شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإسلام في شعر أحمد شوقي
سادتي الأماثل:
إن موضوع مقالي هو (شوقي) ـ وأبدأ بنبذة من ترجمة حياته فأقول:
أحمد بن شوقي بن علي أمير الشعراء وشاعر الأمراء في زمانه، واسمه لم يزل أنشودة حلوة النغم وعطر يفوح على الدوام، توفيت والدته وهو صغير فكفلته جدته لأمه وكانت مربية أو وصيفة في بيت الخديوي إسماعيل وكان شوقي وهو صغير به حول في عينيه ينظر إلى أعلا، فمر يوماً إسماعيل وهو بتلك الحالة فقال لجدته، ما له هكذا يحول بعينيه؟ أجابت يا مولاي هكذا خلق، فأخرج إسماعيل من خزانته عدداً من الدنانير الذهبية ورمى بها أمامه فجعل شوقي يتطلع للأرض ويعبث بها فقال لها إسماعيل كيف ترينه الآن، قالت يا مولاي هذا الدواء لا يوجد إلا في صيدلية مولاي؛ ومن يومها كان إسماعيل يعطف عليه وعلى والده الذي كان أيضاً موظفاً في السراي، ولما أجلي إسماعيل لخارج مصر بعد أن أثقل كاهل مصر بالديون الفاحشة تولى بعده ابنه توفيق، فعاش شوقي في كنفه، وبعد دراسته الأولية ظهرت نجابته فجعل ينظم الشعر وهو لم يدرك الحلم فجعل يتابع دراسته فبعثه توفيق إلى أوروبا ليدرس الحقوق، وبعد أن نال بغيته رجع لمصر وتقلب في وظائف متعددة، وحين تولى عباس حلمي أريكة عرش مصر التحق به شوقي وكان من أخص ندمائه وصاحب كلمته، وكان عباس ميالاً للاتحاديين ومعاكساً للإنجليز، فلما شبت الحرب العالمية الأولى كان عباس باستنبول دار الخلافة، ولعلم الإنجليز بميوله من الأتراك خلعوه عن مصر وجعلوا مكانه السلطان حسين كامل وأوحوا إليه بإجلاء شوقي عن مصر للخارج فأُوحى لشوقي أن يقلب ظهر المجن لبيت إسماعيل فأبت كرامته وأنشد قصيدته التي يقول من ضمنها:
أأخونُ إسماعيلَ في أبنائه
ولقد وُلدتُ ببابِ إسماعيلا
واختار شوقي الذهاب إلى إسبانيا والإقامة في الأندلس لما يعلم من تاريخ مجد العرب أيام عزهم ومجدهم ودولتهم فيها، ذهب بزوجته وأولاده ومكث خمس سنوات يعاني آلام الغربة ويسجل فيها غرر قصائده وموشحاته التي تنم عن عبرة وأسى لمجد الإسلام الضائع بسبب الخلافات القبلية وتعدد ملوك الطوائف وخذلان بعضهم البعض لانهماكهم في الملذات وتركهم للجهاد واتخاذهم ألقاب الخلافة حتى في أصغر أمارة. ويقول المرحوم حافظ إبراهيم من قصيدة ترحيبية بعد رجوع شوقي لمصر بهذا المعنى ومطلع القصيدة:
ورد الكنانة عبقري زمانه
فتنظري يا مصر سحر بيانه
منها:
واذكر لنا الحمراء كيف رأيتها
والقصر ماذا كان من بنيانه
ماذا تحطم من ذراه وما الذي
أبقت صروف الدهر من أركانه
ولعلّ نكبته هناك تفرق
وتعدد قد كانت في تيجانه
عِبَرٌ رأيناها على أيامنا
قد خففت ما نابه من آنه
يقول المرحوم الدكتور محمد حسين هيكل من فذلكة مقدمته التي قدم بها ديوان الشوقيات: إن شوقي وإن كان شاعراً لمصر والعرب والمسلمين كان فيه ازدواج في روحه بين حب الحياة ومتعها وبالإيمان ونعيم الآخرة، وقد أتيحت له المتع وبلهنية العيش لدى بيت إسماعيل وله ذاتيته التي لا تخفى، فهو شاعر الحكمة وشاعر اللغة العربية السليمة، وإنك لتعجب أكثر الأحيان حين ترى عنوان قصيدته فلا تجد غير أبيات معدودة من موضوع العنوان فقط وحكمة شوقي وما يصدر عنه من وصف أو مدح أو غزل يبدو وكأنه شرقي غربي بيد أنه لا يتأثر بالحياة الغربية إلا بمقدار لأنه شاعر العرب والإسلام وما دام يجد في الحضارة الشرقية ما يغنيه عن استعارة لبوس المدنية الغربية إلا بمقدار ما تحتاجه أمم الشرق في حياتها الحاضرة، ونراه يغلو في شرقيته وغربيته أحياناً كما نراه يتعمد ذلك في ألفاظها ومعانيها وسببه ما يراه من ضرورة النزعة القائمة في نفوس الكثيرين تصبو إلى نسيان ما خلف السلف للخلف من تراث والأخذ بكل ما ينبع به الحاضر من وراء الغرب. ويصفه السيد أحمد الهاشمي في ترجمة الشعراء في كتابه (جواهر الأدب) فيقول: هو شاعر النيل وأشعر شعراء العرب وأقدرهم على التصورات البديعة ينظم بين أصحابه فيكون معهم وليس معهم وينظم ما شاء متى شاء لا يجهد فكره ولا يكبد خاطره في معنى أو مبنى، فأما المعنى فيأتيه على مرامه وأبعد من مرامه لأنه يستخلصه من عقل فوار الذكاء ومعارف جامعة من ـ أفانين الآداب من لغات الإفرنج والإعراب، فمن فلسفة بحقوق وحقائق التاريخ وغرائب السير التي حفظ منها إلى مشاركة علمية وتنبيهات فنية استقاها من مطالعاته في أنواع الكتب وجولاته وملاحظاته بين الشرق والغرب، وأما المبنى فله فيه ذوق متعدد بتعدد مقام القول فنرى فيه من نسيج البحتري وصياغة أبي تمام ووثبات المتنبي ومفاجآت الرضي ومسلسلات مهيار إلى سلامة شعر البارودي. وفي سنة 1924 أقيم حفل تكريمي جمع من وفود الأدباء بالجزيرة وأعيانهم وقدمت له فيه الهدايا وأثمن هدية كانت فيها هدية أمارة البحرين (شمامة منضدة باللؤلؤ الثمين) وقيلت فيه القصائد التكريمية وأكبرها كانت قصيدة زميله الشاعر الكبير المرحوم حافظ إبراهيم الذي بايعه على إمارة الشعر قائلاً من قصيدته المشهورة:
أمير القوافي قد أتيت مبايعاً
وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
ثم قام أخيراً شوقي وألقى قصيدة شكر لما لاقاه من الحفاوة وتقليده أمارة الشعر وكان افتقد في الحاضرين وفد الحجاز فتحسر أن لم يجد أحداً منهم فقال ضمن تلك القصيدة:
يا عكاظاً تألق الشرق فيه
من فلسطينه إلى بغدانه
قد فقدنا الحجاز فيه فلم
نعثر على قسّه ولا سحبانه
مع العلم أنه كان بالحجاز شعراء نابهون في بداية النهضة السعودية أمثال المرحوم محمد سرور الصبّان والشاعر الكبير محمد حسن عواد والأديب الممتاز السيد محمد سعيد العامودي والأستاذ الفاضل عبد الوهاب آسِّي وغيرهم لا أذكر أسماءهم، وأكبر ظني أن لم تبلغهم الدعوة وفيما بعد رد على قصيدة شوقي المرحوم الشاعر فؤاد شاكر ولكن بعد فوات الأوان. ولعلّنا نتساءل ماذا بقي من كرمة ابن هانىء بعد وفاة شوقي؟ وأجيبكم يا سادة أن وزارة الثقافة بمصر بعد مرور السنين الطوال تنبهت للاحتفاظ بما بقي فيه من أثاث وبناء فاشترته من ورثته وحولته إلى متحف خاص ولم يبق في ذلك البيت الواقع على نهر النيل سوى بضع أثاث وبعض الكتب والأوسمة التي أهديت له من المؤتمرات والأمراء وكان حائزاً على البكوية وطامعاً في الباشوية فلم يحظ بها ولبى نداء ربه عام 1932م بعد أن ترك من تراثه ديوان شعره وأرجوزة تاريخ الإسلام والعرب ومسرحياته التي لم يسبقه أحد بمثلها وقصائده التي تحتوي على مدائحه ومراثيه لكبار الزعماء من عرب ومسلمين ومراثيه المؤثرة لكبار العلماء والأدباء والمفكرين وأراجيزه التاريخية وموشحاته الأندلسية وغزله وخمرياته ولهوه ومجونه. وأصبح المتحف متحفاً خاصاً لعشاق الأدب وخاصة عشاق أحمد شوقي الراغبين في دراسة آثاره طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه.
ولنعد ثانية بعد هذه النبذة من تاريخ حياة شوقي لندلل على موضوع مقالنا الإسلام في شعر شوقي فأقول لكم لو لم يكن لشوقي غير قصيدته الهمزية وقصيدة نهج البردة، وقصيدة عرفات، لكن كافيات على الاستدلال لموضوع مقالنا، ولولا أن الوقت قصير لدللت لكم من تلكم القصائد وباقي قصائده المختارة الدليل الكافي الشافي، إلا أني سأذكر لكم بعض الأبيات من كل قصيدة اخترت منها أبياتاً سواء من المدائح النبوية أو مراثيه المؤثرة أو نبذ من تاريخه أو من موشحاته الأندلسية أو خمرياته أو تغزله. يقول في بدء همزيته:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
يوم يتيه على الزمان صباحه
ومساؤه بمحمد وضاء
دين يشيد آية في آية
لبناته السورات والأضواء
بنيت على التوحيد وهي حقيقة
نادى بها سقراط والقدماء
ومن نهج البردة قوله:
أتيت والناس فوضى لا تمر بهم
إلا على صنم قد هام في صنم
سرت بشائر بالهادي ومولده
في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم
أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه
والرسل في المسجد الأقصى على قدم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر
ومن يفز بحبيب الله يأتمم
وقيل كل نبي عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فاستلم
ويقول في قصيدة (عرفات):
إلى عرفات الله يا خير زائر
عليك سلام الله في عرفات
ترى الناس أصنافاً ومن كل بقعة
إليك انتهوا من غربة وشتات
تساووا فلا أنساب فيها تفاوت
لديك ولا الأقدار مختلفات
وباقي قصائده من كل ألوان الشعر لا تخلو من التمسك بالدين والأخلاق وبالوطنية الصادقة والإخلاص لخدمة العرب والمسلمين.
وهأنا أذكر لكم أبياتاً من مراثيه لبعض زعماء الأمة وأبدأ بمرثيته لزعيم الشباب وخادم الوطن وشهيد الأمة مصطفى كامل باشا:
المشرقان عليك ينتحبان
قاصيهما في مأتم والداني
يا خادم الإسلام أجر مجاهد
في الله من خلد ومن رضوان
لما مشيت إلى الحجاز مشى الأسى
في الزائرين وروع الحرمان
يا ليت مكة والمدينة فازتا
في المحفلين بصوتك الرنان
ليرى الأواخر يوم ذاك ويسمعوا
ما غاب عن قس وعن سحبان
المجد والشرف الرفيع صحيفة
جعلت لها الأخلاق كالبنيان
في ذمة الله الكريم وبره
ما صم من عرف ومن إحسان
ومن المرثية الثانية رثاء الشهيد المعمر عمر المختار:
ركزوا رفاتك في الرمال لواء
يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا مناراً من دم
توحي إلى جيل الغد البغضاء
ما ضرَّ لو جعلوا العلاقة في غير
بين الشعوب مودة وإخاء
في ذمة الله الكريم وحفظه
جسد ببرقة وسد الصحراء
لم تبق منه رحى الوقائع أعظما
تبلى ولم تبق الرماح دماء
المرثية الثالثة في الحسين بن علي رحمه الله وبالرغم من كراهته لانضمام الشريف لدول الأحلاف وخلع طوق الخلافة العثمانية قال:
لك في الأرض والسماء مآتم
قام فيها أبو الملائك هاشم
قعد لآل للفرْاءِ وقامت
باكيات على الحسين الفواطم
ويا أبا العلية البهاليل سل آباءك
الزهر هل من الموت عاصم
المناحات في ممالك أبنائك
بدرية العزاء قوائم
تلك بغداد في الدموع وعمان
وراء السواد والشام واجم
قد بنى الله بيتهم فهو باق
ما بنى الله ما له من هادم
ولننتقل إلى بعض أبيات في غزله وحسبك أن كانت من لحن عبد الوهاب. كقصيدة:
يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة
غناء كنت حيالها ألقاك
لم أدر ما طيب العناق على الهوى
حتى ترفق ساعدي فطواك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى
ولثمت كالصبح المنور فاك
لا أمس من يوم الزمان ولا غد
جمع الزمان فكان يوم لقاك
وهناك أغانٍ خفيفة تأليف شوقي غناها وغيرها عبد الوهاب.
يا شراعاً وراء دجلة يجري
في دموعي تجنبتك العوادي
وعلموه كيف يجفو فجفا
ظالم لاقيت منه ما كفى
وله في الخمريات قوله:
رمضان ولّى هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق
ما كان أكثره على ألا فيها
وأقله في طاعة الخلاق
الله غفار الذنوب جميعها
إن كان ثم من الذنوب بواقي
بالأمس قد كنا سجيني طاعةٍ
واليوم منً العيد بالإطلاق
حتى في خمرياته يشم منها رائحة الدين والاعتراف بالذنب وطلب المغفرة من الله. وقال مؤرخاً ديوان شوقياته:
وجنان من الأشعار فيها
جنى للمجتني من كل ذوق
تأمل كم تمنوها وأرخ
لشوقيات أحمد أي شوق
وقال في فضل العلم والتعليم وواجب المعلم:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي
يبني وينشىء أنفساً وعقولا
سبحانك اللَّهم خير معلم
علمت بالقلم القرون الأولى
ربوا على الإنصاف فتيان الحمى
تجدوهم كهف الحقوق كهولا
وإذا المعلم لم يكن عدلاً مشى
روح العدالة في الشباب ضئيلا
وإذا المعلم ساء لخط بصيرة
جاءت على يده البصائر حولا
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وإذا النساء نشأن في أمية
رضع الرجال جهالة وخمولا
سادتي:
بعد عرض هذه النماذج من قصائد شوقي الغر أقدم لكم نموذجاً من موشحاته الأندلسية ولم أجد أحسن من موشحته في صقر قريش (عبد الرحمن الداخل) ومطلع الموشح هو:
من لنضو يتنزى ألما
برح الشوق به في الغلس
حن للبان وناجى العلما
أين شرق الأرض من أندلس
هذه الموشحة الفريدة عارضها كثير من الشعراء، بيد أنها كانت المفضلة عليهم لما حوته من بلاغة التعبير والانسجام وأمثال الحكم وإثارة الهمم، وبدأها شوقي على لسان بلبل شريد عن عشه وجنانه وأهله وأوطانه وهو بهذا الوصف يصف نفسه النازح عن وطنه بغير ذنب جناه أو إثم اقترفه وإنما هو تحكم من الطغاة المحتلين واستمعوا لآخر مقال البلبل في هذا المخمس إن هو إلا حقيقة وعبرة لكل شريد وطريد:
قلت لليل ولليل عواد
من أخو البث فقال أين فراق
قلت ما واديه قال الشجو واد
ليس فيه من حجاز أو عراق
قلت لكن دمعةٌ غير جواد
قال شر الدمع ما ليس يراق
نغبط الطير وما نعلم ما
هي فيه من عذاب بئيس
فدع الطير وخطاً قسماً
صير الأيك كدور الإنس
واستمعوا إليه يخاطب الشباب:
يا شباب الشرق عنوان الشباب
ثمرات الحسب الزاكي النمير
حسبكم في الكرم المحصن اللباب
سيرة تبقى بقاء ابني سمير
في كتاب الفخر للداخل باب
لم يلجه من بني الملك أمير
في الشموس الزهر بالشام أنتمي
ونما الأقمار بالأندلس
قعد الشرق عليهم مأتما
وانثنى الغرب بهم في عرس
بعد هذا المخمس اللطيف أخذ يصف مآثر الداخل وسبب طياح عرش بني أمية بالشام وظهور داعية بني العباس أبو مسلم الخراساني وانهيار ملكهم على يده وانتقال الملك إلى بني العباس في شخص عبد الله السفاح الذي نكل ببني أمية وتتبع كل فرد منهم بالقتل ولم يرحم أحداً جزاء ما فعلوا بالبيت العباسي كل نفس بما كسبت رهينة فيحيي أمل البائسين واليائسين في مخمسه:
أيها اليائس مت قبل الممات
أو إذا شئت حياة فالرجا
لا يضق ذرعك عند الأزمات
إن هي اشتدت وأمل فرجا
ذلك الداخل لاقى مظلمات
لم يكن يأمل منها مخرجا
قد تولى عزه وانصرما
فمضى من غده ولم ييأس
رام بالغرب ملكاً فرمى
أبعد الغمر وأقصى اليبس
ويقول في هذا المخمس من الحكم البليغة:
خذ من الدنيا بليغ العظة
قد تجلت في بليغ الكلم
طرفاها جمعا في لفظة
فتأمل طرفيها تعلم
الأماني حلم في يقظةٍ
والمنايا يقظة من حلم
كل ذي سقطين في الجو سما
واقع يوماً وإن لم يرمس
وسيلقي حينه نسر السما
يوم تطوى كالكتاب الدرس
بعد كل ما ذكرنا ينبهنا الشاعر لمصير كل حي فيقول عن قصر المنية الذي بناه الداخل في قرطبة ودفن في قصره وقد هدم القصر ونُبش القبر ولم يبق ما يدل عليه إلا مكانه. أشار علينا قائدنا في قرطبة إبان زيارتي للأندلس من فوق القنطرة فلم أملك ورفيقي غير البكاء على مجد العرب الزائل وذكرت قول ابن خلدون:
لا تقوم للعرب قائمة إلا بالدين أيْ بتمسك دينهم وجهادهم في سبيل الله.
قصرك المنية في قرطبة
فيه واروك ولله المصير
صدف خُطً على جوهرة
بيد أن الدهر نباش بصير
لم يدع ظلاً لقصر المنية
وكذا عصر الأماني قصير
فاتخذ قبرك من ذكر فما
تبن من محموده لا يطمس
إن تسل أين قبور العظما
فعلى الأفواه أو في الأنفس
وإلى هنا أختم مقالي يا سادة راجياً أن أكون برهنت على الإسلام في شعر أحمد شوقي، فقد لمحتم في كل تلك النماذج روحه العربية وإخوته الوطنية ونخوته الإسلامية ورحم الله شوقي ومن سار على نهجه من شعراء العربية وهيهات أن يأتي الزمان بمثله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :4736  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 113

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.