| نوارُ، عفوَكِ إنْ أَحجمتُ عن غَزَلي . |
| وإنْ تخطَّيْتُ خَضْبَ الشِّعـرِ بالْقُبلِ |
| وإنْ نأيتُ بميثـاقِ الهـوى زمنـاً |
| نَأْيَ الْمُهَجَّـرِ، لا حُبّاً بمُرْتَحَلـي |
| لي عُذْرُ مُغْتربٍ -إنْ كنتِ عاذِلَةً- |
| يلوكُ لَحْـمَ الْمُنى في فُسْحَةِ الْعَذَلِ . |
| لا تُصْدري الْحُكْمَ يا نُوّارُ عاجِلَةً |
| فأصعبُ الحكم ما خَطَّتْ يَدُ الْعَجَلِ |
| فَتَجْرَحي باتِّهاماتٍ صَبوحَ هَوىً |
| وَرُبَّ مُتَّهَمٍ إنْ خُضَّ لَمْ يُنَلِ |
| لكنَّ دربَ الْهَوى ما عاد تَزْجِيَةً |
| بينَ الْحَبيبينِ أَوْ غاراً لِمُعْتَزِلِ |
| جَنوبُ لُبنانَ صاغَ الْحُبَّ ثانيَةً |
| صَوْغَ الْقَرابةِ بينَ النَّصْرِ والْبَطَلِ |
| أما سمعتِ زَغاريدَ الْحُداةِ أتتْ |
| مِنْ كُلِّ صَوْبٍ كمثلِ الْعارِضِ الْهَطِلِ؟ |
| تَزُفُّ مَنْ تاقَ للُّقْيا، وأَرَّقَهُ |
| بُعْدُ الأَحِبَّةِ في دَوَّامةِ السُّبُلِ؟ |
| زُفَّتْ عَذارى أَمَا شاهَدْتِ هَوْدَجَها |
| بينَ الملائِكِ مَحْمولاً على الْمُقَلِ؟ |
| وغَسَّلَتْ بالدَّمِ الْعُذْريِّ ما اقْتَرَفَتْ |
| أَيْدي الطُّغاةِ بما طالَتْ ولم تَطُلِ؟ |
| تَناثَرَتْ في ضِياءِ الشُّهْبِ ما احْتَرَقَتْ |
| لكنها أَشْرَقَتْ دَفْعاً عَنِ الزَّلَلِ |
| * * * |
| نُوارُ، قالوا: طريقُ الْقُدْسِ مُغْلَقَـةٌ . |
| ومَنْ يَخُنْ شَعْبَهُ، أو يَنْزَلِقْ يَصِـلِ |
| ودَرْبُ عَكَّا طويلٌ لا انْتِهـاءَ لَـهُ |
| كأنَّهُ الْبُعْدُ بينَ النَّصْـرِ والْفَشَـلِ |
| أَمَّا الْعَذارى فَجُزْنَ الدربَ مُخْتَصَراً |
| حتى تَخَطَّيْنَ تاريخاً مِنَ الْفَشَلِ |
| بقفزةٍ لا يكادُ اللَّمْحُ يُدْرِكُها |
| تقولُ للأرضِ: يا أَرْجاءَها اشْتَعِلي |
| وحَرِّقي ما أَشـادَ الْحاكِمونَ على |
| قَميصِ عُثْمانَ مِنْ حافٍ ومُنْتَعِـلِ . |
| حَصَّنْتُ عَذْراءَ باسم الله إذ سَحَبَتْ |
| عَصْرَ الطَّوائفِ مِنْ تَوْقِيتِهِ الثَّمِـلِ |
| وحَمَّلَتْهُ جُنـوحَ الضالعـينَ بـهِ |
| كالقِـزْمِ يحملُ وِزْراً غَيْرَ مَحْتَمَـلِ . |
| فازَّيَّنَـتْ بسـلاح الثَّـأْرِ باذِلَـةً |
| مَعَ الْبُطولَـةِ قَلْباً غَيْـرَ مُبْتَـذَلِ |
| مآزِرُ الْقَزِّ ثَكْلى بعدما انْهَمَلَتْ |
| حِسانُها بالْفِدى عَنْ خَيْرِ مُنْهَمَلِ |
| يا عارَ مَنْ حَوَّلوا خُبْزَ الْجِياعِ إلى |
| رباطِ خَيْلٍ فلم تَصْهَلْ ولم تَصُلِ |
| * * * |
| نوارُ عَفْوَكِ إنْ أحجمتُ عَنْ غَزَلي . |
| وإنْ تَتجاوزْتُ غَسْلَ الشِّعْرِ بالْقُبَلِ |
| فإنَّ حُبَّكِ أَسْمـى ما أَلـوذُ بـهِ |
| مِنَ الْغَرابـةِ في أَشْـراكِ مُعْتَقَلـي |
| لكنَّ عَصْرَ الْخَنا أَضْحـى مُغامَرَتي . |
| وأنت في تيهِـهِ دَوْحٌ مِنَ الأَمَـل |
| فهل نَكونُ لعصرٍ شاهِدَيْـهِ علـى |
| ما فَتَّقَ الزُّورُ عَنْ أَبطالِهِ الْعُطُـلِ؟ |
| نَرى الطُّغـاةَ وقد حَلُّوا بساحَتِـهِ . |
| وسَتَّروا سَقْطَـةَ الإِذْلالِ بالزَّلَـلِ . |
| فأَتْخَموا مُتْخَماتِ الْغَرْبِ عَنْ سَعَةٍ |
| وخَلَّفوا الشعبَ بينَ الْقَهْرِ والنُّصُلِ |
| جَوْعى، عُراةً، ومسلوبينَ تَجْمَعُهُمْ |
| نَجْوى الْمُسافِرِ بينَ الصَّحْوِ والثَّمَلِ . |
| ودمعةٌ حاتِمُ الطائِيُّ خَبَّأَها |
| في صَدْرِ ماوِيَةٍ مِنْ شِدَّةِ الْخَجَـلِ |
| * * * |
| ما عدتْ أَقْرأُ التاريخ مَأْثَرَةً |
| فلا بُطولَةَ عَمْروٍ لا نَقاءَ عَلي |
| ولا قُرَيْشَ ولا أَبْناءَهـا نَسَجـوا |
| مِنَ الأَوابدِ ما أَثْرى يَـدَ الْمُثُـلِ |
| ولا الرَّشيدَ لَـهُ سيـفٌ بمُعْتَـرَكٍ . |
| يُكَفْكِفُ اللَّيْلَ في سَيْلٍ مِنَ الشُّعَلِ |
| كأنَّما غابِـرُ التاريـخِ صَخْرَتُنـا |
| ونحـن نعرفُ منها وطْـأَةَ الثِّقِـلِ |
| فَكَفْكِفِ الدَّمْعَ يا سيزيفُ نَحْنُ مَعاً |
| نُصَعِّدُ الصَّخْرَ مِنْ سَهْلٍ إلى جَبَلِ |
| أَنْتَ ابْتُليتَ بهِمٍّ صُنْعِ آلِهَةٍِ |
| ونحنُ في صَنْعَةِ الأَصْنامِ لم نَزَلِ |
| كأنَّ ضَوْءَ كِتابِ اللهِ عارِيَةٌ |
| منهُ الْقُلوبُ ومِنْ إشْراقَةِ الرُّسُلِ |
| فإنْ تَعَذَّبْتَ طوبَى للْعَذابِ وقَدْ |
| أَتاكَ مِنْ أَلَقِ الْجَوْزاءِ أَوْ زُحَلِ |
| لكنَّ مِحْنَتنَا أَنَّا يُعَذِّبُنا |
| أَذِلَّةٌ طَأْطَأوا في ذُلِّ مُقْتَتَلِ |
| فأَنْكروا بغَليظِ الْحَلْفِ ما عَثُـرَتْ |
| عليهِ أَبصارُهم في وَقْعَـةِ الْجَمَـلِ |
| لكنَّهُمْ أَدْخَلوا تاريخَ أُمَّتِهمْ |
| في أَلْفِ حَرْبٍ كما في وقْعَةِ الْجَمَلِ |
| فهل رأيتَ رعايا ضَـلَّ سَعْيُهُـمُ |
| مِثْلَ الضَّلالَةِ بَيْنَ اللاتِ أَوْ هُبَـلِ؟ |
| * * * |
| نُوارُ عَفوكِ إنْ أحجمتُ عن غَزَلي |
| وإنْ تخطَّيْتُ زَرْعَ الشِّعْـرِ في الْقُبَلِ . |
| عَصْرُ الْخَنا لم يَدَعْ في الصَّدْرِ خافِقَةً |
| لِوَجْهِ مُحْصَنَةٍ بالطُّهْـرِ مُغْتَسِـلِ |
| أنا رأيتُ صلاحَ الديـن خاشِعَـةً |
| مِنْهُ الأَصابعُ بينَ الْقَهْـرِ وَالْوَجَـلِ . |
| يُقَلِّبُ الْجُثَثَ الْمَجُهـولَ قاتِلُهـا |
| ويَتَّقي جُرْحَهُ الْمَفْغورَ لَـمْ يَـزَلِ |
| وَدَمْعَةَ الثُّكْل في عِشرينَ مَمْلَكَةً . |
| تَدورُ مِثْلَ الدُّمى في مِرْجَلٍ جَذِلِ |
| بَكى، وصَلَّى وقالَ: الْقُدْسُ مُهْطِعَةٌ |
| تَشْكو الضَّجيعَينِ مِنْ ذُلٍّ.. ومِنْ مَلَلِ |
| فقلتُ: صَبْراً صَلاحَ الدينِ إنَّ لَنا . |
| في كُلِّ عَصْرٍ دُجىً لكنْ إلى أَجَلِ |
| * * * |
| نُوارُ مُلْهِمَتي كُفِّي عَنِ الْعَذَلِ |
| لم أَنْسَ حُبَّكِ في حِلِّي ومُرْتَحَلي |
| ما زلتِ ناسِجَةً حُلْمي كما رَغِبَتْ . |
| عَيْنُ الْهَوى والْهَوى عَهْدي ومُبْتَهَلي |
| أرى بوَجْهكِ وَجْهَ الصَّبْحِ عَنْ كَثَبٍِ |
| وفي جُفونِكِ طيبـاً شيبَ بالعَسَلِ |
| وفي قوامِكِ فِرْدَوْساً هِوايَتُهُ |
| جَذْبي إليهِ فما أَحْلاهُ مِنْ نُزُلِ |
| أَسْمَعْتُكِ الْهَمَّ نَجْوى في نِهايَتِها |
| دَمٌ يَسيلُ ودَمْعٌ كُفَّ لَمْ يَسِلِ |
| ما دمتِ أنتِ معي والواهِبونَ أَتَوْا |
| وراءَ ليلٍ وَشى بالْمُقْبِلِ الْخَضِلِ |
| سَنُبْصِرُ الصُّبْحَ مُخْضَلاًّ بما حَمَلوا |
| يا حُسْنَ حِمْلَ الْفِدى في ثَوْبِهِ الْخَضِلِ |
| فـإنْ رأيتِ صَباحـاً في حَرائِقِنـا . |
| تَذَكَّـري طائِرَ الْعَنْقـاءِ وابْتَهِلي |
| * * * |
| فهل رضيتِ؟ لكيْ تَنْسَيْ مُعاتَبَتي |
| لِنَبْدَأَ الآنَ خَضْبَ الشِّعْرِ بالْقُبَلِ؟ |
| * * * |