شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثـورة البعـث
ثَوْرَةُ البَعْثِ أم هَزيمُ الرُّعودِ
أمْ أُسودٌ تَسيرُ خَلْفَ أسودِ؟
حَطَّمَتْ أمتي القُيـود فهَـلْ يُجْـدي
بُكاءٌ على حُطام القُيودِ؟
وأطاحَتْ في زَحْفِها بجُدودٍ
لم تَكُنْ غَيْرَ باطِلِ مِنْ حدودِ
وتَنادَتْ إلى الخُلود، فَمَن يَثْنِي
خُطاها عنِ اقْتِناصِ الخُلودُ؟
سُمِعَتْ زأرةُ اللُّيوثِ غَداةَ
الرَّوْعِ مِنْ جلّقٍ إلى هوليودِ
قيل ماذا هناك؟ قُلْتُ انْطلاقٌ
للمَعالي، فيا كواكبُ ميدِي
ثارَ في أمتي الشُّموخُ، وفارَتْ
في شراييِنها دِماءُ الجُدودِ
حسِبَ الواغِلون أنَّ جُفونَ
الشَّام نامـتْ علـى حَريـرِ الوُعـودِ
ساء ما قدّروا وخابُوا رَجاءً
إنما الشام قَبْرُ كلَّ عنيدِ
مُنْذُ كان التاريـخُ كانَـتْ، وتَبْقَـى
مَنْبِتَ المَجْدِ طارفاً لتَليدِ
مَدْرَجَ الفِكْر والبَيانِ، ومَهْوَى
كلَّ طَيْرٍ أصمَّ أوْ غِرّيدِ
أنْكَروا فَضْلَها فلَمْ تَتَنَكَّرْ
لِجُحودٍ ولمْ تَضِقْ بجُحودِ
حَسْبُها أنَّها – إذا ما تباهَى
الناسُ في إرْثِهِـم – تُـراثُ الوُجـودِ
حَمَلَتْ مِشْعَلَ الحَضارةِ أجْيالاً
وكانَتْ مَلاذَ كُلَّ شَريدِ
في ثَراها تَبَرْعَمَتْ دَوْحَةُ العَدْل
وتاهَتْ بزَهْرِها المَعْقودِ
في ثَراها الزكي يَشْوي صَلاحٌ
ووليدُ الفتوحِ وابنُ الوليدِ
لا تَسَلْ عَـن مِلاحِهـا، فهْـيَ عِقْـدٌ
مِنْ نُجومٍ ومِنْ جُمانٍ نَضيدِ
لمْ تَكُنْ خَوْلةٌ بأثبتَ جَأشاً
إنْ تواردْنَ مُلْتَقى البارودِ
كلّ يَوْمِ تُعِدّ للعُرْبِ نَصْراً
ناصِعَ الوَجْهِ، مائجاً بالسُّعُودِ
بدأ الشَّوْطَ يوسفٌ ثم راحَتْ
تتوالَى الوُفودُ إثرَ الوُفودِ
لا تَدوسوا تُرابَها، لا تَدوسوا
إنَّه مِنْ محاجِرٍ وكُبودِ
أوْ فدوسوا… وإنَّما بشِفاه
راعِشاتٍ، وأجْفُنٍ وخُدودِ
طَلَعَ البَعْثُ للسَّراة مَناراً
فاسْتَزيديهِ، يا بلادي استَزيدي
وأشْدَدي أزْرَه ليَحْمي تُراباً
عَرَبياً… يُعَدّ للتَّهْويدِ
إنما القدس قطعةٌ من ثرانا
وهو منّا مكانَ حبلِ الوريد
مَنْ يفرّطْ بها، فما هُوَ منَّا
إنَّه آلة بأيدي اليَهودِ
هكذا ثَوْرةُ الشُّموخِ تَراها
فَلْنَقِفْ تَحْتَ ظِلَّها المَمْدودِ
قبلَها لم يكُ الضَعيفُ سوى
"شيء" زهيدٍ لمستبدٍّ مَريد
لم يَكُنْ لِلْكِفاح مَعْنىً فأضحَى
وهْوَ مَبْنى لكلَّ مَعْنىً جَديدِ
صار للعامل البسيط مقامٌ
بعد أن كان في مقام العبيد
صارَ للكادح المجاهِدِ صَوْتٌ
لمْ يَعُدْ عُرْضَةً لسوءِ الوَعيدِ
صارَ للحَقَّ مَرْجِعٌ ونَصيرٌ
وامَّحى الحَدُّ بَيْن بيضٍ وسُودِ
وانْتَفَى الفَـرْق بـين قَصْـرٍ وكـوخٍ
واخْتَفَى بَيْنَ سيّدٍ ومَسودِ
وتعالَتْ مَدراسٌ، واشْمَخَرَّتْ
ناطِحاتٌ على حَواشي البيدِ
وَتَبارَى الشَّبابُ في حَلْبة العِلْمِ
حُشوداً على طَريقِ حُشودِ
أمِنَ النـاسُ بَعْـدَ خَـوْفٍ، وسـادَتْ
شِرْعةُ العَـدْلِ بَيْـنَ شَعْـبٍ سَعِيـدِ
كيف لا تَضْحَكُ الحُقول وقدْ
ضَجَّت فُؤوسٌ تماوَجَتْ بزُنودِ؟
رَوَيتْ تَرْبةُ السَّلام، وكانَتْ
في صَدى قاتلٍ ويأسٍ شديدِ
القِفار الجُرْدُ اسْتَحالتْ جِناناً
تَرْتَدي مِنْ نَضارةٍ ببُرودِ
تَخْصُبُ الأرضَ حينَ تُحْكَم
بالعَدْلِ، وتُدْني قطوفَها للوَليدِ
وتَطيبُ النَّفوسُ إمَّا رَعَتْها
مُقْلَةٌ لا تُجيد فَنّ الرُّقودِ
هَذِهِ، هذهِ اشْتراكيّةُ الحُبّ
فضُجَّي يا قَرْيتي بالنَّشيدِ
واستَعيدي ابْتسامةً جَرَّدتْها
صَولَةُ الظُّلـم مِـنْ سَناهـا الفَريـدِ
أنْتِ، لولا عِناية الله تَرْعا
كِ أسيرٌ مكبَّلٌ بقُيودِ
ألْفُ مَرْحى لِمَن أحالَك فِرْ
دَوْساً بَهيجاً لِمُتْعَبٍ مَكْدودِ
ألْفُ مَرْحَى لِمَنْ أرادكِ ظِلاً
لشَريدٍ، ومَوْئِلاً لطَريدِ
إنَّه حافظُ الشآم… ويُغْلي
كلُّ حرٍّ قَدْرَ العظيمِ المجيدِ
باعثُ البَعْثِ مِنْ ثَراه قَوياً
نافخُ الروح فيه بَعْد هُمودِ
كَرُمَتْ نَفْسُـه عـن الشَّيْـنِ والمَيْـنِ
وغالَى بزُهْدِهِ المَشْهودِ
يُعْرَفُ المرء مِنْ شَرارة عَيْنَيْه
ويُغنيكَ مَقْطَعٌ عَنْ قَصيدِ
عَبثاً تَسْتُرُ الملابسُ عَيْباً
أو يَعيبُ الشريفَ هَذْرُ حَقودِ
ذلَّلَ الطَّوْد، لا بزَنْدٍ وفَأْسٍ
بَلْ بإيمانهِ الكبير الحديدي
وبَنَى الجَيْـشَ مِـنْ جَديـدٍ، ولكـنْ
بجُنُودٍ تُجيدُ دَوْرَ الجُنودِ
قَبْلَ تسليحِهِ بسَيْفٍ وتُرْسٍ
تَمَّ تَسْليحُه بخُلْقٍ حَميدِ
علّموه كَرامةَ اليَدِ والنَّفْسِ
ومَعْنَى الفِدا ومَغْزِى الصُّمودِ
علَّموه أنَّ السَّيادة تُشْرَى
بدِماءٍ زَكَّيةٍ… لا نُقودِ
فغَدا الجَيْشُ كُتْلَةً مِنْ لهيبٍ
تَتْرُك الشَّمْسَ كتلةً مِنْ جَليدِ
وإذا نَجْمَةُ اليَهود بجُولانَ
استَحالتْ حَظيرةً للدودِ
وإذا النَّصْرُ للعُروبة… لَوْلا
طَعْنة الغَدْرِ مِنْ شَقيقٍ ودودِ
ضاعَ ما حقَّقتْه مِنْ مُعْجِزاتٍ
رائعاتٍ، وما أتتْ مِنْ جُهودِ
كلُ ما سَطَّرَتْه كفُّ كريمٍ
شَطَبَتْه يدُ الحَليفِ الكَنودِ
الشقيقُ القَريبُ خانَ أخاه
كَيْفَ يرتاح للعَدوَّ اللدودِ
حَرْبُ تشرينَ للبُطولة سِفْرٌ
سوفَ يَبْقَـى مَـدَى الزمـان المديـدِ
كلما راجع المطالع مَعْنىً
شَدَّه لاكتشاف معنىً جَديدِ
* * *
يا زَعيمـي، يـا حافظَ العَهْـد، إنَّـي
شاعِرُ الشام رَغْم بُعْدِ الحُدودِ
غِبْتُ بالجِسْم لا بُروحيَ عَنْها
كَمْ بَعيدٍ يَعيش غَيْرَ بَعيدِ
إنْ أرادتْ على حَنيني دَليلاً
فَلْتَسَلْ عَنْ مَدامعي في البَريدِ
في عُيوني حَمَلْتُها، وضُلوعي
ثم لابني خَلَّفتُها، وحَفيدي
فإذا اسْتَعْبَرَتْ تقاطَرَ دَمْعي
وإذا عيَّدتْ فذلك عيدي
* * *
يا مَناط الآمال جِئْتُ أُحيِّي
بقوافيَّ فارسَ التوحيدِ
جِئْتُ باسم النُّـزّاح أزْجـي ولائـي
لأبٍ صادقِ البَلاء رشيدِ
وَحَّدِ اللهَ، ثم وحَّدْ قُلوباً
تَتَفادى لِفَقْءِ عَيْنِ الحَسودِ
كانَ قَوْمي شَعْبـاً فكَيْـفَ استَحالـوا
ألْفَ شَعْبٍ تَسيرُ إثرَ ثَمود؟
مزَّقَتْنا يَدُ الغريبِ… ولكنْ
ضَعْفُ شاتـي بـرى نُيـوبَ السيـدِ
كانَ للعُربْ دَوْلةٌ يومَ كانوا
يتلاقَوْن في المَصير الوحيدِ
فأثِرْها إلى العَظائم، واجْعَلْ
بَنْدَ عَدْنانَ فَوْقَ كلَّ البُنود
عادَ للشامِ بَعْدَ يأسٍ رَجاها
فاحْنُ واسْهَرْ علـى رجاهـا الوليـدِ
بوينس آيرس 18/8/1988
 
طباعة

تعليق

 القراءات :417  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 536 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج