شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من هم الأغوات
كان لأغوات الحرم النبوي فيما مضى من الزمن شأن يذكر، وكان كبيرهم يلقب بالمستسلم، وكان السلطان هو الذي يبعثهم من استنبول من أغوات السراي المعمرين ليقضوا آخر عمرهم في خدمة الحجرة، والبعض منهم كان على جانب من العلم وتداول في الاستسلام فيما مضى عشرات منهم وكان في آخر المائة بعد المائتين والألف المستسلم مرجان آغا سليم، وكان شيخ الحرم ومحافظ المدينة عثمان فريد باشا وفي أيامه سافر مرجان لإيران فأنعم عليه شاه العجم وبعث معه شمامة منضدة باللؤلؤ الثمين لجعلها داخل الحجرة، وبعث كتاباً معه لعثمان باشا يخبره ببعث الشمامة ولما رجع مرجان آغا للمدينة أفتقد الشمامة فسأله الباشا عنها فلم يحر جواباً فأوعز الباشا لمأمور بيت المال أن يضع يده على بستان الدرويشية الذي كان مرجان آغا مستأجره من وقف الأغوات بأجرة زهيدة وغرس فيه الكثير من النخل والشجر، فأتمر مأمور بيت المال وكان هو سليمان الياس فوضع يده على البستان وقطع شجره ونخله وقسمها إلى مربعات ومخازن، وأخرج حجة شرعية بتملك مرجان آغا للبستان بوضع اليد وببيع المخازن لكل مشتر ويضع القيمة بصندوق بيت المال ويأخذ الباشا ما يريد منها ومن هذه القيمة وغيرها.
بنى عثمان باشا البيوت السكنية التي كانت مشهورة باسمه وبعد وفاته باعها أكثر ورثته إلى عبد الله البخاري وباعها ورثة من عبد الله إلى تاجر العطر.
وأوقفوها على الحجاج وجعلها الناظر عليها بهاء الدين خاشقجي ومن أتاه من الحجاج بأمر منهما أنزله مؤقتاً أيام الموسم فقط، ونرجع إلى ما كنا بصدده من الأغوات فقد تداول بعد مرجان آغا الكثير من المستسلمين أدركت وأنا يافع محمد سرور آغا وكان على جانب من العلم يدرس الأغوات دروس الفقه حتى كان المستسلم خليل آغا وكان هذا حافظاً للقرآن، وكان درس بعض العلوم على مدرسي الحرم واصبح يدرس بعض الأغوات ومن يجلس في حلقته، وقد تعرفت عليه من مربى المرحوم السيد أحمد الفيض أيادي سنة 1340هـ ومرت السنون بعدها حتى عام سنة 1360هـ وكنت تحصلت على إجازة المحاماة وكان كاتب الأغوات إبراهيم الكاتب تعرف علي وكان يحضر عن المستسلم وكيلاً عنه في بعض الدعاوى التي إذا عَنّ أمر من أمورهم في الوقف فحسن للشيخ خليل أن يوكلني فقبلت الوكالة وصرت أحضر عن المستسلم في بعض الدعاوى وأكسب القضية، ولم أشأ أن أجدد أتعابي في القضايا بل أقبل كل ما يعطيه الشيخ خليل من صندوق الوقف، وكان الشيخ خليل عتيقاً لأحد المصريين هو حسن البناني الذي أعتقه وبعثه للمدينة ليصبح ضمن أغوات الحجرة وذلك بعد أن علم بأن خليل يتصل نسبه للعباسيين المقيمين في السودان من أمد بعيد، ولما دخل خليل في سلك الأغوات يعيش على حصته من الوقف وما يبعثه له سيده من مصر مع أعيان المصريين فكان بدوره يكرمهم باستضافتهم وهم يردون له الجميل بأجمل منه من هدايا أو نقود، فكان يقتصد من تلك النقود وكلما توفر له مبلغاً منها أشترى به عبداً أو أمه وأعتقها لوجه الله تعالى، وكانت قيمتهم لا تزيد عن أربعمائة أو خمسمائة ريال كما اشترى قطعاً من الأراضي في طريق سيد الشهداء، وشرع في بناء مسجد عليهما شيئاً فشيئاً فكان أهل الخير من الحجاج المصريين وغيرهم يبذلون منحاً لمساعدته وخاصته إذا سمعوا ببناء مسجد وقد أهدى له من بعض بكوات المصريين.
وكان يذهب كل يوم بعد العصر لرؤية ما يعمله العمال ثم بنى رباطاً بجانب مسجد القرين وبعد سنة من توليه الاستسلام تم له ما أراد من بناء مسجد قباء ومسجد سيد الشهداء ومسجد القرين والرباط، وشعر آخر عمره بدنو أجله فجعلني أنا ونائبه نصر الدين آغا وصيين مختارين بعد وفاته نتصرف بالثلث من ماله في وجوه البر والخيرات والثلثين نوصلهما لأبن معتقه عبد المنعم وعبد السلام ابن حسن بناني ولم يمض شيئاً على هذه الوصية حتى توفاه الله وكان أعتق عبيده وجواريه وأوصاني أن نجعل لهما نصيباً في ثلث المال وقد أوصلت ثلثي ماله نقداً بعد بيع فراشه ومتاعه وعربته لمصر سنة 1372هـ وصار بعده نائبه نصر الدين آغا متسلماً على أن أقوم بدعاوى وقف أسر أغوات سنة 1374هـ وبعدها سافرت لمصر لمراقبة الأولاد في مدارسهم بعد أن استقلت من محاماة مالية المدينة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1863  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.