أو العملاء أنه على سعة، فهو لو لم يكن كذلك لما قام بالبناء.
وعمل من الأقمشة الملونة أثواباً وأقمصة كمشروع جديد يعرضه في الدكان. فصان بذلك سمعته التجارية ونجح في عمله التجاري بهذا التروي وهذا الصبر.
وتحدث آخر يقص علينا حكاية أخرى قال:
ـ كان أحد تجار اللؤلؤ في الخليج معروفاً بثرائه وكثرة ما يذهب به إلى بومباي من اللؤلؤ. وكان معه تجار آخرون ((كل على قدر حاله، وركبوا السفينة من الخليج إلى بومباي. وفي عرض الطريق أغلق باب غرفته ونثر الجواهر التي كانت معه على ((طرابيزة)) يصنف اللؤلؤ كل حبات على مقاسها.
وبينما هو يفعل ذلك نودي للطعام فلم يجمع اللآلئ، أبقاها منثورة على ((الطرابيزة)) وذهب إلى قاعة الطعام فخلفه إلى الغرفة الخادم لينظفها فرأى ما عليها وكان منثوراً على مشمع فلف المشمع بما فيه من اللآلئ يحسبها من الأوساخ. لم يدقق النظر أو لم يعرف ورمى بها في البحر من النافذة.
وجاء التاجر ودخل غرفته فلم يجد بضاعته فلم يولول ولم يصرخ لقد كانت الخسارة كبيرة ولكن التروي وإعمال الفكر قد هداه إلى الصمت وخرج يسمر مع أصحابه وكأنه لم يحدث شيء. فلم ير عليه اضطراب ولم يتكلم بما يوحي بالشك فيه.
وقبل الوصول إلى بومباي جمع تجار اللؤلؤ الذين كانوا معه وقال سنتفرق في السوق كل يعرض بضاعته فيتلاعب بنا من يشتري فلو أنكم جمعتم كل ما معكم أشتريه أنا بمبلغ حدده أجزل فيه الربح لم يتوقع الكسب وإن توقع الخسارة فيمكن أن يكون السوق في بومباي غير قابل للسعر الذي يشتري به.
فكل، ما أراد هو أن يصون سمعته. حتى إذا قابل عملاءه في بومباي عرفوا أنه ذو مال كما كانوا يعرفونه. فباع اللآلئ وكل أصحابه يحسبون أنه ضم لآلئه إلى لآلئهم. فما عرفوا عن المصاب.
ورجع إلى الخليج وأظنه من أهل الكويت سليم السمعة موفور الثقة ذلك صنيع التروي. يعطي الصابر قوة، فالتروي من الحكمة والصبر رأس الحكمة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :591  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 477 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج