((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين، وصحابته الميامين. |
السيدات الفضليات |
الأساتذة الكرام |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
نلتقي الليلة احتفاء بعطر المداد وأشواق القلم ووشوشة الورق.. نحتفي بالكلمة المنتقاة بعلم، وفطنة، ومران.. تسوقها ضيفتنا الكريمة الدكتورة فاطمة بنت عبد الله الوهيبي، الأستاذ المشارك بكلية الآداب بجامعة الملك سعود.. سعداء أن نرحب بها مربية فاضلة، وأديبة مميزة، ومبدعة تملك حنجرتها الخاصة وقاموسها المتفرِّد، وناقدة أكاديمية تملك أدواتها وتجيد استخدامها.. قادمة من الرياض خصيصاً تلبية لدعوة اثنينيتكم. |
تشهد الساحة الثقافية الكثير من المبدعين في شتى المجالات إلا أن ضيفتنا أوقدت شموع عطائها وتناثرت حولها فراشات الإبداع في أكثر من فن في عالم اللغة والأدب والصحافة.. نجدها في المقام الأول مربية حادبة على منح طالباتها جل وقتها وعلمها، وأحسب أنها حققت ما تصبو إليه من كسب ودِّهنَّ والنهوض بمداركهن في سلم التعليم الجامعي المبني على أسس البحث وسبر المراجع العلمية والتدقيق المنهجي للمعلومة.. ومما لا شك فيه أن الحديث عن ضيفتنا الكريمة كأكاديمية وباحثة جادة يتطلب معرفة وثيقة بالحقل الذي تعمل فيه، والأطر المعرفية التي تطل من خلالها على الملتقيات والمؤتمرات والندوات التي تشارك فيها كقامة علمية لها وزنها، ورقم لا يمكن تجاوزه، وهي قادرة إن شاء الله على تلبية تطلعاتنا للوقوف على محطات في مسيرتها العلمية والأكاديمية. |
أما مشاركاتها الصحفية فتشهد لها بإدراكها الكثير من مواطن الخلل في النسيج الاجتماعي الذي تسعى جاهدة لرتقه يدعمها في ذلك أفق واسع من التجارب الإنسانية والرؤى التي تستصحب تجاربها ودراساتها العديدة لتخوض من زاوية المثقف الشامل ثنايا كثير من القضايا المطروحة على الساحة.. أعترف أن نصوص ضيفتنا الكريمة ليست في متناول هضم كل قارئ، إنها محلّقة مجنِّحة تخلط الشعر بالنثر، وتتسامى في اختيار مفرداتها حتى تحسبها تشق عنان الفضاء. |
ضيفتنا الكريمة لا ترضى بالمستهلك والعادي والمبتذل فكراً وتعبيراً، فهي باحثة صعبة المراس، ترهق نفسها والمتلقي حتى وإن صمتت.. أتدرون كم نبتاً من الصمت يزهر في حديقتها؟ أحصيت لها ما لا يقل عن خمسة عشر صنفاً من الصمت في مقالها الموسوم "مغناطيس الكون".. فإذا كان هكذا حالها مع الصمت فكيف يكون مع الكلمة: انتقاء، وتشريحاً، وتفكيكاً، وتركيباً؟ |
فارسة أمسيتنا مفتونة باللغة الأنيقة، كأنها استعارت من "الأصمعي" إحساسه المرهف بالحرف، وحافظته العجيبة، وذكاءه الوقاد، وريادته في الجديد والمبتكر من علوم الأدب واللغة.. إنها انتقائية فيما تقرأ، وتكتب، وتقول.. تتوجس خيفة من قراءة نصٍّ فجٍّ حتى لا يفسد ذائقتها المفطورة على حب الجمال، وسمو الصور المفرطة في الإتقان، وتناسق البنيان.. بعيدة عن التفكك. |
نجدها أيضاً انتقائية في اختيار مواضيعها، والمتتبع لزاويتها "رفيف" بجريدة الجزيرة، بالإضافة إلى مؤلفاتها العديدة يدرك من أول وهلة المعاناة والتوتر الذي يلازمها حال مخاض تلك الإبداعات.. ومن لا يجيد السباحة في تيارها الجارف، فإنه قطعاً سيعاني، لأنها تكتب بأسلوب خاص، وقاموس تستله من نطف المزن قبل أن تتلوث بالهواء وذرات التراب.. وما كتابها الموسوم "الظل: أساطيره وامتداداته المعرفية والإبداعية" إلا نموذج لهذه المعاناة والألق والتوهّج حد الاحتراق في الذات وصولاً إلى صهر الفكر وجسارة المعنى.. كتاب توقف عنده أديب كبير في قامة الأستاذ جمال الغيطاني ليقول عنه: (كتاب فاطمة الوهيبي مفاجأة بعمقه وإحاطته الشاملة للموضوع، ودقتها في الكتابة، والوقوف على كافة المراجع، كذلك جسارتها الفكرية).. انتهى كلامه. |
إنها عندما تضع فكرة قيد البحث فإنها تتوسع فيها وتستقصي أبعد ما يتعلق بها وتجمع من المادة ما يؤهلها لخوض غمار ما تطمح إليه وتتحدى به نفسها وتتفوق عليها.. لدرجة أنها كما تقول عن نفسها أحياناً يقودها البحث للالتفات نحو جانب آخر فتترك الموضوع الأصل لتركض مع الفرع باحثة منقبة فيتكون لديها كتاب آخر من حيث لا تدري.. إنه التبتل في محراب الكلمة، والسمو فوق آلام الجسد، لأن البذل والعطاء لديها يستويان مع المتعة التي يرتشف شهد معانيها المتلقي في كل زمان ومكان. |
كم نحن سعداء بأن تضم ألوان طيفنا الثقافي، والفكري، والنقدي، والإبداعي، ضيفتنا الكريمة، قامة نعتز بها في دنيا الأدب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بها بين محبي إبداعاتها. |
وقبل أن أترك الميكرفون للسيدة الفاضلة الأستاذة الدكتورة وفاء المزروع، عميدة الطالبات بجامعة أم القرى لترعى مشكورة هذا الحفل بعنايتها، أذكّركم بأن ضيف اثنينيتكم القادمة هو الأستاذ الدكتور عدنان محمد زرزور، عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة البحرين، وصاحب المصنفات الشهيرة في السيرة النبوية، وعلوم القرآن، والدراسات الإسلامية، وغيرها من المؤلفات.. مرحبين بكل من يتعامل مع الكلمة. |
وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير. |
والسلام عليكم ورحمة الله،، |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لسعادة الشيخ على هذه الكلمة الضافية وأرجو أن أشير إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة للضيفة الكريمة ستتم محاورة الدكتورة فاطمة الوهيبي عن طريق الأسئلة التي آمل أن تتفضلوا بكتابتها وآمل أن يكون سؤالاً واحداً لكل متسائل ومتسائلة حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد منكن ومنكم للإجابة عليها. |
|