ألا دلدلي الحبل يا أم مالك |
لأشرب بعض الماء من أسفل البئر |
فما ترك الخلان إلا شوية |
ويا دوبها تطفي الحريقة ـ في صدري |
فإن تذكريني بعد خمسين حجة |
ألا فاذكري المرحوم صاحبنا القمري
(1)
|
ولا تسألني أين كنت فإنني |
تركتك مجبوراً على الترك والهجر |
لقد عشت أيام الطفولة في الخلا |
أصيد الدَّبا دون الجرادة والنغري |
وأسرح بالأسواق في كل حارة |
لدى رمضان طيب الاسم والذكر |
وفي كل عيد أركب اللوح نافحاً |
رفيقي .. إن لم يمسك الحبل بالضفر |
رعى الله أيام الكبوش كما رعى |
بلعبتنا الشبرين .. تنقز بالشبر
(2)
|
ولاحط في هدى المداوين خيطها |
مفرفرة كالجسم في حزة الظهر |
ولا جعل الدوم القديم هوايتي |
ولا الكبت المحدود بالشخط كالمتر |
فقد كنت يا أماه خير مطارح |
بباطين أو باط اعتقل سي فخري
(3)
|
واصقع بالكف الولاد تورمت |
خدود لهم حمراء .. فاصرخ أو أجري |
فيفزع لي في الحال أولاد حارتي |
عيال تجاروا في الأزقة كالمهر |
عيال لهم مني التحية والهوى |
ومنك دعاء بالهداية والستر |
فقد يشربون الماء من شُعْرِ قربة
(4)
|
تنزنز .. والسقاء لاه عن الأمر |
وقد يأكلون الموز يوماً بقشره |
وقد فهمو أن الحلاوة في القشر |
فقومي وصلي الركعتين وسبحي |
لرب الورى ـ رب الفراشة والنسر |
وقولي لهذا الجيل أبناء أمتي |
بني وطني أبناء عمي أو صهري |
ألا فاحمدوا مولا كمو يا بزورتى |
فحبحبكم حال .. وخال من البذر |
فلوس لكم قبل الدروس وبعدها |
فلوس ـ وعز شامخ الجاه والقدر |
تعيشون في كل المدارس مبلشاً |
وباليونيفرم الحلو تمشون كالطير |
وعشنا على الفيات
(5)
تكسر ظهرنا |
ويا ويل من عاش الحياة بلا ظهر |
وبالأتوبيس الفخم رحتم وجئتمو |
فلا تعرفون الشمس في الصبح في العصر |
وكنا نصلي الصبح والله حاضراً |
لنلحق ميعاد المدارس ـ من بدري |
نمد إليها الخطو سيراً على الحفا |
وإلاّ على بطن المداس لها نجري |
وشتان من هز المواتر راكباً |
ومن جاء محمولا على المدس السمر |
فطف برجالات المعارف يا فتى |
وكندش لهم لفظا تكندش بالشكر |
وقل للذي أمسى وأصبح قافلاً |
عليه دراف الباب في زمن الحر |
كلام جميل بس لابد بعده |
لنا من مجاراة الحضارة ـ في جهر |
نريد مزيدا من عنايتكم بنا |
تغيظ الأولى عاشوا المدارس في فقر |
أعدوا لمبروك وسلمى ومسفر |
مدارس شتى في القفار وفي الخدر |
فانهموا منا اللباب كما النوى |
كما بزرة الجمار ـ كالعطر فى الزهر |
حرام علينا أن يطلطل بدونا |
علينا بشطب الباب يفتح في السر |
كذلك عبوا للصناعة أهلها |
فقد بدأت فينا طلائعها تغري |
وقولوا لأرباب المطابع حضروا |
كراريسنا بدري .. فكم حضرت وخرى |
وفكوا .. وفكوا .. ثم فكوا مدارساً |
فمن فكها صك السجون مدى العمر
(6)
|
ونقوا لنا خير الأساتيذ إنما |
بأستاذنا تأتي نتائجنا ـ دغري |
فقد كسرت هذه النتائج خاطري |
سقوطاً وأوراقاً وشيئاً بها يسري |
دعي الطابق المستور فيها موارباً |
دعي الدور يأتى ثانياً واسع الصدر |
ولا تزعلى في الحق يا أم مالك |
على راسب قد جاب صفراً على صفر |
فما ضره إلا اللغات ضعيفة |
وفركة كعب في الحساب وفي الجبر |
ورب جواد قد كبا كان عذره |
وأنت به أدرى أخس من العذر |
ومن أعجب الأشياء أن تفصل الفتى |
إذا سنة فاتته .. مدرسة الثغر |
سليها لماذا كان هذا يا دَلْعَدي |
ففي جسدي منها الحبقبق يستشري |
وقد بت أدعى ساقط الثغر حاملاً |
وراي كراريساً من الشخط والنهر |
دعيني .. دعيني لا تلومي فقد بدت |
على كما شفتى الشقاوة من صغري |
وخاصمني الدهر الخؤون مبسبسا
(7)
|
وقد قال لي "بُرِّيه" منك ولم أدرى |
فبت قعيد السطح عند جماعة |
لبانتهم مضغ اللبان ـ من الشحر |
أصحصح إن جاء الفطور وأن أتى |
إلينا الغدا بربقت بالنظر الشزر |
فإن كان مبشوراً وقفت مباشرا |
وإن كان راص مندى نتفت له شعري |
وإن كان يا أماه عيشاً وجبنة |
مسحت له التختا .. وقلت لها أقري |
فما أهمل الطلاب أو حط قدرهم |
سوى السندوتش الحاف في آخر الدهر |