شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البوح
ـ وليس كل شاعر نظم قصيدة غزل معبراً عن واقع عاش، فالذين يعيشون غزلهم الواقع لا يحتاجون للتعبير عنه، لأن واقعهم هذا يشغلهم عن هذا التعبير.
إن الشعور يتأتى منه للشاعر أن ينظم قصيدة في الغزل يأتي ساعة الجوع إذا ما حُرِمَ العشير، إذا ما اكتنفه الحرمان أما الذي يعيش الغزل واقعاً فالمتعة تغنيه عن الذكرى أو التذكير.
من هنا قال كثيرون.. ما كل من كتب عن الحب أو تغزل في فتانة العينين قتالة الهوى قد تعلق بها. وإنما هو الخيال تتجسد به الرغبة، تضع أمامه ((المحترمة)) أو ((ماسحة البلاط)) أو تلك التي تتنفس في رسائلها إليه!
مقدمة لا بد منها، فلئن خالطنا الشك في صدق عمر بن أبي ربيعة، أو يزعم أحدنا أن طموح المتنبي ينفي عنه ما نفاه ابن أبي ربيعة عن نفسه فالشك في صدق ابن أبي ربيعة أو في صدق المتنبي قد لا يكون صواباً. فهذا الإِمام ابن الجوزي عالم زمانه الحفيظ على السنة الصامد أمام انتشار التشيع لا يمكن إلا أن نصدق حبه العذري. ففي هذه القصة سجلت فاخرة بطهره، طاهرة بفخره.
قالوا.. إنه كان يحب فتاة ريّقة شيّقة حصيفة تعلمت من الشيخ كيف يسمو الحب بالطهر، وتعلم منها الشيخ كيف تسمو الحبيبة بالعفة.
كان يجلس في حلقة الدرس يعلم ويعظ، وكانت الفتاة تأتي إلى الدرس متسترة، يراها كلها ولا يعرف بعضها!
وفي مرة جاءت تتستر وتتخفى، كأنما دلاله قد دعاها لأن تأتي إلى الدرس ومعها امرأتان. كل واحدة من هاتين السيدتين قد استجبلت سمينتين، جلستا، فتسترت الفتاة وراءهما تحجبانها عن نظرة الشيخ.
وضاق صدر الشيخ حين أرسلت عيناه التضييق عليهما، فأدار الكلام في الدرس واستوجب الأمر شاهداً من الشعر، فأنشد هذا البيت، إن كان هو راوية فإن الرواية يصدق القول فيها أنه صاحبه لا راويه.
أنشد الشيخ:
أيا جَبَلَيْ نعمان باللَّه خليّا
نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها
فكل الذين سمعوا البيت لم يعرفوا ما أراد ابن الجوزي، ولكن الفتاة وكان اسمها ((نسيم الصبا)) عرفت ما أراد.
لقد أجاد الشيخ إجادة من يعرف لحن القول، فأجمل الكلام ما كان لحناً.
يرحم الله ابن الجوزي إمام سُنة، حفيظاً على الحق.. ولعلّي في ((تمرة)) أخرى أكتب عن معنى لحن القول في حوار ذكروه عن الجاحظ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :717  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 244 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.