شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من الرجعي.. ومن التقدمي؟
((وتلفنت)) إليّ قارئة، فقالت: لقد تحدثنا حتى استغرقنا الحديث إلى حوار موضوعه: من الرجعي ومن التقدمي..؟
وكان السبب الذي جرنا إلى ذلك ما قرأناه في تمرك وجمرك عن شراء كتابين من التراث. وشراء ابنتك للألياذة وهي من التراث الأقدم لأنها قصة الملحمة الإغريقية.
فحين قرأنا ذلك قالت أخت لنا: انظروا إلى هذه المفارقة، فالأستاذ حين اشترى كتاباً من التراث الإِسلامي خطر في بالي أنه رجعي يتعلق بالقديم بينما التي اشترت الإلياذة أصبحت تقدمية عصرية ولو كانت الملحمة التي اشترتها عميقة في القدم..
وأخذنا ندير الحوار عن هذه المفارقة التي تجاوبت مع مشاعر هذه الفتاة، ترى الكتاب ولو تقادم عليه العهد عصرياً تقدمياً ما دام أنه يؤرخ حقبة من التاريخ ولو كانت الملحمة هذه قد لبست ثوباً أسطورياً. فالجدة والعصرية والتقدمية هي ليست في مضمون الكتاب، ولكنها في مشاعر مقتنيه يتحبب إلى كتاب مصدره الغريب عن أرضه وإنسانها، والقريب من إرضاء التعلق بالعصرية..؟
قلت يتحبب إلى ذلك ليجد من يطربه بأنه المثقف العصري.. ولقد كان عطاؤك لي بما خبرتني عطاء أدخل علي الجديد في أن نعرف الرجعية والتقدمية تعريفاً ليس هو التقنين لها.. وإنما هو التقنن في إلقاء التعاريف..
فالرجعية سبة عند الذين أغرتهم المذاهب الجديدة كالشيوعية مثلاً يطرحون التصريح باسم الشيوعية.. ويخففون التعبير باسم القطرية.. ويسمونها التقدمية.. ويتجافون عن الحفاظ على التراث والمبادئ.. والإنسان والأرض والقيم فيحترفون الجفاء لها فيسمونها الرجعية..؟
يخضعون لتدليل أنفسهم.. ويخضعون الثبات والحفاظ والمبادئ وما إليها.. ومن لها إلى السباب المذل.. على ألسنتهم سلاح محارب بينما هذه التقدمية هي الرجعية حين عادت بالإنسان إلى عهد الظفر والناب والغابة..
فقتل المبادئ وتخريب الثبات.. وتعرية الإنسان من الحوافز.. كل ذلك إذلال للإنسان ورجعية إلى سلطان الغوغاء تحت وسائل التجويع باسم الإشباع.. والتخريب باسم التعمير.
فعربدة الوحش في الغابة لا يكاد يفترق عنها من يدعي التقدمية بينما التقدمية هي في التطور واتساع المدى.. في تقبل الجديد والثبات على القديم.. وإعطاء الحوافز بلا إجحاف تحت ضغط سلطان العلية فالإِسلام بهذا كله وكتاب التراث الذي اشتريته فيه الدعوة إلى تقدم الإِنسان بلا رجعية إلى التفاضل تحت نظام التكافؤ.. ووجود الأفاضل بلا نقيض من الأراذل فالإسلام وإن لم يبلغ الأفضلية فإنه يرتفع بالأرذلية إلى الأفضلية.
وحين شذت فتاتك بما عرفت به رجعيتي وتقدمية ابنتي فإنها لم تعبر إلا عن فرحتها بنور الكهرباء تسهر ليلها وتنام نهارها لترفض نور القنديل.. مع أن القنديل والمشكاة والشمعة أعطت للإنسانية تقدماً كبيراً راسخاً بالهوينا.. وإن أعطى نور الكهرباء تقدماً كثيراً مسرعاً ببعض العثرات من التعجل.. فالكهرباء نور.. والقنديل ليس ظلاماً..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :778  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 410 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج