شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قالوا عن الأديب عبد الوهاب آشي
حياتهم (1)
واليوم نعاود اللقاء عبر (حياتهم) ومعنا في هذه الحلقة فارس من فرسان الأدب السعودي.. أديب كبير من أدباء الرعيل الأول المبرزين.. أسهم في بناء صرح الفكر والأدب في بلادنا منذ أكثر من نصف قرن.. وترك بصماته واضحة على الحركة الأدبية.. وهو من طلبة مدرسة الفلاح بمكة وأساتذتها.. تخرج على يديه أفواج من طلاب العلم تقلد بعضهم مناصب كبيرة في الدولة.. اختير ليكون أول رئيس لتحرير صوت الحجاز.. وتقلَّد الكثير من الوظائف الحكومية.. عبد الوهاب إبراهيم آشي رحمه الله ورحلة حياة حافلة بالعطاء والمجد نصحبكم معها من خلال الكلمات التالية التي قالها عنه عدد من أدبائنا ومفكرينا.. فلنقرأ معاً تلك الكلمات.
الآشي شاعر وكاتب
يعدُّ الآشي من شعراء الرعيل الأول وله جولات في الشعر العاطفي والوطني والاجتماعي.. وللآشي أسلوب مميز في كتابة إفتتاحية صوت الحجاز التي كان يحررها.. وكذلك في كتاباته في الصحف.. ويذكر أنه كتب افتتاحية العدد الأول من صحيفة صوت الحجاز.. وله أشعار ومقالات كثيرة لم تجمع كلها.. وما جمع من إنتاجه الشعري صدر في كتاب هو عبارة عن ديوان شعر سمِّي (شوق وشوق) طبعته جمعية الثقافة والفنون.. والنية معقودة الآن لدى ابنه لجمع إنتاجه المتناثر وإصداره في كتاب.
من جيل الرواد
تحدَّث الأديب الكبير الأستاذ أحمد عبد الغفار عطار عن حياة وشخصية الأستاذ عبد الوهاب آشي فقال:
الأستاذ عبد الوهاب آشي من الفتية الأوائل جيل الرواد بناة الحركة الأدبية الأولى في بلادنا وهم:
1 ـ محمد سرور الصبان رائد الحركة، وبانيها الأول وراعيها إلى أن توفي منذ بضع سنوات.
2 ـ عبد الوهاب آشي.
3 ـ محمد سعيد العامودي.
4 ـ عمر عرب.
هؤلاء الأربعة هم أركان النهضة الأدبية بقيادة الشيخ محمد سرور الصبان الذي صنع الحركة الأدبية، وكان مع الأجيال التي جاءت بعد جيل الرواد الأربعة، فما من أديب إلا وللشيخ الصبان في رقبته منه يذكرها له تاريخ الأدب.
مساهمة في الحركة الأدبية
ويضيف الأستاذ العطار قائلاً:
أما الشيخ الآشي ورفيقاه فكانوا ممن أسهموا في الحركة الأدبية التي صنعها الشيخ الصبان الذي يعد أول ناشر للأدب إذ طبع على نفقته هذه البواكير الأدبية:
1 ـ أدب الحجاز. 2 ـ المعرض. 3 ـ خواطر مصرحة لمحمد حسن عواد.
ودفع الشيخ الصبان كتاب العواد إلى الأستاذ الآشي ليكتب مقدمته ويُعرِّف القراء بمؤلفه فكتب المقدمة.
ذو أخلاق فاضلة
ويضيف العطار قائلاً: وكان الأستاذ الآشي رحمه الله ذو أخلاق فاضلة كغيره من الرواد الأوائل يمتاز كل منهم بخلائق مثلى ينفرد بها. تحدد شخصيته وسماتها.
وميزة الأستاذ الآشي أو علامته الفارقة أو مفتاح شخصيته الصدق الذي يتصف به في حياته الخاصة والعامة، بل تكاد تكون حياته الخاصة وحياته العامة سواء.
ويمضي الأستاذ العطار في القول: ومن هنا كانت سريرته مثل علانيته، ثم لا فرق بين رضاه وغضبه في إصدار الأحكام، فإذا غضب على أحد لا يخرج به الغضب عن الحد القوام، ولا يبخسه حقَّه، بل يصدر عن الصدق الذي يدفعه إلى إعطاء الحق، كما لا يحمله الحب أو الرضا على إعطائه ما ليس له بحقّ.
ولهذا ما كان المغضوب عليه محل نقمة الأستاذ الآشي، بل يعطيه الحقّ له وعليه، ولهذا ما كان المغضوب عليه يعاديه، بل لا يجافيه.
الآشي والنقد
ويستطرد الأستاذ العطار قائلاً: ومن أعظم خلائقه التي تتفق مع خليقة الصدق أن ينصف من نفسه، ويتقبل النقد النزيه ممن يصغرونه في السن وفي العلم والأدب أو من نظرائه، فذات مرَّة كتبت مقالاً عن العدد الممتاز من جريدة ((البلاد)) ونقدت قصيدة للأستاذ الآشي نقدا نزيها، وكان مجلسه حافلاً بالأدباء والمثقفين، وأرادوا مجاملته فذكروا له أن ناقده - وهم يقصدونني - أن نقدي ليس بشيء. فردَّ عليهم أنه قرأ النقد وأعجبه. وأن الحقّ مع الناقد النزيه، وأضفى عليَّ من الصفات المحمودة ما هو أجدر بها مني.
وتشاء المصادفة أنني زرته في ذلك الوقت فإذا هو يستقبلني بحفاوة ويعترف بأن ما ذهبت إليه حقّ.
صفات كريمة
وأضاف الأستاذ العطار عن صفات عبد الوهاب آشي قائلاً:
ومن صفاته الكريمة أنه ينظر إلى الأثر الأدبي دون النظر إلى صاحبه سواء كان شادياً أو رائداً.
وعلى سبيل المثال أذكر أننا كنا طلبة ودعينا مع رواد الأدب وكبار الأدباء والأساتذة المثقفين. لنحتفل بأول الطيارين.. ولبيَّنا الدعوة لمشاركتهم في الرأي ونشترك في مسابقة كانت مقامة.. وطلبت إلى الأستاذ حسين عرب الذي كنت أسبقه في الدراسة بسنة أن ينظم نشيداً يدخل به المسابقة فاستحى أن يتسابق مع الرواد وكبار الأدباء، ولكنني أنا وزملاء لنا حملناه حملاً على الاشتراك.. في المسابقة ورضي ونظم النشيد.
وكان الأستاذ الآشي هو الذي رأى دعوة الناشئة ولهذا كنا نتفيأ ظلاله وسلّمناه نشيد حسين عرب، فأعجب به وهنأ الشاعر التلميذ.
وكان أول الأمر أن الأستاذ الآشي الذي نظم نشيداً يشترك به في المسابقة سحب نشيده منها اعترافاً منه بأن نشيد الأديب الناشيء حسين عرب أفضل من نشيده ولهذا اعتذر عن المسابقة.
وكانت لجنة الفحص مكوّنة من الأستاذ الآشي والأستاذ محمد سعيد عبد المقصود والأستاذ عمر صيرفي. وأشركوني في اللجنة عن الناشئة.
وكان عمر صيرفي - رحمه الله - أستاذاً لنا في المعهد العلمي السعودي، والآخران من أساتذتنا في الأدب وسرَّهم أن نبدي آراءنا في صراحة وحرية مع الخلق واحترام أدبائنا الكبار سنًّا ومقاماً.
علاًّمه في الدين والعربية
ويختتم الأستاذ أحمد عطار حديثه عن الآشي بقوله:
وكان الأستاذ الآشي رحمه الله علاّمة في علوم الدين والعربية قلَّ نظيره بين زملائه الأدباء من الرعيل الأول وإن كانوا لا يقلّون عنه.. وميزة جيله وجيلنا أيضاً التطلع إلى مختلف العلوم والآداب، والفنون مع التواضع ومكارم الأخلاق، والأغصان المحملة بالثمار متواضعة تتدلى إلى أمها الأرض، أما المجردة فتتطلع إلى أعلى تتحدى السماء.
الآشي من القلب إلى الذاكرة
وتحدَّث معالي السيد حسن كتبي عن عبد الوهاب آشي حديثاً من القلب للذاكرة كواحد من تلامذته وكصديق وزميل له فقال:
الحديث عن المغفور له عبد الوهاب آشي بعد فترة من زمن وفاته يشجي القلب لأن هذا الإنسان والإنسان الكريم بطباعه وسجاياه وفطرته كان ينبغي أن يكون ذكراً مذكوراً. وليس نسياً منسياً، لأنه أعطى من علمه وفضله ونبله وأخلاقه في حياته الشيء الكثير لعارفيه.
لقد عرفته أستاذاً بمدرسة الفلاح للتاريخ والأدب أستاذاً محبوباً بروحه الطيبة المرحة وشخصيته المهذبة المحبوبة.. وبأسلوبه في الإلقاء وعرض المواضيع التي يلقّنها لتلاميذه ويشرحها لهم فلم يكن يجهد أحاسيسهم ولا يترك السأم يدب إلى نفوسهم.. لأنه كان جذاب الحديث يسبغ على الدروس التي يلقيها سلاسة ويسراً وبهجة وقبولاً.. وكان يعامل تلاميذه كالأخ الودود الذي يفرحون بلقائه مهما تكرر لقاؤه بهم.
ظاهرة بارزة
ويمضي السيد حسن كتبي في حديثه قائلاً:
وكانت هذه ظاهرة بارزة في حياته المرحة التي عرفتها في كثير من صورها.. فلقد تعمقت صداقتنا بعد الحياة المدرسية.. فعملنا معاً في قسم التحرير بوزارة المالية يوم كان الشيخ عبد الله السليمان وزيراً للمالية يحرص على المباهاة بهذا القسم ويلزمه أن يقدم شؤون وزارته على أكمل الوجوه وأتمها رغم التحديات القاسية التي تحاصره.
وكان الأستاذ عبد الوهاب آشي خير من حقق له غايته تلك مع المجموعة التي كانت تعمل معه وفي مقدمتهم الأستاذ الكبير السيد محمد حسن فقي الذي خلفه في رئاسة القسم.
يعيش مع الجماعة
ويضيف السيد حسن كتبي بقوله: وقد عرف عبد الوهاب آشي بين كل من صاحبهم بالروح والعواطف الإنسانية وكان لا يعيش إلاّ في جماعة ولم أعرف أنه قط عاش منفرداً أو بعيداً عن المجتمعات والذي عرفت من سجاياه في هذه الصفة أنه يتوسط دائماً مجاميعه تارة ثم لا تلبث حتى تجده في مقدمتهم وكثيراً ما تجده في الصفوف الأخيرة من بينهم وكأنما يحرص أن يصل أطرافهم بنفسه ويصلهم به حتى لا تنفك أرواحهم عن روحه ولا تُبلى العواطف الجياشة بينه وبينهم.
الاعتدال في كل شيء
ويواصل السيد حسن كتبي حديثه عن الآشي قائلاً:
ولم أذكر أني رأيته ساخطاً على أمر من الأمور التي تخص حياته أو ساخطاً على أحد من الناس ولقد كانت أبرز ميزاته الاعتدال في كل شيء فلا يخاطر بأقواله وأفعاله وآرائه وتصرفاته بالجنوح إذا حافه طرف من الأطراف قد يضطره للتراجع عنه.
وكانت ضحكاته التي ينمَّق بها حديثه فيبدأ بها حديثه تارة ويتوسط بها تارة أخرى وينهي حديثه بها دائماً. صفة دائمة إلاَّ إذا كان يتحدث في ظروف جادّة أو مقامات لا تسع لغير ذلك.
وكان صادقاً كل الصدق في كل ما يصدر عنه لأنه لا يصدر إلاّ عن أمانة تامة في أقواله وأفعاله وما يأتيه في شؤونه الذاتية أو شؤون الآخرين.
أديب بالفطرة
ويضيف السيد حسن كتبي قائلاً: وكان أديباً بالفطرة فحديثه سلس له جرس أخاذ ومقاطع مقنّنة ومسكّنة ويختار كلماته من غير عناء بحيث لا يطرق سمع من يتحدث عليهم أي نشاز في تعبير أو طريقة أداء، وترك وراءه مجموعة من المقطوعات الشعرية المطربة المعجبة في الوطنية والأخلاق والسلوك ومختلف مواضع الشعر الملامس للحياة الإنسانية، وكان ذكياً ألمعياً يظن الظن في غيب ما يحدث وكأنه رأى ما حدث وسمع به.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1537  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 143
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.