شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ الثَّانِيَةُ والأَرْبَعُونَ
حضر الفتى قبل موعد الدرس بعشر دقائق وعنده الكثير من الأسئلة التي شغلته ولم يقف لها على إجابة شافية رغم محاولاته الجادة، وانتظر حتى موعد الدرس ليعرضها على أستاذه الشيخ.. لذلك كان حضوره مبكراً هذا اليوم.. وما هي إلا دقائق حتى رأى أستاذه الشيخ قادماً بقامته الفارعة ووجهه المضيء ولحيته الكثة البيضاء المشعة بنور التقوى والإيمان فسلم على الفتى وقال: أراك حضرت مبكراً هذا اليوم ربما يكون في جعبتك العديد من الأسئلة يا بني؟ رد الفتى: أجل أيها الشيخ الفاضل. قال الشيخ: إذاً إطرح أسئلتك يا بني.. قال الفتى: أسئلتي بعضها في النسب وبعضها في الابتداء بالنكرات.. وكلها في دروس سابقة كما تعلم أيها الأستاذ الفاضل.. قال الشيخ: ما عليك إطرحها وخذ الجواب.. قال الفتى: سؤالي الأول: كيف ننسب إلى قُصي ونُمي وعُدي؟ قال الشيخ: تحذف الياء الأولى منه ثم تقلب الثَّانِيَةُ ألفاً ثم يقلب الألف واواً فتقول قُصوى.. نُموى.. عُدوى.. أخذ الفتى يسجل شرح أستاذه الشيخ في كراسته ثم طرح سؤاله الثاني فقال: المعروف أن النسب إلى.. فُعَيل بضم الفاء وفتح العين.. يكون بإلحاق ياء النسب مباشرة إلى الحرف الأخير منه بدون أي حذف من حروفه فنقول مثلاً في نمير، نميري وفي كليب، كليبي وفي غصين، غصيني وفي ردين، رديني وفي عقيل، عقيلي فكيف أجازوا قول من قال: قرشي في قريش وهذلي في هذيل؟ مع أنهم حذفوا ياء فُعيل عند النسب؟ وكان الأصح قريشي وهذيلي.
عجب الشيخ كثيراً لسؤال الفتى الذي يدل على رفاهة مفرطة في الحس وذكاء وقاد نادر ثم قال له قالوا قرشي.. وهذلي سماعاً وخروجاً على القياس المعروف والأصح ما قلت يا بني.. ثم طرح الفتى سؤاله الثالث فقال وكيف ننسب إلى المركب الإضافي أيها الشيخ؟ قال الشيخ ننسب إلى عجزه فنقول في (أبو بكر) بكري وفي (أم كلثوم) كلثومي.. وفي عبد مناف.. منافي.
وأخيراً طرح الفتى سؤاله الأخير في الابتداء بالنكرة فقال ذكرت لي أستاذي الشيخ مسوغات الابتداء بالنكرة عشرة مواضع.. ولم تذكر لي منها ما سبقه أداة نفي.. نحو.. ما طالب مقصر.. أو لا قمرٌ مضيءٌ.. فهل النكرة المصدرة بالنفي لا يمكن الابتداء بها؟ قال الشيخ مثالك جيد جدًّا ودليل قاطع على شفافية حسك وتعشقك لمادة النحو بصورة مشرقة وأنا لا أرى ما يمنع إضافته إلى المسوغات العشرة.
ثم سأل الشيخ فتاه: هل بقي عندك من الأسئلة شيء؟ رد الفتى: شكراً أيها الشيخ الجليل وعلى بركة الله نبدأ درسنا الجديد.. اعتدل الشيخ في جلسته وأصلح من وضع عمامته وقال: درسنا اليوم يا بني هو تقديم المبتدأ على الخبر وجوباً إذ هناك مواضع معروفة للنحاة لا بد من صدارة المبتدأ للكلام وعدم تقديم الخبر عليه وهي:
1 ـ أن يكون المبتدأ ممن له الصدارة في القول مثل أسماء الاستفهام نحو قولنا من هادي البشرية؟ أو أسماء الشرط نحو قولنا وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (الطلاق، آية 2) أو ما التعجبية مثل ((ما أصفى السماءَ)).
2 ـ أن يكون المبتدأ ـ كم الخبرية ـ نحو كم كتابٍ قرأت ُفي رحلتي هذا الصيف؟
3 ـ أن يكون المبتدأ ضمير الشأن مثل هي الأحداث، توري من يباهي، هو الله لا إله إلا هو.
4 ـ أن يكون المبتدأ مقترناً بلام الابتداء المفتوحة مثل ((للبيت الحرام مركز إشعاع وهدى)) .
5 ـ أن يكون المبتدأ اسماً موصولاً مقترناً بالفاء في خبره نحو.. الذي يعمل المعروف فلنفسه.
6 ـ أن يكون المبتدأ مقصوراً على الخبر كأن تقول مثلاً ما محمد إلا رسول.. أو إنما الدين النصيحة.
7 ـ أن يجيء الخبر جملة فعلية فاعلها ضمير يعود على المبتدأ نحو العلم يضيءُ.. الحق يتلألأ.
8 ـ أن يكون المبتدأ والخبر معرفتين متساويتين في التخصيص بحيث إذا قدم أحدهما على الآخر كان هو المبتدأ.. وذلك نحو: الكتاب صديقي.. المدرسة بيتي.
9 ـ أن يجيء المبتدأ والخبر نكرتين متساويتين في التنكير مثل: أكثر منك علماً، أرفع منك شأناً.. أو.. أفضل من زيد، أفضل من خالد.
أنهى الشيخ الدرس.. ثم طلب من فتاه أن يطرح ما عنده من أسئلة إن وجدت.. ولكن الفتى أعلن أنه لا يملك أي سؤال يطرحه الآن.. فحبذا لو أجل أستاذي الفاضل أسئلتي إلى الدرس القادم بعد أن أكون قد استوعبت الدرس استيعاباً جيداً يمكنني من طرح الأسئلة وعندها قال الشيخ: إذاً نكتفي بهذا القدر من الشرح على أمل اللقاء غداً.. إن شاء الله.. فودع كل منهما الآخر وانطلق إلى منزله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :717  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .