بذرتَ فاحصُدْ، وما كالحُبَّ من ثَمرٍ |
وعِشتَ فاعقِدْ لواءَ النَّصرِ والظََّفَرِ |
وانظُرْ إلى الشَّعبِ أفواجاً تجيشُ بهِ |
إليك تَترى وفودُ البَدْوِ والحَضَرِ |
مشتْ إِليك به الآكامُ ظامِئةً |
يحثُّها الشوقُ من (بصرى) إلى (هَجَرِ) |
كأنَّمَا الأرضُ تُطوى، والسَّماءُ لَه |
طياً، وتُزوى له الآفاقُ من قِصرِ |
(تَحِيَّةً) لَكَ تُزجِيها (البِطاحُ) إلى |
"رُبيَ الحَويَّةِ" من نَفحِ الشَّذا العَطِرِ |
تفيضُ حُباً - وإخلاصاً - وتَكرُمَةً |
كالرَّوضِ مُكتسياً، بالوردِ والزَّهْرِ |
يا حَبَّذا أنتَ بالإصباحِ مُؤتَلِقاً |
وحَبَّذا "عَصْرُكَ" الفيَّاضُ بالبِشرِ |
ويا رعى اللهُ بالنُّعمى - مَرَابِعَنَا |
ويا سقى "صَيفَنَا" بالغَيثِ والمطرِ |
إني لأَقتبسُ "الإشراقَ" من كَثَبٍ |
على جَبينٍ زَهَا، كالشَّمسِ، والقَمرِ |
وأشرقَتِ "القَوافي" فيك طايِعةً |
عن كُلَّ مرتَجِزٍ - فَحلٍ - ومنحصرِ |
ميَّاسةً بالمَعَاني البِكرِ شَائِعةً |
كالغِيدِ، كالجِيدِ، كالأسمَاطِ كالدُّررِ |
وما عَسى أنا أهدى في (مغلغلةٍ) |
من "مَجدِكَ" الضَّخمِ، أو تاريخِكَ النَّضِرِ |
أَنطقَتَ بالحَمدِ أكباداً، وألسِنَةً |
في السَّرِ والجهرِ، والآصالِ والبِكَرِ |
ورَاحَ شعبُكَ يرقى في مَعارِجِهِ |
في غيرِ ضِيقٍ، ولا كَبتٍ، ولا ضَجَرِ |
بل يغمرُ الفضلُ من كفَّيْكَ سائِرَهُ |
ما امتدَّ من (وبرٍ) واعتد من (مَدرِ) |
كلٌّ يُرتّلُ شُكرَ اللهِ في "مَلِكٍ" |
دُستُورهُ "الوَحيُ" في الآياتِ، والسُّورِ |
ما إن يخافُ، ولا يَخشى بَوادِرَه |
إلا الجُنَاةُ وأُهلُ الغيَّ، والبَطَرِ |
يحنو على كُلَّ سَجادٍ ومُحتَسِبٍ |
وكُلِّ ذي غَيْرةٍ، في اللهِ مُنتصِرِ |
وليسَ تأخُذُه في الحقِ لائِمةٌ |
ولا يرى الحُكمَ إلا "العدلَ" في البشَرِ |
"عقيدةٌ" رَسخَتْ، ما إنْ يُزلزِلُها |
(نفخٌ من الصُّورِ) أو نَزْعٌ من الصُّوَرِ |
فقُلْ لِمنْ بَاتَ يَهذِي في وَسَاوسِهِ |
ومَن تنفَّخَ في زَلاّتِهِ الكُبَرِ |
هَوَّنْ عليكَ! فما في الأرضِ "مَملكةً" |
تَحكي "السُّعوديَّةَ" الشمَّاءَ في الخَفَرِ |
تَنَزَّهتْ عنْ سَبيلِ الرَّيبِ، وانطلقتْ |
إلى "الأمانيَّ" في أعلامِها الخُضْرِ |
أمضَى من السَّيفِ فيها (الحدُّ) منتقماً |
من كلَّ عَادٍ ومَغرورٍ، ومُندَحِرِ |
* * * |
يا مَنْ تجنُّوا على "القُربى" وما اقتصَدوا |
ومن أسَاؤا إلى "العُتبى" بِلا حَذَرِ |
ومَن يَودُّ (طويلُ العُمرِ) لو نَصحوا |
أو هُمْ أصاخُوا إلى (النُّصاحِ) في الخَطرِ |
ما إنْ نَقِمْتُمْ عَلينا في جَوانِحِكُمْ |
غيرَ الرَّشادِ وحُسنِ الوِردَّ، والصَّدَرِ |
ونحن نَبغي لكم رَغمَ الأسى أبداً |
(طيبَ الحياةِ)، ولا نشتَطُّ بالوَفَرِ |
ونهتدي بالهُدى، مهما يُجشَّمُنَا |
(هَدْيُ الرَّسولِ)، وكم للهِ من عِبَرِ |
لا تَحسَبوا أنَّنا - إلا - صَوارِمَكم |
إذا التَمَسْتُم، وليسَ الخبر كالخَبَرِ |
تأبى "الأُخوَّةُ" في إيمانِنَا شَرعاً |
بَوائقَ الإفكِ، والبُهتَانِ، والغَرَرِ |
ما نحنُ إلا وأنتُم في الوَرى نسبٌ |
تزكو الأصُولُ بهِ في كُلَّ مُستَطَرِ |
مَناطُهُ (العُروةُ الوُثقى) وغَايتُه |
(إعادةَ المجدِ) لا التَّهريجَ بالهَذَرِ |
فإن تناساهُ من شُقتْ مَرائِرُهُ |
غيظاً، فمن (مُهلِهِ) يُسقى، وفي سَقَرِ |
ما الصَّولجَانُ وما العِرنينُ، في شَممٍ |
دونَ العَرينِ كمعدودٍ، من الأكرِ |
وما الشماريخُ من (رَضوى) ومن (حضنٍ) |
إلا "دُروعُكَ" في أخلاقِكَ الغُررِ |
وما انتضَيتَ الظُبى - إلا لعافِيةٍ |
من البلاءِ، وتعويذٍ من الضَررِ |
يفترُّ ثَغرُكَ للأَحدَاثِ مُبتَسِماً |
أما العُبُوسُ فللقمصامةِ الذكرِ |
إنَّ "العُروبةَ" بالإِخلاصِ قُوَّتُها |
لا بالتَّغابُنِ، والتَّفرِيقِ، والأَشَرِ |
وتاجُكَ الرَّمزُ للإسلامِ قَاطِبةً |
ومن "ربيعةَ" فِرقاهُ - ومن "مُضَرِ" |
وفي ظِلالِكَ يا مولاي - وارفةً |
يستَمتِعُ الشَّرقُ بالحُسنَى وبالوَطَرِ |
وعدٌ من اللهِ يَجزي (المُتَّقِينَ) بهِ |
و (الرَّاشِدينَ) ومَن يخطُو على بَصَرِ |
وأنتَ يابنَ الذي نَلقاهُ فيك حِجًى |
ومن نُفدِّيكَ بالأرواحِ والأُسرِ |
ما دُمتَ باللهِ في الأسْحَارِ مُعتصماً |
فإنَّكَ (العَاهلُ) المَوعودُ بالظَّفَرِ |
وإنَّ شَعبكَ في يُمناكَ صَاعقةٌ |
من (الصَّفائِح) تمحو كُلَّ منعضِرِ |
فلتحيَ للدِينِ، والدُّنيا وزينتِها |
وليهنَ فيك دُعاةُ الخيرِ، والخِيرِ |
وليَحمِكَ اللهُ وليحفظْكَ في رَغَدٍ |
ما غرَّدَ الطَّيْرُ فوقَ الأيِكِ، والشَّجرِ |