شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ العَاشِرَةُ
جلس الشيخ في مكانه المعد له للجلوس وقد لاحظ عليه مقعداً وثيراً مريحاً كان قد اشتراه له الفتى ليريح أستاذه الشيخ في جلسته.
شكر الشيخ فتاه على هذا الاهتمام.. ثم قال:
أي بني هل تذكر كم من أدوات الجزم تناولنا في الدرس السابق؟
رد الفتى بالتأكيد أذكر ذلك جيداً أيها الشيخ.. درسنا إن وإذ ما ـ وهما حرفان لا محل لهما من الإعراب في الجملة.. ثم أخذنا من ـ ما ـ مهما ـ وكذلك أين ـ أنَّى.. حيثما ـ وكلها أسماء شرطية..
قال الشيخ نعم هذا ما تناولناه في الدرس السابق وأظن أنه بقي لنا من هذه الأدوات أربع فقط فقاطعه الفتى برفع سبابته ولكنك أيها الشيخ لم تشرح لي ـ أنَّى ـ وحيثما.. ولم تضرب لهما أمثلة..
فتذكر الشيخ ذلك وقال أجل أجل سبحان من لا يغفل يا بني.
تقول مثلاً ((أنَّى تدع الله تجدْه قريباً)) و ((حيثما تدع الله يجبْ دعوتك)) .
أما كيفما.. فإنها حالية وتعرب في محل نصب على الحال إذا كان فعل الشرط تامًّا مثل ((كيفما ترب نفسك تربية إسلامية تسعدْ في الدنيا والآخرة)) .
وتعرب في محل نصب على الخبرية نحو قولك ((كيفما تكنْ يكنْ رفيقك)) حيث يكون فعل الشرط فيها ناقصاً أي ((فعل كان الناقصة)) .
رفع الفتى إصبعه طالباً من شيخه الإذن له بطرح سؤال. قال الشيخ: قل سؤالك يا فتى.. قال الفتى أرغب من شيخي ذكر إعراب لـ ـ كيفما ـ في حالتيها.. هز الشيخ رأسه وقال:
تقول مثلاً ((كيفما تكنْ يكنْ صديقك)) .
كيفما هنا: اسم شرط مبني في محل نصب خبر كان.
فكأنك تقول ((تكنْ كيفما يكنْ صديقك)) وتكن مضارع مجزوم بـ ـ كيفما ـ وهو فعل الشرط. واسمه مقدّر فيه بضمير المخاطب أنت.
يكن ـ جواب الشرط مجزوم بالسكون.
صديقك ـ اسم يكن ـ مرفوع بالضمة في آخره.
وكاف الخطاب مضاف إليه وخبره محذوف تقديره يكن صديقك على حالك.
((كيفما تربِّ أطفالك تجدْهُم)) .
كيفما: هنا اسم شرط جازم مبني في محل نصب على الحالية.
تربِّ ـ مضارع مجزوم وعلامة جزمه طرد علته من آخره. وهو حرف الياء وفاعله ضمير مندس فيه تقديره أنت.
أطفالك ـ مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. وكاف الخطاب اسم مبني في محل جر بالإضافة.
تجدْهم ـ جواب الشرط ـ مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر في آخره وفاعله ضمير مندس فيه مقدر بـ أنت ـ والهاء ضمير متصل مبني في محل مفعول به منصوب.. والميم للجمع.
شكر الفتى أستاذه الشيخ على هذا الإسهاب في الشرح والإعراب المفصل وتمنى له مزيداً من الصحة والعافية.
ثم قال الشيخ: يبدو أنه لم يبق لنا من أسماء الجزم إلا اسم واحد فقط.. أليس كذلك يا فتى؟
رد الفتى بلى يا شيخي المبجل.
قال الشيخ أذكر أنه ((أيُّ، وهو اسم شرط جازم يكون بحسب ما يضاف إليه في المعنى ـ فيجيء للعاقل نحو: أي مؤمن يؤد عمله ينلْ عاقبته)) ويكون لغير العاقل نحو ((أيُّ خلق تتحل به في صغرك ينفعْك في كبرك، وكذلك يكون للظرفية إذا أضيف إلى ظرف نحو.. أي ساعة تخرجْ أخرجْ معك ظرف زمان ـ ويكون ظرف مكان نحو أي بلد تسافرْ أسافرْ معك.. رفع الفتى إصبعه مستأذناً بالسؤال.. قال له الشيخ قل ما بدا لك من سؤال قال الفتى: وماذا لو أضيف أيُّ إلى مصدر صريح؟)) .
قال الشيخ: مثل ماذا يا فتى؟
قال الفتى: مثل أيُّ عمل كريم تقمْ به يشكرْكَ عليه الناس. فما هو إعرابه أيها الشيخ؟
علت على وجه الشيخ إبتسامة مريحة كأنه بدأ يثق بمستوى الفتى وذكائه.. فقال سؤالك يا بني يدل على حسن إصغائك ومتابعتك بل ورهافة حسك.. وتذوقك للأسلوب العربي.. هنا يعرب أَيُّ.. مفعولاً مطلقاً وما بعده مضافاً إليه.. انكبَّ الفتى على كراسته يسجل هذه الملاحظة القيمة من أستاذه المتجلي المبدع.
قال الشيخ للفتى يبدو أننا فرغنا من جوازم المضارع فهل لديك سؤال في هذا الدرس؟
أخذ الفتى يطلق لفكره العنان وفجأة رفع سبابته مشيراً إلى سؤال عاجل..
قال له الشيخ.. هات سؤالك..
قال الفتى بدا لي سؤالان أيها الشيخ في نفس الدرس.. فهل تسمح لي بطرحهما؟
قال الشيخ سؤالان دفعة واحدة؟
قلهما فلا حجر عليك يا بني..
قال الفتى: السؤال الأول ما هو قول الشيخ فيمن يجرد ـ كيفما ـ من ما ويقول ـ كيف؟ نحو كيف تفعلْ أفعلْ.
قال الشيخ يجزئ مع الاستكراه مع أن الكوفيين أجازوه. مجرداً من ـ ما ـ وكذلك قال به الفرَّاء.
ومنهم من جرد ـ حيثما ، وإذ ما ـ من ـ ما ـ أيضاً فقالوا.. حيث تجلسْ أجلسْ.. أو إذ تجلسْ اجلسْ.
قال الفتى: أما سؤالي الأخير في هذا الدرس فهو..
متى يمكننا حذف نون يكن من المضارع؟
قال الشيخ: جائز في قولك لم يكن صديقاً مخلصاً لك أو لم يك صديقاً مخلصاً لك.
إلا أنه لا يجوز الحذف إذا اتصل فعل يكن بالضمير فلا يقال لم يكه.. بل لا بد من إثبات النون فتقول لم يكنه.
قال الشيخ: أما درسنا اليوم فهو جزم المضارع في جواب الطلب.. رفع الفتى مستأذناً بسؤال طارئ قبل البدء في الدرس.
قال الشيخ لم نبدأ الدرس بعد ـ فما هو سؤالك؟
قال الفتى: أريد أن أسأل ما هو الطلب؟
رد الشيخ والإبتسامة تعلو شفتيه:
الطلب يا بني ـ هو ـ الأمر ـ الاستفهام ـ النهي ـ الترجي ـ التمني ـ التحضيض.. أخذ الفتى يدون شرح أستاذه الشيخ في كراسته ثم بدأ الشيخ في الدرس يقول: ((اعتصمْ بالله تفزْ)) فأنت تلاحظ ـ فعل تفز ـ مجزوماً لوقوعه جواباً لفعل الأمر.. ((اعتصم)).. وكذلك قولنا ((لا تفرطْ في المزاح تحترمْ)) فالفعل تحترم مجزوم في جواب النهي.. وفي الاستفهام تقول مثلاً ((هل تزورني فأزرْكَ)) حيث ترى فعل ((أزرك)) مجزوماً لوقوعه بعد الاستفهام. وكذلك بعد التمني كأن تقول ـ ليتك تقلع عن عادة التدخين تحفظْ صحتك. فـ ـ فعل تحفظ مجزوم لوقوعه جواباً للتمني.. وبعد التحضيض كقولك ((ألا أدلك على طريق الخير تعصمْ نفسك من الزلل)) فتعصم مضارع مجزوم بعد أداة التحضيض ـ أَلا.. أو هَلاَّ..
قال الفتى: عفواً أستاذي الشيخ هل هذا كل ما يجوز فيه جزم المضارع بدون أداة جزم؟
قال الشيخ: على رسلك يا فتى فلم أنته من الدرس بعد.. إذ هناك موضعان آخران يجزم فيهما المضارع جوازاً.. الأول منهما. عطفه على فعل الشرط واقترانه بالواو أو الفاء نحو قولنا ((إن تبتغ مرضاة الله وتعملْ صالحاً تكن مؤمناً حقاً، ففعل تعمل المعطوف على فعل الشرط تبتغ ـ مجزوم على العطفية)) .
أما الموضع الأخير.. فيكون جزم المضارع إذا عطف على جواب الشرط نحو ((إن تصدقْ في عملك تحترمْ بين الناس وتنلْ حبهم، ففعل وتنلْ ـ معطوف على جواب الشرط ((تحترم)).
رفع الفتى إصبعه مشيراً إلى سؤال عاجل..
قال له الشيخ هات سؤالك فقد تأخر بنا الوقت هذا المساء. قال الفتى ألا يجوز لنا نصب الفعل بدلاً من جزم الموضعين السابقين؟
قال الشيخ يجوز لنا ذلك بأن مضمره وجوباً.. كما يجوز لنا رفعه إذا عطف على جواب الشرط على الاستئناف فتقول.. مثلاً في فعل تنلْ حبهم تنالَ حبهم.. تنالُ حبهم.
أخذ الفتى يدوِّن هذه الملاحظة الذكية من أستاذه الشيخ في كراسته. ثم قال له: يبدو أنني أثقلت عليك أيها الشيخ بطرح كثير من الأسئلة هذا المساء.. رد الشيخ: بل أسعدتني بها يا بني. قال الفتى ولكني أريد أن أطرح سؤالاً مهمًّا جدًّا بل وحيرني حيث لم أجد له جواباً عندي.
قال الشيخ هات سؤالك يا بني قال الفتى إذا جاء فعل الشرط ماضياً وجاء جوابه مضارعاً هل يجزم الجواب أم يرفع؟ أحس الشيخ بأهمية سؤال الفتى فاعتدل في جلسته وقال الرفع أحسن والجزم أَوْهَن.. كأن تقول مثلاً من اجتهد في قيام الليل ينالُ ثواب عمله برفع فعل ينال.. وهو أحسن. أما جزمه فقبيح.
ومضى كل منهما إلى شأنه.. على أمل اللقاء المتجدد إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :927  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج