(( كلمة الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي ))
|
ثم يتحدث الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي شاكراً لمضيفه دعوته وتكريمه وللحضور مشاركتهم بالحضور وللمتحدثين ثناءهم ومجيباً في ختام كلمته على استفسار أو سؤال الأستاذ أمين العبد الله القرقوري فقال: |
- بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. |
- وبعد، أشكر الله سبحانه وتعالى الذي هيأ هذه الفرصة المباركة، ثم أشكر لأخي الشيخ عبد المقصود خوجه حيث كان السبب في هذه الأمسية المباركة، ولا أريد أن أثني عليه كثيراً أو أتحدث عن هذه المزية التي اختص بها أو اهتم بها، وقد همس في أذني عندما جلست بجواره عن الهدف من هذه الأمسيات أو هذه اللقاءات، وقد كان على حق بأنني على الأقل لم أُلم بتفاصيل أهداف هذه "الاثنينية" إن صحت في اللغة العربية بهذا الشكل، وأستاذنا على كل حال يمكن يصحح في هذا المجال، قال لي وهو ليس سراً إن هذا النمط من هذه اللقاءات هو تتويج للتلاحم بين قطاعات المجتمع في هذه البلاد، بين المسؤول ولا أقول رجل الأعمال فلي اعتراض من الناحية العربية على تسمية رجال الأعمال، كلنا رجال أعمال لكن هذه تعبيرات من التعبيرات التي أُخذت على العرب وعلى المسلمين، لكن أقول تجمع بين المسؤول في الدولة والمسؤول في عمل خاص، بين العالم والأديب والصحفي والإعلامي، تجمع بين أناس يهتمون بمجتمعهم وبأمتهم، لا أقول يتدارسون هذه القضايا لأن لي وجهة خاصة في مثل هذه الأمسية، ولكن الإخوة من خلال تقديمهم وتعليقاتهم سيجروننا أيضاً إلى ما لا أميل إليه في مثل هذه اللقاءات. |
- اسمحوا لي أولاً أن أعتذر عن التأخر في الحضور، والسبب في هذا أولاً تأخر الطائرة، ثم المدة التي قضيناها أيضاً من مركز خوجه إلى بيت الأستاذ عبد المقصود يُعادل ما بين الرياض وجدة من حيث الوقت، فلذلك أنا معذور في التأخر، وفي نفس الوقت متأسف كثيراً لأني أحب الالتزام بالمواعيد، يمكن ألقي المسؤولية على الدكتور أحمد الأهدل. |
- الشيء الآخر أن هذا اللقاء لم يأتِ بشيء جديد بالنسبة لي، يعني نقلتم لهذه الأمسية جو الجامعة وجو المؤتمرات وجو المناقشة وما نسمع في رسائل الماجستير ورسائل الدكتوراة وحلقات العمل الرسمي، فحينما أستمع إلى الإخوة وهم يثنون علي ويتكلمون تذكرت لما كانوا يناقشوننا مناقشة في رسالة الماجستير والدكتوراة، يبدأ الناس أولاً بالثناء والمديح والكلام، ثم فيما بعد تأتي الأسئلة والمناقشة ثم في الفترة الأخيرة يأتي النقد، والظاهر أن المسألة ستكون منطبقة أيضاً على هذا اللقاء فأنا كنت أتصور أن "الاثنينية" وما يماثلها من هذه الندوات البيتية أو الأسرية يأتي الإنسان ليغير الجو من عمل الجامعة، من العمل الأكاديمي، من المؤتمرات، من الأبحاث، من النقاش، إلى جلسة مفتوحة يكون فيها الود، يكون فيها السؤال عن القضايا الخاصة، عن الأحوال التي يأنس الإنسان بها أكثر ويبتعد عن مجال الرسميات، ربما تتاح الفرصة لشاعر مثل أستاذنا الكبير الأستاذ الأميري أو شاعرنا المبدع الأستاذ القرشي لإلقاء قصيدة أو لإلقاء أبيات تحرك مشاعر الناس أكثر من الكلام حول قضايا فكرية أو قضايا منهجية قد لا يكون المجال مجالها. |
- على كل حال لا بد في هذه المناسبة أن أشير إلى بعض النقط انسجاماً مع هذه البدايات ومتابعة لها، فأولاً أشكر للإخوة الذين تحدثوا وأثنوا عليَّ بما ليس فيّ، ونحن نعرف الحكم الشرعي في الثناء المباشر أمام الإنسان ولا أريد أن أوضح أكثر في هذا المقام، ولكن الإنسان يعرف نفسه وأنا من المُقصرين ومن المبتدئين وأسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا جميعاً على أداء الرسالة وأداء الأمانة والتعاون في سبيل الخير. |
- وأشكر الأستاذ الكبير الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور محمد الحبيب بلخوجة، والأستاذ الدكتور راشد الراجح، وأستاذنا الفاضل الأستاذ الأميري الذي - ما شاء الله - لا يزال شاباً ولا نقول إنه كبير السن، وحينما يقول تعرفت على فلان منذ ربع قرن أعتقد أنه يبالغ أحياناً أو يريد أن يكشف بعض الأشياء، وللأخ عريف الحفل الأستاذ عدنان صعيدي الشكر على تقديمه، ولأخي الأستاذ أمين عبد الله الشكر على هذا الثناء. |
- واسمحوا لي أن أطالب أيضاً الأستاذ عبد المقصود خوجه بمطلب آخر وهو أن يعيد هذا التكريم أو هذا الاحتفال مرة أخرى حتى أستعد لجو علمي أُعد محاضرة، أُعد كلمة، أُعد أشياء تناسب هذه القضايا التي طرحت، أنا لم يكن في ذهني وأنا قادم إلى هذا اللقاء إلا كما أعهد في اللقاءات في البيوت والأسرة الواحدة ولا يُرتب الإنسان شيئاً يتحدث عنه، لذلك ربما من المصلحة أن يُرتب الإنسان شيئاً في مناسبة أخرى يكون فيها إن شاء الله نفع وخير، هذه القضايا اعتدنا على مناقشاتها في الجامعات في المؤتمرات في الأندية الأدبية، في المراكز العلمية، ومع ذلك فلا بأس من أن يُستفاد من هذا اللقاء، وحينما يرى الإنسان أكثرية الحاضرين يجد أنهم من وجوه المجتمع في مجال الفكر والعلم والثقافة، ويخطر في ذهني بعض القضايا التي ينبغي أن نركز عليها أو أن نُركز عليها في هذه المناسبة. |
- من أهم القضايا التي تجمعنا جميعاً هو المضمون أو المحتوى للثقافة للفكر للعلم. الشاعر حينما ينظم قصيدة، الكاتب حينما يكتب في موضوع من الموضوعات حينما يُنشئ رواية، لا بد أن يفكر في المحتوى وإلا يصبح الكلام فارغاً، وهذا المحتوى يرتبط ارتباطاً مباشراً باهتمامه، وباهتمام مجتمعه وباهتمام أمته، فموضوع الثقافة والمحتوى الذي ينبغي أن نؤكد عليه في المملكة العربية السعودية وهي منطلق رسالة الإسلام ومنطلق اللغة العربية، وهي التي تحمل في الوقت الحاضر راية الإسلام وتدعو إلى التضامن الإسلامي، وتقود العالم الإسلامي في مجالات عدة، ما المحتوى الذي ينبغي أن نؤكد عليه في كل أعمالنا العلمية والفكرية، سواء في مجال الأدب، في مجال الإعلام، في مجال التعليم، في مجالات متعددة؟ |
- لا شك أن الإبداع أمر مطلوب، وأن أي عمل من الأعمال ما لم يُبدع الإنسان فيه لن يكون له كبير أثر، لكن المحتوى الذي ينبغي أن نؤكد عليه هو رسالتنا في الحياة. قد تهتم بالجمال، قد تهتم بالقضايا الجزئية لكن هناك قضية أساسية وهي رسالة المسلم ورسالتنا في هذه المملكة لأن لنا خصائص ومزايا لا توجد في أي مكان في العالم، أولاً من أهم الخصائص أن بيت الله، أن الكعبة، أن المكان الذي تهوي إليه أفئدة المسلمين لا يوجد له نظير في الدنيا في هذه البلاد، التقاؤنا بحجاج بيت الله، بالمعتمرين بالزائرين لهذه الأماكن، مكاننا وموقعنا من العالم الإسلامي بل من العالم كله، تاريخنا، الواقع الذي نعيشه بأننا والحمد لله تُظللنا دولة مسلمة تحكّم شرع الله سبحانه وتعالى، وقامت منذ أن قامت على تحكيم هذه الشريعة، ما أنعم الله سبحانه وتعالى علينا من نعم، الأمن، المال، الخير الكثير، هذه الخصائص التي لا توجد في مكان آخر ولا عند جماعة آخرين، يجب علينا أن نُكيِّف محتوى ثقافتنا ومحتوى إبداعنا في مجال الشعر، في مجال القصة في مجال النثر، في مجال أي عمل من الأعمال لخدمة هذه الرسالة، وهذا الموضوع من الموضوعات التي أتمنى أن تُشبع بحثاً وأن تطرح للنقاش كيف نوجه الأدب، كيف نوجه الإعلام، كيف تستفيد من كل الفرص التي أتيحت لنا حتى نحقق الغاية من رسالتنا وهي عبادة الله سبحانه وتعالى: وما خلقت الجِنَّ والإِنْسَ إلاَّ ليعبدون. |
- تعليق أو تعليقات حقيقة على بعض القضايا التي وردت، أشار الأخ الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني للغزو الثقافي أو الغزو الفكري وإن كنا في المملكة العربية السعودية ما أصابنا أخف بكثير مما وقع في البلاد الإسلامية الأخرى وفي البلاد العربية، وهذا نتيجة الوضع الذي نعيشه، سواء أكان سياسياً أم اجتماعياً أم اقتصادياً، كيف نواجه هذا الغزو؟ لا يمكن أن نواجه هذا الغزو الثقافي أو الفكري إلا إذا سخرنا كل أعمالنا الفكرية والتربوية لمواجهته، ويتساءل الإنسان حينما يرى كثيراً من المبدعين وكثيراً من الذين لديهم قدرات في مجال الشعر، في مجال الأدب، في مجال التحليل السياسي، أو التحليل التاريخي، أو الإعلامي، أو الدراسات الاجتماعية، أو الدراسات النفسية، ويرى أنهم فيما يقدمونه وما يقومون به من أعمال قد لا يركزون في مضامين أعمالهم على تأصيل القيم الإسلامية وإزاحة الغبش والأخطاء والغزو الذي اتجه للأمة الإسلامية سواء أكان ذلك في المجال الاجتماعي أم المجال السياسي أم المجال الاقتصادي أم في أي مجال من المجالات، وهذا ما كنت أؤكد عليه فيما يتعلق بالمحتوى أو المضمون لأي عمل ثقافي أو أي عمل فكري. |
- ما أشار إليه الأخ أمين العبد الله فيما يتعلق بأسلمة العلوم أو تأصيل العلوم، هذه قضية مرتبطة بحضارة الأمة، ومرتبطة بتقدمها الحضاري، ونحن نعيش في أزمة حينما نتجه لمجال الإعلام أو لمجال الاقتصاد أو لمجال التربية أو لمجال الاجتماع، وقد مررنا بتجارب في هذا الأمر، ووجدنا أن كثيراً مما يُطرح في هذا المجال أو يقدم في هذا المجال لا يكون إلا آمالاً وأماني وطموحات، لكن حينما يطلب الإنسان التفاصيل أو المتخصصين الذين يقدمون البدائل يجد الصعوبة، لعل الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني يذكر حينما فكرت جامعة الإمام في إنشاء كلية للعلوم الاجتماعية، وقد كان عضواً في المجلس الأعلى للجامعة، وفي ذلك الوقت كان من أهداف الجامعة أن تركز في دراساتها وأبحاثها على تأصيل العلوم الاجتماعية، وقد خطت خطوات لا بأس بها، ولدينا عدد من الأبحاث وعدد من الأعمال التي تمت تُعتبر بداية جدية في هذا المجال، لكننا نجد الصعوبة في الحصول على متخصصين في هذه العلوم الذين يجمعون بين الرؤية العلمية الصحيحة وبين الرؤية الإسلامية الصحيحة، وهذا ينطبق على علم الاجتماع وعلى علم النفس، التربية، الاقتصاد، أنشأنا قسماً للاقتصاد الإسلامي ونعتقد أنه قسم فريد وبقينا سنوات قبل أن نبدأ الدراسة في القسم لكن مع ذلك فلا تزال الأزمة قائمة وهي أزمة مُتخصصين، لا تجد الناس الذين عندهم القدرة على أن يؤصّلوا التأصيل الذي يسد ويكفي ويشبع الباحث، ويمكن أن تقدم ما لديك من دراسات إلى المؤسسات الاقتصادية، وكذلك في مجال الإعلام إلى المؤسسات الإعلامية، وفي مجال التربية إلى المؤسسات التربوية، ولكن علينا أن نأخذ بالأسباب ونتابع ونستنفد الفرص، أو نستفيد من الفرص التي تتاح لنا. |
- أما فيما يتعلق بالماوردي وأبي يعلى وما لكل منهما من دراسات في هذا المجال، الحقيقة حينما تعرضت للتجديد كتبت عنه لأن الناس أكثروا من الكلام في الفترة الأخيرة عن التجديد، ومن الناس من يرى التجديد أمراً سهلاً، وأن بالإمكان أن يلهث الإنسان وراء أية نظرية، أو وراء أية دعوة ويعتبر أن هذا الأمر من باب التجديد، ونجد أن أناساً ضيعوا الإسلام في انسياقهم أو متابعتهم لأناس لا يُعتبرون مجددين ولكنهم خرجوا عن قواعد الإسلام في مجالات عدة، ما حصل من تغيرات واضحة في أوروبا الشرقية يثير التساؤل، ويوجه النداء للمسلمين فيما يتعلق بالتجديد في الفكر الإسلامي، والتجديد في كثير من القضايا التي يسير عليها المسلمون في حياتهم، فلا شك أن الإسلام دين التجديد وأنه دين الواقع، لأنه دين لكل عصر ولكل قضية ولكل مشكلة، ولم يقف في وقت من الأوقات أمام أية مشكلة إلا وواجهها المسلمون بحلول، لكن أن نترك الأمر دون قيود ودون حدود ودون ضوابط، هنا ينفرط الأمر. |
- المُجدِّد في الإسلام هو الإنسان الذي جمع شروط التجديد، هو المجتهد، هو الذي تعرف على الشريعة الإسلامية من مصادرها الأصيلة، هو الذي تمكن من معرفة اللغة العربية، تمكن من معرفة مناهج المجددين ومناهج العلماء، أما أن يأتي الإنسان باسم التجديد الفكري باسم الإصلاح باسم التقدم، باسم أن الناس لا يريدون الدراسات التقليدية ثم يهجم على الذين يهتمون أو يتمسكون بالدراسات التقليدية، هذا إضاعة لكثير من الثوابت التي ينبغي المحافظة عليها، وهي إشارات ذكرتها في الموضوع الذي نُشر في الشرق الأوسط عن نماذج من المجددين، ولم يدر في خلدي موازنة بين الماوردي وأبي يعلى، وإن كان الكلام معروف لأن كلاًّ من الماوردي وأبي يعلى تتشابك كتاباتهما حتى أن من الناس من يقول إن أحدهما أخذ من الآخر، والقضية ليس فيها تزكية لاتجاه الماوردي أو لكتابه، أو أن كتابه هو الكتاب الصحيح في هذا المجال، الفكر السياسي الإسلامي حتى الآن هو من الموضوعات التي لم تنضج بعد، نعم هناك نظام للحكم الإسلامي فيما يتعلق بالبيعة فيما يتعلق بشروط الحاكم، فيما يتعلق بطريقة اختيار الحاكم، فيما يتعلق بالحقوق والواجبات للإمام أو للحاكم، وكذلك حقوق الرعية على الإمام أو على الحاكم، كل هذه قضايا معروفة وواضحة لكن الموازنة بين نظام الحكم في الإسلام والأنظمة الديموقراطية في الوقت الحاضر أو أي نظام من الأنظمة القائمة، تثير إشكالات كثيرة، ونحن لا نريد أن نجلب أو نأخذ الحرية بمفهومها الغربي أو الأنظمة التي نشأت في بيئات غير إسلامية ونحاول أن نطبقها على واقع المجتمعات الإسلامية، ولقد كتب كثير من العلماء المسلمين ممن لهم باع طويل في مجال الفكر السياسي الإسلامي مثل الماوردي وأبي يعلى والغزالي وابن تيمية حول هذا الموضوع في مجالات محددة، ويمكن الرجوع إلى ذلك ومع ذلك فالمسألة تحتاج إلى كثير من الدراسة في هذا المجال والنظر فيما هو من الأسس ومن القواعد التي نص عليها الإسلام في طاعة الحاكم، في بيعة الحاكم في عدم الخروج على الحاكم والقضايا الأخرى، وهل تُطبق بنظام عام أو بنظام جزئي أو بمجالس أو بغير مجالس، هذه قضية تُركت للتطبيق ولم يأت فيها الإسلام بتحديد وتفصيل. |
|
- أما فيما يتعلق بقضية الماوردي وقضية أبي يعلى، وأتمنى من الإخوة المثقفين ومن الإخوة الكتّاب لأنني كتبت ثلاث حلقات في هذا المجال عما ينبغي أن يقوم به المسلمون، أو موقف المسلمين تجاه التغيرات، ثم أتبعت ذلك بحلقات ثلاث عن المملكة العربية السعودية وما فيها من مجالات وما تتميز به منذ قيامها من ثوابت وأسس تختلف تماماً عن أي نظام، سواء أكان شرقياً أم غربياً، أتمنى من الإخوة الباحثين سواء أكانوا في الجامعات أم في غير الجامعات أن يدرسوا ما لدينا من مزايا في هذه البلاد، نعم قام مجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القمة في تكوين الدولة وفي تطبيق الإسلام، ومجتمع الصحابة رضوان الله عليهم الخلفاء الراشدين يأتي تبعاً لذلك، ثم بعد ذلك الدولة الإسلامية المركزية، الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، ثم الدويلات أو الدول التي خرجت عن الدولة الإسلامية المركزية. |
- نحن نعرف أن الدولة الإسلامية المركزية كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم في عهد الصحابة الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية ثم بدأت دول تنشأ في الشرق والغرب حتى تعددت الدويلات الإسلامية في شمال أفريقيا، في الأندلس، في المغرب، دويلات في داخل أفريقية، في مناطق متعددة. |
- الدولة العثمانية كدولة إسلامية كبيرة جمعت المسلمين أو غالبية المسلمين في فترة طويلة من الزمن، وبعد ذلك، حينما ضعفت بدأ التوجه الغربي، التوجه الصليبي، التوجه المعادي للإسلام يتسلط على الدول الإسلامية وعلى المجتمعات الإسلامية، في حالة الركود وفي حالة الضعف قامت الدولة السعودية على أساس من دعوة الإِمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومضى عليها الآن أكثر من مائتين وخمسين سنة، فترة ليست قليلة إذا أراد الإنسان أن يوازن بينها وبين فترات التاريخ الإسلامي، هذه الفترة ما الذي تحقق فيها من إيجابيات؟ |
- يوازن الإنسان بينها وبين المجتمعات الإسلامية في العهد العثماني، أو المجتمعات الإسلامية في الدولة العباسية أو أية دولة من الدويلات الإسلامية التي قامت في شمال أفريقية، الدولة الأموية في المغرب، دولة الموحدين، دولة المرابطين، أية دولة من الدويلات التي قامت في أية منطقة من المناطق الإسلامية فيما يتعلق بالالتزام بالإسلام من قِبل القيادة، من قِبل الحكام، ومن قِبل عامة الناس، يجد أنها تتميز على كثير من المجتمعات الإِسلامية في الدولة العثمانية وفي الدول الأخرى، ولو أراد الإِنسان أن يدرس الآن القضاء وينظر في القضاء في عهد الدولة السعودية وفي عهد الدولة العثمانية، أو أراد الإنسان أن يأخذ مثلاً التعليم أو أراد الإِنسان أن يأخذ ترابط الأسر فيما بينها أو نظافة الشارع في المدينة أو في القرية والتزام الناس بالإِسلام أو اتجاه الناس إلى المساجد وأداء الصلوات، أو التزام المرأة المسلمة بما يوجبه الإِسلام في مسألة الحجاب، في مسألة أن النساء لهن أوضاع مستقلة وخاصة في التعليم وفي التربية وفي السكن حتى في نظام البيوت والمساكن، يجد أن المجتمع الإسلامي السعودي في عهد الدولة السعودية في مختلف فتراتها يتميز عن كثير من الدول الإسلامية التي قامت، سواء في عهدها أم في العهود السابقة. |
- هذا يدعوني أو يوجب علينا، ونحن نبحث ونحن ندرس ونحن ننشر ونكتب، أن نوازن بين هذا الواقع الذي نعيشه وبين المجتمعات أو الدول الأخرى وما فيها من أنظمة وأن نربط هذه الموازنة بنظام الإسلام، نظام الإسلام في مجال السياسة، في مجال الاقتصاد، في مجال التربية والتعليم في المجال الاجتماعي، أما العقيدة فنحمد الله سبحانه وتعالى على أن الأمة الإسلامية حتى وإن اختلت الأنظمة والتطبيقات لكن عقيدة الإسلام عقيدة حية واضحة في نفوسهم وفي أذهانهم، ويجد الإنسان التطبيقات في المجال التشريعي أو في المجال التنظيمي، يجد أن هناك الخلل أكثر منه على الأقل في أسس العقيدة، ولا يعني هذا أن يقول الإنسان إن الأنظمة أو إن التشريعات التي نسير عليها ليس فيها خطأ وليس عليها ملاحظات. لا، الإنسان رائده الحق وعليه أن يبحث عن ما يسنده الدليل من كتاب الله سبحانه وتعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي نقدمه للناس، وإذا أردنا للأمة الإسلامية أن تنهض نقدم لها وقائع وحقائق، نرى الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي كله تُنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، والجماعات والأحزاب والفئات تدعو تلك الحكومات لتطبق الشريعة الإسلامية، وتجد كل الأحزاب الإسلامية أن هذه أمنية، نحن في المملكة منذ أن قامت الدولة وهي تطبق الشريعة الإسلامية ومستمرون والحمد لله في هذه النعمة وفي هذا الخير. |
- ننظر إلى الإعلام ونوازن بين إعلامنا وبين ما نراه في المجتمعات الأخرى، نجد أن الموازنة غير واردة إطلاقاً سواء في مجال التلفاز أو الصحف أو أي مجال من المجالات الأخرى، وهذا الأمر يعطي المتطلعين لتطبيق الإسلام والنظام الإسلامي يعطيهم الأمل، نرى تطبيق الشريعة الإسلامية في كثير من الدول في السودان في باكستان في العديد من الدول الإسلامية والدول العربية تثار حولها الشبهات والشكوك والمشكلات، وأن هذا الأمر سيحدث حرجاً بالنسبة للطوائف الأخرى، وسيحدث حرجاً فيما يتعلق بتقنين القوانين وتنظيمها، و.. وإلى آخره. حينما يُنقل للناس تجربة عاشتها المملكة العربية السعودية في هذا المجال يُثبت للناس أن كل تلك الشكوك وتلك الأشياء التي تُثار هي أوهام لأن الناس ينطلقون من واقع ولا ينطلقون من مجرد فكر أو آراء أو أشياء في بطون الكتب، قد يقول الإنسان إن هذا الاتجاه في تشريع القضاء أو أي مجال من المجالات نعم موجود في الفكر الإسلامي، موجود في الكتب، موجود في الأبحاث لكن أمامي مشكلات كبيرة في التطبيق وسيُحدث الحرج ويُحدث مشكلات، هذا إذا لم ينقل الإنسان ما كانت عليه الدولة الإسلامية في عصورها المتعددة، لعل الأسئلة وأنا سأكون الآن في مجال المُمتَحَن، لعل الأسئلة تتطرق إلى شيء من هذه النقط أو شيء من هذه القضايا، وكم كنت أتمنى أن لدي معرفة بطبيعة هذه اللقاءات حتى أحضِّر شيئاً أستفيد منه وأُفيد الإخوة الآخرين، ونرجو إن شاء الله أن يكون ذلك. |
|
(( تعليق المحتفي ))
|
ويعلق الأستاذ عبد المقصود خوجه على كلمة الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي بقوله: |
- سيدي الدكتور: نحن سعداء بتشريفك وسعداء بإتاحة الفرصة لنا بهذا اللقاء في هذه الأمسية الكريمة، التي تجشمت في سبيل تحقيقها لنا عناء سفرك من الرياض فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك بين أهلك وإخوانك وذويك، وسعادتنا أكبر بأن لنا ذمة لديك بفرصة لقاء أو لقاءات أخرى نسعد فيها بك، لأن لقاءات كهذه من المؤكد أن يكون لديك فيها الجديد لتنقله إلينا، ولدينا الكثير نتحدث به إليك. |
- أما طبيعة هذه الأمسية فاسمحوا لي أن أخالف معاليكم فيما ذهبتم إليه إن هذا اللقاء هو لقاء الأسرة، لقاء العائلة الواحدة، بعيداً عن أسوار الجامعات والمؤتمرات والأندية الأدبية، ولكل منها كما لا يخفى على معاليكم بعدها الذي نود أن تستمر فيه وأن تقوم به، هذا اللقاء نود أن يكون عفوياً ونود أن نحقق من خلاله لقاء الأرواح ولقاء القلوب التي تجتمع في الخير وإلى الخير، حرصاً على هذا الوطن وحباً له، بَحْثاً عن الأصلح والأهم، ليس لنا من لقاء إلا وكان دائماً هذا هو الهدف الأسمى له، فيبدو لي أن أهمية هذه اللقاءات في عفويتها، لا نطلب طلباً معيناً ممن نحتفي به، ولا نريد أن يحُضّر، نريد أن يأتينا "خاماً" نسمع منه ويتحدث إلينا ونتحدث إليه، ولن نُغَيِّرَ، فعلاً لنا هدفاً، بدأنا به، وهو أن هذا الوطن كما تعودنا هو الوطن الشكور للرجال وأعمالهم، من خلال هذه اللقاءات، هدفنا أن تكون هذه اللقاءات لقاءات تكريم للرجال تُوثق صورة وصوتاً وإن شاء الله كلمة مقروءة باعتبارها من أهم وسائل التوثيق، لتبقى، ربما لا تتضح أهميتها اليوم وإنما للأجيال القادمة، مرحلة نوثق بها ما دار في ماضيهم يستفيدون منه استفادة الأبناء من الآباء والأجداد. |
- هذا مجمل ما دار في خاطري للملاحظة التي تفضلتم بها، فوجدت من الواجب أن أنقله إليكم علناً لا همساً، ولكن من يضع علامة الاستفهام؟ |
- والشكر مكرراً لمعاليك، ولكل من تفضل وأسهم في تكريمك، لأننا ننظر في الحقيقة لمعاليك ليس فقط كمدير جامعة، لك دور بارز كمفكر، وكرجل ريادة نعتز به، ونعتز باللقاء به دائماً وأبداً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
- الأسئلة كثيرة، وأنا أقترح أن نقرأ على معاليك كافة الأسئلة التي وردتنا، لأن بعضها قد يكون متجانساً، ولأن بعضها قد يكون مُتداخلاً، ونترك لمعاليك حرية التصرف فيما تود أن تجيب عليه وما تود إدماجه مع غيره اختصاراً للوقت، وعلى كلٍّ فهذه الأمسية أمسيتك، وأنت عريس هذه الليلة، فلك أن تتصرف فيها بما تشاء. |
|