شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أخلاقنا وعاداتنا في ميزان النقد (1) (1)
ما أحسب أن بيتاً من الشعر كتب له من الذيوع والخلود ما كتب لبيت شوقي الخالد:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فكم عالم وأديب ومصلح وحكيم بلغ بهم الإعجاب بهذا البيت أن يتمثلوا به في كثير من المواقف والمناسبات وأن يرددوه في شتى المحافل والمنتديات. فأي سلطان نافذ هذا الذي جمع عقول الحكماء وقلوب الأدباء على استحسان هذا البيت والافتتان به! إنها الحكمة الخالدة والحقيقة الرائعة. إنها الدعامة التي ترتكز عليها السعادة الإنسانية إنها الكلمة التي ضمنت سر الحياة الفاضلة وخطت دستور العظمة والخلود. وإذا كنا ممن يؤمن بهذه الحقيقة الناصعة ويوقن بما فيها من كلمة صادقة أفينبغي لنا أن نستخذي لسلطان العادات الفاسدة والتقاليد البالية، وأن ندع حمى الأخلاق تعبث به الشهوات والأهواء فنتدلى من حيث نشعر أولاً نشعر إلى قرارة الهاوية وبؤرة الشقاء.
ولئن بذل عقلاء الأمم ومصلحوهم قصارى جهودهم وكفاحهم في صيانة صرح الأخلاق والذود عن سياجه فإن قوماً ورثوا وطن نبي الأخلاق القائل صلوات الله وسلامه عليه إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وأن أمة استوطنت مهد أولئك الأسلاف الأماجد الأولى قد بهروا العالم أجمع بقوة إيمانهم وسمو هممهم وأرواحهم، ثم استطاعوا أن يكسبوا إلى جانب غلبهم وسلطانهم ولاء الأمم والشعوب المغلوبة وإعجابهم واحترامهم بفضل ما امتازوا به من نبل الأخلاق وصفاء العادات حتى أصبح الخلق العربي والسجايا العربية مضرب المثل في الكرم والشرف والروعة والصفاء مما جعل الكثير من قادة الفكر وعلماء الاجتماع يعزون انتصار العرب المدهش وانتشار دينهم ولغتهم بتلك السرعة النادرة إلى الخلق العربي القويم والعادات العربية اللامعة.
ولشد ما يتملك الناقد الأسف والدهش حينما يحاول الموازنة بين أخلاقنا وعاداتنا وأخلاق وعادات سلفنا الصالح وأجدادنا الأولين، للبون الشاسع والهوة السحيقة التي تفضل ما بين أخلاقنا وأخلاقهم وعاداتنا وعاداتهم فأين تلك الأخلاق الفاضلة المتينة من أخلاقنا الواهية المتذبذبة بين الفضيلة والرذيلة وأين هاتيك العادات ذات الطابع العربي الإسلامي الناصع من هذه العادات المشوهة التي تمثل من مجتمعنا صورة ممسوخة تجمع من أشتات العادات وحثالات التقاليد ما يجعله كالثوب الخلق المتردم الذي يضم من مختلف الألوان والأصناف ما يمجه الذوق وتأباه الفطر السليمة.
إن في هذه الموازنة أولاً ثم في تضافر الجهود على تطهير أصول عاداتنا وتنقيتها من هذه الأوضار والأوشاب أنجع وسيلة لعلاج مجتمعنا وأكبر ضمان لبناء نهضتنا الفتية على أساس ثابت مكين يتفق وقداسة بلادنا وعظمة أسلافنا ومجادة ماضينا. ذلك ما حدا بي وحفزني إلى خوض عباب هذا الموضوع على ما فيه من حرج ودقة فإن وفقت فذاك وإلا فقد حاولت أداء بعض ما أنا مدين به من النصح والإرشاد لأمتي وبلادي إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
مكة: ((يتلى - ناقد)) (2)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :601  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج