شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رأي
سيدي الأخ النبيل الأستاذ عبد القدوس الأنصاري الموقر.
بعد التحية والتكريم، فقد تلقيت خطابكم 10/8/1382 لإبداء رأيي على افتتاحية مجلة المنهل في عددها الصادر في شعبان 1382 رحلة الشمال بعد الاطلاع على خطاب الكاتب الأديب السيد أحمد محمد الصائغ وإجابتكم عليه.. وأنا مع اعترافي بقلة بضاعتي في علمي الاجتماع والعمران لا يسعني إلا أن أجيب طلبكم الذي لا يرد فأقول: إنه مع احترامي لرأي سيادتكم وسيادة السيد الصائغ أرى أن وجهتي نظركما وإن اختلفتا شكلاً فتتفقان روحاً ومعنى لأن كلا منكما يهدف لرفع مستوى بلادنا الحبيبة التي لم تزل متخلفة في كثير من مجالات التقدم والعمران بالنسبة للدول العربية المجاورة، وما دعوتم إليه سيادتكم من التهجير سواء من الأقطار العربية أو الإسلامية للعمل في أراضيهم الزراعية الخالية هي قضية مهمة أقرها علماء الاجتماع والعمران والبادية كما ذكرتم مهما كثروا وتحضروا فهم قلة بالنسبة لتلك الفيافي البور. وتهجير الشعوب من الأراضي المزدحمة بالسكان إلى الأقطار الخالية أخذت به دول الشرق والغرب معاً من قديم الزمان، فلولا المهاجرون إلى الأمريكتين، وأستراليا وإفريقيا لما كانت الولايات المتحدة وكندا والبرازيل ودول اللاتين وجنوب إفريقيا إلى دول إفريقيا الفتية من بعد الاستعمار البغيض، ولولا هجرة قحطان وعدنان في الماضي لما عمرت الجزيرة العربية وأقولها بصراحة لولا هجرة أكابرنا إلى الحرمين لما كنت أنا وأنت وألوف المثقفين من العلماء والأدباء وأرباب المهن والصناعات. وأنت تعلم يا أستاذ أن بلادنا تأخرت في الزراعة وأكثر المهن والصناعات الوطنية وقل أن تجد الخبراء في أي مهنة من المهن التي كانت مزدهرة في ما مضى، وبذلك أصبح إنتاج أراضينا ضعيفاً وغير جيد. خذ واحة المدينة مثلاً فلقد كانت تنتج من الخضراوات والفاكهة وأنواع الرطب والتمور أنواعاً فاخرة جيدة مع كثرة الإنتاج بفضل الخبراء والمعمرين فكان البرسيم غذاء الحيوان الوحيد يمكث سبع سنين في الأرض كلما استحش نما وزاد فأصبح اليوم لا يزيد بقاؤه على سنتين والحوض الواحد من الباذنجان أو البامية كان يغل عشرات الزنابيل ولا يغل اليوم زنبيلاً واحداً، والفاكهة قلت أنواعها فكان الخوخ مضرب المثل في روائه وحلاوته وهو اليوم مفقود، والرمان بولغ في كبره حتى لا يسعه فم المد المعروف والبطيخ كانت البطيختان تساويان حملاً في خرج وكانت أنواع الرطب والتمور تزيد على المائة أما اليوم فقد قل المحصول منه واختفى كثير من تلك الأنواع، وما ذلك إلا لقلة الأيدي العاملة وانعدام الخبراء؛ وفي هذه الحالة ألسنا في حاجة لاستقدام الأيدي العاملة من الأقطار المجاورة في مجالات الزراعة والصناعة؟ ولئن كنا في حاجة لاستقدام ألوف المثقفين فنحن في حاجة أضعاف أضعافهم من الصناع والعاملين.. ويقول علماء الاجتماع بأن خليط الأمم المتحدة والمتوحدة التي تعيش في رقاع الأرض كأمة واحدة وشعب واحد وإن اختلفت في الأصول والأجناس فللهجرة في كيانها أثر واضح المعالم في توحدهم واندماجهم مع بعض وخاصة إذا كانوا أبناء أمة واحدة وملة واحدة. وهذه النظرية خليقة أن تطبق على الشعب السعودي الكريم فلقد ترامت أطراف من الخليج إلى امتداد غرب البحر الأحمر ومن تخوم الشام إلى جبال اليمن السعيدة، إذن فلنأخذ بمبدأ الهجرة كما يدعو إليه الأستاذ الأنصاري بشروط وقوانين ولعلّ في استخدام رؤوس الأموال الأجنبية فاتحة خير لعمران البلاد.
وقبل أن أختم مقالي أعود لما ذهب إليه السيد الصائغ من أنه يجب أن نفكر أولاً بتحسين أوضاعنا وتطوير مجتمعنا وتنظيم حياة سكان البلاد الأصليين من أبناء البادية وإيجاد العمل لهم في مواطنهم ورفع مستوى معيشتهم، وهو رأي سديد يحسن بالدولة أن تهتم به وتتولاه؛ فمن المعلوم أنه قل عدد من في البوادي بسبب قلة الأمطار وانعدام الكلأ ففنيت مواشيهم ونضبت آبارهم وتفرق أكثرهم في المدن والقرى القريبة منهم وأن المعونات المؤقتة التي تسديها الدولة إليهم إن هي إلا بمثابة حقنة مسكنة لا تلبث قليلاً حتى يستشري الداء من جديد كأشد ما كان، وفي تهجيرهم وتثقيفهم وفتح أبواب الرزق لهم قوة وعزة ومنعة للدولة لشد أزرها لدى الملمات، فهم درعها الواقي وحصنها الحصين ولقد كان لموقف العرب في جميع الغزوات والحروب التي مرت في التاريخ الفضل الأكبر في النصر والفتوحات.
وهنا أختم كتابي بالشكر للأستاذ الأنصاري والسيد الصائغ على إتاحة المجال لمفكرينا وأدبائنا لإبداء رأيهم في مجلة المنهل لما يعود بالخير لوطننا الغالي والله الهادي إلى سواء السبيل.
عبد الحق النقشبندي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :568  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.