| عِشِيَّة لاقَيْتُ المليحةَ في الدُّجى |
| فقالتْ أما يَخْفى عليك مَكاني؟! |
| فقلتُ بلى لكنَّ لي بين أضلُعي |
| عُيوناً تُرِيني جَدْولي وجِناني! |
| وأَنْتِ هُما.. أنتِ التي لا تُرِيحني |
| بِوَصْلٍ . ولا تُشْقى بِقَطْعِ عِناني! |
| تَدَفَّق إِلهامي من شَكاةً فحاوِلي |
| تَدَفُّقَه بالحَمْدِ بِضْعَ ثَواني! |
| * * * |
| فَقالتْ سَتلْقاني الحَفِيَّةَ بالهوى |
| هَواكَ. ولا أصْبو إلى عاشِقٍ ثاني! |
| أَلَسْتَ الذي يُزْجِي القوافِي شُرَّعاً |
| فَتَفْعَلُ ما لا يَفْعَلُ اللَّهْذَمُ القاني؟! |
| أَلسْتَ الذي يُمْسي ويُصْبحُ شادِياً |
| بِحُبِّي. ولو ألْقَيْتُه بَيْن نِيرانِ؟! |
| أَلسْتَ الذي عافَ الحِسانَ وبرَّني |
| بِحُبٍّ شجاني .. واصْطَفاني بألْحانِ؟! |
| * * * |
| فقلتُ رعاكِ الله . يا ذاتَ بَهْجَتي |
| ويا سِرَّ إْلهامي. وصَبْوَةَ أشْجاني! |
| فما أَنْتِ لي إلاَّ الحياةُ فإنْ نَأَتْ |
| تَلاشَيْتُ واسْتَخْذى يَراعي وتَبْياني! |
| وعادتْ بلا شَدْوٍ طَرُوبٍ بَلابلي |
| بِقَفْرٍ مُخِيفٍ ما بهِ غَيْرَ غِرْبانِ! |
| فأنْتِ عُيوني أَسْتَشِفُّ بها الرُّؤى |
| وأَنْتِ.. وقد أَسْمَعْتِني الحُلوَ.. آذاني! |
| * * * |
| فقالت لقد مَجَّدْتَني وَرَفَعْتَني |
| إلى قِمَّةٍ.. يا صِنْوَ مُسٍّ وسَحْبانِ! |
| فَتُهْت على كلِّ الحِسانِ. فَقُلْنَ لي |
| لقد صِرْتِ عند الشِّعْرِ أَنْضَرَ بُسْتانِ! |
| ولَمَّا نَعُدْ في فِكْرِه وشُعورِهِ |
| سوى شَجَر ذاوٍ يَلُوذُ بِقِيعانِ! |
| نَراهُ كمجْنُونٍ بَلَيْلاهُ.. سادِرٍ |
| بغَيٍّ.. وما يُشْقِي الهوى غَيْرُ غَيَّانِ! |
| * * * |
| فقُلْتُ لها تيهي على الغيدِ وافْخَري |
| عَلَيْهِنَّ.. حتى يَنْقَلِبْنَ بِخُسْرانِ! |
| فإِنَّكِ بَدْرٌ يَسْتِثيرُ كواكِباً |
| غَيارى حَوالَيْهِ. هَذَيْنَ ببُهتْانِ! |
| هَذَيْنَ بهِ حِقْداً عليكِ ونِقْمَةً |
| عَلَيَّ. وما أَشْقى . فَلَسْتُ بِشَيْطانِ! |
| قد اخْتَرتُ ما أرْضى الضَّمِيرَ وصانَهُ |
| من العَبَثِ المُزْرِي بِشِعْري وعِرْفاني! |
| * * * |
| فقالت ولن أَشقى بِحُبَّكَ عاصِماً |
| فما ضَلَّ أَنْ أَثَرْتَ حُبَّكَ وُجْداني! |
| وما ضَلَّ إيماني بِهِ مُتَبَتِّلاً |
| ولا ضَلَّ -يا مَن يُسْعِدُ الحُبَّ- حُسباني! |
| وجَدْتُ به بعد الضَّلالِ هِدايتي |
| إلى كلَّ ما يَطْوي الظُّنُونَ.. بإِيقان! |
| وما خِفْتُ مِن حِقْدٍ عَلَيَّ فَرُبَّما.. |
| تَنَوَّرْتُ مِنه في الدَّياجيرِ شُطْآني! |
| * * * |
| فقُلتُ لها هذا الحُبُّ فاسْعَدِي |
| وكَلاَّ. فقد لاقَتْ بِه السَّعْدُ نَفْسانِ! |
| أراه جَدِيراً بالرِّضا وهِباتِهِ |
| وسوف أُوافِيهِ بأَكْرَمِ قُرْبانِ! |
| جَزاني بشِعْرٍ ثم ثَنَّى بِعِفَّةٍ |
| وثَلَّثَ ما أَشْجاهُ بالشَّغَفِ الحاني! |
| فإِن شاءَ قُرْباً لم أكُنْ عنه نائِياً |
| وإنْ شاءَ بُعْداً كنْتُ منه أَنا الدَّاني! |
| * * * |
| فقالت. وقد سَمت الدُّموعَ بعَيْنِها |
| تُضِيءُ كنجم شَعَّ في عَيْنِ رُبّانِ! |
| فَدَيْتُكَ. ما أَنْقى هواكَ يَرُدُّني |
| إلى الرُّشْدِ يَشْفيِني من الشَّنآنِ! |
| ولَسْتُ أبالي بالحِسانِ يَنُشْنَني |
| فما هُنَّ في عَيْنَيَّ غَيْرُ قيانِ! |
| وما أنا إلاَّ حُرَّةٌ طَهّرَ الهوَى |
| حَشاها. فما عَاشَتْ كَعَيْشِ غَواني! |
| * * * |
| فَقُلْتُ لها هذا هو العَيْشُ يزدري |
| بكل مَتاعيْ عَبْقٍ وجُمانِ..! |
| ويَزْهُو بَلأْلاءِ الجَمالِ مُزَمَّلاً.. |
| بِطُهْرٍ.. فما يَخْزى من النَّزَوانِ! |
| أَبانَتْ لِيَ المِرْآةُ منكِ كريمةً |
| حَصاناً تَجَلَّتْ في هُدىً وحَنانِ! |
| سأَشْدو. وتَشْدُو بالهوى وشُجُونِهِ |
| وجَلَّ الهوى يَشْدُو به قَلَمانِ! |
| * * * |
| أشادَتْ بِشَدْوِي واسْتجابَتْ لِجَرْسِهِ |
| وقالتْ. لقد حَلَّقْتَ يا كَرَواني! |